في نشاط مفاجئ للذاكرة التي تتشابه مع ذاكرة السمكة، والتي تمنيت دومًا أن أدعمها بكارت ميموري يشد من أزرها.. عاودتني ذكرى مشابهة.. على غرار فقرة “في مثل هذا اليوم” أيام القناة الأولى طيب الله ثراها.
الذكرى هي عيد الغطاس الذي يحتفل به المصريون اليوم.. توجهت أنا وصديقي كمال أخصائي التغذية لقسم الطوارئ بالمستشفى التي كنا نعمل بها حينها؛ لنهنئ الدكتور الاستثنائي “د.هاني مورو” بعيد الغطاس.. ذلك الرجل النموذج المثالي لأقباط مصر (وقتها لم أكن أعلم المعنى الصحيح لكلمة أقباط) المهذبين دائمًا، لا يمكن أن تفوتك السماحة والود المغلف لملامحهم يمنحونها للمحيطين بهم دون تمييز.. تحتار من طبيعتهم الهادئة والوقار الذي يترك بصمتهم المتفردة في جميع المواقف.
نرشح لك: سعيد عبد الغني.. ودّع محبيه بالبدلة البيضاء!
تعودت ألا تفوتني تهنئة (الأقباط) أسوة بطنط ناهد وطنط سلوى جيران الطابق الثالث في عمارتنا القديمة، كل منهما كانت تحرص على إهدائنا طبقًا مختلفًا يوميًا في رمضان، من “ورق عنب لبصارة أو شوربة عدس إذا تصادف صيامهم في رمضان أيضًا، بخلاف الكحك الفائق اللذاذة والمتمرمط في الزبدة في أعيادهم. (مصلحة في كل الأحوال)، طنط ناهد تحديدًا كانت تنتهز فرصة أعيادنا لتطلق البومب معنا على السلم، ثم تضغط جرس شقتنا سريعًا كأنها جاية تصبح وتعيد علينا عادي، قبل أن يخرج عمو عاطف زوجها لينهرنا على ضرب البومب على السلم”.
هنأنا الرجل بحماس الشباب الغر الساذج، فجأتنا ملامح وجهه بعلامات امتنان تفوق كثافة اللحظة وابتسامة راقية تعبر عن أكثر مما هو متوقع في تهنئة عابرة بالعيد.. لابد أنها كانت بعد سيجارة في لحظة روقان قلما تمر في قسم الطوارئ المزدحم بالآهات والآلام؛ خاصة بعد أن أطلعنا لاحقًا على عشقه للتدخين، ودعائه الأثير في رمضان: “اللهم أحينا لنشعل سجائرنا في وضح النهار”، زادني هذا الدعاء إجلالًا واحترامًا للرجل الذي يستحي من التدخين نهارًا وسط المسلمين في رمضان.
تقبل الرجل التهنئة بامتنان ورقي لا يشوبه تكلف أو زيف، رد بأنه سعيد جدًا لأننا جئنا خصيصًا لتهنئته ونحن لا نعرفه جيدًا؛ وأطلعنا على اسمه بالكامل (محمد هاني مورو).
شاهد: لقطات لـ أسطورة الكوميديا.. سمير غانم