ما فعله المصدر بالصحفي.. مواقف حدثت بالفعل

رباب طلعت

يصعب على من هم خارج المجتمع الصحفي تخيل العلاقة بين الصحفيين والمصادر، يظن البعض أن الأخير هو من يجري وراء ابن صاحبة الجلالة، ليعطيه المعلومات، ويكشف له التفاصيل “الخطيرة” و”الدقيقة” لكي ينشرها، ولا نفعل شيء نحن المحررون أو المراسلون سوى الجلوس على المكتب ننتظر رنة التليفون! لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، فمن يفعل ذلك منهم يكون صاحب “حاجة” يريد قضائها عن طريقنا، لكن في “العادي” وما يحدث كثيرًا هو أننا من نفعل ذلك للوصول للمعلومات المتعلقة بما نريد النشر عنه، حتى لو كان خبرًا عاديًا.

التعامل مع المصادر ليس سهلًا، لعدة أسباب منها صعوبة الوصول له أحيانًا أو لأنه غير متعاون، أو لأنه “مش عارف يقول إيه”، أو لأنه ليس مؤهلًا للحديث مع الصحافة، ولكن علينا التعامل مع الجميع، و”يا بخته” من يكن موفقًا في مصادره ويتعامل مع النوعيات المتفاهمة، وسهلة التعامل منهم، خاصة “اللي فاهمين شغلهم صح”، لأن أولئك “اللي مصبرينا”.

لا يخلو التعامل مع المصادر من المواقف الكوميدية، والغريبة، والإنسانية، التي لا ينساها الصحفي أو معد البرامج، أبدًا، ولا ينسى صاحبها، مهما مرت السنوات، وحاول “إعلام دوت أورج” التواصل مع عددٍ من الصحفيين، لاسترجاع تلك المواقف معهم، ورصدها فيما يلي:

المواطن المصدر يتصدى لـ”الجزيرة”

قالت هدير عصام، صحفية في “7 أيام”، لـ”إعلام دوت أورج” إنها أثناء عملها كمراسلة في الإسكندرية لجريدة “التحرير”، كانت تصور تقريرًا عن الترام فركبته، لتسأل السيدات عن آرائهم في الخدمة، فانفعل عليها رجل واتهمها أنها من “الجزيرة” وتسأل السيدات لأنهن لا يفهمن ألاعيبها، ما دفع باقي الرجال في الترام ينفعلون عليها وصدقوا اتهامه، فطلبت من السائق الذهاب لأقرب قسم، واستعانت بأحد الضباط وشرحت له الوضع، وبعد الكشف عن هويتها و”الكارنيه” طلب منهم -أن يتركوها ويساعدوها لإتمام تقريرها مؤكدًا لهم أنها ليست “الجزيرة”.

المصدر في الكوافير

سهيلة حامد، صحفية، ومؤسس صفحة “سوجراميات”، روت الكثير من المواقف الكوميدية التي لم تنسها يومًا، أبرزها أحد المصادر الذي هاتفته وأخبرته باسمها رد عليها معلقًا على اسمها: “جعل الله لكِ كل صعبًا سهلًا، وجعلك من الحامدين الشاكرين يا جميلة يا حلوة يا أم صوت حلو”، معلقة أنها تتفاءل به، وتسعدها تلك الإجابة دائمًا.

في موقفٍ آخر، قالت إنها اتصلت أكثر من مرة بأستاذة جامعية لسؤالها عن موضوعٍ متعلق بتخصصها، فأجابتها 4 مرات أنها في “الكوافير”، وعندما حاولت معرفة الوقت الذي من الممكن أن تتصل بها فيه ردت عليها بمحاضرة عن “إزاي تبقى حلوة” أمام زوجها وأسرته، فنسيت السؤال، ونسيت الدكتورة أن تجيب عليها.

“حنية” فاطمة عيد

من المواقف الغريبة التي تعرض لها وائل توفيق، صحفي بـ”الدستور”، كان مع المغنية الشعبية فاطمة عيد، التي قابلت اتصاله الأول بها بحميمية و”حنية الأم”، وعاملته كابنها، لدرجة أنه حدثها مرة، فطلبت منه أن يشاهد مسلسلًا تتابعه على “ماسبيرو زمان” وطلبت منه أن يعاود الاتصال بها بعد انتهاء الحلقة، وسألته هل عنده تلفزيون في العمل، فأجابها بالنفي فردت عليه: “يا ضنايا يا ابني”.

أضاف أنه كان يتصل بها لتحديد موعد لإجراء حوارٍ معها، متابعًا: “قعدت تقولي أنت جاي بيت اختك”، وعندما أخبرتها أنني من سوهاج، قالت له: “جوزي فؤاد باشا خدم عندك”، وظلت تسألني عن والدتي، وتوصيني أن أتمهل في الطريق.

الكتاب صفر

تيجي تصوره يصورك

تعرضت رانيا الديداموني، الصحفية بـ”التحرير”، لموقفٍ طريف أثناء تصويرها تقريرًا في بحيرة المنزلة، عن مشكلة الصيادين المحتجزين في السودان، حيث صورها أحد أسر الصيادين، وعندما سألته عن السبب مازحة معه: “أنا اللي بصور هنا”، قال لها: بصورك عشان أوثق أن في إعلام جه ونتابع نزل صوتنا ولا لأ”.

صحفي نام من المصدر

الصحفي “خ.إ” لم يرد ذكر اسمه، “علشان ميتعلقش”، ذكر أن الموقف الطريف حدث منه هو مع المصدر، حيث إنه نام و”عينه غفلت”، عندما كان يشرح له المصدر تفاصيل المشكلة من خلال المستندات، وفي موقفٍ آخر، طلب منه أحد المصادر أن يُنشر الخبر باسمه -المصدر- بدلًا من المحرر نفسه.

فنانين ولكن

عن المواقف مع الفنانين روى الصحفي “أ.ع” أن المستشار الإعلامي لأحد الفنانين، اتصل به يسأل عن رقم زميلته في العمل، يريد التواصل معها، منفعلًا من خبر كتبته عن الفنان، وحاول الصحفي الإصلاح بينهما، مؤكدًا أنها لا تقصد ذلك، لكنه رفض الإنصات له، وصمم أن يتحدث معها مباشرة، ومنذ ذلك الوقت صار الفنان يرد على هاتفها، ولا يرد عليه هو.

من المواقف الغريبة مع الفنانين أيضًا، هناك فنانتان يُعرف عنهما، أن كلا منهما ترد بنفسها على الهاتف، لكنها تخبر المتصل بأنها الخادمة، وتقول له: “المدام مش هنا أقولها مين”، إلى أن تعرف هوية المتصل، فتقرر هل ترد عليه أم لا؟، معلقًا: “مع إن صوتهم معروف أصلًا”.

أجيب رصيد منين!

هبة ياسين، الصحفية بـ”الحياة اللندنية” قالت إن أكثر المواقف التي تتذكرها كان مع شخصية شهيرة، اتصلت بها لعمل حوارٍ صحفي، وأجرته بالفعل، لمدة ساعتين، كانت تسألها وتجيبها، وفي نهاية الحديث قالت لها: “الكلام ده مش للنشر! وأنا مش حابة أعمل حوارات حاليًا”.

تشابه أسماء

من المواقف المتكررة التي يتعرض لها الصحفيون، الخلط بين المصادر، بسبب تشابه الأسماء، وهو ما وقعت فيه مي عبد الله نائب رئيس قسم الفن بـ”الأهرام”، حيث اتصلت بالمخرج شريف عرفة، باعتباره خبير التنمية البشرية شريف عرفة، وفي مرة أخرى اتصلت بالفنان ماجد المصري، باعتباره ماجد عثمان وزير الاتصالات الأسبق، موضحة أن الأمر ينكشف بعد أول سؤال منها للمصدر، بعد المقدمة التقليدية بالتعريف عن نفسها، معلقة على ذلك بأنه من المواقف المحرجة.

المصدر مات!

مي شاهين الصحفية في “صدى البلد”، هي الأخرى روت عدة مواقف اعتبرتها غريبة حدثت مع المصادر، حيث رد ابن أحد المصادر على هاتفه، وأخبرها “بابا بيجيب حاجة من تحت وراجع”، وكررت الاتصال بعدها بفترة وتلقت نفس الرد، كما أغلقت واحدة من المصادر هاتفها مباشرة بعدما قالت لها: “معلش عندي ضيوف”.

لكن الموقف الأشد تأثيرًا على “شاهين” وهو ما وصفته بأنها أسوأ مكالمة في حياتها، كانت عندما اتصلت بالمصدر فأجابها شخص آخر أخبرها بأنه توفي.

خسارة محمد رمضان

من المواقف التي لن ينساها علوي أبو العلا، الصحفي بـ”المصري اليوم”، الأول كان مع الفنان محمد رمضان، قبل عرض فيلم “الكنز”، حيث ربطتهما علاقة وصفها بـ”اللطيفة”، حيث اعتاد على نشر أخبار عنه، وأخذ موعد ليحاوره في مسرح الهرم، في تمام الساعة الثامنة مساءً، لكن “رمضان” تأخر ولم يصل إلا في تمام الحادية عشر مساءً قبل عرض مسرحيته بنصف ساعة، فطلب منه الانتظار ومشاهدتها، ومحاورته بعدها، وذهب معه إلى مكتب “رمضان”، هربًا من الزحام حول الفنان من الجماهير، ومعه مصور الفيديو والفوتغرافيا، وأجراه بالفعل لكن في تمام السابعة صباحًا.

وعن هذا الحوار الذي أثار جدلًا واسعًا وقتها علق “أبو العلا” قائلًا إنه كتب عنوانا: “محمد رمضان: أفلام إسماعيل ياسين في الجيش أساءت للجندي المصري”، حيث سأله قبلها: “هل وجودك في الجيش بيتحول لحماس للشباب عشان يدخلوا الجيش”، فحوله الفنان للحديث عن إسماعيل ياسين، أردف علوي أنه علق على ذلك قائلًا: “بس أفلامه كانت لهدف قومي”، فأكد “رمضان” على إجابته، وانتهى الحوار، ونزل على “المصري اليوم”، بتاريخ 1 سبتمبر 2017، تزامنًا مع عيد ميلادي وذهبت لمنزلي لأنام.

أضاف أنه عندما استيقظ وجد “الدنيا مقلوبة” على الحوار، حيث حصد حوالي 4 ملايين “ريتويت” على “تويتر” الموقع، لدرجة أن المنتج والمؤلف أحمد الإبياري علق على الموقف قائلًا: “عمري ما شفت الدنيا اتقلبت بالشكل ده إلا يوم عزل مرسي”، مردفًا أنه “اتشتم كتير” بسبب الحوار، ولكن “رمضان” اتصل به معبرًا عن سعادته بالحوار، ولكنه أراد تغيير العنوان، استطرد “علوي” قائلًا: الصدمة التي حدثت له كانت بتعليقات “رمضان” على الناس ونفيه للتصريح الذي سجلته على هاتفين بالصدفة، فنشرنا بعدها التسجيل لإثبات مصداقيتنا، ومنذ ذلك الوقت خسرت محمد رمضان.

موقف آخر إنساني، حدث لـ”علوي” مع الفنان أمير كرارة الذي تربطه به علاقة صداقة أشبه بـ”الأخوة”، واصفًا إياها بأنها: “أكبر من علاقة صحفي بفنان”، وتجمعهما العديد من اللقاءات، ولم يحدث أن طلب منه “كرارة” من قبل أن ينشر عنه خبرًا، حيث انتشرت شائعة منذ عدة أيام تعرض الأخير لحادث ووفاته، فأصيب بصدمة واتصل به مباشرة للاطمئنان عليه فوجد هاتفه مغلقا، فبكى “أبو العلا” تاثرًا بالموقف، لاكتشافه أنه يحب ذلك الإنسان، ولم يطمئن إلا بعدما رد عليه “كرارة” وتأكد من عدم صحة الشائعة.

ابن محمد فوزي يتبرأ من فنه

منى الموجي، نائب رئيس قسم الفن في “مصراوي”، أكدت أنها تعرضت للكثير من المواقف، نظرًا لاعتمادها بشكلٍ كبير في عملها على المصادر، ولكن أغربها كان عند تحضيرها لملفٍ عن الفنان محمد فوزي مع إحدى زميلاتها، وحاولت الوصول لابنه الطبيب، وبالفعل وصلت لعيادته، وقدمت نفسها للممرضة، ورحب بهما لاعتقاده أنهما سيحاورانه عن شخصه وعمله كطبيب، لكنهما أوضحا له أن اللقاء بخصوص الفنان الراحل، فرفض رفضًا قاطعًا الحديث عنه، بحجة أنه اعتاد الظهور في التلفزيون وإجراء حواراتٍ طبية ودينية، ولا يمكن أن يتحدث عن والده الفنان وهو يخاطب الناس بالدين.

حاولت “الموجي” إقناعه بالحديث عن محمد فوزي “الأب”، أو الجانب الديني في حياته، لكنه فاجأها برده قائلًا: “ليه هو محمد رضي الله عنه”، ما أحزنها، فردت عليه قائلة: “لا مش محمد رضي الله عنه، لكن هو زي أي إنسان في حياته جانب ديني”، مؤكدة أنه صمم على عدم إجراء الحوار، لافتة إلى أن الصدمة كانت لـ سبب الرفض وليس الرفض نفسه.

الكتاب صفر