صور : مهرجان برلين .. النجاح يبدأ من التفاصيل

محمد عبد الرحمن – برلين

بالنسبة لمن زارو مهرجانات عالمية عديدة من قبل فإن هذا التقرير سيصنف بالقطع باعتباره “إحداث” لكن بما أنها المرة الثالثة التي أتلقى فيها دعوة لحضور مهرجان برلين السينمائي الدولي، فإنني أحاول من خلال هذه الملاحظات لفت الإنتباه لكيفية اهتمام المهرجانات الكبرى بتفاصيل تسهل على المشاركين خصوصا الصحفيين تغطية الفعاليات خصوصا وأن معظم الصحفيين يأتون إما على نفقتهم الشخصية أو يدفعون نصف التكلفة على الأقل، على سبيل المثال الصحفي الذي لا يحصل على دعوة رسمية يدفع 60 يورو – أكثر من 1200 جنيه- ليحصل فقط على الكارنيه الذي يسهل له دخول أروقة المهرجان وحجز تذاكر الأفلام، لهذا وللتأكيد مرة أخرى فأن هذا التقرير موجه للصحفيين الذين لم يحضروا مهرجانات محترفة من قبل، وهي إما أوروبية أو أمريكية أو مهرجان دبي على المستوى العربي، وكذلك للمهتمين بصناعة السينما والذين يتساءلون دائما لماذا لا تتطور مهرجانات مصر والعالم العربي لتنافس المهرجانات العالمية، غير أن الإنصاف يدفع للقول بأن التطور ليس بيد إدارة المهرجان فقط، فبدون انتاج سينمائي غزير وفعال، وحركة صحفية ونقدية تواكبه، واهتمام جماهيري لن تفلح إدارة أي مهرجان في تقديم دورة على مستوى متميز، أما في حال توافرت تلك العناصر وتراكمت الخبرات لدى إدارات المهرجان عاما تلو الآخر تصبح التفاصيل وقتها “مبهرة” من يراقب التراجع المستمر في مستوى المهرجانات العربية .

المركز الصحفي لمهرجان برلين يتسع لعشرات الصحفيين في نفس الوقت، ولأن عدد الصحفيين المتواجدين يقدر بالآلاف فطوال ساعات عمل المركز لن تجد مقعدا خاليا بسهولة فكل صحفي ينهى ما يكتب ويذهب لمشاهدة فيلم ويأتي مكانه صحفي آخر وهكذا، علما بأن كارنيهات المهرجان الخاصة بالصحفيين بعضها يحمل علامة تعطي أولوية لصاحب الكارنيه كونه ينتمى للصحافة اليومية .

في نفس المكان وهو فندق جراند حياة الملاصق لقصر المهرجان، تتوافر عدة شاشات تسمح للصحفيين الذين لم يجدوا مكانا لحضور المؤتمرات الصحفية أن يتابعوها صوت وصورة عبر الشاشات، دون الحاجة للوقوف والتزاحم داخل مكان اقامة المؤتمر والذي يجاوره غرفة خاصة لالتقاط الصور التذكارية للنجوم بعد المؤتمرات وهي مكان مختلف عن المخصص لالتقاط صور السجادة الحمراء بكل تأكيد

لا صحافة بدون موبايل هذه الأيام، وكل أجهزة المحمول حتى نوكيا بعد العودة تحتاج لشحن مستمر، ومن الصعب توفير منافذ للحصول على الكهرباء بعدد الموجودين في المركز الصحفي فكان الحل ما نراه في الصورة التالية

توفر إدارة المهرجان الماء المثلج ومشروب النيسبرسو مجانا للمتواجدين في المركز الصحفي، الصورة التالية لواحدة من ثلاث ماكينات نيسبرسو تقدم الخدمة، لكن التقاطها استغرق 5 دقائق، حيث طلب الموظف المختص واسمه إفرايم “إبراهيم” من المكسيك الوقت الكافي لتنظيف الماكينة لأنه لن يستطيع الموافقة على التصوير إلا وهي في حالة جيدة .

في دورات سابقة كانت إدارة المهرجان توفر زجاجات المياه واكواب بلاستيك للقهوة، هذه المرة هناك “فناجين بيضاء” كالتالي تظهر في الصورة السابقة لكن الإقبال يعني انتظار الكثيرين حتى يتم تنظيفها كما أنه لا يوجد زجاجات للمياه، فما الحل، أكواب بلاستيكية تحمل شعار المهرجان الموجود في كل مكان تقريبا، ثمنها 2 يورو ويمكن استردادها بعد تسليم الكوبـ، بالتالي يقوم الصحفي بتناول كل شئ في الكوب “المؤجر” أو “المرهون” بالتعبير المصري، وينظفه بنفسه، وإذا أردت يسترد الرهن أو يحتفظ بالكوب.

وأنت في المركز الصحفي ستجد مئات النسخ من أوراق عليها أكواد، وتحمل تاريخ اليوم أو اليوم التالي فقط، حيث تسهل على الصحفيين حجز الأفلام حسب كود كل فيلم، من خلال شباك التذاكر الموجود بالمركز الصحفي وهي تجربة طبقها مهرجان القاهرة قبل عامين لكنها لم تنجح لأسباب عدة، ولمن يتذكر كان بعض المنتجين يشترون تذاكر الحفلة بالكامل، في برلين الوضع مختلف لأن السينما للجميع .

لأنها للجميع، ستجد في عدة مواقع، من بينها المول الملاصق للمهرجان شباك التذاكر مفتوحا للجمهور العادي أو رواد المهرجان من غير الصحفيين، بجانب جدول الأفلام، بالمناسبة التذاكر لا تعني أن الفيلم دخوله بمقابل، الهدف هو ضمان أن يدخل الفيلم عدد الأشخاص المناسب لعدد مقاعد الصالة المخصصة لذلك، بجانب التذاكر المدفوعة لمن لا يحملون الكارنيهات ويقدر عددهم ب 300 ألف على الأقل سنويا

من المقارنات اللطيفة في كواليس هذه الدورة، شياكة شنطة المهرجان الحمراء بالمقارنة بالرمادية، حيث كان الإقبال أقل بالنسبة للشنطة ذات اللون الرمادي، وعندما يتسلم الصحفي الشنطة الخاصة به يتم “خرم” الكارنيه، دون الحاجة للبحث عن اسمه وأن يوقع بالاستلام كما يحدث في بعض المهرجانات المصرية، شخصيا فوجئت بأن الشنطة المتاحة رمادية، وأنا أريد الحمراء وطلبتها باصرار ما دفع الموظفة المختصة للبحث عن “قطر” – سلاح حاد صغير- لفتح صندوق “شنط حمراء” خصيصا، وبعد قليل من الدردشة اتضح أنها زارت مصر مرة وحيدة وهي طفلة عام 1986 .

بمناسبة الحديث عن الكارنيه، كل متابع للمهرجان يصبح له رقم لا يتغير دورة بعد أخرى، الأمر الذي يجعل استلامه يتم في خمس ثواني تقريبا، دون الحاجة للبحث في الكشوف واستخدام الحروف الأبجدية والوقوع في فخ تشابه الأسماء، وبالقطع لن تسمع أبدا عبارة ” الكارنيه لسة مطلعش”، من سلمتنى الكارنيه اسمها “دانيلا” توقفت عن اسم “عبد الرحمن” وقالت أن لها صديق مصري يحمل نفس الاسم فهل نحن أقارب؟ تساءلت هي ببراءة، وكان امامي خيارين إما أن اخبرها بالحقيقة وهو ان نصف المصريين اسمهم محمد وربعهم عبد الرحمن، أو أنني وصديقها فعلا من عائلة واحدة تضم أيضا، عبد الرحمن أبو زهرة وعبد الرحمن الأبنودي وعبد الرحمن الشرقاوي وعبد الرحمن الجبرتي.

أخيرا وأيضا بخصوص “الشنطة” وأن تسير بها قد تجد من يسألك “كيف أحصل على مثلها” ليس لأنها حقيبة عملية قد تصلح لمهام كثيرة لكنهم هنا يقدرون “السوفينيرز” أي الهدايا التذكارية، بجانب أنها تحمل علامة ماركة سيارات شهيرة، وخامة القماش جيدة للغاية، لمن ليس صحفيا ولم يحصل عليها بالمجان، فإن إدارة المهرجان “تتاجر” حرفيا في هذه الأشياء وتعتبر من مصادر الدخل المحترمة، كل ما تتخيله يتم وضع شعار المهرجان عليه وبيعه بأسعار تبدأ من 5 يورو تصل إلى 180 يورو مثل سعر الحذاء الرياضي، فلاشات وميدالية مفاتيح، ولاعة، بافتة طفل، لانش بوكس، كل ما يمكن أن يحمل كهدية سواء من زوار المهرجان من خارج ألمانيا، أو أهل البلد الذين يحبون دعم الحدث بكل مأ أتيح أمامهم من فرص

نرشح لك : ريم صالح: أهالي “روض الفرج” ألهموني