الوجه الآخر للسلبيات.. لا تظلموا السوشيال ميديا

رباب طلعت

وقعت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الآونة الأخيرة فريسة للعديد من الاتهامات الخطيرة حول العالم، ما بين إدانات بالتجسس وبيع بيانات العملاء واستغلالها لتوجيه المستخدمين لبعض الآراء السياسية، فضلًا عن التأثيرات النفسية السلبية على المراهقين والأطفال على الأخص، وغيرها من الأمور التي تشير إلى الوجه القبيح منها، مما حولها إلى وحش يخافه الكثيرون ويحذرون منه لدرجة المطالبة بإلغاء الحسابات الشخصية عليها، في تجاهل تام لإيجابياتها، وللثورة التكنولوجية التي خلقتها.

هل للسوشيال ميديا فوائد؟ سؤال هام يجب طرحه، لمعرفة ما وصلت إليه المجتمعات الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي وكيف يستغلها البعض بشكل إيجابي مستفيدين من خدماتها، ويرصد “إعلام دوت كوم” فيما يلي أبرز الظواهر الإيجابية التي خلقتها السوشيال ميديا خلال السنوات الماضية:

 

الأعمال الخيرية.. توسع في الأنواع وكفالة أشمل

من أعظم ما حققته مواقع التواصل الاجتماعي، هو التقريب ما بين طالب المساعدة ومقدمها والوسطاء بينهم، فخلال السنوات الماضية شهد العمل الخيري حراكًا واسعًا عبر السوشيال ميديا، سواء كان في شكل الصفحات الرسمية التابعة للجمعيات والمؤسسات الخيرية الشهيرة، أو عبر الحسابات الخاصة لبعض فاعلي الخير المشاهير من فئة الشباب تحديدًا الذين يعلنون عن حالات محيطة بهم أو قابلوها في الشارع من أطفال وشيوخ وغيرهم.

نجحت السوشيال ميديا بشكل ما في إثراء الأعمال الخيرية بعدة أشكال، حيث إن تواجد صفحات رسمية للمؤسسات المعروفة، يعرض عليها أبواب الخير التي تقدمها كل منها، فتح منافذ تبرعات لها بشكل أكبر، حيث إن الراغب في التبرع لبناء مدرسة أو كفالة يتيم أو سداد عن الغارمات أو توصيلات المياه وتجهيز المستشفيات وغيرها، يبحث عنها على السوشيال ميديا وبالتالي يتواصل مع المؤسسة ويرسل لها، فضلًا عن معرفة المتبرعين بأبواب جديدة مثل إطعام المسلمين في الدول الأشد فقرًا أو توصيل مياه لمنازل الفقراء أو إغاثة المنكوبين المستضعفين في بقاع الأرض، فلم يعد الخير يقتصر على الصور المعتادة سابقًا.

 

 

نرشح لك: أشخاص صنعت شهرتهم كاميرا الموبايل

 

والأمر لم يعد مقتصرًا فقط على المؤسسات الكبيرة، بل ظهر الكثير من الأفراد المعروفين بعمل الخير حيث يتداول كل منهم حالات محيطة بهم يستعلمون عنها ويقدمون عن طريق صفحاتهم المستندات والصور التأكيدية على الحالة، ويبدأ متابعوهم أو زملاؤهم في عمل الخير بالشير، لسداد قيمة الحالات المذكورة، ليتحول الأمر لما يشبه الشبكة المتفرعة -شبكة عنكبوتية- حقيقية للخير.

 

أشكال الخير أيضًا تنوعت، فلم تعد تقتصر على تقديم الأموال فقط، بل أصبح البعض يعلن عن مساعدات على هيئة مواد غذائية، أو ملابس، أو تجهيزات الزفاف لعروسة فقيرة، وصولًا إلى التبرع بالدم والبلازما والأعضاء.

 


نرشح لك: شخصيات أنصفتها قوة “السوشيال ميديا”


البحث عن المفقودين 

ساهمت صفحات البحث عن المفقودين سواء أطفال أو من ذوي الأمراض العقلية والمسنين وغيرهم في عودة الكثيرين منهم لأسرهم، بالإضافة إلى أنه ظهر الكثير من الشباب الذين يبحثون عن أسرهم بعد سنوات عدة من ضياعهم.

 


فرص عمل.. حلقة الوصل بين الطالب والمطلوب

من الأمور الإيجابية أيضًا التي ظهرت مؤخرًا على السوشيال ميديا، هو أنه أصبح حلقة وصل ما بين طالب العمل ومقدمه، فالكثير من المحال والشركات الصغيرة التي تطلب عمالًا أو موظفين لم يصل لكثير منهم مفهوم البحث الاحترافي عن الوظائف عبر الإنترنت أو (linkedin)، تكون فرصته الإعلان عن طلبه التوظيف من خلال حسابه، أو يعلن حساب عن رغبة قريب له في العمل، ليدله الأصدقاء الافتراضيين عنده لبعض المقترحات المتاحة أمامهم، وعلى العكس يبحث أيضًا أصحاب الأعمال عن غايتهم على صفحاتهم، أو المجموعات والصفحات المخصصة لذلك حيث يتواجد الكثير منها على “الفيس بوك”.

 

نرشح لك: “المعضلة الاجتماعية”.. هل خرجت السوشيال ميديا عن السيطرة؟

سوق تجارية.. العرض والطلب

سهلت السوشيال ميديا أيضًا الوصول إلى العديد من الخدمات والمنتجات التي يبحث عنها البعض، فبعيدًا عن طرق الدفع المعقدة لدى البعض في المتاجر الإلكترونية، فإن خدمة المجموعات التجارية والصفحات، تسهل الموضوع عن طريق الدفع أثناء تسليم “الأوردر”، بالإضافة إلى أن السوق التجارية للفيس بوك، الخاصية التي أتيحت على التطبيق منذ عامين تقريبًا أصبحت بالفعل “سوقا” حقيقيا وكبيرا تعرض عليه كافة المنتجات من جنسيات وماركات مختلفة، وتتناسب مع كافة الفئات، نظرًا لتفاوت الأسعار.

قدم “الفيس بوك”، و”إنستجرام” تحديدًا تنوعًا كبيرًا في المعروضات، حيث أصبح كل محل أو مطعم أو شركة أو مقدم خدمات حرفية (سباكة – حدادة – نقاشة وغيرها) والخدمات الأحدث مثل (المصورين والمختصين في المكياج وتصميم الملابس ومنظمو الحفلات وغيرهم) ينشئ صفحة على الفيس بوك وإنستجرام لعرض منتجاته بشكل احترافي يظهر المنتجات بأفضل صورة ممكنة، تفوق شكلها الأصلي في كثير من الأحيان، مما يجذب المستهلك الذي يبحث عن تلك الخدمة أو المنتج بعينه، ويبدأ في الاستفسار عن الأسعار والأنواع واختيار الأفضل له وهو في منزله دون مشقة.


تحول في مشاريع ربات البيوت 

كانت العادة في وقت قريب ما قبل عصر السوشيال ميديا، هو إنشاء ربات البيوت لمشاريع صغيرة منزلية لتساعد في مصاريف المنزل، من منتجات غذائية أو أعمال يدوية مثل الكروشيه والخياطة وغيرها، وكانت تقتصر معرفتها على المحيطين بها، وكانت بعض الفتيات والسيدات يحملن الحقائب كمندوبات مبيعات مما كان يعد مشقة لهن، وهو الأمر الذي يسرته مواقع التواصل الاجتماعي، وطورته بشكل كبير وملفت ومربح لهن، وأقل تعبًا وتكلفة، حيث اعتمدت الكثيرات على فكرة التسويق الإلكتروني على “فيس بوك” لمنتجاتها.

بات شكل المنتجات التي تقدمها السيدات أكثر تنوعًا، فكثيرات أصبحن يتواصلن مع الشركات أو المتاجر الصينية أو الأجنبية وحتى البراندات العالمية عن طريق الإنترنت، ويروجن لمنتجاتهن عبر الصفحات أو المجموعات الخاصة بهن، مما ساهم في انتشار منتجات استهلاكية كثيرة سواء للمطبخ أو المنزل أو المكتب، وللعناية بالطفل والبشرة والجسم والملابس والأحذية وأدوات التجميل وكل ما تحتاجه المرأة لها ولأسرتها ومنزلها، بأسعار كثيرًا ما تكون أقل من المحلات التجارية، بالإضافة إلى أن المعروض على الإنترنت كثيرًا ما يكون غير متاح في المحلات لأنه “تحت الطلب” ويصل مباشرة من دول أخرى للمشتري.

 


أيضًا انتشرت ظاهرة تقديم الأكلات المعدة والحلويات والأجبان والمخللات وغيرها من الأطعمة العربية والغربية، ومواد تصنيع الأغذية، وقد ساهم في انتشار مثل تلك السلع جروبات الطبخ، التي فتحت سوقًا جديدًا من المنتجات غير المألوفة سابقًا، وذلك نتيجة لانتشار الأكلات من جنسيات مختلفة ومتنوعة.

 


من الأشياء التي انتشرت أيضًا هي تقديم المنتجات اليدوية، حيث اتجهت بعض السيدات لتصميم الملابس العصرية أو الإكسسوارات والحقائب والأحذية وكل ما يتعلق بالملابس بأنواعها، وبعضهن صرن يقدمن أعمالًا يدوية للزينة في المنازل والحدائق والمكاتب، مما يعد انتشارًا وتعددًا كبيرًا في ما تقدمه ربة المنزل صاحبة المشاريع الصغيرة.

 

وبالتوازي مع انتشار تلك المنتجات، سواء التي تقدمها السيدات من المنازل، أو المتاجر، ظهرت فرص عمل جديدة لمندوبي التوصيل، الوسيط ما بين البائع والمشتري، والذي يدفع تكلفة توصيله المشتري، وهو عمل إضافي مربح لمن يمتلك سيارة أو “سكوتر”.

نرشح لك: في محكمة السوشيال ميديا.. الحكم يسبق المداولة