"أيوب".. عودة النجم الضال

إسراء إبراهيم

حالة من النجاح الملحوظ يشهدها الفنان مصطفى شعبان هذه الفترة، وذلك بعد غياب تلك الحالة عنه لعدة سنوات، تجسيده لدور “أيوب” في المسلسل الذي يحمل نفس اسم الشخصية، والذي يُعرض خلال شهر رمضان الحالي، كان بمثابة بوابة عبور له من حالة النمطية والتقليدية التي اعتاد عليها الجمهور منه منذ نحو 8 سنوات.

ظهر “شعبان” في رمضان هذا العام، في ثوب جديد مختلف تمامًا عن ما قدمه خلال الأعوام الماضية، إذ أنه ابتعد تمامًا عن شخصية “الرجل المزواج”، الذي يتلاعب على حبال استخدامه للدين ويظهر حاملًا في يده “السبحة” ويرتدي جلبابًا، والذي يمتلك رفاهية المعيشة والمال، ليظهر في “أيوب” بشخصية المواطن البسيط المغلوب على أمره، الذي يغرق في الديون ولا يجد حيلة لإنقاذ نفسه، ولكنه يقرر فيما بعد عدم استسلامه لليأس والقهر ويقرر استخدام ذكائه لتعويض ما فاته والانتقام ممن تسببوا في إيذائه.

بدأت نمطية أدوار مصطفى شعبان بعد مرحلة تقديمه مسلسل “العار” عام 2010، والذي جسد خلاله دور “مختار”، والذي كان دورًا مختلفًا عن ما كان يقدمه قبل المسلسل وشهد من خلاله نجاحًا كبيرًا، بعد ذلك استغل “شعبان” نجاح تلك الشخصية ليقدم شخصية قريبة منها في مسلسل “الزوجة الرابعة”، ومن هنا بدأت توجه الانتقادات له، لكنه استمر في تقديم نفس ملامح الشخصية باختلاف قصة العمل وأحداثه، مرورًا بـ “مزاج الخير”، “دكتور أمراض نسا”، “مولانا العاشق”، “أبو البنات”، انتهاءً بمسلسل “اللهم إني صائم” العام الماضي.

ردود الأفعال الإيجابية على مسلسل “أيوب” لها أسباب عديدة منها، تقديم مصطفى شعبان لونًا جديدًا عنه، ليظهر وكأنه قرر تغيير ثوب استمر على هيئته 8 سنوات، وكذلك  صدق المشكلة التي يقدمها ضمن أحداث العمل، والتي يعاني منها العديد من المواطنين البسطاء، ما جعل الجمهور يشعر بأن الشخص الذي يظهر على الشاشة هو واحد منهم، يعاني من نفس مشكلاتهم، بالإضافة إلى جرعة الحزن والكآبة التي غلبت على ما يقرب من نصف حلقات العمل، كان حافزًا لمحبي التراجيديا لمتابعة العمل.

ظهر “شعبان” في تجسيده لشخصية “أيوب” كمن ضل سبيله ثم اهتدى، وكأنه كان يحتاج لشخص ينتزعه من تلك الشخصية التي ظلت متمسكة به لسنوات، وهذا ما فعله مؤلف العمل محمد سيد بشير، الذي قدم قصة مختلفة له، وكذلك المخرج أحمد صالح، الذي جعل “شعبان” يظهر وكأنه شخصًا غير الذي كنا نراه.

تميز “شعبان” خلال أحداث “أيوب” بتعبيراته الصادقة، التي جعلت الناس تتأثر بما تمر به الشخصية، دون افتعال أو “أفورة” في التعبيرات المطلوب ظهورها على الشاشة، معاناة المديونين التي جسدها مصطفى شعبان وصلت إلى الناس بالمعنى المطلوب، وكأن “شعبان” قدم السهل الممتنع في آن واحد، ونجاح شخصية “أيوب” جعلت مؤسسة “مصر الخير” تستعين بالشخصية في حملتها الإعلانية لسد دين الغارمين.

مصطفى شعبان ممثل “تقيل” لكنه غرق في تقديم نفس الشخصية ولم يأبه بملل أو نفور الجمهور منها، فهو واحد من نجوم الصفوف الأولى وله نجاحات عديدة في السابق، سلك طريقًا وتمادى فيه، لكنه عاد ليستجمع نفسه مرة أخرى حتى وإن استغرق الأمر العديد من السنوات، وعليه أن يعلم أن الممثل هو “مشخصاتي” يُقدم كافة الأشكال والألوان الفنية، ولا يكتفي بنمط واحد يكرره مررًا، وكذلك عليه عدم استغلال نجاح شخصية “أيوب” مرة أخرى حتى لا يحرق نفسه جماهيريًا، التجديد والمخاطرة في كثير من الأحيان يكون عنصرًا للنجاح في حد ذاته.