نبيل فاروق.. رجل المستقبل

عمرو عز الدين

بينما يميل الكثيرون إلى إطلاق لقب رجل المستحيل على دكتور نبيل فاروق خلال الكتابة عنه – وهو عنوان سلسلته الأشهر على الإطلاق “رجل المستحيل” وبطلها أدهم صبري، حلم الملايين من الشباب العربي – أميل إلى إطلاق لقب آخر عليه وهو “رجل المستقبل”، ذلك المؤلف الشاب الذي جاء من طنطا في بدايات الثمانينات، لينطلق دون أن يدري في عملية تثقيفية هائلة التأثير، تتضمنها مؤلفاته المختلفة في شتى السلاسل.

بدايته مع سلسلة “ملف المستقبل”، السلسلة التي تتخيل مصر في القرن الحادي والعشرين وكيف سيكون شكلها وطبيعة الحياة فيها، وكذلك طبيعة الأجهزة الأمنية، لاحظ أن ذلك كان تصور بعيون شاب يعيش في عام 1984، وفي هذه السلسلة تعلمنا مفاهيم كثيرة وفي مختلف الفروع العلمية، ما بين السفر عبر الزمن والسفر في الفضاء إلى عمليات الاستنساخ والتجارب البيولوجية ذات التأثير المريع على الإنسان أو الحيوان، التنقل بين العوالم الموازية أو الخفية، وغيرها من المعلومات المزروعة داخل قصص شيقة سريعة الإيقاع جذابة جدا ورشيقة في أحداثها إلى أبعد حد.

نرشح لك: ذكرى ميلاد نبيل فاروق.. ملف خاص


لم يتوقف د. نبيل فاورق في تقديم قصص الخيال العلمي عند سلسلة “ملف المستقبل” فقط، بل امتد الأمر إلى سلسلة “كوكتيل 2000″، حيث المجال مفتوحا أمامه دون التقيد بسلسلة واحدة بأبطال محددين. تناول كافة الموضوعات وقدم بنوك المعلومات التي جعلت الصبية والمراهقين بين 10 إلى 15 عاما يعرفون معنى الذرة والانشطار النووي ونمو الفيروسات والفارق بينها وبين البكتيريا، والهندسة الوراثية، هذا ليس بالأمر البسيط، لا نتخيل أن هذا هو عمل رجل بمفرده.

برزت لي فكرة ذات يوم حين كنت صغيرا، أن أجمع المعلومات العلمية التي يكتبها دكتور نبيل في هوامش قصصه أو ضمن أحداثها، وهكذا ابتعت كشكولا ربما يزيد عن 300 ورقة، وبدأت في نقل المعلومات وتصنيفها وأرشفتها، نوع من الويكبيديا قبل أن أعرف وجودها، ثم حين بدأنا نتصل ببعضنا البعض عن طريق الإنترنت ووسائله المتعددة، اكتشفت أني لم أكن الوحيد الذي فعل ذلك، اتضح أن الأثر الذي تركه فينا طوال فترة قراءتنا لأعماله كان بالغا وعميقا في فترة حساسة من فترات تشكيل الوعي والفكر عند الإنسان، أثر تم تقديمه بحرص بالغ وجرأة مدروسة وباستمرارية لا تتوقف.

نرشح لك: النبيل والعراب.. جعلا الشباب يقرأون


إن التوقيت الذي ظهرت فيه مؤلفات د. نبيل فاروق، والزمن الذي كان عليه أن يبدأ مرحلته الأولى، كان ترتيبا قدريا لا شك في ذلك، قبيل سنوات قليلة من الدخول في القرن الحادي والعشرين، منتصف ثمانينات القرن العشرين، حيث بدأ التطور التكنولوجي يتسارع بصورة ملحوظة، وصولا إلى ما نحن عليه الآن. كانت مؤلفات د. نبيل هي المعلم لجيل كامل سيكون هو أساس المرحلة القادمة، لا تنقصه المعرفة الأساسية ليحدد اتجاهاته ويتكيف مع كل جديد بسهولة ويدخل القرن الحادي والعشرين بعقلية جاهزة لكل ما هو آت.

لهذا أميل بكل اقتناع إلى إطلاق لقب رجل المستقبل، على د. نبيل فاروق، الرجل الذي سافر بخياله إلى الماضي والمستقبل وإلى أعماق الفضاء أو حتى غوصا في أعماق البحار، وعاد ليحكي لنا ما رآه هناك، فعلمنا وأمتعنا واحتل بذلك مكانته في جيلنا للأبد.

نرشح لك: إيهاب الملاح يكتب: نبيل فاروق.. وتأسيس شغف القراءة!