نادية العراقية: مين فيكم يا حلوين اللي قعّدنا في البيت

أمنية الغنام
 

قدّمت لنا اللغز.. ولم تقدم لنا الحل، وسألت بأعلى صوتها “مين اللي أكل الجبنة؟”، ورفعت في مشهد آخر يدها لرب العالمين تدعوه “أشكو إليه”.. هي فنانة صاحبة نكهة خاصة حصرتها أدوارها في قوالب بعينها، كالزوجة المتسلطة أو الجارة الحشرية.. الفنانة نادية العراقية التي اختفت -ليس بإرادة منها- من الساحة الفنية منذ ما يقرب 3 سنوات، تفتح قلبها في حوار خاص مع “إعلام دوت أورج” عن حالها وأحوال الكثيرين من زملائها، الذين يواجهون تراجعًا في حجم الأعمال المعروضة عليهم… تلك كانت أبرز تصريحاتها والتي بدأتها كالتالي:

 
1. صحيح!!!!.. الخيل لما يكبر، أعلنوا علينا الاعتزال، للأسف في فنانين ماتوا كمدًا وحسرة من قلة الشغل والأعمال المعروضة عليهم، أذكر زميلي الفنان الراحل عاطف طنطاوي كيف تحدث لي تليفونيًا قبل وفاته وهو يشكو وفي منتهى الحزن، والفنان فاروق نجيب من قبله كان نفس الشيء، هي مشكلة عامة يواجهها قدامى الفنانين، وكثير منهم أعضاء في نقابة الممثلين وحوالي 50 منهم من هم في سني لا يعمل، أين أمل إبراهيم وعائشة الكيلاني مثلًا.. على كل مُخرج جديد أن يكون على دراية بوجودنا.
 
2. للأسف عدد شركات الإنتاج ذات الثقة محدود، لا يتجاوز 4 أو 5 شركات، أما المتبقي فهي شركات دخيلة على الفن، وأنا تاريخي في مجال التمثيل حوالي 36 سنة، بينها 21 في مصر و15 في العراق قبل قدومي للقاهرة، فمن الصعب أن أتقبل من يعرض عليّ أن آتي لتصوير يوم واحد وأقول كلمتين وأخذ 1000 جنيه وأمشي، فهذا أمر شديد الإهانة، حدث معي بالفعل وشعرت معه بالقهر والاكتئاب. وأنا أتساءل من الذي بيده أن يجعل قدامى الممثلين يمكثون في منازلهم؟
 
3. قبل 20 عامًا لم أخجل من أن أؤدي دور الأم، وقت أن كانت ترفضه الكثيرات، لأن عشقي للمهنة يجعلني خامة طيّعة للقيام بأي دور مهما كان حجمه أو حواره، لأنه لابد أنّ يخرج عن شخص محترف.
 
4. قبل مجيئي من العراق قدمت هناك في شركة “بابل” للإنتاج، وأسند لي المخرج وديع عبد الغني دور البطولة في إحدى مسرحياته مع أسعد عبد الرزاق مدير كلية الفنون هناك، وطارق الحمداني رئيس الإذاعة والتليفزيون العراقي، وكنت شاطرة جدًا وعندي جرأة المسرح، مثلت عليه الكوميديا والدراما بالإضافة للاستعراضات.
 

5. أول عمل سعيّت للاشتراك فيه هنا في مصر كان في الإسكندرية في الشتاء، لأن عائلة زوجي هناك، تواصلت مع كل المسارح وتركت رقمي وطلبت منهم لو في فرصة متاحة للتمثيل، وفعلًا اتصل بي مسرح نجم وكان بحاجة لممثلة، وقابلت زوجته وأعتقد أنّني لم أعجبها، لكن طلبت منها الفرصة كتجربة، وبالفعل تركت انطباعًا جيدًا جدًا كممثلة في المسرحية، لكن للأسف بعد 15 يوم المسرح كان في إجازة مفتوحة.

 
6. أول مبلغ أحصل عليه من التمثيل في مصر كان 100 جنيه فقط، ورغم ذلك فرحت به وبدأت أتجه لمسرح محمد صبحي ومسرح جلال الشرقاوي وغيرهم، ويتم إعطائي الوعود لكن لم يتحقق منها شيء.
 
7. جاءت الفرصة على يد المخرج السيد راضي، وكان يجهز لمسرحية “الكوماندا” بطولة أحمد بدير وأسامة عباس وتأليف بسري الجندي، طلبني راضي وأخذني معه للمسرح على سبيل التجربة، والحمد لله أثبتّ كفاءة عالية وسمعت عبارات الإشادة من زملائي الممثلين والجمهور “انتي هايلة”.
 
8. للأسف بعد مسرحية “الكوماندا” لم تعرض عليّ أدوار، وتوقفت عن العمل حتى اضطررت للذهاب والجلوس على “قهوة بعرة”، وهي مكان لتجمع الفنانين القدامى وكنت في حاجة شديدة للعمل، واتصلت بالكاتب يسري الجندي الذي استغرب جلوسي هناك، وقال “خدي تاكسي على حسابي وتعالي”.
 
9. مرة أخرى جاءتني الفرصة مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ في مسلسل “سامحوني مكانش قصدي”، بطولة ممدوح عبد العليم وإلهام شاهين وحنان ترك، وكتبت عني الصحف مرة أخرى، ثم سهرة تلفزيونية مع أحمد بدير في دور واحدة مجنونة وتوالت الأدوار، لكن تم تحجيمي في أدوار بعينها وقصيرة في نفس الوقت، يعني مثلًا دور “زينب” في مسلسل “الزوجة الرابعة”، كنت أرى أنا بتعبير الفنانين كان قماشة تفرد لها مساحة أكبر من الحوار.. لكن لابد أنّ أذكر أنّ تجربتي مع المخرج رامي إمام في مسلسل “عايزة اتجوز” كانت مختلفة وبمساحة أكبر.
 

10. من المواقف الصعبة التي تعرضت لها عندما تم الاتفاق معي على تأدية أحد الأدوار، وبعد استعدادي للشخصية من حيث الملابس والمكياج وبعد أن أخذت عربون الاتفاق وأنا في طريقي لموقع التصوير، اتصلوا بي وأخبروني أنّه تم استبدالي بممثلة أخرى بناء على تدخل بطل العمل.

 
11. ولا شخصية من الشخصيات التي مثلتها احتاجت مني أي مجهود أو وقت للتحضير، فأنا معروفة في الوسط بـ”نادية هوا”، فأحيانًا لم أكن آخذ النص من الأساس ولا أعرف عما تدور أحداث العمل، مجرد المشهد المطلوب تصويره.. يعني بالبَرَكة.
 
12. دائمًا ما كان يتم تشبيهي بالفنانة ماري منيب أو وداد حمدي، لكنّ أعتبر نفسي من مدرسة الممثلتان الأجنبيتان كيتي بيت وويبي جولدن بيك، أتعلم منهما وأشاهد أعمالهما، فهما تعتبران من أساتذة الكوميديا.
 
13. أمارس التأليف على سبيل الهواية وليس بشكل محترف أو منتظم، وأكتب حاليًا قصة بعنوان “قصة روسية” أعرض فيها همومي وأفكاري.
 
14. أقول “أشكو إليك” لرب العالمين، فهو رب كل إنسان عنده أمل وكان له حكمة إنّ ممثلين بعد الكبر في السن جاءتهم الفرصة ليصبحوا من كبار نجوم الفن. النجومية زمان كانوا الممثلين بينحتوا في الصخر، أما الآن فيكفيه تمثيل “اسكتش” في برنامج ليصبح خلال شهور نجم النجوم.
 

15. أنا بحب كل الوسط، لكن ليس لي في المجاملات والهدايا، لما بدخل اللوكيشن بعمل طاقة إيجابية حتى لو أنهكنا التصوير، وبيتي كالجامع لا يدخله أحد، ليس عندي حقد أو غيرة لكن تصعب عليّ نفسي أحيانًا، عندما أجد من هو أقل مني إتقانًا في التمثيل تأتيه الأدوار وأنا في منزلي لم أعمل منذ ما يقرب 3 سنوات.

 
16. آخر أعمالي كان مسلسل “بنات سوبرمان” من حوالي 3 سنوات “وسرايا حامدين”، ولي 4 مسلسلات في العلب.. للأسف عندما حاولت الاتصال بعدد من الفنانين أو المخرجين لا يجيبون اتصالي أو حتى يتواصلون في وقت آخر.. التهرّب هو السمة السائدة.
 
17. لم أعمل مع مخرج إلا وشكر في قدراتي واعتبرني من الوجوه المريحة للأسرة المصرية على الشاشة. معايير الانضمام للوسط لم تعد كما كانت قائمة على الموهبة، بل أصبحت مجالًا مفتوحًا للتجربة إما تنجح أو تفشل، وأصبح الفن مهنة لمن لا مهنة له.
 
18. مع إعلان أجور الفنانين بدأت النظرة تختلف نحوهم بأنّهم في نعيم، حتى أنّ making أي عمل يظهرهم وهم يضحكون وأمامهم الأنواع المختلفة من الطعام والشراب، لكن للأسف لا يعكس معاناتهم في التصوير وكيف تضطرهم الطروف أحيانًا للنوم على الأرض، أو أن يحرم من رؤية أسرته بالأيام.
 
19. ابنتي مي تدرس الديكور في كلية الفنون الجميلة، وشاركت في أحد العروض المسرحية وأثنى عليها نقيب الممثلين الفنان أشرف زكي.. وعندي ابني لم يدرس التمثيل، لكنّه انضم لورش مختلفة لتعليم التمثيل واستعداده عالٍ فيه.
 
20. والدي عاشق للفنانة فاتن حمامة والفنانة نادية لطفي، ومن هنا كان اسمي في شهادة الميلاد فاتن فتحي، واسم الشهرة نادية العراقية نسبة لبلدي وبلد نجيب الريحاني العراق، مع أنّني أعتبر نفسي محسوبة على المصريين، وأنا حاليًا “قاعدة على القهوة وبغني ظلموووه”.

 


شاهد: أين اختفى هؤلاء!!