كيف ظهر العرب في أعمال "نتفليكس" الأجنبية؟

رباب طلعت

كثيرًا ما تتناول الأعمال الأجنبية، صورة نمطية سلبية عن المسلمين والعرب تحديدًا، فإما يظهرون كإرهابيين، أو جهلة ينفقون أموالهم على أشكال الفساد المتنوعة في الدول الأجنبية، ولكن بعضها غرد بعيدًا عن ذلك السرب، ليقدم قضايا عربية حقيقية، سواء عن عرب في بلادهم، أو مهاجرين في إحدى دول الغرب، وقد أتاحت منصة “نتفليكس” العديد منها لمشاهديها، سواء من إنتاجاتها أو إنتاجات أجنبية أخرى.

فيما يلي يرصد “إعلام دوت كوم” أبرز الأعمال التي تناولت شخصيات عربية بعيدة عن نمطية الترهيب أو السخرية على “نتفليكس”، بالرغم من أنها من إنتاج أجنبي:

زفاف علي.. مجتمعات إنسانية طبيعية

أتاحت “نتفليكس” الفيلم الكوميدي الرومانسي الأسترالي “زفاف علي”، عبر منصتها وهو من إنتاج ماتشبوكس پرودكشنز عام 2017، وإخراج جفري واكر وتأليف وبطولة أسامة سامي، ويشاركه هيلانا سواريس، دون هاني، وريان كور.

العمل يدور حول مجتمع المهاجرين في أستراليا، حيث يعيش “علي” ابن رجل الدين العراقي “مهدي” صاحب المذهب الشيعي، الذي يدخل في قصة حب مع فتاة ليست على مذهبه، ويدخل في سلسلة أكاذيب على المجتمع أهمها عن دراسته، خوفًا من تحطيم آمال والده، ولكنها تنكشف في النهاية، ويتم استغلالها للاستحواذ على منصب والده في قيادة المسلمين بالمنطقة.

صراع ما بين الحب والواجبات الأسرية، السعادة والكوميديا والتراجيديا، ما بين ماضي الأسرة الهاربة من بطش ديكتاتورية صدام حسين في العراق وقتها بعد وفاة ابنهم الأكبر بلغم، بعدما أنقذ شقيقه “علي”، إلى أستراليا حيث يعيشون في مجتمع مسلم، يبرز من خلال الأحداث أنه كأي مجتمع في الغرب له عاداته وتقالديه وأعرافه التي لا يحيد عنها بالرغم من تمتع الأب الشيخ بروح عصرية تحب خفة الدم والعزف على الموسيقى، إلا أنه لا يقبل بزواج ابنه من فتاة ذات مذهب ديني مخالف لمذهبه.

ليلى م.. الاغتراب الثقافي ووهم داعش

في الفيلم الهولندي “ليلى م” تسلط المؤلفة والمخرجة ميكا دو يونغ الضوء على إحدى أهم القضايا التي يعاني منها الكثير من المهاجرين العرب في الدول الأوروبية وهي التهميش والعنصرية والتنمر، من خلال قصة “ليلى المرابط” فتاة في عمر الثامنة عشر، تندرج لأسرة مغربية مهاجرة إلى هولندا، يعمل الأب كبقال يحبه الجميع، مسلم ملتزم، يطمح في أن يرى ابنته “ليلى” طبيبة لذكائها وتفوقها الدراسي، إلا أنها ترتمي في أحضان “داعش” بحثًا عن مدينة “اليوتوبيا” الخاصة بها، مع زوج متشدد تترك أسرتها وتسافر معه إلى الأردن للجهاد.

قدمت نورا القصور، شخصية “ليلى” بشكل مختلف، من خلال العمل، فقد نجحت مؤلفة العمل في تجسيد مأساة تهميش “ليلى” كونها فتاة داخل أسرتها، وإحساسها بالقهر جراء ذلك، والعنصرية ضدها من المجتمع الأوروبي لأنها مسلمة ومحجبة، ويغضبها تهاون والدها في ذلك الأمر، فتقرر ارتداء النقاب ردًا على قانون منع الحجاب في هولندا، ومن ثم تلتحق بمظاهرات ومسيرات منددة بالقرار، وتصطدم بالشرطة والمجتمع، وتكرهه لعنصريته، فتبحث عن مجتمع أكثر مثالية، ولتدينها تجد أن الدولة الإسلامية “داعش” التي لم يرد ذكر اسمها ولا مرة هي الأفضل، فتسافر مع شاب تعرفت عليه من خلال دروس إسلامية على الإنترنت وأحبته، لتصطدم أكثر بمجتمعهم المزيف.

العمل يرصد بالفعل قصة تطرف الشباب المسلم في أوروبا واستدراج داعش لهم، ولكن بطريقة مختلفة تمامًا فهم ليسوا شياطين، فقط شباب يبحث عن عالمه الخاص، فليلى من شدة مثاليتها وحزنها مما تتعرض له من عنصرية انضمت لهم وهي لا تعلم من هم، ومن ثم أدركت أنها في مصيدة لا مهرب منها.

سواح.. الفرعون المصري

فيلم “سواح” لكريم قاسم، هو إنتاج مشترك بين مصر -محمد حفظي- ولوكسمبرج، وإخراج المصرى اللكسمبورجي أدولف العسال ومن تأليف الكاتب الكندي دنيس فوون، ويحكي قصة “سمير سواح” الذي يسافر من مصر ليلة ثورة 25 يناير ليحقق حلمه في المشاركة في أكبر مسابقة عالمية للدي جي، إلا أنه يترك مقعده في الحافلة وممتلكاته مع شاب عربي، ليجري مكالمة تليفونية لأهله في مصر، ولكن لسوء حظه يتم احتجازه واعتباره لاجئ عربي يجب ترحيله فورًا، ولكن الحظ يجعله يقابل إريك كابونجو، الذي يحاول تهريبه، ومن خلال الكثير من الأحداث تتوطد علاقته به، ويصبحان صديقان في النهاية.

اللقطة الأبرز في العمل هو عندما علم “سمير” أن صديقه الذي يحاول تهريبه من الشرطة وإرساله للمسابقة إسرائيلي الجنسية، فيحاول الهرب منه، دون جدوى حيث يقع في مشاكل عدة، وينقذه هو منها، وقرب نهاية الفيلم، يكتشف أنه ليس إسرائيليًا من الأساس، بل من أحد الدول الإفريقية، لذا كان يحرص دائمًا على مناداته بـ”الفرعون المصري”.

عاصفة رملية.. عربي القضية إسرائيلي الهوية

ليست دعوة للتطبيع بالتأكيد، ولكن الفيلم الإسرائيلي الإنتاج “عاصفة رملية”، للمخرجة الإسرائيلية إيليت زاتسر، وبطولة فنانين من عرب 48، نجح في تجسيد معاناة النساء البدويات، من خلال قصة “ليلى” إحدى فتيات بدو النقب، المحببة إلى أبيها، وبالرغم من ذلك يجبرها على الزواج من شخص من قبيلتهم ليبعدها عن شاب تحبه في الجامعة، لأنه ليس منهم.

أحداث متسارعة، تبدأ بحديث “ليلى” مع والدها، وضحكهما سويًا، الذي سرعان ما يتحول لصدمة بعد معرفة أنه سيتزوج ليلًا من امرأة أخرى، لأن والدتها لم تنجب ولدًا، والأم المكبوتة توافق على ذلك لأن من حقه أن يكون له ولدًا، والزوجة الثانية توافق لأنها تأخرت في الزواج، قصص نسوية من الدرجة الأولى، تعاني منها بالفعل سيدات كُثر ليس في بدو العرب فقط، وإنما في المدن الأكثر حضارة.

الفيلم في مجمله ضعيف، لم يقدم أي جديد، حيث إن صراع الأجيال ما بين “ليلى” وأمها وجدتها، قد تم طرحه في الكثير من الأفلام والمسلسلات العربية، سواء كانت تضمن حياة البدو أو غيره، ولكن الغريب فيه حقًا هو أن إسرائيل كانت قد اختارته للمشاركة باسمها في المنافسة على جوائز أوسكار 2017.

كتلة أكاذيب.. ما من أحد يحب الشرق الأوسط

“ما من أحد يحب الشرق الأوسط، ما من شيء فيه يثير الإعجاب”، بتلك الجملة يختزل راسل كرو، فكرة الفيلم الأمريكي المقتبس من رواية تحمل نفس الاسم، فالقيادي “هوفمان”، في “سي أي إيه”، الذي يجند العميل “روجر فارس” ليوناردو دي كابريو، دائمًا ما يخبره ألا يثق في العرب، ولا يتعامل معهم، فلا أحد يصدقهم، ففي النهاية كلهم إرهابيون، مهما اختلفت مواقعهم، إلا “دي كابريو” يكتشف أن رئيسه هو كتلة الأكاذيب وليس العرب، ويقرر الاستقالة من عمله واستكمال حياته مع “عائشة” الإيرانية التي تعيش في الأردن، ووقع في حبها.

الفيلم يسلط الضوء على الفكرة التي ينظر لها الأجانب للعرب بشكل عام وهي أهم جميعًا إرهابيين، وأصحاب مصالح، ولا يمكن الثقة بهم، بالرغم من أنهم هم أصحاب تلك الصفات بالفعل.

العرب في الأعمال الإسرائيلية.. خونة وبلا مبادئ

“عاصفة رملية” ليس العمل الإسرائيلي الوحيد الذي يضم شخصياتًا عربية، فالمسلسلات والأفلام الإسرائيلية المثيرة للجدل خلال الأعوام الماضية سلطت الضوء على شخصيات عربية بطرق سلبية، ففي المسلسل ذو الإنتاج الضخم “فوضى”، يظهر “دورن” قائد وحدة إسرائيلية من المستعربين، والذين هم من أصول عربية، وشكلهم مثل العرب، فيستخدمونهم للقبض على “الإرهابيين” من وجهة نظر العمل وهم في الحقيقة، الشباب الفلسطينيون سواء كانوا تبع حماس أو فتح أو ثوار يحاربون المستعمر الإسرائيلي، فيظهر “دورن” كشخص لديه الكثير من الصفات الإنسانية، ولا يهاجم البيوت احترامًا لحرمتها، ولا يقتل أطفالًا ونساء، وغيرها من الأكاذيب التي من السهل كشفها بالاطلاع على أي نشرة إخبارية عشوائية من فلسطين.

فيلم الجاسوسية “الملاك”، الذي أظهرت من خلاله إسرائيل أن رجل الأعمال المصري أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، على أنه عميل لها، بل “ملاك” أنقذها من الهلاك، صور العمل أن الرئيس السادات المعروف أنه “داهية” في السياسة وكأن أشرف هو من كان يحركه، كما ظهر الرئيس عبد الناصر، وكأنه شخص قاسِ دائمًا ما يتعمد إهانة أشرف مروان، بل وطلب من ابنته الانفصال عنه، وذلك ما دفع “مروان” للتواصل مع السفارة الإسرائيلية وخيانة وطنه!

ومسلسل “الجاسوس” عن قصة إيلي كوهين، الجاسوس الأشهر لإسرائيل في سوريا، والذي ظهر العرب من خلاله، مرتشيين، ويبحثون عن مصالحهم، ومن الممكن أن يبيعوا أي شيء حتى وطنهم من أجل المال، ليس ذلك فقط، بل يغرقون في سهرات جنسية وعلاقات مشبوهة، ليس للرجال وحسب بل للنساء أيضًا، فقد أظهر العمل العرب وكأنهم مستنقع فساد، كان يترفع عنه العميل الإسرائيلي المخلص لزوجته.