أحمد فرغلي رضوان يكتب: vox lux.. الصدفة والألم في حياة المشاهير 

من الطبيعي أن تأتي شخصيات نجمات موسيقى البوب في ذهنك وأنت تشاهد بطلة الفيلم “ناتالي بورتمان” في لوك وشخصية تشبه “ليدي جاجا ومادونا وكاتي بيري وغيرهن، ربما تعمد كاتب ومخرج فيلم vox lux “برادي كوربت” صناعة هذا المزيج من شخصيات نجمات عالم البوب لعدم الإشارة صراحة من جانب المشاهدين لشخصية بعينها مع أن الجمهور وجد إنها الأقرب في اللوك إلى ليدي جاجا.

السرد الدرامي للأحداث يسير بشكل غير معتاد عن طريق فصول لكل منها عنوان مختلف وتعليق لراوي على الأحداث ولا أعرف لماذا لما يقدم السيناريو بشكله الفني المعتاد فجاء ناقصا وسطحيًا للموضوعات التي ناقشها! وتدور الأحداث حول “سيلست” فتاة تصبح نجمة مشهورة بدون تخطيط أو طموح مسبق بل فقط بالصدفة البحتة تجد نفسها إحدى نجمات الموسيقى والغناء في العالم! بين عشية وضحاها وهنا إشارة للصدفة التي تلعب دورا كبيرا في حياة كثير من النجوم.

وبعيدا عن عالم الموسيقى والغناء اللذان يشكلان محور شخصية البطلة “سيلست”، هناك نقطة هامة يفتتح الفيلم أحداثه بها في نهاية التسعينيات وهي حوادث الإرهاب والعنف التي تتكرر في الولايات المتحدة حيث يقع حادث إطلاق نار داخل أحد الفصول المدرسية وينتحر الشاب صاحب العملية، “في إشارة للحادث الشهير مذبحة مدرسة كولومباين عام 1999” ولكن بطلة الفيلم الفتاة “سيلست” تكون حاضرة داخل الفصل وتنجو بعدما تتعرض لإصابة تلازمها مدى الحياة! ويلعب الحظ “كما هو دائما” دوره في حياة النجوم فتقدم الفتاة الناجية من الحادث اغنية درامية عبرت عما مرت به البلاد في ذكرى التأبين وفجأة تصبح حديث أهل البلدة ويتغنون بها ويلتقطها منتج وتبدأ معه رحلة الشهرة السريعة! وكيف تتحول المأساة لسعة في أمريكا، وهو ما يتهكم عليه صوت الراوي.

وتمر أحداث الفيلم بالطبع على هجمات سبتمبر لننتقل من حوادث العنف المنتشرة داخل الولايات المتحدة لحوادث الإرهاب العالمي 2017 حيث يتكرر الحادث مرة أخرى ولكن على نطاق أكبر وفي مكان آخر من العالم حادث هجوم إرهابي على شاطيء بكرواتيا ويستخدم الارهابيين قناع للمطربة الشهيرة “سيلست” ارتدته في احدث كليباتها! وهو ما يضعها في مأزق إعلامي قبل حفلها الكبير المنتظر وهنا أفضل الاجزاء الفنية للفيلم حيث نشاهد صراع نفسي للبطلة بين غطرسة النجومية وضعف المرأة المثير للشفقة وحوار يوضح مدى الصعوبات في حياة المشاهير في مثل تلك المواقف وفلسفة المطربة “سيلست” في الحياة أثناء لقاءها الصحفي فتقول “لا يجب أن ندع الناس تشعر بالقلق وتفكر كثيرا” هو بإختصار عن الألم الذي نعيشه في عصرنا الحديث وطرق المقاومة الإنسانية الضعيفة التي نتعايش معها مع كل عمليات إرهابية تقع وكيف يقوم الإعلام بمساعدتنا على التأقلم، الفيلم لا يجيب عن أسئلة ولا تعرف لماذا ربط بين الإرهاب لدى المراهقين وثقافة البوب!

الفيلم لم يحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا وهو متوسط فنيا ولم تشفع نجومية ناتالي بورتمان لتحقيقه إيرادات كبيرة في شباك التذاكر، سيناريو الفيلم متردد ما بين التركيز بحذر على قضية تجارة الأسلحة المنتشرة في الولايات المتحدة وهي سبب مباشر لحوادث إطلاق النار عن طريق شباب المراهقين وبين التركيز على الجانب الفني والموسيقي لدى البطلة! فلم يأخذ شكلا واضحا.

ناتالي بورتمان قدمت أداءً جيدًا جدا بمساعدة مكياج رائع للشخصية وعبرت عن الصراع النفسي لـ “سيلست” الذي لازمها منذ الحادث الإرهابي حيث تعيش البطلة اضطراب ما بعد الصدمة لامرأة على حافة الانهيار العصبي ومحاولة الهروب بالموسيقى فهي تساعدها على الشفاء وتصدير ذلك للجمهور، ورغم ظهورها في النصف الثاني لأحداث الفيلم إلا أنها كانت حاضرة بقوة ومعها الشابة الصغيرة الموهوبة رافي كاسيدي.

كذلك يتحدث الفيلم عن علاقة النجوم بالجمهور والمسافة التي يضعها المجتمع بينهم، وكيف حياتهم تصبح أحيانا “معقدة”، ويظهر ذلك في هروب “سيلست” من كاميرات المصورين امام الفندق وحوارها الصحفي وحتى عندما تتشاجر مع صاحب المطعم الذي يطلب التقاط صورة معها وترفض!

النهاية مثل بداية الأحداث كانت جيدة ولكن ما بينهما كان يحتاج للكثير من العمل على دراما الأحداث ولكنه فيلم جريء عن العنف داخل الولايات المتحدة وتعامل المجتمع معه وكذلك مفهوم الشهرة في العالم الحديث.

أحمد فرغلي رضوان يكتب: 122.. نكتفي بهذا الرعب!

شاهد| بالعقل حلقة 5 .. في ماركت المشاهير