بعد 7 سنوات على ثورة 30 يونيو.. صحوة جديدة لـ الدراما المصرية

رباب طلعت

شهدت الدراما المصرية انتكاسة كبيرة، في حجم وشكل الإنتاج الدرامي، عقب ثورة يناير، خاصة عام 2013، قبل ثورة 30 يونيو، لتبدأ رحلة التعافي من بعدها، والتي شهدت تخبطًا، في محاولات الموازنة بين كم وكيف المحتوى الدرامي المقدم للمشاهد، لتطل 2020 على الجمهور، بمحتوى مختلف ومتنوع، وتبدأ منها مرحلة الصحوة للدراما المصرية من جديد.

عد تنازلي

يقاس حجم الإنتاج الدرامي خلال السنوات، بالموسم الأكثر تنافسًا وهو شهر رمضان الكريم، وقد بدأ عدد المسلسلات يتهاوى منذ عام 2013، إبان حكم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، حيث وبحسب دراسة أعدها المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، وصل إنتاج المسلسلات فيه إلى 40 عملًا فقط في العام كله، منهم حوالي 25 في رمضان، بعد تقديم 72 عملًا في 2012، وارتفع العدد في رمضان 2014 إلى ما يزيد عن 30 عملًا واستمر ذلك المعدل إلى عام 2017، وبدأ يتناقص في 2018، وصولًا إلى 24 عملًا هذا العام.

في 2013، الانخفاض الكبير الذي شهده حجم الإنتاج الدرامي، بعد حوالي 30 عامًا من تصدر الدراما المصرية في الشرق الأوسط، كان له العديد من الأسباب، أولها رفض بعض الأعمال للمنتجين مثل “الداعية” حيث قال المنتج جمال العدل في تصريحات صحفية وقتها، إن التلفزيون المصري رفض عرضه، بسبب حكم الإخوان، ليعرض بعدها بعام، بعد قيام ثورة 30 يونيو، بالإضافة إلى انسحاب كبار النجوم من المشهد، وظهور نجوم جدد وقتها، بأعمال أقل تنافسية من الأعوام السابقة، هذا بالإضافة لتفكير الكثير من النجوم في هذا العام باعتزال التمثيل والسفر خارج مصر، خوفًا من تحكم الإخوان في شكل الأعمال التي يرغبون في إذاعتها، حيث كان الدارج وقتها، التفكير في أعمال مثل السيرة الذاتية لزينب الغزالي.

إلا أن الانخفاض في الأعوام التالية، كان بسبب محاولات المنتجين بالتعافي من الآثار التي خلفتها انتكاسة حكم الإخوان المسلمين وقتها، بالإضافة للظروف الاقتصادية العامة للبلاد، ليظهر عدد من الأعمال الجيدة خلال الأعوام الست التالية لثورة 30 يونيو، مع الحفاظ على عدد أقل من الأعمال للحفاظ على جودة الصورة، وضخامة الإنتاج، والتفكير بمبدأ ضخ التمويل في عمل واحد كبير، أفضل من أعمال كثيرة بها قصور شديد.

الانخفاض طال عام 2020 أيضًا، ولكن ذلك بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) والتي أثرت على حجم الإنتاج العالمي، نظرًا لتوقف التصوير، بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي، بالتالي انسحبت عدة مسلسلات من المنافسة فيه إلى العام الجاري.

الكيف يغلب الكم

بعد 7 سنوات من ثورة 30 يونيو، حضر موسم رمضان 2020، محدثًا طفرة في المحتوى الدرامي، حيث شهد السباق تنوعًا كبيرًا، قد غاب عن الشاشة منذ سنوات، وأهم العائدين “دراما الحروب” بمسلسل “الاختيار” بطولة أمير كرارة، الذي تناول قصة حياة الشهيد أحمد المنسي، والإرهابي هشام عشماوي، والذي لاقى نجاحًا منقطع النظير، ما دفع صناعه للتفكير في إنتاج جزء ثانٍ في 2021 بطولة الفنان كريم عبد العزيز، من إنتاج سينرجي أيضًا، والذي يتناول قصة جديدة من قصص أبطال القوات المسلحة.

عادت أيضًا الأعمال الكوميدية ذات الشعبية الجماهيرية، بمسلسل “بـ100 وش”، لآسر ياسين ونيللي كريم، والذي يعد واحدًا من أهم الأعمال الكوميدية خلال السنوات القليلة الماضية، وهو من إنتاج “العدل جروب”.

الدراما التاريخية أيضًا كانت حاضرة بـ”الفتوة” والذي يعد واحدًا أيضًا من أفضل اللوحات الفنية من حيث الديكور والتصوير والألوان، وقد أعاد من خلاله ياسر جلال وشركة سينرجي بطولات الفتوات، بالإضافة إلى الدراما الاجتماعية التي لاقت إشادة واسعة وهي “البرنس” بطولة محمد رمضان، و”خيانة عهد” بطولة يسرا.

اللافت أيضًا هو حجم البطولات النسائية، حيث شارك في السباق كل من يسرا بـ”خيانة عهد”، وياسمين عبد العزيز، بمسلسل “ونحب تاني ليه”، وريهام حجاج بـ”لما كنا صغيرين”، وياسمين صبري بـ”فرصة تانية”، ودينا الشربيني بـ”لعبة النسيان”.

وخارج السباق الرمضاني أيضًا شهد العام الجاري عودة الفنانة ماجدة زكي بمسلسلها “قوت القلوب”، والذي جذب الجمهور قبل السباق الرمضاني، كما يذاع حاليًا “ليه لأ” لأمينة خليل في بطولتها المطلقة الأولى، والتي تناقش من خلاله المشاكل التي تتعرض لها الكثير من الفتيات من قبل المجتمع والأهل.

بالإضافة إلى كل تلك الأعمال، كان هناك تنوع ما بين الرومانسية والكوميديا، والأعمال الشبابية، والدرامية المختلفة، في تنوع هو الأوسع للدراما منذ سنوات.

على خطى 2020.. 2021 محملة بالمزيد

بعد التعافي التدريجي للموسم الرمضاني، والنجاح الذي حققه في 2020، بالتنوع الذي شهده، وعودة أشكال الدراما الغائبة عن التلفزيون لسنوات، أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن الاستمرار في إنتاج دراما الحروب في عام 2021 بجزء ثان من الاختيار، ليس ذلك فقط، فمن المنتظر عرض “هجمة مرتدة” المقتبس من ملفات المخابرات المصرية.

بالإضافة إلى ذلك فهناك عودة قوية لأعمال السير الذاتية، فمن المنتظر عرض قصة حياة الفنان الراحل أحمد زكي في مسلسل “الامبراطور”، ويجسده محمد رمضان، بالإضافة للإعلان عن كتابة عمل يتناول حياة الفنان الراحل محمد فوزي، دون أية تفاصيل أخرى.

أما الدراما الصعيدية، فستشهد أول تعاون بين النجمين أمير كرارة وأحمد السقا، في “نسل الأغراب” الذي أكد “السقا” في تصريحات صحفية أنه “سيعيد مجد الدراما الصعيدية”، والتي لسنوات طويلة كان لها شريحة كبيرة من الجمهور، وما زالت مفاجآت الموسم المقبل مستمرة.

الجدير بالإشارة هنا أنه من علامات الاستقرار الدرامي، أنه ولأول مرة منذ سنوات طويلة، يبدأ الإعلان عن الأعمال المنتظرة العام المقبل، قبل انتهاء شهر رمضان في العام الجاري، وهو ما لم يكن يحدث خلال السنوات الماضية، مما يبشر بأعوام أكثر استقرارًا في الدراما المصرية.