نصيحة محمود السعدني التي يجهلها المشاهير

إيمان مندور

بالأمس لفت انتباهي منشور على فيس بوك، لفنان شاب (ليس له نصيب من كلمة ممثل سوى أدوار بسيطة في أعمال تعد على أصابع اليد الواحدة، وأسرة فنية عريقة ينتمي إليها بحكم النسب لا أكثر) يسخر فيه من فنانة زميلة له، بل وصفها بـ”الصديقة”، لكنها في الوقت نفسه جاهلة وساذجة لأنها لا تجيد الكتابة باللغة الإنجليزية، لكنه بحكم الصداقة التي بينهما أرسل لها رسالة لتتوقف عن “هذا الفِلح اللي بتعمله” على حد تعبيره، لكنها لم تراها، وبالتالي يهدد بفضحها في المرة المقبلة إن استمرت في استخدام ترجمة جوجل في منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ما قاله كان غريبا بالطبع، ليس لكونه لا يجب أن يصدر من أي إنسان، فضلا عن كونه فنان ويهدد به “صديقة وزميلة” له، لكن لأنه لا يعيب الإنسان أن يجهل لغة بخلاف لغته الأصلية، ولأنه بمجرد أخذ جولة لمدة دقائق في حساب هذا الفنان على فيس بوك لن تجد أي منشور له إلا وبه أخطاء إملائية كارثية في اللغة العربية، أخطاء من نوعية “ذنب = زمب”، “ساعات = سعات”، “عامة = عمتا”، “مبدأ = مبداء”… وهكذا.

نرشح لك: طارق الشناوي يكتب: قُبلة زاهر ومؤخرة رانيا

أيضا فنانة شهيرة تنتقد الفساتين الجريئة للفنانات في المهرجانات، وتؤكد أن الملابس البسيطة الأنيقة تحظى باحترام أكبر من الجمهور، وأنها “بتتكسف” لذلك تبتعد عن الإطلالات الملفتة. للوهلة الأولى يصدمك التصريح، ليس لكونه غريبا، بالعكس تصريح عادي ومتكرر لدى كثير من النجوم والنجمات، لكن لأنه صادر من فنانة تقول للجرأة قومي وأنا أقعد مكانك، سواء بالملابس أو الأدوار الفنية أو التصريحات والتصرفات.

إعلامي شهير لا يكف عن مهاجمة الأخرين ويأكل على كل الموائد بلا خجل، يهلل للمنتصر وينقلب على المهزوم، وإن عاد المهزوم للساحة مرة أخرى يصفق له ويدعمه كأنه لم يفعل شيئا، لكنه في الوقت ذاته أكثر إعلامي يتحدث عن الأمانة والنزاهة ويتهم زملائه بعدم المهنية، رغم أن اسمه تحول لسُبّة في معجم المصطلحات البذيئة لدى المصريين، يعني لو قلت لشخص (أنت + اسم هذا الإعلامي) سيأتي في ذهنه على الفور كلمة بذيئة معينة نعرفها جميعا.

الحديث هنا ليس عن صحة الجرأة من عدمها، أو أهمية تعلم الفنان للكتابة بالعربية أو الإنجليزية، ولا عن مهنية وشرف الإعلامي، لكن عن اتهام بعض المشاهير لغيرهم بما هو متأصل فيهم، يعني المثل الشهير يقول “اللي بيته من إزاز ميحدفش الناس بالطوب”، فما بالك إن لم يكن لديك بيت من الأساس!

نرشح لك: السيناريست بثوب الروائي.. فخ الثرثرة

الأمر بدأ في الانتشار بدرجة كبيرة في الآونة الأخيرة، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تعطي شجاعة أكبر خلف الشاشات، وحضور زائد للفنان أمام الجمهور، ومواقف وتصريحات مسجلة بالصوت والصورة والبرينت سكرين، تظهر في الوقت المناسب وتؤثر على نجومية هذه الشخصيات بإثبات تناقضات أقوالها وأفعالها.

يفعل ذلك بعض المشاهير الآن بلا خجل، وبدرجة تثير اندهاش الجميع، فلو أن النجم تبنى مواقف معينة سواء صحيحة أم خاطئة، المهم أنه مقتنع بها، وحتى لو هاجم الأخرين بسببها نستطيع أن نختلف معه متى وكيفما نشاء، لكن في الأمثلة السابقة لا نختلف بل نندهش فقط، لذلك توافق الذكاء مع الموهبة أهم عوامل النجومية في الوقت الحالي، فالموهبة وحدها لا تكفي والذكاء وحده لا يكفي، بل حسن إدارة الموهبة باستخدام الذكاء هو ما يساعد على استمرار النجومية، حتى وإن كانت الموهبة أقل من الذكاء وليس العكس، فما فائدة أن تكون صاحب موهبة فذة لكنك في الوقت ذاته على قدر عالي من السذاجة لدرجة أن تفسد مكانتك أمام الجمهور بسبب تصريح أو موقف لا يضيف لك شيئا، بل تقع في أخطاء متكررة تثبت عليك ما تنتقد فيه غيرك.

علاج هذه القصص وأشباهها، قاله عمنا محمود السعدني قبل سنوات طويلة وكأنه يعيش بيننا الآن، بأن “الأخطاء تصبح معالم على الطريق إذا استطاع المرء أن يستفيد منها ويحولها إلى تجارب، ولكنها تصبح مجرد أخطاء فقط إذا مرّت بالمرء ثم مرّت عليه، وقد تتحول في النهاية إلى خطايا، فيذهب من أجلها إلى اللومان، وقد يتشعلق بسببها في حبل المشنقة، والذي يساعده الحظ فينجو رغم أخطائه من اللومان ومن المشنقة يصبح مجرد حيوان ليس له غد ولم يكن له أمس”، فهل يتعلّم هؤلاء المشاهير من أخطائهم ولا يناقضون أنفسهم أم يسيرون بخطى ثابتة تجاه عالَم الـ…؟!

نرشح لك: من سمية الألفي لأصالة.. الخيانة بالمشاعر أم الجسد؟