"يا حلو صبح" ليست الأولى.. لماذا يُلاحق أبناء الفنانين مستغلي أعمال آبائهم؟

رباب طلعت

انتصر الموسيقار الموجي الصغير، نجل الراحل محمد الموجي، في معركته التي شنها على الفنانة اللبنانية دوللي شاهين، منذ عدة أيام، لأدائها أغنية “يا حلو صبح” للفنان محمد قنديل، وألحان والده، وكلمات مرسي جميل عزيز، بقرار قناة “مزيكا” بإيقاف عرض الأغنية، بعد الإنذار القضائي الذي وجهته جمعية المؤلفين والملحنين للقناة، في تحركٍ سريع منها، لوقف ما وصفه “الموجي” بـ”الإسفاف”، و”تشويه التراث الفني المصري”.

دوللي شاهين التي أعلنت عن إصدارها “يا حلو صبح” منذ عدة أشهر، لم تنعم بمشاهدتها على شاشات التلفزيون، ولا على موقع الفيديوهات “اليوتيوب”، حيث إنه بعد أيامٍ من عرضها على قناة “مزيكا” شن الموسيقار الموجي الكبير عليها حربًا ضارية، بسبب “عدم ملائمة صوتها” لإعادة غناء الأغنية الشهيرة التي تعد إحدى أغنيات التراث المصري، خاصة أنها أعادت توزيع ألحانها بحسب تصريحها، في برنامج “8 الصبح”، المُذاع على “dmc”.

لم يكن الاعتراض على ما قدمته “شاهين” من الموجي الصغير فقط بل أيضًا من اللواء مجدي مرسي جميل عزيز، نجل كاتب الأغنية، الذي أكد أن أزمته ليست في إعادة غنائها، بل بتقديمها بصورة لا تليق بالتراث، وكذلك عدم احترام الدستور الذي يحمي حقوق الملكية الفكرية، حيث إن الفنانة والشركة المنتجة للكليب لم يحصلا على موافقة ورثة الفنانين، الوارثين بدورهم لتلك الحقوق، وهو ما أكده “الموجي” الذي أشار في نفس المداخلة مع الإعلامي وائل الإبراشي في برنامج “العاشرة مساءً”، المُذاع على قناة “دريم” بأن عقد الاتفاق مع الشركة المنتجة باعتبارها المالك الوحيد للأغنية باطلًا لأنه لم يتم الاتفاق والموافقة عليه، من ورثة صناعها.

تحركت الشكوى التي قدمها نجلا ملحن الأغنية وكاتبها إلى جمعية الملحنين والمؤلفين، والتي أرسلت بدورها إنذارًا قضائيًا للشركة المنتجة للأغنية في شكلها الجديد، كما أكد الشاعر فوزي إبراهيم، أمين صندوق الجمعية، أنهم أرسلوا شكوى رسمية إلى الرقابة على المصنفات الفنية للتحقق من وجود موافقات أصحاب الحقوق المادية والأدبية لأي أغنية أو فيديو كليب قبل منح التصريح، لافتًا إلى أنه كان هناك محاولات لحل الأزمة وديًا مع الفنانة اللبنانية، عن طريق مدير أعمالها، ولكن كان بشرط وقف إذاعة الأغنية أولًا، وهو ما حدث، بحسب تصريحه لـ”مصراوي”.

من جانبه قال الدكتور خالد عبد الجليل، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات لـ”إعلام دوت أورج” أنه لا يعلم شيئًا عن تلك الأغنية، ولم تمر على الجهاز، مؤكدًا أنهم بدورهم الرقابي مهتمين بحقوق الملكية الفكرية، مشدًا أن هناك شرطًا أساسيًا لتمرير، والموافقة على إعادة غنائها، وهو موافقة كتابية من صاحب العمل الأصلي، أو أحد ورثته، ممن لديهم الحق في منح ذلك الحق، بالإضافة إلى جمعية الموسيقيين والمؤلفين، لافتًا إلى أن ذلك ينطبق على استخدام الأغنية أو اللحن في تصوير أحد الأعمال السينمائية أو التلفزيونية.

تلك الأزمة ليست جديدة على الساحة الفنية، فقد تكررت مرارًا، وكان أشهرها ما وقع بين جانجاه شقيقة الفنانة سعاد حسني، والراقصة بارديس، لقيام الأخيرة بأداء أغنية “يا واد يا تقيل” للسندريلا في فيديو كليب، وصفته جانجاه بأنه “أداءً جنسي مباشر”، في مداخلة مع “الإبراشي”، وقد نجحت بالفعل في وقف عرض “الكليب”، قبل أن تعلن بارديس بعدها بفترة قصيرة اعتزالها التام عن الرقص.

استياء أبناء الفنانين من استغلال أعمال آبائهم مرة أخرى، لم يقتصر على تقديمها بطريقة بها “إسفافٍ” أو “ابتزالٍ” بل أيضًا بسوء استخدامها، أو ظهورها بشكلٍ غير لائقٍ، مثلما حدث مع “حامدة” ابنة الشاعر الراحل حسين السيد، مؤلف أغنية “ذهب الليل”، حيث عبرت عن حزنها باستخدام الأغنية ضمن إعلان مستشفى “أهل مصر” للحروق، موضحة خلال حوارها مع الإعلامية منى الشاذلي، في برنامج “معكم” المُذاع عبر شاشة “cbc” أن الأغنية تتصف بالبهجة، فكيف يتم استخدامها في إعلان يتناول قضية إهمال أم تسبب في حرق طفلتها، مؤكدة أنها كادت أن تبكي عندما شاهدتها على شاشة التلفزيون.

 

أما سحر نوح، ابنة الفنان الراحل محمد نوح، فكان استيائها من استغلال أغنية والدها “مدد مدد” في إعلان “أورانج” لتشجيع المنتخب، بسبب عدم ذكر اسمه على الإعلان، وطالبت جمعية المؤلفين والملحنين، بإلزام مستغلي أغاني وألحان الفنانين في أي عمل فني أو إعادة صياغته، بالتنويه عن اسم الفنان الأصلي للأغنية أو اللحن، كنوع من أنواع التقدير والاحترام.

نرشح لك- سحر نوح تعلق على إعلان “مدد مدد” لـ أورنج

وعن سبب تكرار الخلافات بين أبناء الفنانين، ومستغلي أعمال آبائهم، علق المستشار ماضي توفيق الدقن رئيس مجلس إدارة جمعية أبناء فناني مصر، لـ”إعلام دوت أورج” قائلًا إنه لا خوف إطلاقًا من إعادة إحياء الأعمال الفنية من ناحية أبناء الفنانين، وكل ما هناك أن لهم حقوق أداء علني تتعلق بالعمل الأصلي يجب أن توفى إليهم، وفقا للقانون رقم 82 لسنة 2002، فإذا كان النص له مؤلف يجب أن يظهر هذا الاسم على المصنف أيًا كان، وإذا تعلق الأمر بمستحقات مالية تبعًا لذلك فيجب أن تُسدد للمستحقين، مضيفًا: أما الحق الأدبي فهو لا يسقط أبدًا.

وعن إذا ما كان اسم الفنان الذي سيعيد استغلال العمل الفني يشكل فارقًا لدى أبناء الفنانين أجاب: لكل من يخضع للتوصيف كما ورد بالباب الثالث من القانون سالف الذكر حق المؤلف والحقوق المجاورة هو من فناني الأداء، ولا يشكل الاسم في حد ذاته عقبة لمن يؤدي الدور بعد المؤدي الأصلي، ولكن يظل حق الأداء العلني ثابتًا للاثنين، لافتًا إلى أن المشكلة دائمًا تبقى في مقارنة الجمهور بأداء الفنان المؤدي للعمل الأصلي، ومن لحقوه، والتي نتيجتها غالبًا تصب في مصلحة الأول.

 

وعن جمعية أبناء فناني مصر قال نجل الفنان توفيق الدقن إنها تضم كل فناني الأداء ممثلين ومذيعين ومطربين ومخرجين، وتضم عائلة الفنان، وهي تهدف إلى تفعيل التعديلات الواردة على الباب الثالث من قانون حماية الملكية الفكرية في الشق المتعلق بحق الأداء العلني لفناني الأداء، والهدف الثاني حماية التراث من أية اعتداءات تشوه تاريخ العظماء.