أحمد فرغلي رضوان يكتب: vice.. هوليوود مستمرة في "جلد" السياسة

بقسوة وبلا تجميل يفضح فيلم vice السياسة الأمريكية الخارجية ويكشف جزء مهم من خبايا صناعة القرار داخل “واشنطن” هذا باختصار ما أراده صناع الفيلم وليستمر حزب هوليوود في جلد السياسة الأمريكية أمام العالم.

تبدأ الأحداث بالمشهد الأهم في مطلع الألفية وهو تفجير مبنى مركز التجارة العالمي، ليجعل جميع المشاهدين يحبسون أنفاسهم وهم يتابعون الغرفة التي تواجد بها ديك تشيني ومساعديه وآثار تلك الصدمة التي اعتبروها أسوأ يوم في تاريخ أمريكا على وجوههم “بسبب المكياج المتقن للممثلين وأداءهم الرائع تعتقد إنك تتابع جزء من نشرة أخبار حقيقية” حاز على أوسكار أفضل مكياج ورشح لـ 8 جوائز.

الفيلم يتناول قصة حياة نائب الرئيس الأمريكي واحد أهم السياسيين في تاريخ الولايات المتحدة ديك تشيني، صناع الفيلم قالوا في بدايته “بذلنا قصار جهدنا قدر الإمكان لصناعة هذا الفيلم وجمع المعلومات عنه” وذلك لأن تشيني من القادة الأكثر تكتما في التاريخ أو أقوى نائب رئيس أمريكي عرفته الولايات المتحدة.

بالطبع الفيلم يثير حالة من الغضب الداخلي أثناء مشاهدته بسبب كشفه عن خبايا صناعة القرار السياسي داخل الولايات المتحدة وكيف تلاعبوا بالعالم خاصة منطقتنا العربية “الضحية” الكبرى دائما! عن طريق صناعة “الحقائق البديلة” لخداع الشعب والعالم! مع صعود إعلام جديد “موجه”.

سيناريو الفيلم تناول بذكاء قصة ديك تشيني بشكل كوميدي ساخر في أجزاء كثيرة خاصة في فترة حكم جورج بوش “الابن”! وهو ملائم لشخصيته بالطبع لمن يتذكره، وأيضا أضاف المؤلف راوي للأحداث يعبر عن وجهة نظر عامة الشعب الأمريكي من تلك السياسات.

اختار المخرج آدم مكاي وهو نفسه المؤلف أن يبدأ الفيلم مبكرا منذ كان تشيني طالبا جامعيا حيث لم يبشر حاله للمقربين منه إنه سيكون رجلا ناجحا في أي عمل! فكان فاشل دراسيا وسكير أيضا ولكن في لحظة ما يحدث التحول عندما تهدده حبيبته وزوجته فيما بعد ” لين ” بأنها ستتركه فيعود لصوابه ويبدأ حياة جديدة ورحلة صعوده وهنا يشير الفيلم منذ البداية للدور الكبير الذي لعبته حبيبته وزوجته “لين تشيني” في حياته الشخصية والمهنية.

يصور الفيلم شخصية “تشيني” كخليط ما بين المكر والإنضباط وكيف تعلم خبايا صناعة القرار خلال رحلته المهنية مبكرا داخل مكاتب البيت الأبيض في إدارات الرئيسين فورد ونيكسون ومعه رفيق الرحلة وزير الدفاع الأشهر دونالد رامسفيلد “مثله الأعلى في بداية حياته” فيلم مثير للاهتمام بقدر ما هو مثير لمشاعر الغضب خاصة من هم مهتمين بالشأن السياسي.

التمثيل في أفضل حالاته

لدي القدرة على التحول لأي شخصية..أنا سعيد لأني اتمتع بتلك الموهبة..هكذا علق الممثل “كريستيان بيل” على الإشادات عن إتقانه “المذهل” لشخصية ديك تشيني ونافس بقوة رامي مالك على أوسكار أفضل ممثل

فمنذ المشهد الأول اتقن بيل شخصية تشيني بهدوءه ومكره وغموضه وحركات جسده وطريقة سيره لا تصدق انك لا تشاهد ديك تشيني في الحقيقة!

آدم مكاي صنع سيناريو سينمائي جيد جدا عن رحلة صعود شخص كان فاشلا وكيف أصبح من أهم السياسيين في العالم واختار أن يمر بالسيناريو على أبرز محطات حياة “تشيني” منذ كان شابا صغيرا مع استخدام الفلاش باك وكان موفقا جدا في سرد تلك المحطات بشكل إنساني أحيانا وساخر أحيانا أخرى، بسخرية تحوي بين طياتها “فكاهة شريرة”! تستحقها سياسة تشيني ورفاقه الذين أفسدوا العالم.

ونجح بالفعل في التعبير عن تلك الشخصية الغامضة لداهية السياسة الأمريكية ومهندس الحرب على العراق وعلى الإرهاب، ويعتبره الكثيرون مسؤول عن تغيير سياسة العالم وتداعياتها إلى الأن.

عنصر التمثيل كان “مبهرا” إلى جانب كريستيان بيل ظهر أيضا بأداء رائع سام روكويل “جوري بوش الابن” و ايمي آدامز “زوجة تشيني” و ستيف كاريل “رامسفيلد”.

الفيلم يعيد للأذهان ويكشف للجمهور كواليس قرار الحرب على العراق في حوار “صادم” بين الثلاثي الشهير باول ورامسفيلد وتشيني.

كولن باول: الشعب الامريكي غير مقتنع بالحرب على القاعدة!

دونالد رامسفيلد: هم يريدون أن نحارب بلداً وليس تنظيماً.

ديك تشيني : إذاً لقد حان الوقت لغزو العراق!

ذلك جزء من حوار صناعة قرار الحرب على العراق وكيف تم إتخاذه عن طريق نائب الرئيس والذي استغل حاجة بوش الابن له أثناء حملته الانتخابية وحصل على سلطات غير مسبوقة لأي نائب رئيس أمريكي.

الفيلم أيضا يفضح “قلعة” التعذيب الأشهر في العالم الحديث وهي “جوانتنامو” وكيف اختاروا مكانا بعيدا عن الأراضي الأمريكية ليكون بعيدا عن القوانين ولكنه تحت سيطرتهم وهو ما أسموه “الاستجواب المعزز”! وليس تعذيبا!

الفيلم كاشف وصادم وهو رسالة إدانة قوية من حزب هوليوود للسياسة الأمريكية.

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: green book.. سينما تهذيب العنصرية

أحمد فرغلي رضوان يكتب: A star is born .. الحب لا يتحمل الشهرة!

أحمد فرغلي رضوان يكتب : Bohemian Rhapsody.. التمثيل يكفي

شاهد: بالعقل حلقة 7.. للنساء فقط

فيلم vice