الذكرى الـ 13 لحريق مسرح بني سويف.. "الشمعة" التي أحرقت الإبداع

أسماء شكري

الخامس من سبتمبر عام 2005، يوم أفجع المثقفين والمسرحيين في مصر بل والشعب كله، بسبب ذكراه الأليمة في نفوس الجميع، حينما التهمت النيران أجساد أكثر من 50 مبدعًا وأصابت العشرات، في حريق مسرح قصر ثقافة بني سويف، ليبقى يومًا داميًا في ذاكرة المسرح المصري.

الجاني “شمعة”

كان الحضور يشاهدون عرضًا بعنوان “من منا”، مأخوذ عن قصة “حديقة الحيوان” لفرقة نادى طامية بالفيوم، وبعد انتهاء العرض وأثناء تحية الممثلين للجمهور، تصاعدت ألسنة اللهب على المسرح بسبب “شمعة” داخل الديكور، فقد أراد المخرج تحقيق شكل المغارة أو الكهف في القاعة وذلك باستخدامه أوراق شكائر الأسمنت التي غطى بها جميع الحوائط مرشوشًا عليها بعض الرسومات بالاسبراي، ولكي يحدث تأثيرات مرئية محددة قام المخرج بتوزيع الشموع بجانب حوائط القاعة.

سقطت “شمعة” وراء الممثلين، وبسرعة انتشرت النيران في الديكور المكون من الورق وزاد من اشتعالها مادة الاسبراي وكذلك سقف القاعة المكون من الفوم، وامتدت النيران إلى الحوائط الخشبية للمسرح فأصبح الحضور محاصرون من جميع الجهات، ثم وقعت ثلاثة انفجارات حولت المسرح في دقائق لكتلة من النيران، التهمت أجساد المبدعين وبينهم نقاد وممثلين وفنانين صعب أن يُعوضوا.

أجساد محروقة تُفزع المارة

جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق عن الحادث؛ أن عربات الحماية المدنية التي تبعد عن موقع الحريق مسافة 5 دقائق، جاءت بعد مرور ما لا يقل عن 50 دقيقة، وبعد وصولها حاول عمال الإطفاء استخدام الخراطيم لإخماد الحريق لكنهم لم يجدوا مياهًا يضخونها، حالهم كحال رجال الإسعاف الذين وصلوا بعدها بساعات رغم تلقيهم الاستغاثات من سكان المنطقة والمسؤولين عن المسرح، ولم يجد من نجا من الحريق أمامه إلا السير على الأقدام واستخدام سيارات الأجرة للانتقال إلى المستشفيات، في مشهد مرعب ومفزع حيث فوجىء المارة في شوارع بني سويف بأشخاص يجْرون أمامهم مشتعلون بالنيران ويستغيثون لإنقاذهم.

براءة الوزير وإدانة الموظفين

تقدَّم فاروق حسنى وزير الثقافة وقتها باستقالته من منصبه الذى شغله منذ عام 1987، إلا أن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك رفض الاستقالة، ووقّع أكثر من 200‏ من الكتاب والمثقفين والفنانين والأدباء على بيان طالبوا فيه فاروق حسنى بسحب استقالته، وهو ما تم بالفعل.

فى عام 2006 صدر حكم محكمة جنح بندر بنى سويف ضد المتهمين وهم مصطفى علوى رئيس هيئة قصور الثقافة وقتها و 7 آخرين من الموظفين بالحبس 10 سنوات مع الشغل وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم، كما ألزمت وزير الثقافة بدفع تعويضات لأهالى الضحايا..

وفي مارس 2007 برّأت محكمة جنح مستأنف بنى سويف 4 من المتهمين، من بينهم مصطفى علوى رئيس هيئة قصور الثقافة، وخففت الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة ضد ٤ متهمين آخرين هم عادل فراج مصطفى فراج، مدير عام فرع ثقافة بنى سويف والذى حكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات وبهجت جابر محمد القبارى، مدير قصر الثقافة بالسجن لمدة سنتين، وكلاً من سمير عبدالحميد حامد، رئيس قسم المسرح بقصر الثقافة سنة مع الشغل، ورجب عبد الله محمد عطوة أخصائى أمن بقصر ثقافة بنى سويف سنة مع الشغل.

يوم المسرح المصري

وبعد ثورة 25 يناير، فى 5 سبتمبر 2011 قرر الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق، أن يكون 5 سبتمبر من كل عام يوم المسرح المصرى، إحياءً لذكرى شهداء حريق مسرح قصر ثقافة بنى سويف، الذين ماتوا في محرقة هي الأبشع في تاريخ المسرح المصري.