دراما الخطاب المباشر ..الضرورات تبيح المحظورات

فاطمة خير

يبدو بوضوح انتشار الخطاب المباشر في كثير من مسلسلات رمضان، لا يمكن عدم الانتباه لهذا، ليست المرة الأولى لكنه في عدد أكبر من الأعمال في الوقت نفسه، بالطبع نجد هذا في “الاختيار2″، “القاهرة-كابول”، “هجمة مرتدة”، والسؤال هنا: هل أفاد هذا العمل الدرامي؟ أم أضر به؟

بصراحة شديدة، وبرغم ولائي الشديد لضرورة الحفاظ على جودة العمل الفني، وعلى التعامل مع كل ضروب الإبداع باحترام لحرية المبدع في التعبير عن إبداعه، لكنني أؤمن بشدة أن الخطاب المباشر قد لايضر بالعمل الدرامي طالما تم توظيفه في الحوار للخروج بأفضل ما يمكن: إبداع ورسالة.

نرشح لك: ملاحظات على تترات رمضان 2021

توظيف الخطاب المباشر في حوار عمل درامي يحتاج لبراعة وموهبة وفهم، لكن الأهم هنا أن نكون صرحاء مع أنفسنا، لماذا يتم تضمين هذهِ الأعمال الدرامية خطاباً مباشراً؟ والإجابة ببساطة: لأننا نحتاج ذلك. نعم..نحن نحتاج خطاباً مباشراً، سهلاً، واضحاً لا لبس فيه، للتعامل مع جمهور عريض يحتاج للفهم والشرح والمعلومة، ليس هذا تجنياً على العمل الفني، بل هو صلب الهدف من إنتاجه بالأساس.

وفي رأيي فإننا في مرحلة نحتاج فيها لشحذ كل وسائل تدوين وتوثيق وتوضيح بل والتذكير بفترة هي الأصعب في تاريخ مصر، والتحدي هنا ليس سهلاً، كيف يمكن أن تصنع عملاً فنياً جيداً وفي الوقت نفسه يحمل رسائل وطنية أو سياسية؟ يحتاج ذلك لمبدعين حقيقيين، ونحن نعرف جيداً أن سنوات طويلة من الارتباك جعلت البوصلة غير واضحة الاتجاهات فقد اختلط الحابل بالنابل – كما يقولون، جيل كامل غادر الطفولة ويقف الآن على أعتاب الشباب، سينخرط في الحياة ويصبح فاعلاً، لا يعرف شيئاً عما عشناه لعقدٍ كامل، جيل آخر كان يستقبل عتبة الشباب صار الآن ناضجاً لكنه لا يزال يحتاج للفهم والمعلومة، وأجيال أكبر تحتاج للتذكير، فالذكرى تنفع من يعقلون.

وهنا لا يمكن ظلم الأعمال السابقة أو غيرها، باعتبار أنها ذات خطاب مباشر لذا فهي ذات مستوى فني سيئ، في الحقيقة كلها ذات مستوى فني عال، ممتعة للجمهور، أبطالها شديدو الموهبة، كتابتها ذات مستوى رفيع، لذا فكل الأطراف هنا مستفيدون أو كما يقولون win-win way.

ما العيب إذن إن تضمن الحوار جملاً مباشرة؟! لماذا نكذب على أنفسنا؟ نعم لقد وصلنا إلى المرحلة التي نحتاج إلى أن نخاطب فيها الجمهور بخطب حوارية مباشرة قد تبدو في لحظةٍ ما كخطبة عصماء أو محاضرة تثقيفية، ولا يضر ذلك بالعمل الفني طالما تم توظيفه بأفضل شكل ممكن، جمهور الآن ليس ذلك الذي كان يتابع أعمال أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ ووحيد حامد، لقد تراجعنا كثيراً، خسرنا أو تم فرض الخسارة علينا، ولا عيب أن نعترف بذلك، نحن نقع ثم نقف من جديد، نبني وطناً تعرض للكثير من الأذى، نخلق وعي جمهور استولى عليه صُناع الإرهاب لعقود، والطريق لا يزال طويلاً، للغاية.

لم يمر سوى أسبوع واحد من رمضان، ولدينا الكثير لنتابعه، ثلاثة أسابيع ستوضح مدى تماسك كل عمل درامي، البدايات مبشرة، تستحق التوقف أمامها والتعامل معها بجدية، لكن استمرار تماسك العمل مسألة أُخرى، ونعم، نحتاج لخطاب مباشر يُصلح ما أفسده كثير من التعصب والرجعية والسلفية مع سبق الإصرار والترصد.