وليد رشاد يكتب: هدف "شحاتة" الملغي

تزايدت في الفترة الأخيرة الاعتراضات على التحكيم المصري، وربما كان الموسم الحالي هو الأعلى في نغمة الاعتراض على التحكيم في تاريخ الكرة المصرية، ولكن بعيدا عن صداع التحكيم هذا الموسم يظل أكبرعلامات الاستفهام التي تم توجيهها للتحكيم المصري عبر تاريخ الكرة المصرية، هي إلغاء هدف “حسن شحاتة” في مرمى الأهلي، في المباراة الشهيرة في الدور الثاني لموسم 82/81. وليد رشاد

هدف “شحاتة” الملغي ما زال رغم مرور ما يقترب من 40 عاما، محورا للجدل بين كل الجماهير المصرية من يومها وحتى الآن، لأن الخطأ التحكيمي هذه المرة لم يكن خطأ بسيط ولكنه خطأ أهدى دوري غير مستحق للأهلي، وسحب دوري شبه مستحق من الزمالك، علاوة بالطبع على صحة الهدف واستحالة وجود أي شبهة للتسلل في هدف “شحاتة” بشهادة كل من شاهد المباراة وقتها أو شاهد فيديو الهدف الملغي (الموجود بوضوح لحسن الحظ).

وكان موسم 82/81 واحدا من أقوى وأجمل مواسم الكرة المصرية إن لم يكن أقواها على الإطلاق، ومنذ سنوات والكثيرون يستشهدون بالهدف الملغي على محاباة التحكيم للأهلي في بعض المباريات والمواسم، وحتى الأهلاوية أنفسهم لم يعترضوا على صحة الهدف لأنه كان واضحا وضوح الشمس، وساهم في تخليد الهدف تناوله في مسلسل “فيه حاجة غلط” عام 1983 والذي يعتبر واحدا من أهم المسلسلات الإجتماعية في بداية الثمانينات، الذي ناقش فيه الكاتب الكبير “عبد الحي أديب” أحوال المجتمع المصري من خلال أسرة مصرية أصيلة، وتناول أيضا قصة التعصب الكروي الذي كان سائدا في تلك الفترة، وأشار بالتحديد لهذه المباراة وذلك الهدف لأنه كان الهدف الأكثر إثارة وقتها.

 

 

ورغم كل ما سبق ظهر للأسف مؤخرا بعض الصبية الصغار من المتعصبين، وأرادوا إحداث أي نوع من الفرقعة الإعلامية، وأكدوا أنه رغم صحة الهدف إلا أنه لم يكن هدف حسم الدوري، لأنهم اكتشفوا (كأنها اختراع !!) أن الدوري انتهى بفارق ثلاثة نقاط لصالح الأهلي والفوز وقتها كان بنقطتين فقط، وتساءلوا كيف للزمالك أن يفوز بالدوري حتى لو احتسب الهدف الصحيح وحصل الزمالك على النقطتين ؟!

وسار خلفهم عدد من الدراويش، ولم يكلف أحد نفسه تحري الدقة، والحقيقة للتاريخ أن مباريات الأسبوع الخامس عشر والسادس عشر من موسم 82/81 تم تأجيلها بالكامل إلى نهاية الموسم (من فبراير إلى مايو ويونيو 1982)، لأن الأسبوع الخامس عشر كان يضم مباراة القمة والتي كان يفضل اتحاد الكرة دائما أدائها في نهاية الموسم، وكانت مباريات الأسبوع السادس عشر بالنسبة لفارسي القمة المقاولين مع الزمالك بالجبل الأخضر والأهلي مع المنيا بالقاهرة، وتم تأجيل هذا الأسبوع أيضا لأنه حاسما في تحديد مسار الدرع علاوة على مباراة القمة.

وحتى لا ندخل في تعقيدات كثيرة، سنحاول تبسيط الأمور ونحسب نقاط الأهلي والزمالك والأهداف قبل مباراة القمة في 14 مايو 1982، قبل المباراة كانت نقاط الأهلي 38 نقطة في حين كان رصيد الزمالك 36 نقطة فقط، وفوز الزمالك كان يجعل النقاط متساوية بين الفريقين، أما فارق الأهداف فكان الأهلي قبل المباراة له 36 هدف وعليه 11 بفارق 25 هدفا، والزمالك له 36 وعليه 8 أهداف بفارق 28 هدفا، وفي حالة احتساب هدف “شحاتة” تتساوى نقاط الفريقين في حين يتفوق الزمالك بفارق الأهداف، ويكون للزمالك 37 هدف وعليه 8 بفارق 29 هدفا، بينما يكون الأهلي له 36 وعليه 12 بفارق 24 هدفا فقط.

 

وبذلك يدخل الزمالك والأهلي مباريات الأسبوع الأخير متساويين في النقاط  والزمالك أعلى من الأهلي بخمسة أهداف، ويتعين على فريق الأهلس لتحقيق الدورس معادلة الأهداف الخمسة، وكان لابد للأهلي أن يفوز على المنيا بأكثر من خمسة أهداف، بينما يكفي الزمالك فوز أحادي على المقاولين.

ولكى نستوعب الأمور أكثر يجب أن نتخيل حالة الأندية في ذلك الوقت، نادى المنيا كان قويا جدا فى تلك الفترة وكان يؤدى مباريات رائعة خصوصا أمام الأهلى في الصعيد، والطريف أنه فاز على الاهلى فى الدور الاول بهدف لنجمه “محمد فؤاد”، فى حين فاز الزمالك على المقاولين فى الدور الاول (2-1)، أى أن فوز الأهلى على المنيا بستة أهداف كان يستحيل عمليا ونظريا؛ إلا إذا حدث تفويت فى المباراة لأن المنيا أنهى الدورى ثامنا (المكون من 14 ناديا) برصيد 24 نقطة، فى حين أنهى الدورى المقاولون  فى المركز الرابع برصيد 28 نقطة.

أما سبب نهاية الدورى بفارق ثلاث نقاط هو أن الزمالك والاهلى بعد إلغاء هدف “شحاتة” الصحيح واقتراب حسم الدورى للأهلى بعد استمرارية تقدمه بنقطتين على الزمالك، تحولت المبارتين الاخيرتين إلى شبه تحصيل حاصل حيث يكفى الأهلى التعادل فقط مع المنيا فى القاهرة للفوز بالدورى، وتم كذلك تأجيل المبارتين إلى يومى 17 ،18 يونيو في حين أن كل مباريات الاسبوع السادس عشر لعبت يوم 22 مايو، وتعادل الاهلى سلبيا مع المنيا يوم 17 يونيو ورفع فارق النقاط إلى ثلاثة وحسم الدورى، وأصبحت مباراة الزمالك بلا قيمة تماما فخسر أمام المقاولين (1-2) يوم 18 يونيو، بعد أن سجل المقاولين هدفين فى دقيقة واحدة 71،70 وسجل للزمالك “نصر ابراهيم” فى الدقيقة 88 واستمر فارق الثلاث نقاط.

ومفهوم طبعا أن المبارتين فى حالة احتساب هدف “شحاتة” كان يمكن أن يكونا حاسمتين فى تحديد بطل الدورى، ووقتها كان يصعب أن يتعادل الأهلى مع المنيا أو يخسر الزمالك من المقاولين، في حين كان يستحيل أن يفوز الأهلى على المنيا (6-0)، وصحيح أن الكرة فيها كل شئ ولكن وفق المسار المنطقى ووفقا للحسابات المنطقية المعقولة وبعيدا عن التعصب، فإن هدف “شحاتة” الملغى  فى حال احتسابه كان سوف يهدى الدرع للزمالك مباشرة، ولا عزاء للصبية الصغار الذين قرأوا الجدول دون مراعاة لباقى الحسابات.

وليد رشاد

نرشح لك: وليد رشاد يكتب: إلي اللقاء.. حنان كمال

شاهد: نهايات مأسوية لنجوم الفن