أحمد فرغلي رضوان يكتب: المنتخب "يسقط" في ملعب السياسة الدولية

في مشهد نادر باستاد القاهرة في صيف عام 2006 وقف الرئيس الأسبق مبارك وقرينته يتعانقنا بعد إحراز منتخب مصر كأس أمم افريقيا بالفوز على ساحل العاج في النهائي وسط إحتفاء جماهيري ورسمي غير مسبوق، اللقطة ظلت حديث ملايين المشاهدين و”احبوها”! واللافت أن المباراة كانت عقب واقعة حادث غرق العبارة والتي تم نسيانها سريعا! بالفوز الثمين، ممكن أن نقول “مبارك” ونظامه تعاملوا مع كرة القدم بأهمية كبيرة طوال 30 سنة واستغلوها كما يجب في “أوقات” كثيرة للتأثير في الروح المعنوية للمصريين وحشدهم وإلهاءهم في أوقات كثيرة عن الأمور السياسية ووصل الحال بمبارك أنه حضر مران المنتخب أثناء بطولة 2006 حيث كان الإصرار الرسمي واضح من أجل رفع الروح المعنوية للمصريين وسط احتقان سياسي واضح في تلك الفترة! وقد كان وأصبح شعار المرحلة أغنية “منتخبنا كويس..زي ما قال الريس”!

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب:كارما.. فكرة جيدة كانت تحتاج لراوي!

بالتأكيد كرة القدم يتم استغلالها سياسيا في معظم دول العالم في أوقات كثيرة لما لها من تأثير كبير على معنويات الشعوب لدرجة أنها ممكن أن تكون سببا لاندلاع حروب بين الدول أو قطع العلاقات الدبلوماسية هي بالحق الساحرة المستديرة متعة الفقراء والأغنياء، الصغار والكبار وذات مرة قال الرئيس السادت “الشعب المصري يفطر فول ويتغدى كورة ويتعشى أم كلثوم”!

ولذلك تكون الأمال الشعبية “ثقيلة” فوق كاهل المنتخبات القومية بالبطولات العالمية الكبرى وتزحف الجماهير وتسافر وراء منتخباتها من قارة لقارة من أجل مشاهدة فريقها وتشجيعه ولذلك تكون الهزائم وقعها صعب على هؤلاء يصعب تحديد ردود أفعالهم وقتها!

رغم الانتقادات المتتالية لمدرب المنتخب المصري “كوبر” ومشكلاته الفنية مع اللاعبين منذ بداية عهده إلا إنه نجح في تحقيق حلم الوصول لكأس العالم بعد غياب 28 سنة وايضا وصل لنهائي أمم أفريقيا وفي لحظة نسى الجميع ذلك وتراجعت الأصوات التي تنتقد “كوبر” فنيا!! لذلك أتعجب من الذين عقدوا أمال كبيرة عليه في كأس العالم حيث بدأت بشائر “الفضائح” تظهر في المباريات الودية من طريقة لعبه العقيمة وإختياراته لقائمة المنتخب التي شابها المجاملة! ولكن الكثير من الجماهير “حلم” في تحقيق شيئا ما في البطولة! ولكن الحقيقة كانت مؤلمة جدا خاصة بعد الهزيمة الثالثة امام المتتخب السعودي ولذلك كان رد الفعل القوي الذي شاهدناه من الملايين تجاه المنتخب ولاعبيه على السوشيال ميديا وأمام فندق إقامتهم!

صلاح وقديروف

وسط كل تلك الأحداث الحزينة كنت أتمنى ألا يسقط المنتخب في ملعب السياسة حيث لفت نظري منذ البداية اختيار الشيشان لمعسكر المنتخب رغم بعد مسافتها عن ملاعب مبارياته، المشهد “الذي دبره واخرجه الجانب الشيشاني بجدارة” لإستغلال أحد أهم لاعبي العالم الأن “محمد صلاح” كان واضحا منذ البداية في الإستاد مع استقبال رسمي ثم حفل العشاء ليتم منحه حق المواطنة الشيشانية، مما أثار حفيظة “الغرب” بشدة وربما يؤثر على مسيرته في أوروبا، في الغرب هناك تحفظ كبير ضد الرئيس الشيشاني رمضان قديروف لأسباب سياسية على رأسها دعمه وولاءه للرئيس الروسي بوتين وأيضا لإرسال جنوده مع الجيس الروسي لتقاتل في سوريا، ويشيرون له أحيانا في بعض الوسائل الإعلامية بالديكتاتور! بالمناسبة قديروف “غاوي” يستضيف مشاهير الكرة العالميين ويلتقط معهم الصور التذكارية! ليس محمد صلاح اول لاعب عالمي يظهر في الكادر مع قديروف ولكنه الأشهر عالميا الآن ولذلك نال الجانب الأكبر من الانتقادات، وعقب الحديث الاعلامي السلبي من وسائل الاعلام الغربية عن ما وصفوه بالاستغلال السياسي للاعب محمد صلاح قال قديروف “كلها ثرثرة من أعدائنا”، لذلك هي مناوشات سياسية قديمة مع الغرب “تورط” فيها محمد صلاح رغما عنه.

في السياسة لا يوجد شيء يتم دون ترتيب مسبق “اعتقد محمد صلاح لم يكن يعلم تسلسل الأحداث فيما سيحدث بمعسكر المنتخب بالشيشان بداية من الاستقبال الرسمي من جانب “قديروف” وبالطبع اللاعب الصغير البعيد عن “خبايا ونوايا السياسيين” لم يستوعب التداعيات الدولية لتسلسل الأحداث وربما اعتبرها مجاملة واحتفاء رسمي، ولكني أكرر لا شيء يتم في السياسة بدون ترتيبات مسبقة ومدروس ردود أفعالها، ولذلك كان لابد على اتحاد كرة القدم دراسة كل التداعيات قبل أن يوافق على دعوة رئيس الشيشان على استضافة المنتخب وألا يسعد بالاستضافة على حساب “السمعة” الدولية إلى جانب الحديث عن إرهاق اللاعبين لبعد المسافة بين المعسكر وأماكن المباريات!

هكذا دائما كانت ملاعب الكرة فرصة للترويج واستعراض الشعارات السياسية و”التلميع” للشخصيات السياسية ايضا في جميع أنحاء العالم، لما للاعبي الكرة من شعبية عالمية كاسحة وصلت أن لاعب كرة قدم أصبح رئيسا لبلاده “جورج ويا” في ليبيريا وأخر وهو “الحاج ضيوف” ينوي الترشح في إنتخابات الرئاسة بالسنغال.
ولكن للأسف منذ البداية وضح ان الجميع يتعامل مع تصفيات كأس العالم والسفر إلى روسيا من منطلق المثل الشعبي “فرح العمدة” دون مراعاة توفير أقصى درجات التركيز للمنتخب الذي “غرق” في المجاملات وحفلات الاستقبال والعشاء ولازالت المخالفات التي ظهرت بمعسكر المنتخب تتوالى وأتمنى أن تكون هناك محاسبة للمخطئين.