تريزيجيه والهروب من شبح صلاح

محمد حسن الصيفي

بالأمس أحرز محمود حسن تريزيجيه لاعب قاسم باشا هدفين وصنع ثلاثة آخرين لزملاءه في فوز فريقه العريض على فريق طرابزون في الدوري.

هذا الأداء الاستثنائي يعيدنا للتفكير وتقييم التعامل مع هذا اللاعب الشاب في الأوساط الرياضية، وما وصل إليه اللاعب خلال مسيرته ولأي مدى يشارك بنفسه في هذا الظلم لنفسه؟

شبح صلاح

البعض يضع الأسباب كلها في سلة واحدة، ويرمي بالكرة عند صلاح، وأن تريزيجيه لا يأخذ حقه في الإعلام والمتابعة لكون صلاح هو النجم الأوحد للكرة المصرية الآن.
صحيح أن صلاح يفعل ما يشبه الزلازل والبراكين على مستوى كرة القدم لكن هذا الأمر ليس مبررًا بعدم الاهتمام بتريزيجيه من جانب الإعلام، بل إن البعض بالتأكيد لن يملك الجرأة ليقول إن الإعلام يقوم بالاستسهال والصعود فوق موجة “الترافيك” والمتابعة الجماهيرية الكبيرة لصلاح وإغفال النجوم الآخرين.
فليس من مصلحة المنتخب ولا الكرة المصرية بشكل عام أن يرتفع نجم لاعب في مقابل إغفال قدر النجوم الآخرين.
كما أنه على مستوى الأرقام والفاعلية فتريزيجيه تسبب في ركلة جزاء في المباراة الأولى في التصفيات ضد غانا وركلة أخرى في المباراة الحاسمة ضد الكونغو والتي سددها صلاح، إلى جانب كونه اللاعب التكتيكي الذي يكن له كوبر المدير الفني للمنتخب كل التقدير، بل إن كوبر يعتبره الجناح الأيسر الأفضل في مصر طبقًا للمشاراكات والمناسبات الرسمية والمواعيد الهامة.

نرشح لك: أول كارت أصفر لـ محمد صلاح

إخفاق وعدة نجاحات ولكن …

هناك أسباب تقع على اللاعب نفسه حتى لو كانت غير مؤثرة على الأمر هنا داخل مصر لكن لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار.
ففي الوقت الذي أخفق فيه تريزيجيه مع إندرلخت “أحد أعرق أندية بلجيكا” وخرج بعدها لموسكرن البلجيكي ثم إلى قاسم باشا التركي ليقدم مرودًا مميزًا للغاية مع تلك الأندية وهي أندية وسط في تلك الدوريات، وتلك الدوريات نفسها ليست بالقوية فهي في العادة محطات للخروج للدوريات الألمع “الإنجليزي والإيطالي والإسباني”
لكن الأزمة ليست متعلقة بالناحية الكروية في كثير من الأحيان، فسلوك النجم وأفكاره أصبح لها العامل الأهم أو فيما بين الأقواس يسمى “استثمار الموهبة”
وتريزيجيه حين ذهب لإندرلخت وقع في فخين “ع الأقل من وجهة النظر هناك” ساهمت في هبوط أسهمه في الفريق الأشهر في بلجيكا

1.في لقاء تلفزيوني للاعب بعد خروجه على سبيل الإعارة لفريق موسكرن قال إنه وضَح للمسؤلين بالفريق أنه لاعب كبير وقادم من فريق كبير إشارة للنادي الأهلي ولا يمكن أن يتحمل الجلوس على مقاعد البدلاء وأصر على الخروج للإعارة !
2.قبلها وضع تريزيجيه صورة لجماهير إندرلخت على حسابه الشخصي على موقع انستجرام وعلي وجوه المشجعات علامة مائية، فاستاء الجمهور بشدة واضطر تريزيجيه لحذف الصورة والاعتذار وأنه لم يكن يقصد الإساءة للفتيات بحسب ما وصل لجمهور الفريق فهو تصرف وفق قناعاته وأفكاره الخاصة والتي تعتبر لاشك مسيئة وكارثية عندهم
أضف إلى ذلك ضعف اللغة لدى اللاعب حتى الآن، وشخصيته التي تميل كثيرًا للإنطواء وعدم التواصل بشكل كبير مع العالم من حوله وذلك طبقًا لأكثر من حديث أدلى به في مناسبات مختلفة.

مواقف وأشياء توضح أن عقلية اللاعب لاتزال تحتاج لتطور كبير وسريع ليواكب تواجده في عالم يختلف بالكلية عن العالم العربي وعن أهل الشرق، تطور يحتاج لإتقان اللغة بشكل قوي للتحدث بشكل أفضل في الللقاءات والأحاديث الصحفية وقراءة الكتب وسماع الموسيقى ومشاهدة أفلام السينما .. وغيرها من مظاهر الانخراط في ثقافة الدول والتعرف عليها فهذا يمنحه الثقة بنفسه بقدر ما يمنعه من الوقوع في فخ جديد يعرقل مستقبله بالخارج

ارتفاع السقف

ربما يأتي هناك سبب لعدم الاهتمام بلحظات تريزيجيه الهامة أن صلاح رفع الحالة الكروية لأبعد مكان، يكاد يكون ألغى فكرة السقف، فذهبت الأنظار لبعيد، أصبحت متعطشة لوحش الشاشة وكاسر الأرقام ومرود الأحلام، وأصبح متابعة اللاعبين في الدوريات المتوسطة في أوروبا أمر غير محبذ فنحن مع الفرس الجامح .. حتى أن اللاعبين المصريين المتواجدين في الدوري الإنجليزي برفقة صلاح من المستحيل أن تجد بقعة الضوء المسلط عليهم تماثل نسبة واحد إلى عشرة من حجمها مع الأخير، بل إن الأمر وصل أن الاهتمام أصبح منحصر فقط حين تواجه فرق هؤلاء اللاعبين محمد صلاح !
والأمر يعيدنا هنا للإعلام ودوره فهو اللاعب الأساسي الآن في رفع ثقافة الجماهير، وإلقاء الضوء على جميع اللاعبين بنسب تميل للعدل وأن تغير مفهوم الاهتمام السطحي الظاهري، فتريزيجيه ومعه رمضان صبحي وكوكا والمصريين العشرة في الدوري السعودي لابد من إلقاء الضوء عليهم حتى تتحسن نفسياتهم وبالتالي يتحسن إيقاعهم ويحدث حراك تصاعدي وبدل أن يكون لدينا صلاح واحد يصبح لدينا أكثر من صلاح.