ماجدة منير.. أن يهبك المسرح ممثلة

رباب طلعت

ظهور خاطف، ومشاهد متقطعة، ودور صغير، يروي إحدى قصص مسلسل “الأختيار” عن انتحاري فجر نفسه ليخطف روح جندي قدم الطعام لأمه وأبنائه، رأفةً بحالهم، بعدما تركهم يأكلون خبز مُبلل بالماء، لشدة فقرهم وعوزهم، وتظهر أمه في عدة مشاهد قصيرة، تنهال عليها بعدها الإشادات، لصدق الأداء المؤثر، وارتداء روح الشخصية بإتقان وبراعة ليست جديدة على ماجدة منير هبة المسرح للتلفزيون.

نرشح لك: “الاختيار” و”الفتوة” و”ليالينا”.. كيف ظهروا بكاميرا واحدة في عصور مختلفة؟

المشهد الأول، ظهرت “منير” أم الإرهابي السيناوية، سيدة ترسم على ملامحها قسوة وكره لأفراد الجيش، أعداء ابنها الذي صور لها أنهم يبحثون عنه لضره، لتنظر لأحمد المنسي، الذي يجسد دوره أمير كرارة، نظرة أم لعدو ابنها، وتدريجيًا تملأ عينيها الحيرة، عندما يقدم لها وأحفادها طعامًا هو زاده وجنوده، لتعبر عما بداخلها: “هل هذا هو الشرير الذي أخبرني ابني عنه”؟

بعدما نفذ ابنه عمليته الانتحارية، وخطف أرواح بريئة، منها الجندي الذي وضع لأحفادها الطعام، ويسألها “المنسي” بلوم وقسوة: “هو ده رد الجميل”؟ لتظهر في مشهد عظيم عبرت فيه بوجهها وعينها عن المشاعر المتناقضة والقاسية بداخلها، ما بين خجل من فعلة ابنها، وشعور بالذنب لعدم حمايته من هذا المصير ونصحه، ووجع أم فقدت ابنها الوحيد.

من إجادة اللهجة السيناوية في “الاختيار”، إلى الصعيدية من قبل استطاعت خلال مشهدين في “كلبش2″، أيضًا عام 2018 بجذب الأنظار لها، في دور “فاطمة” أم “جابر”، مشهد لم يتخطى الأربع دقائق، أمام “سليم الأنصاري”، أظهرت من خلاله قدرة تمثيلية كبيرة.

ماجدة منير ليست وجهًا جديدًا على الجمهور، فقد عرفها في أدوار عديدة، أبرزها في “سجن النسا” إخراج كاملة أبو ذكري، حيث أدت دور درة، والتي نجحت في جعل المشاهدين يكرهونها، للدرجة التي صرحت بها من قبل أن متابعين لها على “الفيس بوك” حظروها، لشدة غضبهم من قسوتها على ابنتها في العمل، وهو ما يدل على شدة إقناعهم بها، ولكن تأخرت خطواتها نحو عالم التلفزيون كثيرًا، فابنة بورسعيد منحت أبنائها عمرًا طويلًا لتعتني بهم، لعدم رغبتها في الاستعانة بمن يربيهم، واكتفت بأدوارها على المسرح.



اختارت “منير” مسرح الثقافة الجماهيرية، بالرغم من أن ممثليه في الظل أكثر الوقت، إلا أنها كانت سعيدة بذلك لأنها تقدم مسرح هادف، أتاح لها زيارة أقاليم مصر كلها، ما كان يشعرها بالسعادة، والإشباع، للاحتفاء الكبير بها وزملائها من سكان الأقاليم، ولأنها كانت تؤدي رسالة الفن الذي تؤمن به، ووصفت تلك الفترة بأنها وزملائها كانوا “بيشتغلوا بضمير”، لافتة إلى أنهم كانوا يعملون عليه بمحبة للدرجة التي كانت تجعلهم يرتبونه وينظفوه بأنفسهم، ويفعلون كل شيء عليه بيديهم، إلا أن تلك الروح اختفت في أواخر الثمانينات، بسبب دخول مجموعة جديدة عليه “بتسترزق”، وقد كانت تكره السلوكيات الخاطئة، فكانوا يستبعدونها في كثير من الأعمال، وأيضًا من المناصب في الإدارة، مع أنها كانت تستحقها.



عن فترة تحولها للفيديو، قالت إنها كانت “رامية طوبته” لأن ليس لديها أية علاقات، كما أنها ذهبت إلى مكاتب “كاستينج” إلا أنها وجدتها “مهينة جدًا” لسنها وتاريخها الفني على المسرح، فقررت ألا تذهب لها مرة أخرى، إلى أن شاركت كاملة أبو ذكري في فيلم قصير في بدايات المخرجة الفنية اسمه “رسالة إلى الله”، ولم تطلب الفنانة أبدًا من المخرجة العمل معها، لإحراجها الشديد، وكانت “أبو ذكري” تبحث عنها، ووصلت لها من خلال ابنة شقيقها المخرج مراد منير، وقد كانت لحظة مهمة ومنتظرة لها من سنوات، وشاركت بالفعل في “سجن النسا”، لتعتبر بدايتها الفنية الحقيقية في “الفيديو”.

بعد سجن النسا أصبحت ماجدة منير وجهًا مألوفًا على الجمهور، وكذلك اختيارًا ناجحًا للمخرجين، فاختارها المخرج الكبير محمد خان في “فتاة المصنع”، وكذلك محمد شاكر خضير الذي تجمعها علاقة صديقة بوالده الراحل منذ عملها بالمسرح، وأسند لها دورًا هامًا في “طريقي”، وهو الراهبة الطيبة التي تساعد “داليدا” في مدرسة الراهبات، رافضًا إعطائها دور المديرة القاسية، لأن ملامح وجهها مريحة وطيبة، إلا أنها أثبتت من خلال دور أم الإرهابي في “الاختيار” أنها قادرة على تجسيد كل الأدوار، وتقنع جمهورها بها حتى الشريرة.