رشيد طه.. "وين مسافر"؟!

بسنت حسين

في عام 2012، حاز على لقب أوسم رجل بفرنسا، حسب استفتاء أجري بالعام نفسه، هاجر إلى فرنسا مع أسرته اوائل الستينات من القرن الماضي، ليصبح أحد أشهر المغنيين المدافعين عن قضايا اللاجئين والمهاجرين، وتميز بصوته الأجش الذي أبهر العالم.

ولد رشيد طه بالجزائر عام 1958، وأحب الموسيقى والغناء، ساهم بشكل كبير في إحياء التراث الغنائي الجزائي، واشتهر بالتدخين على خشبة المسرح على طريقة “فرانك سيناترا”. بدأ مسيرته الفنية في أوائل الثمانينات، وتنوعت موسيقاه بين الروك والراي الشعبي وأضفى روحا شرقية على الموسيقى الغربية، ولم يكن التنوع في موسيقاه وأغانيه فحسب بل أيضا في مظهره الذي اعتاد دومًا أن يغيره ليخطف الاّذان والأنظار إليه دومًا.

نرشح لك: في عيد ميلاده.. رحلة خالد النبوي من “المواطن مصري” إلى العالمية

أهم محطاته الفنية:

يعد رشيد طه حالة فنية فريدة، فقد كون عام 1981 فرقة موسيقية أسماها (بطاقة إقامة)/carte de séjour، وفي عام 1986 قدم أول فيديو كليب بعنوان “douce france” قد قدمت له شهرة حقيقية داخل فرنسا، لكن بداية شهرته الحقيقية كانت أواخر عام 1993 حيث قدم أغنية “يا رايح وين مسافر” بإعادة توزيع للأغنية الأصلية لدحمان الحراشي، وقد انتشرت الأغنية في كل أرجاء العالم وقدمها في الكثير من الحفلات في كندا وأستراليا وغيرها..

في عام 1998 تعاون مع الشاب خالد وفضيل تحت اسم “الشموس الثلاثة – 123 soleils” حيث قدموا أشهر أغانيهم: عبد القادر، يا منفي، وغيرها من الأغاني التي ظلت عالقة بأذهاننها وإن لم نتمكن من معرفة الكلمات الصحيحة لها. كما قدموا أضخم حفل غنائي على مسرح أومنيسبور الفرنسي وقد حضر الحفل أكثر من 16 ألف ولم يتمكن من الحضور 10 آلاف فظلوا بالخارج وكانت هذه الواقعة هي الفريدة من نوعها التي شهدتها فرنسا على مدار تاريخها الفني.

وخلال هذا الحفل قدموا العديد من أغانيهم العربية والفرنسية الممزوجة بإيقاع الراي الشعبي مع الروك، وقد حققت مبيعات هذه الأسطوانات 5 ملايين نسخة في مختلف أنحاء العالم وحصل الثلاثي على جائزة مهرجان “موسيقى العالم” في العام نفسه.

وفي عام 2000 كان للألفية الجديدة أثر بالغ على الفنان رشيد طه حيث قدم ألبومه “صُنع في المدينة” وقد سجله في باريس ولندن ومراكش عاكسا التأثيرات المختلفة في موسيقاه وكلمات أغانيه، وقد تم عرض أجزاء من أغاني الألبوم في فيلم “بلاك هوك”.

تعاون رشيد عام 2006 من جديد مع مشاهير الغناء الغربي في موسيقى البلوز وموسيقى الميتال ليُعلن من جديد أن الشعوب العربية الناطقة بالعربية هى شعوب فن وحضارة وليس الإرهاب كما يزعم العالم الغربي. اّخر ألبوم قدمه رشيد طه كان عام 2013، حيث قدم مزج جديد من الموسيقى العربية لأغانيه وقد وصفه بعض النقاد “بالجنون”.

العديد من الألبومات والدويتوهات والأغاني الشهيرة قدمها لنا المسافر رشيد طه على مدار مشواره الفني الذي أمتد لأكثر من ثلاثين عاما، أحدث خلالها ثورة في عالم الموسيقى وبصمات واضحة على الأداء الغنائي على خشبة المسرح، وطوال مشواره الفني حاول أن يحمل عروبته إلى كل البلدان التي غنى بها.

قبل أيام من عيد ميلاده الستين، رحل رشيد طه اليوم 12 سبتمبر، دون أن يحظى على تكريم يستحقه في فرنسا التي عانى فيها من الاضطهاد بسبب أصوله العربية ولم يلتفت إليه العرب بسبب هجرته لفرنسا، كانت رحلته في الحياة رحلة مسافر أضفى النشوى في نفوسنا بأغانيه وموسيقاه التي لن تموت بوفاته