أزمات "القاهرة والناس" في 10 سنوات

إيمان مندور

أزمات كثيرة تعرَّضت لها قناة “القاهرة والناس” منذ انطلاق بثها الأول عام 2009. تباينت ما بين المحتوى المعروض المتسم بـ”بالجرأة” على حد وصف الكثيرين، وربما مشادات بين الضيوف والمذيعين، وأحيانًا أزمات مع إدارة القناة نفسها، ليصل بعضها إلى ساحات المحاكم، بل وبعضها ينتقده رئيس الجمهورية شخصيًا.

نرشح لك: ملف خاص.. “القاهرة والناس” في 10 سنوات

ربما تتابع الأزمات لا سيما المتعلق بالمحتوى، يُعطي الأمر شُبهة التعمُّد في إثارة الجدل، أو أن النجاح المنشود لديهم هو الناتج عن النقد المستمر، لكن المؤكد أن هناك شهرة تصاحب هذه المواقف جميعًا، سواء كانت بالسلب أو الإيجاب.

لاسوستا

بمجرد عرض الحلقة الأولى من برنامج “لاسوستا” لـ أكرم الشرقاوي، أثيرت ضجة كبيرة أدت لإيقاف عرض البرنامج، بسبب الحلقة التي ظهرت فيها سما المصري وتحدثت بأسلوب غير لائق وألفاظ خادشة للحياء. وبعد مفاوضات وافق طارق نور مالك القناة، على عودة البرنامج مقابل إعادة مونتاج حلقاته وحذف الأجزاء التي تحتوي على إيفيهات جنسية ومناقشات جريئة.
وبالفعل قدمت القناة اعتذارًا رسميًا للجمهور، على اعتبار أن ما ذكر في الحلقة لا يتناسب مع أخلاقيات الشهر الفضيل، وعاد البرنامج من جديد، لكن فوجئ المشاهدون بأن البرنامج لم يتخلَ عن الألفاظ الخارجة التي وضعت عليها إدارة القناة صوت “تيت”، فضلًا عن التلميحات الجنسية الصريحة.

حمام باب البحر

أزمة كبيرة أثيرت بسبب حلقة “حمام باب البحر” من برنامج “المستخبي” للإعلامية منى عراقي، نهاية عام 2014 والتي ناقشت خلالها قضية المثلية الجنسية، حيث عرضت لقطات أثناء القبض على 26 رجلا في “حمام باب البحر” الشعبي في القاهرة، بعد إبلاغها السلطات عنهم.

اتهم الـ26 شخصًا بممارسة الفجور فى مكان عام، إذ أكدت الشرطة أنها قبضت عليهم في أوضاع مخلة، وضبطت بحوزتهم مقاطع فيديو جنسية، لكن تقارير الطب الشرعي أثبتت أن المتهمين لم يثبت عليهم جسديًا ممارسة المثلية الجنسية، وقضت محكمة جنح الأزبكية في يناير 2015 ببراءة جميع المتهمين. الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا وطالب كثيرون بإيقاف البرنامج، واتهامه بالتشهير بأشخاص أبرياء، واقتحام خصوصيتهم، لا سيما أن أحد المتهمين قيل إنه أشعل في نفسه النيران بسبب “الفضيحة” التي تعرّض لها.

بعد براءة المتهمين أقاموا دعوى سب وقذف ضد منى عراقي وطالبوها بتعويض مادي. وبالفعل قضت محكمة جنح مصر القديمة في نوفمبر 2015 بحبسها لمدة ستة أشهر، وكفالة ألف جنيه مصري، لادانتها بتهم السب والقذف ونشر أخبار كاذبة والطعن في الأعراض، لكنها استأنفت وحصلت بعدها على حكم بالبراءة وإلغاء حكم الحبس.

الصندوق الأسود

كذلك برنامج “الصندوق الأسود” للصحفي عبد الرحيم علي أثار جدلًا كبيرًا، بسبب عرضه لمكالمات مسربة لشخصيات شهيرة، ووجهت انتقادات كثيرة للقناة والقائمين على البرنامج، وأقيمت دعاوى قضائية تطالب بوقف البرنامج، وغلق القناة، لكن ما لبثت القناة أن اضطرت لوقف البرنامج بعد مخالفة المذيع لشروطه معها، على حد قولها.

في البداية تصاعدت الأزمة مع مع إدارة القناة، بعدما قطعت البث عن البرنامج، قبل موعد انتهاءه بـ10 دقائق، نظرًا لانتقاد عبد الرحيم علي لعدد من رجال الأعمال، على خلفية عدم تبرعهم لصندوق “تحيا مصر”، رغم إعلانهم عن تبرعات كثيرة للصندوق أمام وسائل الإعلام، بينهم المهندس نجيب ساويرس. وأوضحت القناة في بيان رسمي أنها “لا يمكن أن تسمح بأن تكون ساحة خلاف علني بين شخصين”، معلنةً تعليق البرنامج.

اشتعلت الأزمة بين عبد الرحيم علي ونجيب ساويرس، وطارق نور، حيث أقام “عبد الرحيم” دعوى لإلزام طارق نور بإعادة بث برنامجه، بينما أقام نجيب ساويرس دعوى قضائية ضد “علي”. وقضت المحكمة بحصول عبد الرحيم علي على تعويض مادي قدره ٣٠٠ ألف جنيه من القناة، بسبب قطع البث.

إبراهيم عيسى

في ديسمبر 2016، شن مجلس النواب هجومًا عنيفًا على الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى وصل إلى حد اتهامه بالتحريض على العنف والفتنة الطائفية في برنامجه “مع إبراهيم عيسى” على شاشة “القاهرة والناس”.

بداية الأزمة تمثّلت في هجوم إبراهيم عيسى على البرلمان في عدة حلقات من البرنامج منتقدًا بعض النواب، لكن تصاعدت الأمور حتى طالب الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان، بوقف إذاعة البرنامج، وفي مطلع يناير 2017 أعلنت القناة توقفه بالفعل، وأوضح “عيسى” أنه سيتفرغ لمشروعاته الكتابية والإبداعية.

الراقصة

بمجرد الإعلان عن برنامج “الراقصة” لاكتشاف مواهب الرقص الشرقي، الذي قدّمته الراقصة دينا، اعترض كثيرون، وطالبوا بوقف البرنامج حتى قبل عرضه وأقيمت دعاوى قضائية بعد عرضه تتهمه بنشر الرزيلة والفجور، مطالبةَ بمحاكمة دينا وطارق نور، وكان لرجال الدين والأزهر نصيب الأسد من هذه الشكاوى. كما طالبت دار الإفتاء المصرية بضرورة وقف البرنامج.

بالفعل أوقفت القناة البرنامج بعد عرض الحلقة الأولى منه، مبررة ذلك بأنه حداد علي شهداء الجيش الذين سقطوا في نفس التوقيت، وأصدرت بيانًا توضح فيه أنها تعيد النظر في عرض البرنامج الذي حرصت على أن يكون مصدرًا للبهجة الراقية. وما لبثت القناة أن أعادت عرضه مرة أخرى، لكن كان هناك عدم انتظام في مواعيد البث، مما لم يُمكّن الكثيرين من متابعته.

نقطة التحوّل الأكبر في هذه الأزمة، كانت عندما انتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، البرنامج في أحد حواراته مع رؤساء تحرير الصحف القومية، قائلا: “أليس تنظيم الإعلام لمسابقات تهدف إلى اختيار أفضل عالم، أو أكثر فلاحة إنتاجية، أو عامل مبتكِر، أو طالب نابه، أفضل من مسابقة أحسن راقصة؟”.

إسلام بحيري

الباحث والمفكر إسلام بحيري كان له نصيب الأسد من أزمات “القاهرة والناس”، لا سيما عند تقديمه لبرنامج “مع إسلام”، الذي واجهت القناة بسببه انتقادات كثيرة ولاقت هجومًا عنيفًا بسبب المحتوى والأفكار التي يثيرها “بحيري” في برنامجه، حول مناهج الأزهر وكتب التراث وبعض الأحاديث التي نقلها الإمام البخاري وابن تيمية، حتى أن الأزهر اتهمه بأنه يحرض علي الفتنة، ويشكك الناس فيما هو معلومُ من الدين، مطالبًا بوقف البرنامج. لكن “إسلام” رفض ذلك، متهمًا الأزهر بمحاولة تزييف الحقائق، وأنه ليس من حق الأزهر أن يوقف البرنامج دون أن يرجع للقضاء، متوعدًا بمقاضاة جميع من تحدثوا عنه، ومن أصدر حملة بإهدار دمه.

استجابت الهيئة العامة للاستثمار، لشكاوى الأزهر، ووجهت إنذارًا للقناة تطالبها فيه بوقف بث البرنامج، وأنها ستتخذ إجراءً قانونيًا بغلق القناة، إذا لم تستجب لإنذارها بوقف برنامج بحيري خلال 15 يوما”، لكن القناة أعلنت أنها لم تستلم قرار “المنطقة الحرة الإعلامية” بالوقف، مؤكدةً أنها تحترم الأزهر، ولا تتدخل في محتوي الحلقات التي تعرض، لافتةً إلى أن فريق العمل والمذيع هما المسئولان عما يأتي فى الحلقة.

تصاعدت الأمور إلى أن أعلنت القناة وقف البرنامج، موضحةً أنها لا تشجع المناظرة أو حتى البرامج التي تفرق بين المسلم وأخيه المسلم بعد ما أثبتته من نتائج سلبية على المجتمع. وأقيمت دعاوى قضائية ضد مقدم البرنامج وطارق نور مالك القناة، إلى انتهى الأمر بحبس إسلام بحيري لمدة عام بتهمة ازدراء الأديان، ثم خرج بعد 11 شهرًا بموجب عفو رئاسي.

هنا القاهرة

جدل كبير أثير أيضًا بسبب برنامج “هنا القاهرة” للإعلامية بسمة وهبة، لا سيما بسبب المشادة الكلامية الحادة التي وقعت بين المحامي بالنقض عصام عجاج، والكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى، بسبب الإساءة للشيخ محمد متولي الشعراوي، وإهانة الرموز الوطنية والدينية على وسائل الإعلام، خلال البرنامج، حيث تلفظ عجاج بألفاظ خارجة على الهواء، الأمر الذي استدعى التحقيق فيما شهدته الحلقة من قِبل المجلس لأعلى لتنظيم الإعلام.

أيضًا حلقة المحامي نبيه الوحش والتي تسببت في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”اغتصاب فتيات البنطلونات الممزقة”، حيث قال خلال البرنامج “إن اغتصاب الفتيات التي ترتدي البناطيل المقطعة واجب وطني”، الأمر الذي أدى لانتقادات واسعة ضده، ليخرج الوحش باعتذار رسمي لجميع سيدات مصر، ورغم ذلك قضت المحكمة بحبسه 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه.

كذلك ﻧﺸﺒﺖ مشادة كلامية ﺣﺎﺩﺓ ﺑﻴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺷﺪﻱ، ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻭﺍﻟباحث ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻣﺎﻫﺮ، والمخرج مجدي أحمد علي، ﺧﻼﻝ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ “هنا القاهرة”، وأثناء حدة النقاش توجه “ماهر” إلى “رشدي” بسؤال قائلا: “ﻫﻮ ﺇﻧﺖ ﻣﺶ ﻗﻟﺖ ﻗﺒﻞ ﻛﺪﻩ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻦ ﻛﻔﺎﺭ؟”، فأجاب رشدي ﺃﻧﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ مقتنعًا ﺑﺬﻟﻚ، ﻗﺎﺋﻼ: “ﺃﻳﻮﺓ ﻗﻟﺖ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻦ ﻛﻔﺎﺭ ﻭﻫﻤﺎ ﻛﻔﺎﺭ”، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩﻯ ﻻﻧﺴﺤﺎﺏ ضيوف البرنامج بعد مشادة معه.

تصاعدت حملة الانتقادات بشدة ضد ما حدث، فتقدمت “القاهرة والناس” وكذلك بسمة وهبة، باعتذار للمشاهدين، معلنةً منع “رشدي” من الظهور مجددًا على شاشتها. وحقق المجلس الأعلى للإعلام في الأخطاء المهنية التي وردت بالحلقة، وأوصت لجنة الشكاوى بالمجلس بلفت نظر إدارة القناة بمراعاة عدم توجيه أية إهانات من أي نوع وتحت أي مسمى للمشاهدين، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار ذلك حتى لا يضطر المجلس للتدخل باتخاذ إجراءات أخرى، إذا ما تكرر الأمر الذي لا يمت بأي صلة لحرية الرأي والتعبير.

ورغم اعتذار القناة رسميًا للمشاهدين، إلا أن حملة الانتقادات ضد القناة وإدارتها استمرت فترة طويلة، فيما وصفته القناة في بيان رسمي بـ”حملة تشهير”، موضحةً أن مالك القناة لجأ للقضاء واستخدم حقه القانوني ضد التطاول المستمر على القناة وإدارتها.

انتصار والإباحية

أثارت تصريحات الفنانة انتصار حول مشاهدة الأفلام الإباحية، خلال برنامج “نفسنة”، عاصفة من الانتقادات ضد البرنامج، قادت بعض المحامين لتقديم بلاغات للنائب العام، لمحاكمة “انتصار” بتهمة ارتكاب جريمة خدش الحياء العام، والمجاهرة بالفسق والفجور، والتحريض على نشر الرزيلة في المجتمع المصري.

بداية الواقعة تعود لإحدى حلقات البرنامج عن قضية مشاهدة الأفلام الإباحية، والتي طالبت انتصار خلالها جموع الشباب غير القادر على الزواج بمشاهدة هذه الأفلام بدعوى “تصبير نفسه”، قائلة: “في رجالة كتير قبل الدخلة محدش شرح لهم إزاي العلاقة الجنسية في الزواج، وأفلام البورنو والكتب أفادتهم كثيراً في فهم التعامل مع واحدة ميعرفهاش.. بتعرفهم إزاي يبقى زوج ويكفّيها وإزاي يجيب أولاد”، موضحةً أنها تعرف قنوات تعرض هذه الأفلام بشكل درامي وهي تفضل مشاهدتها، مؤكدة أن الدول التي تقوم بحجب المواقع الإباحية وتمنع هذه الأفلام تظهر فيها حالات الشذوذ بكثرة، رافضة مبدأ حجب المواقع الإباحية.

 

أزمات القاهرة والناس

نرشح لك: أرشيف “القاهرة والناس”.. برامج وإعلانات وفوازير !

شاهد: أين اختفى هؤلاء