لماذا علاقة "فوزية وحنفي" هي الأنجح حتى الآن؟

إيمان مندور

رغم كل قصص الحب والغرام التي عرضت في الأعمال الفنية على مدار العقود الماضية وحتى الآن، إلا أن نموذج فوزية وحنفي في مسرحية “سك على بناتك”، الذي قدمته الفنانة سناء يونس والفنان محمد أبو الحسن، له استثناء خاص في التناول والأحداث والنجاح، لا يزال صداه يزيد يومًا بعد يوم، لا سيما بعد إحياء السوشيال ميديا لهذا النموذج باستخدام “الكوميكس”.

البعض يعتبره مجرد نموذج كوميدي ناجح، لكنه عاطفيًا هو الأنجح أيضًا، لما يتميز به من تفاصيل وأداء ربما لم يتكرر بهذه الطريقة منذ ما يقرب من 40 عامًا. يعتقد الجميع أنها مجرد علاقة “مضحكة”، لكنها في الوقت ذاته مليئة بالتفاصيل بينهما، من الغيرة لتحمل المسؤولية للتصالح مع نفسيهما وتقبّل عيوب كل طرف بمرونة ووو… إلى آخره من السمات والمواقف التي تجعلهما النموذج الأكثر نجاحًا حتى الآن.

(1)

– هو أبوكي ماله مزرجن ومطلع زرابينه علينا ليه كده

– دمنا نشف افتكرناك منتش جاي وهتفقعنا زومبة.. تكون يعني اتقمصت كده من علقة ليلة امبارح.. شوفتني وأنا بزقلك بالطوب مع العيال!!

– بالعكس، عارفه لولا زقلتيني بالطوب وصوّتي ولميتي الناس علينا لما مسكت إيدك يمكن مكنتش جيت فعلا

– يا سيدي على فقر أهلك

 

فوزية وأسرتها اعتقدوا أن حنفي لن يأتي للزفاف، بعدما قصّت على والدها تفاصيل الخناقة التي حدثت بينهما، لكن حنفي خالف كل التوقعات وحضر مبتسمًا كأن شيئًا لم يكن، لدرجة أنه ذهب للعمل يوم زفافه بل و”طبّق ورديتين” حتى لا يضيع عليه “الأوفر تايم”. فوزية لا ترى في أن عمله في يوم زفافه أو حتى حضوره بالأتوبيس مشكلة، بل كانت متصالحة مع ذلك تمامًا.. لكن تأخيره فقط هو ما أثار مخاوفها، وسرعان ما تبدد برؤيته.

(2)

يا حبيبي يا حنف يا أبو الأحناف

يا حبيبي يا رايق وإنت فارق على جنب

يا حبيبي كده وإنت عامل زي شايب الكوتشينة

 

فوزية نموذج للزوجة التي تجيد الدلع، صحيح أنه يأتي عادة لإصلاح موقف “ظلمت فيه حنفي وبهدلته”، وأنه نوعية دلع لا يتقبّلها سوى شخص مثل حنفي، لكنها “شاطرة” وتعرف من أين تؤكل الكتف و”بتضحك عليه بكلمتين”.

(3)

ماذا جرى يا هل ترى

وبمقلتيّ هنا أرى

كل الأنوفِ تدلدلت وكأنها صبحت ورا.. وعجبي

 

الزوجة الموهوبة رزق، وفوزية في ظاهرها يبدو الهبل والتسرع، لكنها حكيمة أحيانًا، وأديبة و”بتقول شعر” في أحيان أخرى. تنصح شقيقتيها بأن يكونا “حلوين” مثل الأختين هناء وشيرين، وتغازل خطيبة أبيها ولا تتخذ مواقف متعنتة ضده مثل شقيقتيها.

 

 

(4)

اعقلي كده وارسي وماتبقيش ماشية في البيت زي نتاية العنكبوت على رجل واحدة محدش عارف إنتي عايزة إيه.

 

نعترف أنه لا أحد يدري ماذا تريد فوزية، حتى أهلها؛ هي أصلا لا تعرف ماذا تريد وماذا يحدث وكيف تبدلت الأحوال بمجرد الزواج. لكنها ترد بجملة بلغية وتقول “أريد خبزًا وحنانًا”.. أكلة حلوة وكلمة حلوة.. وهل تكون السعادة غير ذلك؟!

(5)

– حضرتك عارف إن أنا طول عمري بحط القرش ع القرش.. وإن مكنتش تدبقها من دلوقتي مش هنعرف نعيش بماهيتنا يا عمي

– يا أخي لما تجوعوا ابقوا تعالوا كلوا عندي

– يا عمي خلي الطابق مستور إنت لاقي تاكل

 

من أهم مميزات حنفي أنه شخص يُعتمد عليه، يدرك حجم مسؤولياته ولا يقبل أن يتحمّلها أحد بدلًا منه. صحيح أنه “مزودها شويتين”، لكن لا بأس من الأفورة في تحمل المسؤولية ما دام “فوزية” راضية ومتصالحة معه ومع تصرفاته.

 

(6)

آه يا حلوة يا منمنمة يا متستسسة على آخرك يا لوزة

آه يا طعمة يا صغيرة يا حلوة ياللي مفيش منك عشرة

أنا كان مالي ومال الجواز والنيلة والهباب ده.. ما أنا كنت قاعدة هنومة متستسسة على الآخر وبتفرج على التليفزيون وبسمع كوكو واوا

 

نموذج للمرأة الواثقة في نفسها، التي تدرك مواطن قوتها، ومميزاتها. آه متبهدلة في جوازها بس عارفة إنه مفيش منها اتنين. عكس مثلا نموذج “روقة” التي يتمنّاها أغلب الرجال حتى الآن، رغم أنها تشعر دومًا بالنقص وأنها أقل من كمال لمجرد أنها لا تنجب، مع أنه ليس عيبًا، ويعوّضه عن ذلك كل ما تمنحه إياه من تضحيات.. لكن هنقول إيه!

(7)

مش عايزاك أنا بكرهك من كل قلبي، إن ما شحططك في المحاكم يا حنفي مبقاش أنا فوزية، هطلبك في بيت الطاعة، الواد مش هتشوفه إلا في القسم.

حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا حنفي يابن بديعة الهبلة

كان يوم أغبر يوم ما اتجوزتك

لو كان عندك كرامة طلقني.. ما تطلقني يلا

 

كأي زوجة مصرية أصيلة تكره نفسها والدنيا من حولها عند “الخناق” مع زوجها، فتردد كلامًا “منيلا بستين نيلة” يعقد الأمور ولا يصلحها، تفعل فوزية ذلك بكل أريحية في كل مرة. الأمر في ظاهره سييء، لكنه تنفيس فوري لما تشعر به، فتخرج طاقتها السلبية أولا بأول، فيعود الود والصفاء سريعًا. (أدري أن هذا المبرر غير مقنع.. لكن لا بأس به)

(8)

أنا بقولك إياك تنطق أي كلمة عن السر يا حنفي

قال إيه فاكر هيمسكهالنا ذلة عشان شوفنا نادية ماشية مع راجل.. طب اتكلم بقا يا حنفي وشوف اللي يجرالك

يوه يخربيتي دا أنا اللي قولت.. سامحني يارب

 

من مميزات “الزوجة الفوزية” أنها كتومة، تحافظ على الأسرار ولا تفشيها، تدري أين ومتى وماذا يجب أن يُقال. إن أخطأت مرة و”حكت بدون قصد” فهذا هو الطبيعي الذي سيحدث كل مرة “بدون قصد” وستعتذر وانتهت الحكاية (ما قولنا سوري بقا متقرفوناش في عيشتنا).

 

(9)

بااابااا.. أنا لا أسمح مطلقًا إن حد يلبخ في ذوقي أو يلبخ في حنفي.. أنا بقولك أهو.. ده مهما كان أبو ولادي.

 

رغم كل المصائب التي يرتكبها حنفي، إلا أن فوزية زوجة أصيلة “تطلع تطلع وتنزل على مفيش” ولا تكون النهاية بينهما سوى الصلح، ولا تقبل إهانته من أي شخص. ثم أين تجد زوجة مثل فوزية تغار على زوج مثل حنفي من ميرفت أمين ومتأكدة إن هي اللي بتجري وراه وليس العكس؟!.

 

الخلاصة.. استمرار نجاح “فوزية وحنفي” رغم مرور عشرات السنوات، ليس نتيجة للمواقف المضحكة فقط، لكنه لأنه نموذج حقيقي خالي من الحواجز والتكلّف الموجود بين أغلب المرتبطين الآن، بغض النظر عن “الضرب والشتيمة” اللذين تم استخدامهما لرسم الإطار الكوميدي للشخصيتين بالطبع. علاقة مثالية للصراحة والتقبُّل والعفوية، يفتقدها كثير من الجيل الحالي المدّعي للرومانسية في ظاهره المفتقد لها في داخله…

نرشح لك: كيف غيّر الحب حياة أهل السياسة؟