بكاء الإنفلونسرز الأطفال.. مصداقية أم استغلال للبراءة؟

أسماء شكري

لم يعد انتشار الإنفلونسرز الأطفال ظاهرة وإنما أصبح أمرا متعارفا عليه، فكما يوجد للكبار موضوعاتهم وقضاياهم واهتماماتهم التي يناقشونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الأطفال لديهم أيضا ما يقدمونه لمتابعيهم، خاصة المنتمين لنفس شريحتهم العمرية.

نرشح لك: 5 فيديوهات صنعت شهرة مصطفى حفناوي

 

المحتوى هو الأساس

لا مانع من تقديم الإنفلونسرز الأطفال لمحتوى يريدون تسليط الضوء عليه، فنحن لا نعترض على ظهورهم أو نسميه استغلالا في حد ذاته، فهناك أطفال يقدمون محتوى مفيدا وممتعا للكبار قبل الصغار، حتى وإن كان ينتمي إلى الترفيه والتسلية فلا يمكننا اعتباره محتوى تافها أو غير مهم، إيمانا بأن لكل محتوى جمهوره الذي ينتظر مشاهدته.

لذلك نجد إنفلونسرز أطفال مشهورين يقدمون تحديات فيما بينهم، أو محتوى خاص بالأزياء وكرة القدم، وأيضا روتين حياتهم اليومية في الطعام والشراب والنوم والدراسة واللعب… حتى الآن فالأمر مقبول من منطلق احترام اختيارات الآخرين ونوعية اهتماماتهم.

إصرار على البكاء

ولكن أن يستغل أهالي هؤلاء الأطفال منصات أبنائهم عبر السوشيال ميديا في تحقيق نسب مشاهدات وتفاعل كبيرة حتى ولو على حساب مشاعر أطفالهم؛ فهذا ما يعد غير مفهوما أو مقبولا أو حتى مبررا! فقد لاحظت من متابعتي لعدد من قنوات الإنفلونسرز الأطفال عبر يوتيوب وحسابات بعضهم على إنستجرام، وجود فيديوهات تركز على بكاء الطفل بشكل متعمد وغير منطقي.

في البداية ظننت أنها ربما مرة أو بالمصادفة أو بسبب حدوث موقف عابر جعل الطفل يبكي، ولكن مع تكرار الأمر لأكثر من طفل عبر أكثر من منصة إلكترونية، أدركت وقتها أن الأمر متعمدا بطريقة لا يمكن وصفها إلا بأنها بشعة وغير إنسانية!

نرشح لك: ولكم في “تيك توك” فوائد.. حسابات ننصحك بمتابعتها على التطبيق الشهير

 

هذه أمثلة من فيديوهات لبعض منهم، والملفت أن الإصرار على إبراز بكاء الأطفال ليس في محتوى الفيديو فقط، وإنما يظهر لك من عنوانه وكذلك صورته الخارجية، مما يؤكد أن الأمر ليس عابرا وإنما مقصود تسليط الضوء عليه؛ لزيادة الكومنتات واللايكات والمشاركات.

نوبات بكاء مايا الصعيدي

طفلة لم تبلغ العاشرة بعد، تحتوي قناتها “مايا ولين الصعيدي” على فيديوهات لبكائها في مواقف مختلفة، وبعناوين تجذب المشاهد، والغريب أن المواقف التي بكت بسببها مايا طبيعية جدا لطفلة في مثل سنها، ولكن لقطات بكائها على الشاشة توجع القلب، ومع ذلك يصر والداها على تصويرها لجلب المشاهدات.. بينما ابنتهم تبكي! مرة وهي تخلع أحد أسنانها، والأخرى عندما اصطدمت بأحد الرفوف في محل للملابس، والثالثة أثناء إعطائها حقنة تطعيم، وجاء عنوان أحد الفيديوهات: “خلعت سني وبكيت”.

ربا والقسوة

ربا حاتم إنفلونسر مصرية على إنستجرام تقدم محتوى خاص بالأزياء والموضة، أحزنني كثيرا فيديو نُشر على حسابها مؤخرا لمشهد لها وهي تتألم بشدة وتبكي كأنها تستغيث بأحد لينقذها؛ وذلك أثناء تدربها على تمارين للجمباز، وقد مُنعت التعليقات على الفيديو منذ بداية نشره نظرا لتوقع الهجوم عليه؛ بسبب عرضه موقفا قاسيا يتضمن بكاء وألم طفلة لم يتعد عمرها 4 سنوات!

View this post on Instagram

From 1 year

A post shared by Ruba Hatem Elshiekh 🧿🧿 (@rubahatem.official) on

انهيار جنى مقداد

نفس الشيء تكرر مع جنى مقداد طفلة قناة طيور الجنة الشهيرة، وعبر قناتها على اليوتيوب باسم “عالم جنى”، جاء أحد فيديوهاتها بعنوان “لحظات مؤثرة لبكاء جنى مع عصومي”، وبالطبع الصورة الخارجية كانت لقطة بكائها، وتضمن الفيديو تحديا في إحدى الألعاب مع شقيقها المعتصم بالله، وخسرت هي التحدي فبكت، وصوّرتها الكاميرا في لقطات بطيئة للتركيز على بكائها.

فيديو آخر تضمن بكاء جنى ولكن تلك المرة عبر قناة شقيقيها بعنوان “عصومي ووليد”، والذي اعتمدت فكرته على تدبير “مقلب” من شقيقي جنى؛ بأن أوهماما بأنهما لوّنا شعرها بألوان مضحكة قائلين لها إنه لن يمكن إزالة تلك الألوان للأبد، لتبكي الطفلة على ضياع لون شعرها الجميل، قبل أن يخبرانها بالحقيقة وأنه مجرد مقلب.

مقلب نادين

على قناة “عيلة نور ونادين” نجد فيديو عنوانه “خلاص هنقفل قناة اليوتيوب.. عملنا مقلب في نادين وانهارت من العياط”، وكالعادة تم تصوير مشهد بكاء الطفلة التي لم تتجاوز العاشرة، بسبب مقلب فعلته فيها أمها وشقيقتها الكبرى اللذان أوهماها بأنهما ستغلقان القناة، لتنهار نادين من البكاء.

الأمر إذن ليس تلقائيا وإنما متعمدا، والغريب أن من يفعل ذلك أهالي هؤلاء الأطفال بنفس راضية ودون أدنى شعور بالذنب، ودائما ما أتساءل: ماذا يكون شعور والديهم أثناء مشاهدة لقطات بكاء وانهيار أطفالهم تلك ونشرها على الملأ ورؤية الملايين لها؟ والسؤال الأهم: هل ارتفاع نسب المشاهدات يجعل الأهالي ينسون لحظات مريرة مرت على أطفالهم وصوّرتها الكاميرا؟!

نرشح لك: عالم المؤثرين من الألف لـ الياء