غنت لها شادية وأم كلثوم.. كيف أصبحت الفيوم وجِهة سياحية؟

مارتينا فايز

حظيت الفيوم كغيرها من المحافظات العريقة بقدر من الاهتمام والفن، حيث تألقت شادية -كعادتها المتعارف عليها- في فيلمها “إلحقوني بالمأذون” الذي كان من بطولتها بالاشتراك مع إسماعيل ياسين، وبعض نجوم السينما المتميزين، والذي قام بإخراجه حلمي رفلة، عام 1954، وتميز الفيلم بالأغاني التي عُرضت خلاله، ومن أكثر تلك الأغاني أغنية “يا أهل الفيوم” التي شارك صالح جودت، بتأليفها ومحمد فوزي، بتلحينها لتظهر بتلك الصورة الرائعة بصوت شادية الشجي.

أبرزت شادية الجانب الطبيعي الذي كانت ولا زالت تتمتع به الفيوم منذ سنوات وحتى الآن، حيث أظهرت طبيعة الفيوم الخلابة ومناطقها الزراعية الخضراء والأراضي الخصبة التي تتميز بها تلك المحافظة بالتحديد والتي وصفتها (بنعيم الدنيا وجنتها) والذي يعد من أروع الأوصاف التي حظيت بها محافظة الفيوم.

 

نرشح لك:شاهد.. أبرز نظم الري في الفيوم

 

السواقي اللي ما نامت ليلة من كام ألف عام

وفي الحقيقة.. لم تحظى الفيوم بغناء شادية لها فقط، فقد أظهرت أم كلثوم أيضًا أهم ما يميز تلك المحافظة حتى الآن في حفلها الذي أُقيم بنادي الضباط بالزمالك بمناسبة عيد الثورة بحضور العديد من رجال الشرطة والسياسيين وغيرهم، حيث تميزت الفيوم بسواقيها أكثر من أي محافظة أخرى، فقد نالت أغنية (طوف وشوف) الذي أبدع عبد الفتاح مصطفى بتأليفها ورياض السنباطي بتلحينها بإعجاب كبير منذ تقديم تلك الغنوة وحتى حملتها هواتفنا حتى الآن.

وتختم ثومة بيتها: “شوف جمال الريف وآمن بالمحبة والسلام”، حيث اتجهت أيضًا بنظرة سريعة لما يحمله الريف من جمال وإبداع خاص به مما يؤكد أن هذا لا خلاف عليه”.

 

وتضم محافظة الفيوم عدد كبير جدًا من السواقي في مختلف مراكزها وقُراها، في حين أنّه لا توجد محافظة أخرى تضم هذه السواقي، وهي عبارة عن آلة خشبية استخدمت للري قديمًا، وكانت تدور بقوة اندفاع المياه من الهدارات فتحمل المياه من الأسفل للأعلى، وبذلك أصبحت تعمل طوال الوقت بقوة رغم أنّها تُصنع من الشجر المحلي.

أصبحت السواقي رمزًا وشعارًا لمحافظة الفيوم، ويرجع تاريخها إلى العصر البطلمي حينما اتجه المصري القديم إلى ابتكارها لتساعده في ري الأراضي الزراعية نظرًا لكون الفيوم منخفضة وسُميت ”مُنخفض الفيوم“، فكان جميع الفلاحين يحتاجون إلى طريقة عملية وسريعة لرفع المياه من الأسفل للأعلى فاستغلوا شلالات بحر يوسف في دفع المياه بواسطة السواقي، وقد اشتهرت تلك المحافظة “بمحافظة السبع سواقي”.

ولم يقتصر دور السواقي على الري فقط، ولكنها أصبحت مقصدًا سياحيًا رئيسيًا حيث يقصد زوار المحافظة على زيارتها والتقاط بعض الصور التذكارية بجانبها.

وقد خضعت السواقي إلى عمليات تطوير عام 2016 إلا أن الإهمال قد طالها سريعًا وقد تعطل معظمها وتوقف عن العمل، ولكن من المقرر أن تخضع إلى تطوير آخر قريبًا يضعها في مقدمة المناطق السياحية بالمحافظة.

مصر الصغرى

من أهم المسميات التي حظيت بها محافظة الفيوم منذ سنوات، حيث تمثل بحيرة قارون بيئتها الساحلية وبحر يوسف نيلها والأراضي الخصبة التي تتمتع بها دلتاها كما يقولون، وتتميز بالامتزاج الطبيعي بين البيئة الزراعية الخضراء والصحراء الممتدة والتي تجذب أيضًا رحلات السفاري لها، كما تشتهر الفيوم بالزيتون والعنب، فكما ذكرنا فهي أرض زراعية خصبة جداً.

كما امتلأت شوارعها الآن بالمحلات والمخابز والقهاوي والمطاعم وكل ما تريده وكأنك تمشي في شارع من شوارع القاهرة، كما يحلو تناول الحمص الشام الحار مستمتعًا في شوارعها شتاءً، وتقضي أوقات ممتعة في قُراها السياحية المكونة من مطاعم وحمامات السباحة التي أنشئت على ضفاف بحيرة قارون صيفًا، فلم ولن تحرم تلك المحافظة مواطنيها من الاستمتاع قط.

نرشح لك :  شاهد.. تفاصيل تطوير بحيرة قارون

 

الفيوم والتاريخ

شهدت الفيوم العديد من الحضارات والعصور، وترك كل عصر شهدته تلك المحافظة آثاره التي تُخلّده، فمر على هذه المحافظة العصر الحجري والفرعوني والبطلمي واليوناني والروماني وأخيرًا القبطي والإسلامي، وترك كل عصر آثاره الخاصة التي ملأت كل ركن من أركان الفيوم ولكن ذلك يحتاج إلى مقال آخر خاص يتناول تلك الآثار العظيمة.

كان اسم الفيوم أيام الفراعنة برسوبك “بيت التمساح”، حيث كانت تكثر بها التماسيح لاحتوائها على مياه عذبة كثيرة، وفي العهد القبطي أسموها “بيوم” ومعناها الماء، إلى أن تحول الاسم إلى فيوم ثم الفيوم.

وكما يعرف الجميع أن الفيوم كانت ولا زالت تتمتع بمجموعة من الآثار الطبيعية التي لم يختلف اثنان على روعتها والتي يعد أشهرها بحيرة قارون، محمية وادي الريان، محمية وادي الحيتان، وجبل المدورة والبحيرة المسحورة، وقرية تونس، التي تشتهر بالفن الخزفي والفخار والمناظر الجميلة.

الفيوم والفن

استغل العديد من المخرجين والمصورين أماكن ومناظر الفيوم الطبيعية لتصوير العديد من أفلامهم، كما حازت الفيوم باختيار العديد من الممثلين والفنانين لها للاسترخاء ولقضاء إجازاتهم بصحبة أصدقائهم وعائلاتهم.

فالصورة الذهنية المعتادة عن الفيوم لدى أغلب المصريين لا تُعَد من أرض الواقع أبدًا، فإننا إذا تكلمنا عن الفيوم بإمعان فلن ينته الحديث أبدًا بنهاية واضحة مُحددة.