محيي إسماعيل: السينما المصرية تقدم "عفنًا" منذ 15 عامًا

آية شكري

“ملك السيكو دراما”.. هكذا لُقب الفنان محيي إسماعيل فى إحدى المحافل الفنية بكندا، وقلما نجد في السينما المصرية ممثلًا ببراعته وقدرته على أداء الأدوار المركبة. موهبته لم تقتصر على تقمصه للشخصية وآدائه الجيد لها بل كان هو من يقوم ببناء الشخصية وإضفاء الطابع النفسى المعقد لها حتى تصبح الشخصية أكثر عمقًا، وكُرم فى السودان عن روايته “المخبول” التى تنبأ فيها بثورة 25 يناير منذ عام 2002، بالإضافة إلى العديد من الجوائز العالمية التى حصل عليها.

وفى لقاء أجراه إعلام دوت أورج مع الفنان القدير محيي إسماعيل، نعرض لكم أبرز تصريحاته:

انتهيت من كتابى “تعقيدات النفس البشرية بين النظرية والتطبيق”، والذى يعد كتابًا علميًا بحثيًا تعليميًا بسيطًا، حيث يضم تاريخى الفنى فى السينما على مدى خمسين عامًا، منذ أن بدأت فى السينما العالمية مرورًا بـ”بئر الحرمان” مع سعاد حسنى أول أعمالى بالسنيما المصرية. وعلى مدار هذه السنوات جسدت 100 شخصية حيث اختار الشخصيات التى أتقمصها داخليًا وليس خارجيًا فقط، ونجحت فى تجسيد جميع العقد البشرية من خلال عشرين فيلمًا.

هذا الكتاب يحوى كل هذه الشخصيات مع شرح كل عقدة وتحليلها والمنهج الذى اتبعته فى تحليل النفس البشرية المعقدة، بالإضافة إلى الإشارة فى هذا الكتاب إلى الشخصيات التى هزت الكون مثل المسيح عليه السلام، سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم”، فرويد عالم النفس الشهير.

نرشح لك: في عيد ميلاده السبعين.. 10 معزوفات خالدة لـ عمر خيرت

استغرقت 5 سنوات للعمل على هذا الكتاب وأعدت طباعته 15 مرة لتجنب أى أخطاء به وخروج أدق التفاصيل كما يجب أن تكون، فهو كتاب عالمى وسوف يتم توزيعه بالخارج حيث كُتب باللغتين العربية والإنجليزية.

الصراع فى فيلم ” الكنز” بينى (الكاهن) و بين هند صبرى (الملكة)، ولا أستطيع توقع رد فعل الجمهور علي الفيلم حتى مع نجاح الجزء الأول منه، لأنه من نوعية الأفلام الصعبة والجهور تعود عن نوعيات الأفلام الخفيفة.

سُئلت كثيرًا عن تأثير الشخصيات التى تقمصتها على شخصيتى الحقيقية، وكانوا يستعجبون كيف لم يحدث لك شيء ولم تصب بأى هزة بعد تقمصك لهذه الشخصيات المعقدة، “ربنا بيحبنى وأعطانى موهبة لأفعل شىء لم يفعله أحد، والموضوع يحتاج لفترات راحة طويلة بين كل عمل وآخر”، لذلك أنا أعمل بطريقتى الخاصة ولا أخضع لأى ظروف مهما كانت، فأنا عندى رسالة أريد توصيلها، أريد أن يكتشف كل شخص العقدة التى بداخله ويعمل على التخلص منها من أجل تقليل صدام البشر مع بعضهم قدر الإمكان.

هناك بعض الموضوعات الجيدة تُقدم فى السينما من خلال ممثلين جيدين، إلا أن السىء في الوسط لا يزال كثيرًا، وتلك مسئولية الدولة وليس المنتجين، فكانت هناك مؤسسة السنيما فى أيام جمال عبد الناصر التى أنتجت أفلام على أعلى مستوى؛ لذلك على الدولة التدخل لإنقاذ مصر لأن الفن هو واجهة مصر وما يعرض فى الخارج من أعمال فنية يشكل صورة مصر لديهم، فعلى مدى السنوات الماضية حوالى 15 عامًا وهم يقدمون “عفنًا”.

“فى قلق لا يعلمه إلا الله وعملية انتحارية فى الكتابة مش سهلة لأنه يتم كتابة تاريخ ووقائع وتجارب ولابد من تحديد زاوية لم يتطرق لها أحد”، هكذا قضيت 16 عامًا من أجل التحضير للفيلم الذى أريده أن يخرج للنور. أجسد فيه شخصية معمر القذافى، فخلال هذه الفترة كانت تمر ظروف صعبة تعطل العمل؛ أولها وفاة سعد الدين وهبة ثم دخول القذافى فى صراعات، ومن الممكن خلال الستة أشهر القادمة أن يتم البدء فيه فالسيناريو تم الانتهاء منه ويتوقف الموضوع على تحديد جهة الإنتاج.

ليس شرطًا أن يكرمنى شخص، أعمالى أهم من أى شىء، فماذا لو أن شخصًا لم يتم تكريمه وفعل أشياء غير عادية! الخطأ فى الأقزام الذين يعطلون المسيرة، أنا لا يشرفنى أى جائزة إطلاقًا إلا إذا جاءت فى وقتها ولا أعمل من أجل الجائزة، مهرجان السينما كُرمت فيه منذ 30 سنة لكن حاليًا عدم التكريم إساءة لهم لأنهم لم يروا التاريخ.

نرشح لك: في عيد ميلاده.. ماذا قدم خيري رمضان في 36 عامًا؟

أنا وأحمد زكى أصحاب مدرسة التقمص الكامل فى مصر، فعند أداء أى شخصية تُؤدى كما ينبغى أن تكون، بل زدت أنا عن أحمد زكى أنى مَثلت أفلام عالمية وجسدت شخصيات تاريخية أجنبية وعملت أول مونو دراما فى الشرق الأوسط.

عندما كنت طالبًا فى السنة الثالثة بالمعهد، كنت أُدرس لنور الشريف، عند عودتى من المعهد أجد ولدًا يقف أمام محل سكنى _ كنت أسكن فى بدروم وقتها_ وعند سؤاله إذا كان يريد شىء يقول “لا” تكرر ذلك أكثر من مرة حتى قال لى فى اليوم الثالث أنه يريد أن يتعلم التمثيل فمنحته كتب ليقرأها ويذاكر.

وعملنا معًا ستة أفلام، فنور الشريف يعد واحدًا من علامات السينما، فعل ما لم تستطع أى مؤسسة فعله فقد كان – رحمه الله- نموذجًا للعطاء، ساعد أربعة من كبار المخرجيين الآن كانوا فى ظروف صعبة ولم تكن ظروف نور تختلف عنهم كثيرًا وهم سمير سيف، محمد خان، عاطف الطيب، داوود عبدالسيد.

أبو بكر شوقى مخرج فيلم “يوم الدين” عبقرى،قرأت كثيرًا عن الفيلم وأرى أن المخرج عبقرى لاستعانته بمريض جزام فالوجه أساس التمثيل ولذلك فاختياره لشخصية تعانى من مرض الجزام بالفعل يعد جرأة، حيث أن الوجه هنا ليس جذابًا، فهو جعلنا نتعاطف معه طوال الفيلم ليس مع وجهه، فقد ينفر البعض من وجهه وإنما تعاطفنا مع البعد الإنسانى فى شخصه. ويذكرنى هذا الفيلم بفيلم آخر شاهدته فى أحد المهرجانات حاصل على جائزة الأوسكار حيث كان بطل الفيلم منغولى (لديه متلازمة داون) وأدى الدور بشكل رائع، لا أعرف كيف وجهه المخرج بهذه البراعة، فمن المعروف أن المرضى بهذا النوع لا يكونون على درجة عالية من التركيز والوعى.

قيل لى إن “رياض الخولى بيردد فى المعهد أنا محيي إسماعيل” وعنما تقابلنا سألته: “أنت بتقول أنا محيي إسماعيل؟” قال لى: “اه أنا محيي إسماعيل ” فقلت له: “برافو”. فهناك الكثيرون ممن شاهدوا أعمالى وتعلموا منى وهذا يسعدنى فلا أحد يتأثر بشخص إلا إذا كان له قيمة كبيرة ومؤثر.

لم يكن لأحد الفضل فى تكوين شخصيتى حيث عملت على بناء نفسى بنفسى، “موهبة من عند ربنا وكل الإضافات والخبرة التى اكتسبتها ترجع لتأملاتى فى السينما العالمية منذ الصغر”.

 

شاهد| لمحات من حياة الفنان الراحل ممدوح عبد العليم في ذكرى ميلاده..