وائل حمدي: نجاح "هيبتا" فاق توقعاتي.. وما زلت ملحدًا بوحيد حامد

تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي

· مفيش منتج صرف على عمل للأطفال زي ما اتصرف على “عالم سمسم”.

· نجاح فيلم “هيبتا” فاق توقعاتي وإيراداته كانت خيالية.

· birthmark film مغامرة اقتصادية تُحسب لـ دينا حرب.

· السوشيال ميديا “بتنفخ” في بعض الكتّاب، لكنها ليست مقياسًا لنجاح أحد.

· منذ دخول نجوم السينما للدراما التلفزيونية، أصبحت الكلمة الأولى والأخيرة لهم وليس للكاتب.

· ما زلت ملحدًا بوحيد حامد حتى الآن.

· لا يمكنني تقديم أعمال عن الحارات الشعبية.

· قدمت أعمالًا من أجل أكل العيش وكتبتها مضطرًا.

 

حوار: محمود مجدي

السيناريو هو العمود الفقري للعمل الفني، والسيناريست يلعب دورًا أساسيًا في صناعة الفيلم أو المسلسل، هو رب العمل الفني الحقيقي حتى لو لم تسلط عليه الأضواء بالشكل الكافي، واعترافًا منّا بقيمة ومكانة السيناريو قررنا فتح هذا الملف ومحاورة أهم رموز ورواد كتابة السيناريو في مصر، والحديث معهم عن أهم أعمالهم، والصعاب التي واجهوها في مشوارهم، وتفاصيل صناعتهم للعمل الفني، ومناقشتهم كذلك في العديد من القضايا الفنية التي تدور على الساحة حاليًا، ونستضيف اليوم السيناريست وائل حمدي.

لماذا تركت دراسة الهندسة والتحقت بكلية آداب المنصورة؟

قرار التحاقي بكلية الهندسة جاءً تنفيذاً لرغبة أهلي، فقد كنت متفوقًا طوال سنوات دراستي، لذلك عندما حصلت على مجموع كبير في الثانوية العامة، كان أمامي اختيارين الطب أو الهندسة، وأنا لا أحب دراسة الطب عموماً، فاخترت الهندسة، والتحقت بهندسة الإسكندرية بالفعل، وبعد أول شهرين دراسة اكتشفت أن هذا ليس مكاني، وأنني لا أصلح أن أكون مهندسًا على الإطلاق، وفي نفس الوقت فكرة الكتابة كانت قد تملّكت مني تمامًا، فرغبت في البداية أن التحق بكلية الإعلام، وكان هناك رفض شديد من جانب الأسرة، حتى أن والدي عاد من أبو ظبي وترك وظيفته في بنك أبو ظبي الوطني، لكي يقنعني بالرجوع عن قراري. وبعد محاولات شديدة منهم لمنعي، اخترت حلًا وسطًا وقتها والتحقت بهندسة بورسعيد، وكانت أول سنة يطبق فيها نظام “الترم”، وبعد نجاحي في امتحانات الترم الأول، تحدثت مع والدي وقلت له “أنا مش عايز أكمل في هندسة”، وبعد محاولات عديدة من جانبي لإقناعه، تفهّم وجهة نظري، واستجاب لرغبتي، فاستقر بي الحال أخيراً في كلية آداب التابعة لجامعة المنصورة.

كيف كان تعامل أهلك مع وضعك الجديد كطالب في كلية الأداب، يهوى الكتابة ويحلم بأن يكون كاتباً يوم ما؟

كان هناك حالة شك في قدراتي بالتأكيد، ومستقبلي بالنسبة لهم في هذه الفترة كان غير محدد الملامح، لكن بعد نجاحي وترتيبي أول الدفعة طوال سنوات دراستي في كلية الأداب، اطمئنوا قليلاً على مستقبلي، واعتقدوا أنه من الممكن أن أكون معيداً في الجامعة بعد تخرجي، وهو ما حدث بالفعل.

لديك تجربة عمل في مجلة “جود نيوز سينما”، حدثنا عن هذه التجربة.

إذا تحدثنا عن مجلة “جود نيوز سينما” فلا بد أن نتحدث أولاً عن مجلة “سينما أون لاين”، أتذكر أننا أصدرنا 15 عددًا من هذه المجلة، وتوقفت التجربة بعد العدد 15، فقررت أنا والصحفي علاء كركوتي ومجموعة من الأصدقاء الصحفيين الذين كانوا يعملون في سينما أون لاين، عمل تجربة صحفية جديدة تكون ملكنا نحن، وبالفعل اشترينا المعدات والأجهزة وأصدرنا العدد الزيرو، وللأسف لم نستطع أن نحصل على ترخيص إصدار المجلة، فتوقف المشروع، وخسرنا كل الأموال التي وضعناها في هذه المجلة، لكن علاء كركوتي لم ييأس وعرض العدد الزيرو على عماد أديب مالك شركة “جود نيوز سينما” في هذا الوقت، فتحمس عماد للتجربة وأسس مجلة “جود نيوز سينما” بنفس فريق عمل مجلة “سينما أون لاين”.

أهم أسباب تميز هذه التجربة من وجهة نظري، أنها كانت مرتبطة بالظرف العام، فالصحافة المصرية نشطت جداً في النصف الثاني من العقد الماضي، بالإضافة إلى أنها كانت تضم نخبة من ألمع الصحفيين الشباب، والذين كانوا يملكون من الخيال والجرأة لتقديم موضوعات صحفية جديدة ومختلفة في ذلك الوقت، والصحفيين الذين عملوا في “جود نيوز سينما” أصبحوا من أعمدة الصحافة والنقد في مصر الآن.

لماذا تركت الصحافة واتجهت لكتابة السيناريو؟

الكتابة للسينما هي هدفي من البداية، صحيح أنني أحبت الصحافة وأعطيتها كل جهدي، لكنني عملت بها من الأساس كي تساعدني على تحقيق هدفي، وتدخلني المجال بشكل أسرع، وتسهل لي التعامل مع المخرجين والمنتجين والممثلين،وكان طموحي أن أكون مخرجاً في البداية، ثم قررت أن أكون كاتباً ومخرجاً مثل الكاتب والسيناريست بشير الديك، ثم وقعت في غرام الكتابة للسينما والتلفزيون، وقررت أن أكون كاتباً للسيناريو فقط، وهو ما نجحت فيه بالفعل.

إذا انتقلنا لفترة عملك في ورش الكتابة، في تقديرك، ما أهم أسباب نجاح مسلسل “عالم سمسم”؟

“عالم سمسم” مسلسل مصري لكن فورماته وأصله أجنبي، ونجح في أكثر من 20 دولة على مستوى العالم، وبالتالي نجاح المسلسل في مصر مبني على نجاحه هذه الدول، وبداية كتابتي داخل ورشة كتابة “عالم سمسم” كانت في نهاية الموسم الأول، والورشة كانت تعمل على سلسلة تراكمية ناجحة أصلها من الخارج، وكنا نركز أثناء الكتابة على عدة محاور أهمها كيف نخاطب الطفل، وكيف نقدم له المعلومة بطريقة مرحة وغير مباشرة، وكيف نكتب فقرة لا تتجاوز الدقيقتين ونصف، بالإضافة للقالب الدرامي الذي قدم فيه المسلسل، فهناك دراسات أمريكية أظهرت أن الطفل من سن 3 إلى 6 سنين عندما يجلس أمام التلفاز أول شئ يجذبه الإعلانات، وبالتالي بدأ التفكير في عمل مسلسل في قالب إعلاني، إيقاعه سريع، صورته مبهجة، العرائس لابد أن تكون ملونة بألوان كثيرة ومختلفة، كل هذه العوامل كنا نركزعليها أثناء الكتابة، وأعتقد أننا وفقنا فيها بشكل كبير، وهذه العوامل من أهم أسباب نجاح “عالم سمسم” بالتأكيد.

لماذا لم يتكرر نجاح “عالم سمسم” بهذا القدر في أعمال أخرى قدمت للأطفال؟

تكلفة إنتاج “عالم سمسم” عالية للغاية، وهناك جهات كثيرة كانت تقف وراء إنتاج المشروع وبالتالي ظهر بهذه الصورة الرائعة، لكن الأعمال التي تقدم للأطفال عمومأ مكلفة جداً، لذلك لم ينجح مسلسل للأطفال بعد عالم سمسم “لأنه مفيش منتج صرف على عمل للأطفال زي ما اتصرف على عالم سمسم”.

كان لك تصريحًا بأن بعض المنتجين أساءوا لتجربة السيت كوم في مصر، كيف ذلك؟

في بداية عملنا في ورش كتابة مسلسلات السيت كوم، ذاكرنا عددًا مهولًا جداً من مسلسلات السيت كوم الأمريكية، وقرأنا كل الكتب التي تتحدث عن كتابة هذا النوع من الكوميديا، وعندما بدأنا رحلة تسويق مسلسلات مثل “العيادة” أو “تامر وشوقية”، كان السيت كوم بالنسبة لبعض المنتجين عبارة عن مسلسل كوميدي، قليل التكلفة، مدته نصف ساعة، فبسبب هذا المفهوم الخاطئ، وبعد نجاح تجارب مثل “تامر وشوقية” و”راجل وست ستات” و”العيادة” تحديداً، ظهرت مجموعة من مسلسلات السيت كوم الرديئة جداً لأنه كان هدف منتجي هذه المسلسلات وقتها تعبئة زمن الحلقة بالضحك بأي طريقة، فظهرت أعمال ركيكة وسيئة للغاية دفعت الجمهور للانصراف عن متابعة السيت كوم، وانتهت هذه التجربة سريعاً.

كيف جاءت فكرة فيلم “ميكانو”؟

فكرة الفيلم كانت من وحي خيالي، ولم أكن أعلم أن مرض فقدان الذاكرة المؤقت حقيقي، وعندما كتبت قصة قصيرة في مجلة “جود نيوز سينما” عام ٢٠٠٥ بمناسبة عيد الحب، نشرت ضمن مجموعة قصص لأصدقاء في المجلة، وبعد ذلك تلقيت اتصالا من صديق أبلغني أن الحالة المرضية التي تعرضت لها فى القصة حقيقة، وأكد لي أن فقدان الذاكرة بشكل دوري حالة علمية وبعض الأفلام الأمريكية استعانت بها فى أفلام كوميدية ومن هنا بدأت أهتم بالموضوع بشكل أكبر. وأعترف أنني كنت محظوظًا في هذه التجربة بسبب عملي مع مخرج دؤوب مثل محمود كامل، حيث تحمس للمشروع منذ البداية، وأنا لست جيدأ في مسالة طرق أبواب المنتجين والنجوم، لذلك هو تولى هذا الأمر، ونجح في تسويقه سريعاً، وظهر “ميكانو” للنور.

هل كنت تتوقع نجاح فيلم “هيبتا” عند بداية كتابتك للسيناريو؟

نعم كنت أتوقع نجاح الفيلم لأنه مبني علي رواية ناجحة ولها جمهور ضخم، ولكن ليس بهذا الشكل الذي حدث، فنجاح الفيلم فاق التصور الذي كنت أتوقعه، وإيراداته التي حققها كانت خيالية.

ما أصعب شئ واجهك أثناء كتابة “هيبتا”؟

جماهيرية الرواية، لأن الجمهور الأول للفيلم هو جمهور الرواية، ولو هذا الجمهور صدم في الفيلم، فبالتأكيد سيفشل، لذلك كان همي الأول أن عندما يشاهد جمهور الرواية الفيلم، يشعر أن الفيلم حافظ على روح الرواية، وهو ما وفقت فيه بشكل كبير.

في تقديرك، لماذا الفيلم الرومانسي لا يحقق إيرادات عالية في شباك التذاكر؟

الأعمال الرومانسية قليلة، وتظهر بشكل متقطع وليس بشكل منتظم، فالأعمال الكوميدية موجودة دائماً، وكذلك أعمال الأكشن، لكن لا توجد خطة إنتاجية ما لظهور أعمال رومانسية كثيرة خلال أي موسم من المواسم السينمائية، لذلك عندما يظهر فيلم رومانسي جيد الصنع وقريب من الشريحة التي يخاطبها، يحقق نجاحاً كبيراً مثلماً فعل “هيبتا”.

هل تتوقع أن نجاح “هيبتا” سيؤسس لمرحلة جديدة تكون فيها الأعمال الرومانسية هي فرس الرهان بالنسبة للمنتجين؟

أهم سبب لنجاح هيبتا أنه يعبر تمامًا عن رومانسية جيل المراهقين حالياً “لغة الحب غير التقليدية، الواتساب، السوشيال ميديا، الإيقاع السريع، التصرفات التي قد تصل للجنون وللتهور أحياناً من قبل الحبيبة”، هذه هي الرومانسية الموجودة في الشارع الآن، إذا قدمناها بصورة مستمرة ومنتظمة في أعمال كثيرة، ستحقق هذه الأعمال نفس نجاح “هيبتا”، وسيصبح لدينا إنتاج رومانسي منتظم.

كيف استطعت إقناع الكاتب الكبير بشير الديك بفكرة تحويل “الطوفان” إلى مسلسل؟

عرضت الفكرة على السيناريست الكبير بشير الديك، وصدمني في البداية بأنه ضد تحويل الأفلام لمسلسلات، ولكنه أراد معرفة الفيلم الذي أريد تحويله، وعندما أخبرته أنه “الطوفان”، وجدته يسألني لماذا هذا الفيلم تحديداً؟ فسردت له كل تحليلاتي لهذا العمل، وأني أرى أن الجوهر الدرامي لهذا الفيلم يليق بزماننا الآن أكثر من زمن الفيلم نفسه في الثمانينات، لأنه يتحدث عن انهيار الأخلاق، فاقتع بشدة، ووافق في النهاية.

هل أعاد مسلسل “الطوفان” الجمهور إلى نوعية المسلسلات الاجتماعية التي غابت كثيرًا في السنوات الأخيرة؟

بالتأكيد، فالمعروض من هذا النوع وقتها كان قليلًا للغاية، وبالتالي عندما ظهر المسلسل، أقبل عليه الجمهور بشدة. ومن حظه الجيد أنه ظهر في وقتٍ كانت الناس متلهفة فيه لمشاهدة المسلسلات الاجتماعية، بعد انتشار مسلسلات الإثارة والتشويق والإيقاع السريع التي غزت السوق الدرامية في السبع سنوات الأخيرة.

تصريحات السيناريست وائل حمدي

ماذا عن مسلسل “طلعت روحي”؟

هذه ليست أول مرة نكتب فيها مسلسل مأخوذ عن فورمات أجنبية، وورشة الكتابة التي اشتركت في كتابة المسلسل لديها خبرة كبيرة في كتابة هذا النوع من المسلسلات، وأعتقد أن المخرج رامي رزق الله وفق كثيراً في اختيار الممثلين، كما أنه مخرج موهوب لديه إحساس عالي وقدرة كبيرة على تقديم الكوميديا الخفيفة الذكية، ويستطيع الفصل جيداً بين المشاهد الدرامية والمشاهد الكوميدية داخل العمل الواحد، وفي جميع الأحوال كانت تجربة جيدة جداً ولم أكن أتوقع نجاحها بهذا الشكل بكل تأكيد.

تصريحات السيناريست وائل حمدي

أشعر أن هناك كمياء خاصة بينك وبين السيناريست شريف بدر الدين، هل تحليلي صحيح؟

صحيح، فأنا وشريف كتبنا العديد من الأعمال سوياً، وأصبحنا نفهم بعض سريعاً، فهناك بعض المناطق في كتابة أي مسلسل نعمل فيه سوياً، لا يكتبها شريف لإحساسه أن وائل سيكتبها بطريقة أفضل، وكذلك أنا، كما أن كل الأعمال التي قدمناها سوياً حققت نجاحاً ساحقاً، آخرها مسلسل “طلعت روحي” الذي لن يكون التعاون الأخير بيني وبين شريف بالطبع.

ما تقييمك لتجربة birthmark film بعد مرور 3 أعوام على إنشاءها؟

تجربة واعدة وهامة جداً، كل عام تخرج كتّابًا جدد للسوق المصري، وبها قدر كبير من المغامرة الاقتصادية من مالكة الشركة “دينا حرب”، واستمتعت جداً بالمشاركة في موسمها الأول.

لماذا لم تنتج الشركة سوى عملًا واحدًا وهو “بشتري راجل” حتى الآن؟

هذا يعود لأسباب إنتاجية بالتأكيد، ففي الموسم الأول للشركة، والذي تشرفت بالإشراف الدرامي على أعمال الشركة، كتبنا أربعة أعمال جاهزة للإنتاج، لكن حظ فيلم “بشتري راجل” كان جيدًا في أنه مطلوب من السوق، لذلك تم إنتاجه سريعاً.

لماذا لم تستمر سوى عام واحد فقط كمشرف درامي على أعمال الشركة؟

لأنها مهمة مرهقة جدًا، فقد استغرقنا حوالي 9 أشهر لكتابة 4 مشاريع، وبالتالي كان مطلوبًا مني أن أفكر في 4 أفلام بالتوازي، فكانت تجربة في قمة الإرهاق الذهني والبدني، لذلك اقترحت على دينا حرب أن يكون كل عام هناك مشرفًا مختلفًا على ورشة الكتابة، وهو ما حدث بالفعل.

ما أهم الصفات التي يجب أن تكون موجودة في المشرف على ورشة الكتابة؟

أن يكون لديه القدرة على اكتشاف مميزات كل كاتب داخل الورشة، بمعنى أن هناك كاتب مميز في البناء الدرامي، كاتب آخر مميز في الحوار، كاتب آخر يجيد صناعة حبكة؛ مهمة قائد الورشة هنا هي تجميع كل هذه المميزات و”تضفيرها” لصالح العمل ككل، كما أنه يجب أن يكون لديه “صبر الأدرجي” فالجزء الأكبر من مهام قائد الورشة هو جزء إداري أكثر منه إبداعي، لأنه يجب أن يوفر المناخ الجيد لأعضاء فريق الكتابة حتى يستطيعوا إنجاز عملهم بهدوء وبجودة عالية، ولا بد أن تكون هناك كيمياء واضحة بين أعضاء ورشة الكتابة، فمن الممكن أن يكون هناك كاتباً رائعاً لكنه لا يجيد العمل داخل الورشة.

أيضًا المشرف يجب أن يسيطر على “الأنا” الموجودة داخل كتّاب الورشة، لأنهم يقدمون مشروعًا خاصًا به هو “مش مشروع بتاعهم هما”، بل ويفعلوا ذلك بطيب خاطر وبحب شديد بالتأكيد، لذلك الجزء النفسي لا يقل أهمية عن الجزء الإداري والإبداعي لأي قائد ورشة ناجح.

بعض كتاب السيناريو الكبار يعتقدون أن السبب الرئيسي لوجود ورش الكتابة يعود إلى قدرتها على الإنجاز السريع، وتكاليفها القليلة مقارنة بأجر الكاتب الواحد، وليس لتميزها الإبداعي، ما تعليقك على هذا الأمر؟

أي منتج مسلسلات في مصر”ميعرفش هو داخل إيه في رمضان الجاي إلا بعد العيد الأضحى”، لذلك تكون أمامه فرصة من ثلاث لأربع شهور كي ينفذ المشروع الجديد، لو استعان أي منتج بكاتب لكتابة المسلسل في ثلاث شهور، ستكون أمامه نتيجتان، أما أن يكتب الكاتب كلام فارغ فعلياً، أو أنه لن يستطيع إنهاء الكتابة في الوقت المحدد، لذلك الأفضل له الاستعانة بورشة كتابة لتنجز له العمل في الوقت المحدد، فورش الكتابة تعد وسيلة إنقاذ للمسلسلات، وعندما فهموا المنتجين طبيعة عملها بشكل جيد، أصبحوا يطلبونها طوال الوقت.

حدثنا عن تجربتك في ورشة كتابة مسلسل “موجة حارة”.

مريم نعوم كاتبة المسلسل حدثتني عن المشروع في يناير 2013، وكان متبقي على شهر رمضان 6 أشهر، وعقدنا اجتماع عمل في شهر فبراير، وحدثتها عن قلقي من عدم إمكانية إنهاء كتابة المسلسل في هذه الفترة القصيرة، لكنها كانت واثقة بأننا سننجز كتابة المسلسل قبل رمضان، وبالفعل بدأنا كتابة الحلقات، وكانت مريم تكتب السيناريو، وأنا وهالة الزغندي ونادين شمس ونجلاء الحديني وعمرو الدالي، مهتمون ببناء وتطوير الشخصيات وكتابة الحوار، وأنجزنا أول خمس حلقات وقدمناهم للمخرج محمد ياسين في بداية شهر مارس، لكن فوجئنا بعدم رضاءه عن الحلقات، ولم يكتف بذلك بل قرر إعادة كتابة المسلسل من البداية، وكأننا لم نكتب شيئاً، هذا الأمر كان بالنسبة لي المستحيل بعينه، لأنه متبقي على رمضان أربع أشهر، فكيف ستكتب وتصور الحلقات في هذه المدة القصيرة جدا؟!ً لكن هنا تظهر شطارة وحرفية مريم نعوم، حيث استطاعت إقناعنا بإعادة الكتابة مرة أخرى، وكانت طبيعة شغلها تقوم على كتابة كل خط درامي، ثم ترسله إلينا كي نكتب الحوار، “لا تكتب الحلقات مرة واحدة”، تعمل على كل خط درامي وهو يتطور ويبنى ويصنع حلقة، وفي النهاية أنجزنا المسلسل في وقت قياسي بالفعل، وأصبح “موجة حارة” من أهم المسلسلات في تاريخ الدراما المصرية.

تصريحات السيناريست وائل حمدي

ما طبيعة الأعمال التي تحلم بتقديمها؟

أحب الدراما الإنسانية البسيطة، التي بها جوانب كثيرة من الممكن أن تكون معقدة، والصراع فيها لا يكون بين خير وشر، الصراع يكون في المشاعر، والأحلام والرغبات والنوايا، فأهم الأعمال التي شاهدتها وتأثرت بها في حياتي هي (shawshank redemption، Kramer Vs. Kramer) وهذه الأعمال بسيطة وإنسانية للغاية.

هل انشغالك في كتابة ما يحتاجه السوق، أثّر على تقديمك للأعمال التي تحلم بتقديمها؟

الاحتراف له متطلباته بالتأكيد، وطالما قبلت أن أكون سيناريست محترف، سيكون المطلوب مني أولاً العمل على المشروع المتاح، وبالتأكيد لدي أحلام سينمائية ودرامية أسعى لتقديمها، ولو لم أستطع تقديمها يوم ما سأعمل على المتاح والموجود دائماً، فأنا شخص واقعي جداً، ومدرك تماماً أن عملية صناعة الفيلم أو المسلسل هي عملية معقدة، وبها أطراف كثيرة جداً، أنا مجرد طرف منهم، فأنا أعتبر نفسي ترس في ألة كبيرة جداً، وليس لدي القوة الكافية لجعل كل الأطراف تستجيب لرغباتي وأحلامي، لذلك أنا أجتهد دائماً لتقديم أفضل جودة للعمل أي كان هذا العمل نابعًا من ذاتي أو نابعًا من أطراف أخرى.

لك مقولة شهيرة نصها ” أن اللي بيكتب سيناريو مينفعش يعمل حاجة تانية”، فسر لنا هذا الأمر؟

كتابة السيناريو لا تستقيم مع أي مهنة أخرى، لأنها تتطلب جهد نفسي وذهني وبدني كبير جداً، فكاتب السيناريو المحترف حتى في فترة ابتعاده عن الكتابة يفكر في أفكار ونصوص وشخصيات طوال الوقت، لذلك هي مهنة تحتاج لإخلاص شديد وتفرغ تام بكل تأكيد.

الكتابة كم في المئة حرفة، وكم في المئة موهبة؟

كتابة السيناريو 51% حرفة، 49% موهبة بمعنى أن لو موهبة الكاتب 100% ولا يملك حرفة تدير هذه الموهبة، سيكون أفشل سيناريست في مصر، وداخل السيناريو نفسه الحرفة يجب أن تكون أكثر من الموهبة.

يوجد صراع دائم عند كل كاتب سيناريو ما بين الأعمال التي يحلم بتقديمها، والأعمال التي يطلبها السوق، هل يبدأ السيناريست رحلته بعمل جماهيري أم غير جماهيري؟

يستحسن ويفضل أن يقدم عملًا كلاسيكيًا بمعنى أن العمل لا يكون صادمًا أو غريبًا و”ميخضش المنتج اللي هيقراه”، وبعد نجاحه وتحققه يستطيع أن يجرب أي موضوع يريد تقديمه، لكن في جميع الأحوال السيناريست الشاطر هو الذي يستطيع دائماً أن يحدد “السوق رايح لفين ومحتاج إيه”.

ما تعليقك على الرغبة الشديدة من قِبل العديد من المواطنين لاحتراف كتابة السيناريو حالياً؟

هذا ليس شيئاً جديداً وموجود على مر العصور بالمناسبة، “وكل ما الناس بتقرا، كل ما هتشوف نفسها أنها لو كتبت هتكتب أحسن من اللي بيقروه ده”، المختلف في عصرنا فقط، أن الناس الذين يروا أن بإمكانهم احتراف الكتابة، أصبحت الوسائل متاحة أمامهم للتعبير عن هذه الرغبة، فالوصول لوائل حمدي أو عمرو سمير عاطف أو مريم نعوم لم يعد أمراً صعباً بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، ولو مواقع التواصل حاضرة من 50 سنة كنت ستجد بعض الناس يرسلون “إيميلات” ورسائل لنجيب محفوظ يقولون فيها “إحنا بنعرف نكتب روايات، ممكن تقرالنا حاجة يا أ. نجيب؟”.

عبد الحي أديب، وحيد حامد، بشير الديك، أسامة أنور عكاشة، محمد جلال عبد القوي، عبد الرحيم كمال وغيرهم من الأسماء البارزة في عالم السيناريو من الأقاليم، هل لديك تفسير لهذا الأمر؟

هناك كتاب قاهريين مميزون بالفعل لا نريد أن نغفل ذلك، لكن من الممكن أن يكون الكاتب أو الشخص القادم من محافظة ما لديه هدف محدد يريد إثباته، مهمة واضحة يريد إنجازها، يريد أن يثبت للجميع أنه موهوب وناجح، ولديه شيء يريد تقديمه للناس، لذلك تجد القادمون من الأقاليم عموماً لديهم روح وعزيمة كبيرة جداً وإصرار شديد على تحقيق حلمهم.

هناك مقولة للكاتب الكبير وحيد حامد نصها أنه “على السيناريست أن يعرف 40% من شغله، 60 % من شغل الآخرين” هل تتفق معها؟

بالتأكيد، فالسيناريست لابد أن يكون واقعياً، يسأل نفسه سؤالاً مباشراً “خيالي اللي على الورق ده، قابل للتنفيذ ولا لا؟” يجب أن يعرف ميزانية المشروع وهل هو مكلف أم غير مكلف؟، ومن هو المنتج الذي يستطيع الصرف على هذا النص؟، ومن المخرج الذي يستطيع أن يخرج من هذا النص أفضل صورة ممكنة؟، وعندما يكتب السيناريو يضع في اعتباره دائماً الإمكانيات الإنتاجية،على سبيل المثال، إذا تطلب مشهد تقنية الجرافيك، “والمنتج معهوش فلوس لتنقية الجرافيك”، يجب على السيناريست أن يعيد كتابة المشهد بدون ما يتطلب المشهد تقنية الجرافيك أثناء التنفيذ، لا بد أن يتوائم مع الظرف الإنتاجي للفيلم ويوظف كل الأدوات المتاحة أمامه حتى لو كانت قليلة، كي يكتب نص يحبه المشاهد ويتفاعل معه، وكل هذه الأمور من صميم عمل السيناريست بالتأكيد.

لماذا لا يرحب السوق السينمائي بأي سيناريست جديد بسهولة؟

حجم إنتاجنا السينمائي قليل مقارنة بعدد المشاهدين لهذه الصناعة، أمريكا عدد سكانها 320 مليون يقدمون كم فيلمًا في العام الواحد؟، ألف فيلم في السنة الواحدة، مصر عدد سكانها 100 مليون، وبالتالي يجب أن نقدم 300 فيلم في السنة، لكن على أرض الواقع نحن نقدم 1/ 10 من هذه النسبة، وبالتالي عدد محدود جداً هو الذي يعمل في الصناعة، ولذلك أي كاتب أو ممثل أو مخرج جديد يواجه صعوبة منطقية في دخول هذا السوق المحدود والضيق للغاية، فإذا كان أحمد السبكي ينتج 4 أفلام في السنة، فمن الصعب جداً عليه أن يغامر بتقديم كاتب أو مخرج أو ممثل جديد، المغامرة تحدث عندما ينفتح السوق ونقدم مئات الأفلام على مدار العام الواحد.

هل قلة عدد الكتّاب المتميزين في السوق تعطي بعض الكتّاب العاديين متوسطي الموهبة أكبر من حجمهم أحيانا؟

الهالة والصدى الذي يلاقيه بعض الكتاب الذي تقصدهم يعود في الأساس لوجود السوشيال ميديا، فهي التي تستطيع أن “تنفخ” في كاتب، وتعطيه أكبر من قدره أحيانا، وهذه مسألة وقتية في جميع الأحوال، أتذكر عند نزول “هيبتا” للسينمات، الفيس بوك “مكنش له سيرة غير هيبتا”، بعد مرور شهر ونصف “محدش كان بيتكلم عن هيبتا، وبدأت الناس تتكلم عن أفلام تانية”، فهذا ما أقصده أن السوشيال ميديا ليست مقياسًا حقيقيًا لنجاح كاتب أو ممثل أو شخصية عامة عموماً.

في تقديرك، هذا العصر الذي نعيشه “هيخرج كتاب شكلهم عامل إزاي”؟

أعتقد أن هذا العصر سيخرج جيل من الكتاب على نفس مستوى حرفة وموهبة كتاب الدراما الأمريكية والأسبانية والميكسيكية، لأن هذا الجيل “متربي” على أعمال كثيرة ومتنوعة من مختلف أنحاء العالم، ومستوى مشاهداته وثقافته البصرية مفتوح وثري للغاية، كما أنه جيل حر، ابن السوشيال ميديا، التي لا تعترف في كثير من الأحيان بقيم وتقاليد بالية تربينا عليها من صغرنا، لذلك أنا متفاءل كثيراً بالأجيال القادمة من الكتاب.

هل تعتقد أن شخصية كتّاب السيناريو تراجعت كثيراً عما كانت عليه في جيل وحيد حامد وأسامة أنور عكاشة وبشير الديك؟

في الدراما التلفزيونية، من المفترض أن تكون الكلمة الأولى لكاتب السيناريو، لماذا؟، لأنه هو الوحيد “اللي شايف للأخر”، فالفيلم مدته الزمنية ساعة ونصف، ساعتين، لذلك أي شخص يقرأ السيناريو يستطيع أن يفهم الأحداث ويعرف النهاية سريعاً، لكن في المسلسلات، العنصر الوحيد الذي يعرف منتصف ونهاية الأحداث هو كاتب السيناريو، وبالتالي يجب أن يكون هو المسئول عن تنفيذ هذا العمل، وهذا الأمر هو الذي كان يعطي القوة الكبيرة لكتّاب الدراما قديماً مثل أسامة أنور عكاشة، ومحمد جلال عبد القوي ويسري الجندي، وقوة المؤلف في الدراما كانت موجودة مع هذه الجيل، والجيل اللاحق له “محمد حلمي هلال، مجدي صابر، محسن الجلاد” حتى تغيرت وتبدلت الأحوال تماماً من عشر سنوات، فمنذ دخول نجوم السينما للدراما التلفزيونية، أصبحت النجومية والقوة والكلمة الأولى والأخيرة لهم وليس للكاتب، وتزامن مع ذلك بحث بعض المنتجين دائماً “عن ايه اللي يفرقع وايه اللي يكسب بسرعة”، وأصبح هدفهم الأساسي تواجد النجم معهم قبل وجود فكرة المسلسل من الأساس “نمضي النجم وبعدين نشوف الحدوتة”، لذلك تغيرت ألية صناعة المسلسلات، فقديماً، كان أسامة أنور عكاشة يكتب ويعرض السيناريو على المخرج، والمخرج يعرضه على المنتج، وبعدها يبحثون عن نجوم العمل، لكن الآن تغير الوضع وأصبح المنتج يمضي مع النجم، ويسأل النجم ما الذي تريد تقديمه هذا العام، فالنجم يفكر ويقول “والله عايز أعمل واحد صحي من غيبوبة، أو واحد حيران بين زوجتين” وبعد الاستقرار على فكرة النجم يتم اختيار السيناريست الذي يستطيع تفصيل هذه الفكرة على مزاج ورؤية النجم، وبالتالي أصبح السيناريست هو رقم 3 أو 4 داخل العمل، والمشروع أصبح ملك النجم وليس ملك الكاتب كما كان يحدث قديماً.

بالمناسبة، الحديث عن ضرورة إشراف الكاتب على العمل التلفزيوني ليس من قبيل التسلية أو لانزعاج كتّاب السيناريو من وضعهم الحالي، هذا الأمر يطبق في المسلسلات الأمريكية، فكاتب المسلسل هناك هو المشرف الأول على كل مراحل العمل بعد انتهاء كتابته، بما فيها اختيار المخرج والممثلين وباقي فريق العمل.

هل وضع السيناريست الحالي في الدراما التلفزيونية، يزعجك ويؤثر على كتابتك لبعض الأعمال؟

بالتأكيد شعرت ببعض الإحباطات لأنه كان لدي رؤية ما لعمل كتبته، ولم تنفذ كما أحلم وأتمنى، أو ليقيني التام من سوء بعض الاقتراحات التي يقولها النجم أو المنتج على العمل، وإدراكي أنها ستفشل عندما تنفذ ويراها الناس، وتصدق رؤيتي بالفعل، بالمناسبة هناك كتاب مهم يتحدث عن فن كتابة السيناريو للكاتب دوايت سوين، في الصفحة الأولى كتب “دوايت” مجموعة من السمات التي يجب أن يتحلى بها كاتب السيناريو المحترف ومنها قاعدة هامة جداً تتحدث عن أن السيناريست الشاطر الذي يريد احتراف هذه المهنة يجب أن يكون لديه القدرة على الحصول على أفضل نتيجة ممكنة من طلب سيء يطلبه المنتج منه، بمعنى أنه على السيناريست أن يبذل كل ما في وسعه لتنفيذ اقتراح أو طلب سيء يطلبه المنتج أو النجم كما في وضعنا الحالي، فعندما يطلب مني المنتج على سبيل المثال أن تجسد النجمة التي عمرها 60 عامًا شخصية عمرها 40 عامًا، هل أرفض هذا الطلب الشاذ والغريب؟ لا، يجب أن أحول هذا الاقتراح الغريب لشيء يرضي المنتج ويصدقه ويحبه الناس في النهاية.

جيل “مريم نعوم، وائل حمدي، عبد الرحيم كمال، عمرو سمير عاطف من أهم الأجيال في تاريخ الدراما التلفزيونية، على الرغم من أن هذا الجيل بدأ حياته العملية في منتصف التسعينات، إلا أنه تحقق ونجح بعد 2011، ما أسباب تأخر تحقق هذا الجيل من وجهة نظرك؟

في منتصف التسعينات، كان حلمنا الأول كتابة الأفلام، وعندما تخرجنا، وبدأنا نسعى للعمل في السينما، كان وضع السينما مأساوي، كان الموسم السينمائي عبارة عن 8 أفلام، وفي التلفزيون، كانت الدائرة مقفولة على قناتي “الأولى والثانية” وبالتالي دائرة الشغل مغلقة على مجموعة من الكتاب، فانتظرنا 10 سنوات حتى ظهرت القنوات الفضائية مثل “دريم وأون والحياة” في منتصف العقد الماضي، فانفتح السوق السينمائي والتلفزيوني، وبدأنا نكتب ونعمل، فالظروف الإنتاجية هي السبب في تأخر عمل وتحقق هذا الجيل.

ما أهم مميزات هذا الجيل من وجهة نظرك؟

نحن غير مؤدلجين، بمعنى أنه لا توجد أيدلوجية تحكمنا، مثل الحلم الناصري مثلاً كما كان في جيل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد وبشير الديك، كما أننا شاهدنا مئات الأفلام والمسلسلات المصرية والأوروبية والأمريكية، وبالتالي هذا الكم الرهيب من المشاهدات انعكس على كتابتنا للمسلسلات، وظهرت الدراما في العشر سنوات الأخيرة بشكل مختلف تماماً عما كانت عليه من قبل، كما لا أستطيع أن أغفل فضل مخرجين السينما على منتجنا الدرامي، فبدونهم ما كانت ظهرت نصوصنا بهذا الشكل المختلف والجديد والعصري بكل تأكيد.

“الزميل محمود مجدي مع السيناريست وائل حمدي”

هل تتوقع أننا سنعيش زمن يكون فيه الانتاج منظم ويفكر بطريقة علمية ومختلف تماماً عن الظرف الذي نعيشه الآن؟

هذا سيحدث عندما يكون فيه متنافسين على نفس القدر من القوة، وأقصد من المتنافسين هنا قنوات التلفزيون والمنصات وليس المنتجين، فعندما يكون لدينا قنوات ومنصات بث متنوعة ومختلفة وعلى نفس القدر من القوة والكفاءة، وشغلها مستمر طوال العام وليس موسمي مثلما يحدث الآن، وقتها فقط سيكون هناك نظام أفضل كثيرًا من النظام الموجود حالياً.

ما تحليلك لتحول السينما في العالم كله لهذا الشكل العنيف من التسلية؟

أعتقد أن دراما المسلسلات حالياً، وتحديداً الدراما الأمريكية “شربت كل العمق اللي في العالم ومخلتش للسينما حاجة”، عمق الأفكار في السينما بيتناقص لأن الجميع يذهب للدراما حالياً، وهذا يعود بشكل أساسي للكتاب، في الدراما الكتاب أحرار تماماً في التعبير عن أفكارهم وهواجسهم وأمنياتهم، وأنا شخصياً لو خيرت ما بين التعبير عن أفكاري في السينما أم الدراما، سأختار الدراما بدون تردد.

هل تتوقع اختفاء السينما يومًا ما بسبب التطور الهائل في الدراما التلفزيونية حالياً؟

السينما مرت بكل الأزمات التي تجعلها تختفي، وبقيت إلى الآن، وبالتأكيد سيظل الوسيط السينمائي له سحره وبريقه وطقسه الخاص والمميز للغاية لكن التأثير في الوعي والوجدان سيكون أولاً للدراما التلفزيونية.

أعلم جيداً مدى حبك لعاطف الطيب، لو كان موجود معنا الآن، هل تتوقع أنه كان سيستمر بنفس إنتاجه الغزير في الثمانينات والتسعينات أم سيخرج فيلم كل عامين وثلاث أعوام؟

عاطف الطيب طوال الوقت لديه القدرة على الإنجاز السريع، بمعنى أن لديه مشروع يستطيع تقديمه بتكلفة قليلة، ويقدم فيه عوامل النجاح التي تدفع الجمهور لمشاهدة الفيلم وينجز تصويره في وقت قياسي، ولذلك كان مطلوبًا من المنتجين بكثرة، ولو هو موجود معنا الآن سيستمر في نفس سياسته وبالتالي سيطلب بشدة من منتجي السينما.

ما أكثر الأشياء التي تجذب انتباهك في سينما عاطف الطيب؟

الوضوح، وقربه الشديد من الجمهور، كما أنه ليس لديه أفكار وهموم ذاتية يريد تقديمها في أفلامه بغض النظر عن مدى حب الجمهور لها أم لا، عاطف الطيب كان يراهن الجمهور على أنه سيشاهد حدوتة شيقة جذابة، تبقى في ذاكرته ووجدانه، ونجح في رهانه بالفعل.

ما أحب أفلام عاطف الطيب إلى قلبك؟

الهروب.

“عاطف الطيب”

كان لديك حوار صحفي شهير أعلنت فيه إلحادك بالكاتب الكبير وحيد حامد، هل ما زالت ملحدًا بوحيد حامد؟

أستاذ وحيد حامد كاتب كبير تعلمت منه الكثير على المستوى الفني، لكن المفارقة بين محتوى أهم أعماله وما بين آرائه المعلنة في لحظات فارقة من تاريخنا المعاصر، المفارقة هذه لم تكن مفهومة بالنسبة لي.

ما تعليقك على أزمة الدراما الحالية؟

إذا استمرت نفس السياسات الموجودة حالياً في التعامل مع الدراما التلفزيونية، أعتقد أننا سنشهد اضمحلالًا في مستوى الأعمال الدرامية، وبالتالي سيبتعد الجمهور عن الدراما المصرية، ويتفرغ بشكل كامل لمشاهدة الدراما الأجنبية.

ما هي خطة وائل حمدي الشخصية للتعامل مع هذه الأزمة؟

أنا “بتفرج” وأبحث عن فرص للعمل، مثلي مثل بقية زملائي، وليس لدي تصور واضح لكيفية الخروج من هذه الأزمة.

في تقديرك، لماذا لم نودع عصر التلفزيون وننتقل إلى عصر المنصات الرقمية حتى الآن؟

المشكلة الأكبر تكمن في كيفية تحصيل الأموال من منصات البث، كم شخصًا يستطيع أن يدفع اشتراكًا ليشاهد مسلسل على منصة نتفليكس أو أمازون؟، ما زالت النسبة قليلة للغاية. في السعودية الشريحة الأكبر من الجمهور تشاهد المسلسلات والأفلام على المنصات وهي مشتركة فيها بالفعل، فالجزء الاقتصادي في هذا الموضوع هو الذي يعطل تحولنا للديجيتال بشكل كامل.

ما هو العمل الذي كنت تتمنى كتابته؟

هذا المساء.

 ما سر حبك للموضوعات النفسية؟

تستهويني جداً، وأغلب الأفكار التي تأتي لي لها علاقة بالموضوعات النفسية.

لماذا لم تكتب عملًا تدور أحداثه في حارة شعبية حتى الآن؟

“مش هعرف”، فأنا ابن الطبقة المتوسطة العادية وتنقلت بين الإمارات والأسكندرية وبورسعيد، هذه التنقلات الكثيرة أفقدتني أشياء هامة منها عدم القدرة على التعبير عن روح الحارة الشعبية.

هل قدمت أعمالًا من أجل أكل العيش؟

بالتأكيد، 100% من شغلي لأكل العيش، لكن هناك 20% من الأعمال كنت لا أحب تقديمها، لكن كتبتها مضطراً.

هل المجتمع المصري لا يحترم الكاتب ولا يعطيه قدره الذي يستحقه؟

المجتمع عموماً يتعامل مع كل الفنون، باعتبارها شيء تافه، وأي شخص يحاول أن يمتهن الكتابة السينمائية أو الروائية يعتبره الكثيرون “شخص فاضي وبيتسلى”، وهذا يعود للتعليم بالتأكيد، فمن المفترض أن يعي الجميع أن الفنون هي التي تشكل الوجدان والوعي، وتشعرنا بأهمية القيم الإنسانية، لكن لأنه لا يوجد احترام للفنون في مناهجنا التعليمية، فبالتالي الناس تسخف من الفن وأهميته دائماً.

هل السوشيال ميديا أثرت على بعض كتابتك؟

السوشيال ميديا أشعرتني بذاتي قليلاً بمعنى أنني رأيت أشخاصًا يرسلون لي رسائل ويكتبون تعليقات على صفحتي يعلنون فيها عن حبهم لي وأنا لا أعرفهم، وبالتالي أوجدت عندي نوع من المسئولية تجاه الأشخاص الذين يحبوني ويتأثرون بأعمالي.

حدثنا عن طقوس كتابتك؟

أكتب دائماً وأنا أسمع “أغنية أو قطعة موسيقية”، لتساعدني على الكتابة بذهن صافي ونفسية جيدة، ولو مضغوط وملتزم بميعاد تسليم، أكتب خمس أيام في الأسبوع بمعدل عشر ساعات في اليوم.

متى ستعود للفيس بوك؟

ليس الآن.

 ما جديدك الفترة القادمة؟

مسلسل عن قصة حب بليغ حمدي ووردة.

أذكر 3 أعمال تنصح القارئ بعدم مشاهدتهم مطلقاً؟

الفرجة على الأعمال السيئة عموماً تفيد الكاتب، لأنه يستطيع أن يضع يديه على عيوب الفيلم ويتعلم ألا يكرر هذه العيوب عندما يكتب أبداً.

الكتابة علمتك إيه؟

علمتني أشاهد أي موقف من زاوية غير زاويتي، وأتفهم أي وجهة نظر مخالفة لي.

لو جاءك شاب يريد احتراف كتابة السيناريو، ماذا ستقول له؟

أنصحه بالانضمام لأي ورشة من ورش الكتابة، لأن هذه هي البداية الأوضح والمدخل المنطقي لأي كاتب يسعى للعمل في السوق.

صلاح الجهيني: المسلسلات المصرية تُفصّل على مزاج النجوم.. وفيلم “الخلية” غيّر حياتي

تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي تصريحات السيناريست وائل حمدي