في شهر النصر.. كيف عبر حمو بيكا التريند !

محمد حسن الصيفي

كالمعتاد، استيقظنا من أيام قليلة على جملة “رب الكون ميسنا بميسة” مكتسحة مواقع التواصل، الأمر الذي دفع صفحة نادي روما الناطقة بالعربية إلى التعليق على فوز الفريق الأخير بالجملة ذاتها !

الأغرب أن أحد الدعاة أراد أن يقوم بتحفيز متابعيه لصيام يوم الخميس فكتب على حسابه الرسمي على فيسبوك “رب الكون ميزنا بميزة، بنصوم الخميس والنفس عزيزة” !

والجملة تعود لتحضيرات مؤدي المهرجانات الشهير حاليًا “حمو بيكا” أثناء تسجيل مهرجان جديد، وانطلق بعدها التريند بحملة ألش استمرت لأيام وحتى الآن، على خلفية طريقة نطق الأول لحرف الزاي وإبداله بالسين.

الفيديو تخطى مليون و250 ألف مشاهدة حتى الآن على يوتيوب، والتريند كالمعتاد من سنوات رفع بيكا فجأة إلى مصاف المشاهير، مما دفع خلايا التريند من المواطنين الصالحين للبحث عن اسم حمو بيكا، من يكون هذا “البات مان” الجديد الذي اكتسح مواقع التواصل فجأة؟!

الأمر دفع الزملاء في “فيتو” للذهاب إلى الإسكندرية رأسًا وإجراء حوار مع حمو بيكا رجل التريند المشهور شكلا، المغمور مضمونًا في عقر داره، الحوار جاء مكملاً للصورة كاشفًا لما هو أبعد من الشخص نفسه، وكيف يركب رجال التريند الموجة في أقل عدد من الخطوات مثل محترفي الشطرنج؟!

نرشح لك: أكثم.. الاسم الوحيد الباقي من ذكرى زلزال 92

حمو بيكا شاب مصري من الحرافيش، يعيش في حي الدخيلة في الإسكندرية، تسرب من التعليم مبكرًا، ثم اتجه لعدة مهن مختلفة “نجار مسلح، مبيّض محارة، مبلط سيراميك، جزار.. ثم صاحب توكتوك قبل الانطلاق لعالم النجوميّة من خلال المهرجان، بالتحديد قبل عامين بدأ الانطلاق نحو هذا العالم.

إلى هنا لا جديد، والبعيد عن عالم المهرجانات قبل أسبوع لم يكن يعرف أو يسمع عن هذا الاسم، قبل أن تغزو الجملة أراضي الفيسبوك تزامنًا مع احتفالات أكتوبر !

“أنا مش عايزك تسمعني، بس أنت ماشي جنبك عربية، جنبك مكنة يبقى أنت سمعت مهرجان”.. تلك جملة من الجمل التي وردت في الحوار، نحن أمام ذكاءً فطريًا، شاب بسيط، غير متعلم، ضحل الثقافة، لكن بالفهلوة المصرية عرف “كيف تؤكل الكتف المؤدية للتريند” حتى لو كانت كتفه الشخصي !

كيف نجح حمو بيكا في غزو التريند ؟

1. يقول في الحوار “أنا خليت الناس تمشي تقول حمو بيكا ليه أخصام” والأخصام بلغة أهل المهرجانات هي الخصوم، وهذه النقطة هي المحور، الرجل يعي تمامًا وبشكل فطري منطق الدعاية السلبية، ويضرب عليه منذ فترة مع بعض مؤدي المهرجانات الآخرين من باب افتعال قصة تمنحه الضربة التي تقذف بيه من شباك التريند.

2. قبلها كان هناك عقل مُدبّر لبيكا يدفعه لتصوير فيديوهات لايف على صفحته الخاصة على فيسبوك، الفيديوهات تحدث بلبلة وجدل منعش للحساب، فطريقة نطقه للحروف والكلمات غريبة ومشوشة يضغط على بعض الحروف دون الأخرى، يخلط ما بين القاف والكاف، ربما يتحدث أحيانا وهو تحت تأثير مشروب روحي فتجد جمل غير مفهومة أبرزها “أسمع مني أنا خربان !”

وهذا هو المطلوب بالتحديد والذي فطن إليه العقل المدبر، والذي يظهر صوته أحيانا في بعض الفيديوهات وهو يلقنه الكلمات من خلف كاميرا الموبايل، فتؤتي ثمارها وتجلب السخرية والسب أحيانا بشكل يجعل الطريق للتريند ممهد تماما.

3. لا أعلم مدى ذكاء صاحب الخطة، وهل كان يقصد بالفعل تسريب فيديو “رب الكون ميزنا بميزة” وصاحبه ينطقها “ميسنا بميسة” ليحدث تلك الفرقعة في التريند، أم أنه جاء من باب المصادفة، وحتى لو جاء من باب المصادفة فالطريق الذي سار فيه حمو ورجاله لا يخلو من تخطيط للوصول لمثل هذه اللحظة الفريدة والتي كللت سعيهم بالنجاح وإحداث الضربة “التريندية” الجوية على غرار المشهد الختامي لجمعة الشوان في مسلسل دموع في عيون وقحة “نشكركم لحسن تعاونكم معنا” وهو الشكر الذي يود بيكا أن يوجهه لشاتميه قبل محبيه.

الأمر الذي دفعه للاحتفال والشد من أزر الهضبة الذي حل ثانيًا بعده في التريند، والافتخار بأنه أول رجال المهرجانات وصولا لرقم واحد في تريند اليوتيوب !

4. القاعدة معروفة ومفهومة “كل إنسان يرى نفسه على حق”، وهوس الشهرة كفيل أن يرى أهل المهرجانات أنفسهم يقدمون ابتهالات النقشبندي، خاصة أن أغلب هؤلاء من حرافيش المدن وعشوائيتها، فالطبيعي أن يدافعواعن شهرتهم و”لقمة عيشهم”… المهرجانات التي جعلت منهم أساطير في تلك المناطق وغيرت مسار حياة كل شخص منهم 360 درجة، خاصة أن المهرجانات التي يصنعوها للأشخاص بأسمائهم في الأفراح والمناسبات اقتربت من الوصول لأجر كبار أهل الطرب في مصر !

5. والواقع أن المهرجانات أصبحت واقعًا علينا التعامل معه وفهم تفاصيله وظروفه، ولا سبيل للتعامل معه بازدراء وغض الطرف، خاصةً أنها بالفعل اخترقت كل الحواجز والأبنية والطبقات الاجتماعية، والأفضل أن نقوم بتفكيك أفكارها ودراسة طبقات هذه الظاهرة والأهم أن نسعى جاهدين لهدم ساتر الترند الفضائي الذي صنع أبطالا وهميين مثلما نجحنا قبل سنوات طويلة من هدم الساتر الترابي الذي أشاع العدو أنه لا يقهر !