من الإنكار إلى التهديد بالقتل.. الدكتور فاوتشي يصف عامًا قضاه كمستشار لـ "ترامب"

محمد إسماعيل الحلواني

يتمتع الدكتور “أنتوني إس. فاوتشي” بمسيرة مهنية امتدت قرابة 40 عامًا، كمدير للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، وكمستشارًا لسبعة رؤساء، بدءًا من رونالد ريجان وحتى الآن، كمستشار للرئيس جو بايدن.

وبالنسبة للدكتور فاوتشي، البالغ من العمر 80 عامًا، كان العام 2020 عامًا لم يمر عليه مثله في حياته، وسط اجتياح عدوى فيروس كورونا الولايات المتحدة. وكانت نصائح الدكتور فاوتشي الهادئة والتزامه بذكر الحقائق مهما كانت صعبة من العوامل التي جعلته محبوبًا لدى ملايين الأمريكيين. لكنه أصبح أيضًا شريرًا في رواية بعضهم.

نرشح لك: عن “ترامب”.. مراسلة للبيت الأبيض تترك عملها لتأليف كتاب


هتف أنصار ترامب ذات يوم “اطردوا فاوتشي.. اطردوا فاوتشي”، وفكر الرئيس السابق دونالد ترامب بالفعل في طرد فاوتشي من منصبه. وتنهال على فواتشي من جانب المحافظين اتهامات عديدة بأنه هو من اخترع الفيروس وأنه ينتمي لعصابة سرية جنبًا إلى جنب مع “بيل جيتس” و”جورج سوروس” لتحقيق المكاسب من لقاحات كورونا، بل وتلقت عائلة الدكتور فاوتشي تهديدات بالقتل.

في يناير الجاري، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، ظهر فاوتشي في أول مؤتمر صحفي له تحت قيادة إدارة بايدن، ووصف الدكتور فاوتشي “الشعور بالحرية” والقدرة مرة أخرى على “التحدث عما يعرفه، وتقديم الدليل على ما يقول، وما رأي العلم، مكررًا نصيحته السابقة: (دعوا العلم يتكلم)”.

في محادثة استمرت ساعة مع صحيفة نيويورك تايمز، وصف الدكتور فاوتشي بعض الصعوبات التي واجهها أثناء العمل مع الرئيس دونالد ترامب. تزامنت الصعوبات مع انتشار الوباء السريع في شمال شرق أمريكا، ولا سيما منطقة العاصمة الثانية؛ نيويورك. وكان وقتها يحاول التعبير عن خطورة الموقف، وكان رد الرئيس يميل دائمًا نحو، “حسنًا، ليس الأمر بهذا السوء، أليس كذلك؟” ويقول فاوتشي: “في الحقيقة كنت أود أن أقول، “نعم، إن الأمر بالفعل بهذا السوء”.

اشتكى فاوتشي من أن استجابة ترامب كانت في أغلب الأحيان انعكاسية، بل كان ترامب يحاول إقناع مستشاره بالتهوين من شأن الوباء الكاسح. والشيء الآخر الذي جعل فاوتشي يشعر بالقلق، هو أن ترامب كان يحصل على معلومات دقيقة وغير دقيقة بلا تمييز من الأشخاص الذين كانوا يتصلوا به، وكثيرًا ما اتصل بمستشاره قائلاً: “مرحبًا، لقد سمعت عن هذا الدواء، أليس هذا رائعًا؟”.

كما يتذكر فاوتشي حديث ترامب عن البلازما المستخلصة من المتعافين والتي وصفها ذات مرة بالمذهلة، ولما أجابه: “سنحاول أن نكتشف ما إذا كانت ذات جدوى عن طريق إجراء تجربة سريرية مناسبة؛ لكي نحصل على المعلومات، وتقوم بمراجعتها من قبل الزملاء”. وكان رد ترامب على ذلك: “أوه، لا، لا، لا، لا، لا، لا، لا، هذه الأشياء مذهلة حقًا”، وكان المثال الأكثر وضوحًا إعجاب ترامب بعقار مثل هيدروكسي كلوروكين، بل وإعجابه بمجموعة متنوعة من أساليب الطب البديل. كان دائمًا ما يتصل بمستشاره قائلاً: “اتصل بي رجل، صديق لي من كذا وكذا وكذا.” وذلك تحديدًا ما كان يثير قلق فاوتشي.

سألت التايمز: هل واجهتك أي مشاكل مع ترامب في السنوات الثلاث الأولى من رئاسته؟

فأجاب: “لا، بالكاد كان يعرف من أنا. كانت المرة الأولى التي قابلته فيها في سبتمبر 2019، عندما طلب مني الحضور إلى البيت الأبيض، وإحضار معطفي الأبيض والوقوف هناك حيث وقع أمرًا تنفيذيًا بشأن شيء يتعلق بالإنفلونزا،. بعد ذلك، بدءًا من يناير 2020، كنت مشاركًا بكثافة في اجتماعات البيت الأبيض”.

يستدعى “فاوتشي” إلى البيت الأبيض كلما تلوح في الأفق أزمة صحية تهتم بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، أو عندما يلزم مخاطبة منظمة الصحة العالمية، أو الإدلاء بشهادته أمام الكونجرس أو الاجتماع مع وسائل الإعلام.

وكانت العقبة المريرة في مهمة فاوتشي هي الخروج بشكل استباقي لإبداء الرأي العلمي والطبي لكي يتجنب التناقض مع تصريحات الرئيس. لكن ترامب كان يدلي بتصريحات من الواضح أنها غير صحيحة، ثم يلتفت إلى الصحفيين قائلاً: “حسنًا، دعنا نسمع من دكتور فاوتشي.”، فكان يجب عليه أن يقوم ويقول: “لا، أنا آسف، لا أعتقد أن هذا هو الحال”، وذكر في الحوار أنه ليس من الممتع التناقض مع ما قاله رئيس الولايات المتحدة للتو، وما زاد تلك العقبة صعوبة هو أن فاوتشي كان عنيدًا وكان قد اتخذ قراره بألا يساوم على نزاهته وألا يرسل رسالة كاذبة إلى المواطنين الذي وصل إلى ما وصل إليه في حياته بفضلهم وفي خدمتهم.