من الضحك للبكاء.. حكايات من حياة عادل إمام

إيمان مندور عادل إمام

 

قدّم الفنان عادل إمام مئات الأعمال الفنية السينمائية والدرامية وكذلك المسرحية، ‏واستطاع التمسك جيدًا بلقب “نجم الشباك الأول” على مدار عشرات السنوات، في ‏ظاهرة لم ينجح فيها سواه. فقالوا إنه “أسطورة في حد ذاته” أي ينجح نجاحه ‏الساحق بصرف النظر عن الرواية أو المسرحية، فالناس تذهب لترى عادل إمام ‏فقط، وكأنه بمثابة كيان متكامل وحده.‏

نرشح لك: ملف خاص.. عيد ميلاد عادل إمام الـ80

 

قصص وحكايات وأزمات ومواقف كثيرة مر بها الزعيم خلال مسيرته، روى ‏بعضها مرارًا وبعضها اكتفى بالبوح بها مرة ولم يكررها ثانية، وبعضها يتندر به ‏من آن لآخر…‏

‏(1)‏

عام 1966 كنت قدمت مسرحية “أنا وهو وهي” و”حالة حب”، وكنت ‏أمشي في أحد الأيام من مصر الجديدة متوجهًا إلى الجيزة _لم يكن معي ولا مليم_ ‏وفي رأسي أحلام عجيبة. وعند المكان الذي يوجد فيه مسجد جمال عبد الناصر ‏الآن، مرت بجواري سيارة فيها شخصين أحدهما يقودها والآخر بجواره، أحدهما ‏نظر إليّ وأشار بيده محييًا فأشرت له وأنا سعيد لأن الناس بدأت تعرفني، وعندما ‏دققت النظر وجدتهما عبد الناصر وعبد الحكيم عامر.. لم أصدق نفسي لدرجة أني ‏بكيت.‏

‏(2)‏

عندما توفي والدي عن عمر 88 عامًا _كنت أتوقع وفاته بسبب حالته الصحية ‏المتأخرة_ المهم أنني علمت بوفاته قبل ظهوري على المسرح في بيروت، وعدت ‏في اليوم التالي إلى القاهرة حيث استقبلني شقيقي عصام في المطار ليرافقني أثناء ‏زيارة قبر والدي، لكنه وبعدما احتضنني بقوة قالي لي: أريد أن أخبرك أمرًا قبل ‏ذهابنا، وهو عن زوج ابنة خالتك الدكتور الأكاديمي علي وهيب، فبعدما صلينا ‏على والدنا خرجنا من الجامع لنتفاجأ بسرقة أحذيتنا جميعًا، وبدأ “د. علي” يتنطط ‏زي الفرخة المذبوحة وهو يقول “الجزمة أسباني.. وراحت مني” وبدأ بالبحث ‏داخل المكان المخصص لحفظ الأحذية عن حذائه وسط دهشة الجميع لعله تحدث ‏معجزة، وكانت النتيجة أن قصد الجميع سياراتهم الفارهة المتوقفة قرب المكان وهم ‏يرتدون بدلاتهم الرسمية حفاة الأقدام، باستثناء عصام الذي وجد “مشاية” مربوطة ‏بسلك فانتعلها ومشي.‏

لم أستطع بعد رواية أخي أن أتوقف عن الضحك، فقد كان يعرف كيف يثير البهجة ‏في داخلي. وقد حدث الأمر نفسه بعد وفاة زوج شقيقتي الفنان مصطفى متولي، ‏فبعدما غادرنا المنزل إلى الجامع القريب، وكنت تعبًا جدا، وجدت عصام أمامي ‏وقد غادر الجامع توًا واستوقفني ليسرّ لي أمرًا وقال: “د. علي وهيب”. قلت له: ‏‏”ماله؟”، قال لي: “بيصلي في الجامع والجزمة تحت باطه” فعاجلتني نوبة ضحك ‏هيستيرية.‏

‏(3)‏

زمان كنت ماشي أنا وصديق لي على كوبري قصر النيل ومكنش معايا ولا مليم، ‏شوفنا شاب راكب عربية سوداء فارهة ومعاه بنت زي القمر وحاطه عقد فل في ‏إيدها ومزيكا عالية من العربية.. إحنا الاتنين نطقنا في جملة واحدة.. أنا قلت الله.. ‏وهو قال يا ولاد الكلب.. زميلي لم يحقق أي نجاح حتى الآن.‏

‏(4)‏

عندي صداقة قديمة مع الدكتور أسامة الباز، مرة جاب شقيقه الدكتور فاروق الباز ‏وجه اتفرج على مسرحية لي. وبعد العرض خرجنا نتعشى في مكان.. وكان فاروق ‏مستمتع جدًا بالعرض وفرحان بيا أوي وقال لي: أنا عايز أديلك هدية. وراح قالع ‏كرافتة كان لابسها وقدمهالي.. قلت إيه الراجل الغريب ده.. بصيت في الكرافتة ‏لقيت مرسوم عليها تليسكوبات وأقمار صناعية وشكلها غريب جدًا.. فرحت بيها ‏واحتفظ بها حتى الآن.‏

‏(5)‏

ذات مرة عرض عليّ منتج من نواب القروض القيام ببطولة فيلم مع نجمة كانت ‏تربطه بها علاقة _أي مع هذا المليونير_ وعرض عليّ مبلغًا خرافيًا لم أحصل ‏عليه في حياتي، ولكني رفضت العرض بعد أن عرفت أنه من أموال القروض، ‏وقلت له: أنا بعمل فن للناس بفلوس حلال مش مسروقة. وبعدها بأسابيع هرب ‏المليونير ده من مصر.‏

‏(6)‏

عرض عليّ الفنان عبد الرحمن الخميسي _في السبعينيات تقريبًا_ بطولة فيلم من ‏تأليفه وإخراجه مقابل 150 جنيهًا، ولكنني صممت على 600 جنيه. المهم هذا الفيلم ‏كان اسمه “زهرة البنفسج” وهو أول فيلم يتم تصوير مشاهده كلها في بيت المخرج، ‏واستمر عرضه 3 أيام كاملة، ولم أحصل على باقي أجري حتى الآن. وأنا أعتبره ‏أسوأ فيلم في تاريخ السينما المصرية، ورغم ذلك كنت أحب هذا الرجل بشدة لأنه ‏كان شخصية ممتعة وخالية من العقد.‏

‏(7)‏

عبد الحليم حافظ أول من تنبأ لي بالنجومية، وقال لي: “يا عادل هتتشهر جامد.. ‏وهتتهاجم جامد”.. وكان بيتسلل كثيرًا إلى المسرح متخفيًا وبصحبته أحيانًا مفيد ‏فوزي، ويضبط دخوله على مشهد المحكمة في مسرحية “شاهد مشافش حاجة”.. ‏ويضحك من قلبه.‏

‏(8)‏

اعتدت في تاريخي المسرحي أن أدخل لأحيي الجمهور في أول ظهور لي، تحية ‏واحدة لا تتغير، لكن كان لديّ “تحية استثنائية” كنت أقوم بها في حالة وجود ‏شخصين فقط لا غير: أمي.. والسيدة تحية عبد الناصر.‏

‏(9)‏

عندما تعرفت على “هالة” زوجتي كانت في القاهرة تعيش أجمل أيامها، وكنت لا ‏أملك أي نقود، فقامت ببيع قطعة أرض كانت تمتلكها بمبلغ 3 ألاف جنيه، إلا أنني ‏وبعد أن تيّسرت أحوالي اشتريت نفس الأرض التي باعتها لأجلي وكتبتها باسمها، ‏وعوّضتها بما هو أكثر منها.‏

حكايات من حياة عادل إمام