أدوات تقييم الحملة الإعلانية كمتفرج

محمود صالح

في البداية لا بد من التأكيد على أن الهدف من تصميم أي حملة إعلانية هو الآتي:

أولا: التعريف ورفع الوعي بالخدمة المقدمة أو المنتج وخصائصه أو رفع الوعي بالرسالة التوعوية المراد توصيلها.

نرشح لك: 10 ملاحظات على الإعلانات الدعائية لمسلسلات رمضان 2021

 

ثانيا: الإقناع  إقناع الفئة بقيمة السلعة أو الخدمة المقدمة أو وجاهة الفكرة محل الترويج.

ثالثا: التذكير والتأكيد على مدى معرفة الفئة المستهدفة بقيمة ووجاهة الفكرة أو السلعة أو الخدمة محل الترويج.

لكن السؤال الملح الذي يطرح نفسه بقوة ما هو الغرض من امتلاك الجمهور أدوات لتقييم الحملات الإعلانية التي يتعرض لها؟ الإجابة ببساطة الحملة الإعلانية هي ببساطة جزء أصيل من هوية المنتج أو السلعة أو الفكرة محل الترويج، فكلما اهتمت الشركة أو المؤسسة بالصورة التي تظهر بها للفئة المستهدفة واحترمت ذهنية الفئة المستهدفة كلما أكدت على أنها ستقدم خدمات أو منتجات أو أفكار تحترم هذا الجمهور. بمعنى آخر يمكننا اعتبار الحملة الإعلانية بمثابة الاختبار الأول لمدى جدية واحترام المؤسسة أو الشركة لجمهورها ولقيمتها في السوق، وأي تهاون في هذه الجزئية عواقبه وخيمة على الحصة السوقية وقيمة المنتج محل الترويج في السوق، حتى تحقق الحملة الإعلانية هدفها وهو التأثير على الفئة المستهدفة لا بد من متابعه حزمة من العناصر يمكن التفكير بها على النحو التالي:

أولا: طبيعة الرسالة التي تتضمنها الحملة الإعلانية والرسالة هنا لا بد أن تكون  (واضحة، متسقة مع الخدمة أو السلعة المقدمة، أو الفكرة ومتسقة مع النسق المجتمعي للفئة المستهدفة، تتسم بالقدرة على الاستمرارية).

على سبيل المثال من حيث الوضوح توجد حملات فشلت في تحقيق هذا الشرط  أبرزها شركة الاتصالات التي أطلقت حملة إعلانية ضخمة بدون أن تكون الرسالة واضحة، السؤال الذي يطرحه الجمهور (أنا مطلوب مني إيه بعد هذا الإعلان؟) لا توجد إجابة إذا فشلت الحملة في احترام دور الفئة المستهدفة.

من حيث الاتساق شركة حلويات قدمت حملة إعلانية لا تتسق مع أبسط قواعد اللياقة الإنسانية، وهي حملة تقدم رسالة مفادها أنك لن تستطيع الكلام من حلاوة المنتج حظت بردود فعل سلبية للغاية من الجمهور وأضرت بالصورة الذهنية للشركة ومنتجاتها، وأظن بشكل كبير ستؤثر بالسلب على حجم مبيعات الشركة خلال الموسم الرمضاني وأيضا موسم عيد الفطر.

من حيث قابلية الرسالة للاستمرار، نجحت الحملة الإعلانية بمستشفى ٥٧٣٥٧ ومستشفى الناس في تقييم رسالة تتسم بالاستمرارية، وخصوصا مستشفي الناس من خلال حملة تعتمد على المتابعه لحجم الإنجاز المتحقق من تبرعات الجمهور خلال شهر رمضان.

ثانيا: الحملة الإعلانية هدفها بناء علاقة بين الفئة المستهدفة والعلامة التجارية للشركة أو المؤسسة وليس الترفيه أو الأهدافـ، لذلك لا بد أن يكون البطل الرئيسي للحملة هو العلامة التجارية وليس النجم أو الأغنية أو التوجه الإبداعي للحملة الإعلانية، كل هذه عناصر مهمة لكن مكانها المناسب هو خلف العلامة التجارية  لأنه لا يجوز أن يلعب حارس المرمى مكان المهاجم النتيجة الحتمية للخلل في المراكز هي الخسارة.

على سبيل المثال النجم إسلام إبراهيم استطاع في حملة إحدى شركات الأطعمة السريعه أن يجمعا من العلامة التجارية هي البطل حتى في صناعة “الإيفيه”. ونجوم شركة التطوير العقاري استطاعوا من خلال الحملة الإعلانية جعل موقع الشركة في التجمع الشيخ زايد هو البطل وليس هم، على العكس نجوم حملة مستشفي ٥٠٠ ٥٠٠ اختفى النجوم والمستشفى معا في العمل الغنائي وظهر على استحياء “السينيًو”. المحك هنا سؤال واحد بعد انتهاء الإعلان الجمهور هيقول إعلان العلامة التجارية وإعلان النجم؟

ثالثا: تحليل للموقف الخاص بالعلامة التجارية من خلال أربع عناصر (الهدف الملح للحملة، تحديد الفئة المستهدفة وطبيعتها في الوقت الحالي للحملة، ما الجديد الذي تنقله الحملة، القالب المناسب للحملة الإعلانية).

على سبيل المثال بيت الزكاة المصري يقدم حملة جيدة للغاية هدفها هو زيادة التبرعات بشكل ملح ولكن كان في ذكاء في تحليل الوضع الاقتصادي والنفسي للفئة المستهدفة، حينما ربط بين دور الزكاة في فك كرب وهموم المتبرع الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على تقبل الجمهور للحملة وربط بين وضعه المتأزم بسبب جائحة كورونا، وأن السبيل هو التبرع سيكون طوق نجاة من التداعيات السلبية للجائحة حتى اختيار القالب الإعلاني كان موفق بخلفية صوت الفنان عبد الرحمن أبو زهرة كان موفقا للغاية، مع سرد مواقف لعبت فيها الزكاة دورا كبيرا في فك كرب نماذج طبيعية من المجتمع ومعدل الإذاعة جيد للغاية بدون إفراط أو تفريط.

رابعا: وجود علاقة منطقية بين الحملة الإعلانية والفئة الموجه لها الإعلان بمعنى آخر حضرتك بتكلمني أنا أنت عارفني كويس. وهذه النقطة أكثر النقاط التي فشل معظم المسوقين فيها هذا الموسم أكثر من وقع في هذا الخطأ شركات التطوير العقاري التي أطلقت حملات تلفزيونية ضخمة من حيث اصرف على علمية البث بالرغم من الفئة المستهدفة أهم لا تشاهد التلفزيون وتتمركز حول تطبيقات المشاهدة الرقمية، الأمر الذي انعكس في صورة حملات سخرية عنيفة على مواقع التواصل الاجتماعي من جمهور التلفزيون الذي أكد أنه مستفز من هذه الحملات كونه لا يمثل جمهورها الحقيقي.

خامسا: المصداقية عنصر مهم جدا في صناعة الحملة لا يجوز أن تطلق حملة إعلانية تتحدث فيها عن قوة خدماتك أو منتجك، وحقيقة الأمر أن الخدمة المقدمة أو المنتج يعاني بشدة من قصور شديد في الإمكانيات، وأبرز مثال هو شركة الاتصالات التي تعاني بشدة في جودة خدمتها تطلق حملة تتحدث فيها قوة إمكانيتها بشعار أجوف لا يمت لطبيعة الخدمة بصلة.