محمد شميس يكتب: عندما يكتفي الفنان بنقد نفسه!!

قبل نزول ألبوم “عيش بشوقك” للفنان تامر حسني فاجأنا بتصريحات غريبة الشأن لأنها وضعت حكمًا فنيًا على المحتوى قبل نزوله في الأسواق ومن ثم يكون للجمهور كلمته العليا في التفاعل الجماهيري، والنقاد والصحفيين والمتخصصين في الحكم الفنى على المنتج.

نرشح لك- أحمد فرغلي رضوان يكتب: عزت العلايلي.. فلاح السينما الفصيح

تامر قال: “كان لازم يكون في نقلة نوعية في الموسيقى في مصر والوطن العربي عشان الجمهور يستحق مننا كده بحكم تطلعه وإدراكه الكبير بالموسيقى العالمية”، والحقيقة إنني كنت من ضمن الذين أشادوا بألبومه الأخير “عيش بشوقك” وكتبت مقالًا تفصيليًا نُشر في جريدة “المقال”، عن الألبوم، وأبرز إيجابياته وأشرت لبعض الأشكال الموسيقية المتطورة التي صعنها تامر مع باقي الشعراء والملحنين والموزعين.

ولكن برغم كل ذلك فيعد ألبوم تامر حسني الأخير هو أول خطواته كفنان ناضج يقدم محتوى فني متماسك، ولم يرتقِ بأي شكل من الأشكال لأن يوصف بـ”النقلة” الموسيقية الفنية التي تحدث عنها قبل نزول الألبوم، من المؤكد أن ألبوم تامر هذا العام من أهم الألبومات وربما يكون أهمهم على المستوى الجماهيري وأيضا الفني، ولكنه لم يكن النقلة، وإذا كانت النقلة التي يقصدها تامر في أنه صور أغنيات الألبوم بالكامل، فالفنان أحمد الحجار قبل ذلك قام بنفس الأمر في ألبوم “أبويا الحبيب” ومن بعده فريق “كايروكي” ومن بعدهما زاب ثروت، فلم يكن لتامر حسني السبق في هذا الشأن، وإذا كان يقصد أن النقلة كانت على المستوى الموسيقي، فلم يفاجئنا تامر بأنه قدم لنا شكلًا موسيقيًا جديدًا علينا في الوطن العربي، لم نكن نستمع إليه من قبل في ألبوم من الألبومات الأخرى للفنانين العرب، قطعًا قدم اغاني جيدة وأغاني أخرى ممتازة، ولكنه لم يقدم لنا مثلاً “نور العين” التي نقلت الموسيقى المصرية من مرحلة الموسيقى المحلية إلى الأسواق العالمية غير الناطقة باللغة العربية، كما فعل عمرو دياب.

وبمناسبة ذكر عمرو دياب، فأيضًا الملحن محمد رحيم هو الآخر كتب على حسابه الشخصي بموقع تبادل الصور “إنستجرام” قبل نزول أحدث أعماله مع عمرو دياب “كل حياتي”، ووصفها بالنقلة النوعية في الأغنية الرومانسية العالمية، وأنها تجربة فريدة من نوعها بالفعل وغير مسبوقة.

وبعد الاستماع إلى الأغنية على قناة عمرو دياب الرسمية على “يوتيوب” سنجد أنها لا ترتقي بأي شكل من الأشكال لوصف النقلة في الأغنية الرومانسية المحلية وليست العالمية كما يقول رحيم، فهي أضعف من “معاك قلبي” الصادرة في ألبوم “أحلى وأحلى” 2016 من حيث الكلمات، بل أنها كانت صدمة – سيئة – لأننا وجدنا تغييرًا جذريًا في منهج عمرو دياب في تغيريه لمنهجه في اختيار كلمات أغانيه، التي دائمًا ما كانت تعتمد على الجمل واضحة المعنى، وشديدة المباشرة، وسهلة النطق والحفظ بعد أول مرة من سماع أية أغنية من أغانيه، لنجده هذا العام يغني عن الطير على جناح الخيال وكاتبة الأغاني المغزولة بخيوط الشمس لكي يعوض بها حبيبته عن كل سنين الصبر!!!

أيضا محمد رمضان هو الآخر الذي يظهر لنا في أغانيه ليقول لنا إنه الملك وإنه رقم واحد ولا يوجد له منافسين، والحقيقة أن بنظرة سريعة على أرقام إيرادات أفلام محمد رمضان في السنوات الأخيرة، سنجد أن آخر 4 افلام له على شاشة السينما لم يستطع أي فيلم فيهم أن يتصدر إيرادات شباك التذاكر، ودائما ما تكون الصدارة لزملائه الممثلين، بل إن المغنين أحيانا يسبقونه في المراكز كما تفوق عليه تامر حسني في فيلم “تصبح على خير” عندما احتل المركز الثاني في شباك تذاكر موسم عيد الفطر 2017 ليكون رمضان في المركز الثالث بـ”جواب اعتقال”.

فضلا عن 95% من الممثلين الذين أجروا حوارات صحفية بعد نهاية موسم رمضان الماضي لنجدهم يتحدثون عن أن أعمالهم كانت الأكثر تفاعلا والأكثر مشاهدة، رغم أنه لا يوجد داخل أي مؤسسة إعلامية في مصر قياسات دقيقة أو شبه دقيقة لقياس مدى متابعة الجماهير للبث الفضائي للقنوات كما يحدث في الولايات المتحدة مثلا! ولذلك كل فنان يقول إنه الأول والأكثر مشاهدة والأكثر تفاعلًا وما إلى ذلك.

هذه الحالة من الخلط تؤكد لنا بما لا يدع مجالًا للشك أن حالة العشوائية في مصر عامة وغير مقتصرة على قطاع بعينه عن غيره من القطاعات، فالسياسة مثل الفن مثل الرياضة.. ألخ

والحقيقة إننا في حاجة ماسة لإزالة هذا التشابك، فالفنان دوره الإبداع وصناعة المحتوى الفني وليس أكثر من ذلك، أما مهمة التقييم الفني فهي متروكة للنقاد والصحفيين والمتخصصين، وفي النهاية الكلمة العليا للجمهور، والجمهور يعبر عن نفسه عن طريق الإيرادات ونسب المشاهدة الإلكترونية وكلمات البحث على  مواقع تصفح الإنترنت، أما ما نحن فيه حاليًا ما هو إلا حالة من العبث التي لا بد أن تنتهي.