"سوبر مسلم".. أحدث صيحات الذكر "أون لاين"

طاهر عبد الرحمن

تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي، فيس بوك وتويتر وغيرها، صفحات وجروبات دينية كثيرة ومتعددة، منها ماهو محدود التفاعل والتأثير، ومنها ما تحول لظاهرة أو “تريند”، حيث يصل عدد متابعي تلك الصفحات والمنضمين لها بمئات الآلاف، منها على سبيل المثال جروب “سوبر مسلم”، الذي يعد أحدث “صيحة” في عالم “الذكر الإلكتروني”، بعدد متابعين تخطى النصف مليون على “فيس بوك”، و الـ20 ألفًا على “تويتر”.

الفكرة الرئيسية في تلك الصفحات هي أنها، كما تقول معظمها في التعريف الخاص بها، “مجتمع إسلامي مصغر من المجتمع الإسلامي الكبير الذي نحلم به”، تعتمد على نشر رسائل إيمانية مختلفة، قد تكون أدعية أو “حملات استغفار” وذكر في أوقات مختارة.

نرشح لك: تراخيص إعلامية لمشاهير السوشيال ميديا في الإمارات

وفي الحقيقة فإن تلك الصفحات تعتبر النسخة الحديثة من طرق “الذكر” التي بدأت منذ أكثر من عشرين عاما، تحديدًا منتصف التسعينات، مع الانتشار الواسع لشبكة المعلومات الدولية، الإنترنت، وصولا لمواقع التواصل الاجتماعي في العصر الحالي.

فيما يلي يستعرض “إعلام دوت أورج” مراحل ظاهرة “الذكر الأونلاين” وتطورها من زمن رسائل “الإيميل” والموبايل، وحتى زمن “الجروبات”.

– من “الياهو” و”الهوت ميل” إلى الموبايل

تعتبر تلك الرسائل البداية الحقيقية لـ”حلقات الذكر الإليكتروني”، حيث كان يتم إرسال رسائل بريدية بطريقة عشوائية من مجهولين لمستخدمي برامج “الياهو” و”الهوت ميل”، بأشكال وصور مختلفة، منها ماكان رسائل تذكير، أو نصائح وإرشادات دينية، أو أخبارا تحمل طابعًا دينيًا، كعدد الذين أسلموا في بلد ما، أو إحصائيات عن عدد المسلمين في أمريكا وأوروبا والصين مثلا، مع التذكير بأهمية إرسالها لعدد معين من الناس حتى تنال الثواب والأجر.

ومع ظهور الهاتف المحمول “الموبايل”، أواخر التسعينات، انتقلت تلك الرسائل الإيمانية من خلال رسائل نصية قصيرة تحمل نفس الطابع، ومع أن تلك الرسائل كانت ذات تكلفة مادية عالية على المرسل في وقتها، إلا أن ذلك لم يحد يحد من تلك الظاهرة، وأكثر من ذلك فإن تلك الرسائل كانت تحمل طابع التهديد بحيث إن المتقاعس عن نشرها وإرسالها يناله عقاب إلهي شديد!

– رسالة الشيخ أحمد وغزوة مانهاتن

هما رسالتان انتشرتا بشكل مخيف جدًا، ليس فقط عن طريق الرسائل الإلكترونية أو النصية القصيرة، بل وصل الأمر لطباعتهما على ورق وتوزيعهما على الناس في كل مكان، في الشوارع والمساجد والمقاهي والمواصلات العامة الأولى عن “رؤية” من شخص اسمه أحمد، وظيفته كما تقول الورقة، “حامل مفتاح الحرم النبوي الشريف، ومفادها أنه رأى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في المنام وأخبره بقرب قيام الساعة، وحمله أمانة توصيل تلك المعلومة لكل الناس، مع التحذير من انتشار الفتن والظواهر المنافية للدين (تبرج النساء تحديدا)، والتأكيد على القيام بنشر تلك الرسالة لعدد (25) شخصاً تحديدا، وعدم إهمالها لأن ذلك يعرض الشخص المهمل للعقاب.

ولقد استدعى الانتشار الواسع لتلك الورقة الغريبة والجدل الكبير الذي أثارته إلى تدخل كبار علماء الدين، كمُفتي السعودية الشيخ ابن باز، لتفنيد مزاعمها، وتوضيح خطورتها على الدين نفسه.

وأما الورقة الثانية فهي تقدم تفسيرا قرآنيا متعسفا لأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في أمريكا، وأن تلك الأحداث ورد ذكرها نصا في سورة التوبة، وبالتحديد في الآيتين 108 و 109 وهما رقمي برجي التجارة العالمي المنهارين، وهذه الآية تقع في الجزء ال11، وهو يوم الهجوم، كما أن رقم السورة هو 9، وعدد كلماتها 2001، والمعنى الواضح أن القرآن تنبأ بتلك الأحداث، وهو مايشابه منهج الدكتور زغلول النجار، الذي اشتهر بتفسيراته العلمية “المبهرة” لآيات القرآن الكريم، وبالطبع فإن قطاعا كبيرا من المؤمنين والمتشوقين لـ”دلائل إيمانية” كبرى يتلقفون مثل تلك الاكتشافات الكبرى ويسارعون لنشرها بكل الوسائل، ولا تزال موجودة ومنتشرة وتظهر بين الحين والآخر.

الرسالتان تجدد ظهورهما مؤخرًا على “السوشيال ميديا”، وبشكلٍ ملحوظ، حيث يتداولها العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من كل الفتاوى المكذبة لهما.

– الإيمان بـ”الطماطم”

واحدة من أغرب الطرق التي يتم استخدامها للتدليل على المعجزات الإلهية في العصر الحالي، حيث تظهر تقارير مصورة مفاجئة تعرض ظهور اسم الله، عز وجل، أو اسم النبي محمد، في مواقع ومواضع غير معتادة، مثل قدم طفل، أو شجرة في غابة، أو منحوتا في الصخر، أو مواقع جغرافية، أو داخل حبة طماطم أو تفاحة، ومع إنه من السهل إثبات زيف تلك الڤيديوهات و “فبركتها” إلا أنها تلقى نسب مشاهدة عالية جدا، بل ويطلب ناشر الصورة ممن يشاهدها مشاركتها على نطاق واسع، كي يراها آخرون، ويذكرون الله! في محاولة منهم لزيادة عدد “الشير” و”الكومنتات” على الصفحة.

– “سوبر مسلم”

هو “جروب” ديني مفتوح على موقع التواصل الاجتماعي، “فيس بوك”، هدفه الرئيسي عمل “مجتمع إسلامي” صغير كنواة للمجتمع الإسلامي الأكبر الذي ينشده الجميع، وتنحسر طبيعة منشوراته في نشر الأذكار الدينية، والنصائح المباشرة، متجنبا كل الموضوعات الدينية الخلافية، وبعيدا عن السياسة وصراعاتها، وهو “جروب” مفتوح للجميع دون استثناء، ويعتبر من أكبر التجمعات الدينية حاليا من حيث عدد أعضائه ومدى التفاعل مع منشوراته، وبالرغم من أنه متواجد منذ عدة سنوات إلا أن تحول مؤخرًا لظاهرة جديدة من مظاهر الذكر، حيث حوله أعضائه لحلبة مسابقات، يتسابق الجميع على من هو بطل “البوست” الأكثر مشاركة، بنسج عدة حكايات وهمية مثل أن تؤكد إحدى المشاركات أن ابنتها تعاني من مرضٍ ما وكانت قد يأست من علاجه، إلا أنها وبـ”مشاركة” منشور الاستغفار، قد شفاها الله! أو الظاهرة الأحدث وهي الاستغفار بنية تحقيق شيء معين.