أحمد فرغلي رضوان يكتب: "The death of stalin".. كوميديا أزعجت موسكو!!

هذه المرة يبدو أن السخرية السينمائية كانت قوية لدرجة لم تتحملها “موسكو” فقررت منع عرض فيلم the death of Stalin، بعد أن وجدت أنه يسخر من قائدها التاريخي بشكل غير محتمل ومبالغ فيه، الفيلم يرسم صورة “وحشية” للاتحاد السوفيتي عام 1953، ولكن بشكل كوميدي ساخر وهو إنتاج إنجليزي_فرنسي.

الفيلم حقق نجاحًا جماهيريًا لافت ويعتبر من أفضل أفلام الكوميديا في الفترة الأخيرة، ولذلك تسمع ضحكات الجمهور كثيرًا في صالة العرض، فالمشاهد الكوميدية اعتمدت بشكل كبير على كوميديا “الموقف” وتم إخراجها بشكل جيد جدًا ولذلك وصلت للجمهور سريعًا، ويعرض حاليًا بسينما “زاوية”.

بداية الفيلم صادمة بموقف غاية في السخرية ويوضح حقيقة الرعب الذي كان يملأ النفوس لدي الجميع حينما يطلب “ستالين” نسخة مسجلة من حفل موسيقي ولكن الإذاعة لم تكن قد سجلتها ويضطر مدير الإذاعة لإحضار المارة في الشارع لإعادة الحفل!، حتى ينقذ نفسه من الاعتقال أو الإعدام !، وينتهي المشهد الكوميدي بوصول رسالة من عدة كلمات “دستها” واحدة من معارضي ستالين داخل أسطوانة الحفل وعندما يقرأها يسقط فاقدًا للوعي ويموت بعد ساعات، من صدمة الرسالة بعد أن وصفته بالطاغية الذي دمر البلاد!؛ وهنا يبدأ الهرج والمرج في الكرملين لرجال “ستالين” الطامعين في السلطة والخائفين على مصائرهم! ونشاهد الصراع على السلطة بشكل كوميدي ساخر واللافت أن مجموعة رجاله المحيطين به، تجد بينهم “تنوع” من الصفات البشرية والفكرية! خليط من “الغباء، الطموح، القسوة،…..”، لخص المخرج أرماندو يانوتشي صفات كل منهم بشكل جيد جدًا في مشاهد متتالية لعدة ثوان! عند ظهورهم على الشاشة بحركة كاميرا دون حوار.

الأحداث كلها تدور خلال الأيام الأولى التي أعقبت وفاة ستالين “الغامضة” والتي تضاربت حولها التقارير وتم اتهام وزير داخليته “بيريا” بتدبير نهايته، والفيلم أظهر شخصيته قريبة من ذلك فكان الوحيد الذي أسعده رحيل ستالين المفاجيء وسعى سريعًا قبل باقي أعضاء اللجنة المركزية للحزب للسيطرة على السلطة ولكن نهايته كانت “بشعة” في الفيلم!، وأدى الشخصية ببراعة الممثل سيمون راسيل.

سيناريو الفيلم صور أشياء ربما لا يصدق الجمهور وجودها في الحقيقة ولكن هكذا كانت تدار الديكتاتوريات في العالم، ولذلك لم يحب الروس أن يشاهدوا تلك الفترة “العصيبه” مرة أخرى، لأنه رغم سياسته الدموية إلا أنه من المتفق عليه حتى من قبل أولئك الذين كرهوا جوزيف ستالين، أن الروس مدينون له بدينًا عظيمًا، لأن سياساته حولت الاتحاد السوفيتي من دولة زراعية إلى دولة صناعية عظمى في غضون عقدين، بالطبع السيناريو غير دقيق تاريخيًا في وصفه ولكن هذا متعارف عليه سينمائيًا، وربما يؤخذ عليه تصوير مشاهد القتل الكثيرة بالفيلم بشكل لم “يحترم” أرواح الضحايا في عصر ستالين.

مشاهد القتل تقريبًا طوال الفيلم تشاهدها ولكن من خلال مواقف كوميدية ساخرة أيضًا وهي تعبير عن أكثر فترات القمع في تاريخ الاتحاد السوفيتي راح ضحيتها عدة ملايين ما بين الاعتقال والقتل والتهجير!، لدرجة أنهم في أحد المشاهد يبحثون عن طبيب “جيد” لإنقاذ حياة ستالين فيقول أحدهم “جميع الأطباء الجيدين في المعتقل”!.

الفيلم يكشف عن فترة حكم ما بعد ستالين بشكل كوميدي، في الأنظمة الديمقراطية، يتم تنظيم تداول السلطة بشكل سلس، أما في الأنظمة الديكتاتورية لا توجد قواعد ولا محظورات!، ولذلك كانت اجتماعات الحزب الحاكم عقب موت ستالين ظهرت بشكل هزلي في اتخاذ قرارات الاتحاد السوفيتي أظهرت حاشيته بشكل متردد ومرتبك طوال الوقت!، وظهر أعضاء اللجنة وكأنهم شلة آفاقين وليسوا حزبًا حاكمًا!، ولا تصدق أن هؤلاء يحكمون الاتحاد السوفيتي ويريدون سياسته، حتى ستالين ظهر في البداية يتعامل معهم وكأنهم يقومون بتسلية وقته ومشاهدة الأفلام الأمريكية معه قبل النوم!.

الفيلم جيد جدًا وظهر فريق التمثيل وجميعهم ممثلين كبار بشكل رائع.

حزنت على حال السينما المصرية الآن، بعد مشاهدة الفيلم لأن الكوميديا السياسية تكاد تكون غائبة منذ هجر النجم الكبير عادل إمام السينما للدراما فكان النجم الأبرز الذي قدم ذلك النوع في أكثر من عمل حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، وأتمنى أن يعود قريبًا بفيلم يحمل كوميديا سياسية ساخرة عن السنوات الأخيرة التي حملت كثيرًا من الأحداث في مصر والعالم العربي.

أحمد فرغلي رضوان يكتب: أعاتبك على إيه ولا إيه!

شاهد| اليوتيوب يخطف هؤلاء من التليفزيون في 2018