إسراء إبراهيم
اشتهر في السنوات القليلة الماضية، استخدام الشركات المختلفة لألحان قديمة مشهورة أو معروفة لدى الجمهور وذلك من أجل الدعاية لمنتجاتهم، فتعيد صياغة اللحن الذي وقع عليه الاختيار، بإضافة كلمات جديدة تتناسب مع المنتج المعلن عنه، حتى يكون عنصرًا من عناصر الجذب في الإعلان. بعض هذه الإعلانات يلقى قبولًا ورواجًا من قبل الجمهور، والبعض الآخر ينال حظه من الانتقادات، وكان الانتقاد من نصيب إعلان مستشفى “أهل مصر” للحروق، الذي يعرض على الشاشات حاليًا.
وقع اختيار مستشفى “أهل مصر” على لحن أغنية “ذهب الليل”، الأغنية التي قدمها الفنان الراحل محمد فوزي قبل 62 عامًا، من ألحانه وغنائه وكلمات الشاعر الراحل حسين السيد، ليعيدها الإعلان إلى الحياة بصياغة مختلفة تتماشى مع ظروف المستشفى، إلا أنه لم يكن اختيارًا موفقًا على الإطلاق، وواجه عدد من الانتقادات ليست قليلة.
نرشح لك.. فوانيس سلطان (10): إعلانات رمضان.. بين كفتي الميزان
تقدم الإعلان طفلة مصابة بحروق في وجهها، وتغني تلك الكلمات على لحن الأغنية الشهيرة: “سيب اللي بتعمله من فضلك، ركز ويايا، أصل أنا وجع الدنيا بحالها شايله جوايا، ما أنا مش هفضل طول العمر من الناس أدارى”، كلمات الإعلان كانت قاسية بعض الشيء وكأنها تلوم المواطن العادي على حريق الطفلة، وتشعره بالذنب بأن له يد فيما حدث لها.
عدم تقبل الجمهور استخدام “أهل مصر” للحن، جاء من منطلق تعلق الجمهور بها، فعلى الرغم من مرور نحو 62 عامًا على إذاعة الأغنية لأول مرة عام 1955، إلا أنها تعتبر تراثًا من ذكريات أغلب المصريين، كونها أغنية الطفولة التي لا تزال صامدة حتى الآن ويسمعها الأجيال الجديدة من الأطفال، وكذلك بسبب قسوة الكلمات وأسلوب تقديمها على اللحن، وهو ما اعتبره البعض استغلالًا لعواطف الناس، وتشويهًا لجزء متعلق بطفولتهم.
لم تكن تلك المرة الأولى التي استخدمت فيها مستشفى “أهل مصر” للحن الخاص بالأغنية، إذ أنها قدمت نفس اللحن على إعلان قدمته خلال رمضان الماضي، على كلمات مختلفة عن كلمات إعلان هذا العام، إلا أنه واجه نفس موجة الانتقادات، لأن الإعلان يُظهر أن الأم تسببت في حرق طفلتها.
كانت حامدة حسين ابنة الشاعر الراحل حسين السيد، أعربت عن حزنها من استخدام أغنية “ذهب الليل” التي كتبها والداها ضمن إعلان المستشفى، وذلك خلال حلولها ضيفة على برنامج “معكم منى الشاذلي” المُذاع عبر شاشة “cbc” مع الإعلامية منى الشاذلي، موضحة أن الأغنية تتصف بالبهجة، كيف يتم استخدامها في إعلان يتناول قضية إهمال أم تسبب في حرق طفلتها.
تابعت “حسين” قائلة: “ما ضاقتش الدنيا، لازم يكون في احترام للمادة وتمييز”، مشيرة إلى أن استخدام الأغنية في الإعلان لن يؤثر فيها لكنها خسارة في عدم الحافظ على قيمة الأشياء، مضيفة: “يوم عرضه كنت على وشك البكاء”.
ظاهرة استخدام الألحان القديمة وإعادة إحيائها ليست جديدة، لكنها بحاجة إلى التوظيف الجيد والحفاظ على هوية اللحن والأغنية، وعدم ترك شعور لدى الجمهور بالاستياء من استخدام الشركات لهذه الألحان والأغاني، تلك الوصفة ليست صعبة المنال حيث تم تقديمها في عشرات الإعلانات على مدى الأعوام السابقة، بل ونجح استخدام بعض الألحان القديمة هذا العام في عدد من الإعلانات، التي أعادت تجديدها وصياغتها.
من بين تلك الإعلانات الناجحة في استخدامها لألحان قديمة، إعلان مؤسسة مجدي يعقوب للقلب، والذي قدم أغنية “قلبي ومفتاحه” للفنان الراحل فريد الأطرش، مع تغير بعض كلمات الأغنية لتتماشى مع هدف الإعلان، ورغم استخدام الإعلان أطفالًا في الغناء كما فعل إعلان “أهل مصر”، إلا أنه حقق نجاحًا كبيرًا، بل ازداد تأثير الحملة الإعلانية من خلال مشاركة الناس للإعلان عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بمعنى أنها نفس التركيبة لكنها أصابت الهدف في إعلان، وخسرت في إعلان آخر.