كيف نالت أحدث حروب رموز إعلام الإخوان من تميم وأردوغان؟

رباب طلعت

عشرة أيام مرت على الأزمة التي نشبت بين شقي الإعلام الإخواني، المتواجد في تركيا وقطر، بقيادة أذرعهما العاملين في قنوات الإخوان محمد ناصر وأحمد منصور وآخرين من جانب، وعزمي بشارة المشرف على مجموعة قنوات وصحيفة العربي الجديد ومذيعيه وأبرزهم بلال فضل من جانب آخر، إلا أن الصراع لم يهدأ على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الانشقاق الكبير بين مؤيديهم ومعارضيهم على حد سواء، ودخلت أطراف كثيرة منهم من حاول التهدئة بينهم، وآخرين شامتين، في الوقيعة الحاصلة بين طرفي الشر والفتنة في الوطن العربي، سواء داخل مصر أو خارجها.

نرشح لك: بالسيف والطاقية.. أردوغان يعيش أوهام الخلافة في آيا صوفيا

 

السخرية من إلههم الأكبر

نشب الصراع بين الطرفين، حينما لم يتحمل أحمد منصور، مذيع قناة “الجزيرة” القطرية، سخرية الكاتب بلال فضل، من صورة الرئيس التركي الطيب رجب أردوغان، وهو يقرأ القرآن في متحف “آيا صوفيا” بعد تحويله إلى مسجد، في تغريدة عبر حسابه على موقع التغريدات القصيرة “تويتر”، ثم واحدة أخرى سخر فيها من رئيس الشؤون الدينية التركي علي أرباش، وهو يحمل سيفا خلال خطبة الجمعة على منبر نفس المسجد، فشن “منصور” الحرب على “فضل” بـ”تويتة” كتب فيها: “بلال فضل وكلكم تعلمون أين يعمل ومن أين يتقاضى راتبه يسخر من كبير علماء تركيا رئيس الشؤون الدينية الدكتور على أرباش وسيفه الذي حمله على غرار أجداده الذين حافظوا على الخلافة الإسلامية قرونا والأكثر من ذلك يزوّرصورة للرئيس #أردوغان ويتطاول عليه”.

لم يكتف “منصور” بتلك التغريدة حيث أعقبها بعدة تغريدات أخرى، هاجم فيها بـ”التلميح” وليس “التصريح”، بلال أيضًا وعزمي بشارة، وما يُقدم عبر تلفزيون “العربي” والجريدة والموقع الذي يحمل نفس الاسم، قائلًا: “أصبح كل علمانى تافه سفيه يبحث عن الشهرة ورضا أسياده يتخذ من التطاول على الدين الدين وثوابت الأمة ورموزها بضاعة يروّجها تحت شعار حرية النقد وذلك من خلال مقالات ساذجة وروايات فارغة  وبرامج تافهة لكن المؤلم فى الأمر هو أن هؤلاء السفهاء تتسع رقعتهم ويجدون من يدعمهم ويرعاهم ويشجعهم”.

وتابع: “نجح تيار من الزنادقة والملحدين  بدعم مباشر من أقرانهم فى التسلل إلى مواقع مؤثرة فى بعض الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية يروجون من خلالها للزندقة على أنها حرية والإلحاد وجهة نظر والتطاول على الدين نقد وسب الصحابة والتابعين قراءة للتاريخ هؤلاء الزنادقة يجب أن نسحقهم بأحذيتنا”، كما أعاد نشر تغريدة الإخواني محمد المختار الشنقيطي، أحد الضيوف الدائمين على شاشة “الجزيرة”، والذي اتهم بلال فضل بـ”الخيانة الثقافية”.

الهجوم على التلفزيون العربي بسبب بلال فضل، دفع اللبناني عباس ناصر، مدير القناة بالرد على أحمد منصور، بأنه “فضل” لم يعد مذيعًا في المحطة، حيث كان له برنامجًا وتوقف، ليبدأ “منصور” باصطياد فريسة أخرى لينال من القناة متمثلة في عزمي بشارة، وهو الصحفي المصري تامر أبو عرب، حيث تسائل كيف له أن يكون المذيع الرئيسي للقناة وقد سبق له الهجوم على قطر وأميرها.

بلال فضل، لم يصمت طويلًا، حيث رد على الهجوم الذي شنه إعلام الإخوان عليه، بمنشور طويل عبر حسابه الشخصي على “فيس بوك”، وصف فيه العاملين في القوات الإخوانية في تركيا بأنهم “بلطجية الإسلامجية”، مؤكدًا أنهم “مرتزقة” وأنه ليس مثلهم، وهو ما لا يقبلونه، فهم لا يقبلون أبدًا بالاختلاف.

لو ما عندكش وقت تقرا الكلام اللي هاقوله ده كله، هالخصهولك في كلمتين: أحمد منصور وبلطجية الإسلامجية اللي شغالين في…

Geplaatst door Belal Fadl op Woensdag 29 juli 2020

نرشح لك: عمرو أديب: “أردوغان” بلطجي مينفعش معاه غير القوة


تدخل في الصراع بين الطرفين الكثير من متابعيهم، إلا أن رد الصحفية السورية نور حداد، كان من أبرز الردود إحراجًا لـ”منصور” في صف بلال فضل، حيث أكدت أن الأخير كان يعمل في الشهور الأخيرة لصالح “الجزيرة” التي يعمل بها “منصور” حيث كتب سيناريو أربعون حلقة في برنامج “عن السينما”، وليس التلفزيون العربي.

محمد ناصر.. طرف الصراع الأبرز

لم يلبث الصراع الأول يهدأ حتى دشن محمد ناصر، مذيع “مكملين” فصلًا جديدًا منه، حيث هاجم في بث مباشر على قناته على “اليوتيوب” بشكل صريح عزمي بشارة، وأمير قطر، وأبرز ما قاله فيه: “الأمير تميم بيصرف على عزمي بشارة.. بقولها أهو مبخافش ومش عايز أخش قطر أصلا… الأمير تميم بيصرف على عزمي بشارة اللي اتربى في أحضان الصهاينة سنوات عمره كان عضو في الكنيسيت.. ثم خرج من أحضان الصهاية إلى أحضان البترول.. فذهب طوعًا ورأسًا على حجر الأمير تميم.. ويبدو أن تميم متكيف قوي من عزمي بشارة فسلمه جريدة كاملة اسمها العربي الجديد مش بس كده ده عمله تلفزيون اسمه العربي مبيشوفوش غير هو و5 صحابه مفيهوش غير برنامج واحد والباقي مبيتشافش.. عزمي بشارة كاره جدا للقنوات بتاعتنا الشرق ومكملين والوطن لأن قنواتنا التلاتة لا تعادل ميزانية البوفيه والتواليت عند عزمي بشارة.. هو قناة في لندن بقى وبيشتغل بالاسترليني واتمسك فيها سرقة قبل كده وميزانيته تعادل 3 مرات ميزانية قنواتنا التلاتة.. وأنا بسأل الأمير تميم إنت إيه علاقتك في عزمي بشارة مديله فلوس ومركز بحثي وجرنال مبيبيعش.. ده أنا نفسي ألاقيله نسخة بتتباع”.

في سلسلة تدوينات بالتلميح لا التصريح أيضًا، رد عزمي بشارة على ما قاله محمد ناصر، واصفًا بأنه نابع من الغيرة والحسد، وأنه حول الخلاف إلى عداوة بلا قواعد، قائلًا: “إذا كان المعارضون منشغلين في تحويل أي خلاف مع حلفاء موضوعيين في الصراع ضد الاستبداد إلى عداوة بلا قواعد، وإذا كانت ترفع الغيرة والحسد فوق السياسة، والخصومة فوق الأخلاق، وإذا كان بديلهم للاستبداد  هو “نحن” وليس الديمقراطية، فيا لفرحة الاستبداد بهم. الأمر محزن”.

بالطبع دخل في الصراع أطراف أخرى من كلا الجانبين، إلا أن مذيع الجزيرة جمال ريان، حاول الإمساك بالعصا من المنتصف، ليكسب الطرفين، بتغريدة أكد فيها أنه يعرف كلاهما، وأنه حتى وإن اختلفا إلا أنهما يتفقان في المبادئ.

اللافت والغريب في تدخل جمال ريان في الأزمة، هو دعمه لفصيل محمد ناصر، وإعلام الإخوان في تركيا بشكل عام، وذلك يظهر من خلال عدة استطلاعات للرأي نشرها عبر حسابه على “تويتر”، يظهر فيها دعمه لما أسماه “المشروع العربي الإسلامي” بقيادة تركيا!

خلافات أقدم لكن الهدف واحد

الجدير بالإشارة هنا أن تلك الخلافات ليست حديثة، بل بدأت الظهور في يناير 2020، حيث سخر يوسف حسين، المعروف بيوسف جو، مقدم برنامج “جو شو” عبر التلفزيون العربي، من قنوات الإخوان المتواجدة في تركيا، بسبب دعواتهم للاحتشاد ضد النظام المصري، مستغلين بذلك أزمة المقاول الهارب محمد علي، الذين استضافوه في كافة برامجهم تقريبًا، كما سخر من فشل تلك الدعوات، بالتزامن مع سخريته من قنوات الإعلام المصرية في نفس الحلقة، وبالطبع كان من ضمن الذي سخر منهم محمد ناصر.

محمد ناصر لم يسكت على تلك السخرية، حيث سأله أحد المتابعين لبث مباشر له على قناته على “اليوتيوب” أيضًا عن رده على جو شو، فأجابه بأنه النسخة “التايواني” من باسم يوسف، مؤكدًا عدم حبه وتقبله له لأن “دمه تقيل” مثل باسم تمامًا.

 

نرشح لك: بعد إهانة عائلته.. أردوغان يتوعد مستخدمي “السوشيال ميديا” بالعقاب


أزمة ميزانية أم اختلاف رؤى؟ 

الخلافات الحاصلة بين الطرفين ذوي التمويل القطري، لا يوجد سبب معلن بشكل رسمي عن أسبابها، إلا أن هناك عدد من التقارير الصحفية التي تشير إلى أنها أزمة ميزانية، وهو ما يمكن تخمينه بالفعل من جملة محمد ناصر “ميزانية قنواتنا التلاتة متجيش ميزانية البوفيه والتواليت بتاع قناة عزمي بشارة”.

تلك الأزمة شبيهة بما أثاره من قبل إسلام لطفي، الرئيس التنفيذي السابق لتلفزيون العربي، العام الماضي، حيث أكد أن “بشارة” وصبيانه كما وصفهم، يختلسون الملايين من وراء المؤسسة.


من وجهة نظر أخرى تميل إلى أن الصراع يدور حول فصيلين وفكرين مختلفين، قال ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إنه بالعودة بالزمن إلى الوراء، وقت الخلافات التي نشبت بين العاملين في قنوات الإخوان نفسها الشرق ومكملين، بعضهم مع بعض، على الأموال والمرتبات، إلى أن حسمت الجماعة الأمر بتكليف عزام التميمي بالإشراف عليها، مؤكدًا أن بداية الخلافات بين شقي الإعلام القطري -الواقع تحت سيطرة قطر والآخر تركيا- بدأ يظهر فعليًا بداية من سخرية يوسف حسين الشهير بـ”جو شو”، أحد مقدمي برامج تلفزيون “العربي” من قنوات الإخوان المتواجدة في تركيا، ورد محمد ناصر عليه.

أضاف “فرغلي” خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “منصات” على سكاي نيوز عربية، أن محمد ناصر هاجم بكل ضراوة عزمي بشارة، وهو يعلم جيدًا أنه يدير المنظومة الإعلامية القطرية، وهذا يدل على أن المشكلة متفاعلة وضخمة داخل الداخل الإخواني والإعلام القطري، لافتًا إلى أن لذلك عدة تفسيرات، أولها أن عزمي بشارة أراد أن يقفز من سفينة الإعلام الإخواني الغارق، لأنه على قناعة تامة بأن الإعلام الإخواني في تركيا فشل فشلًا زريعًا في حشد الجماهير في مصر ضد النظام، كما صرح من قبل عبر تغريدات له على تويتر بأن ما يفعلوه عبر منصاتهم مسيء جدًا ويؤدي إلى نتائج سلبية، ويريد تقليص الميزانية المصروفة عليهم من قِبل قطر، والخروج من عباءة الإخوان مؤكدًا أنه مقرب من أمير قطر تميم، لذا فهناك رؤيتين، رؤيته حيث يميل لتغيير السياسة القطرية لواحدة أكثر مرونة بعيدًا ع الخشونة التي يميل لها الإخوان، ولا أحد يعلم هل سينتصر أم لا؟