عمرو دياب.. نجم لا ينطفئ

نهلة سويلم

خلال الأيام الماضية كان الهضبة عمرو دياب حديث السوشيال ميديا، بعدما نشر فيديو جديد له من تدريباته في “الجيم”، حتى إن الإعلامي عمرو أديب قد علق عليه في حلقتين متتاليتين، في برنامجه “كل يوم” المُذاع عبر قناة “on e”، وقد انتشر ذلك المقطع بنفس قدر الفيديو الأصلي.

ليس ذلك جديدًا على عمرو دياب فعلى مدار ثلاثة عقود، استطاع أن يخطف الأضواء دائمًا ويصبح حديث الصحافة والإعلام والسوشيال ميديا، وإن كان ظهوره فيهم بشكل مباشر نادر، بالإضافة لحفاظه الدائم على نجاحه ونجوميته، لعدة أسباب يستعرضها “إعلام دوت أورج” فيما يلي:

لديه ما يقوله دائمًا

قد يكون نجاح عمرو دياب مرتبطًا بأسباب لا حصر لها، ولكن ما يجمع عليه الجميع أنه لم يكن من السهل على فنان عادي الاستمرار طيلة 30 عامًا بكل هذا النجاح وسط التنافس الشرس في الوسط الفني، بل ينجح في التربع على القمة دون أن يخبو سحره أو يمل منه مستمعيه، فمنذ ظهور عمرو دياب في أوائل الثمانينات، بألبوم “يا طريق” في 1983، وحتى آخر ألبوم له “معدي الناس” العام الماضي، لم يسجل أي فشل يذكر، فمسيرته ظلت في الاستمرار على مدى الثلاثة عقود، وظل يرتفع في حين أن غيره من أبناء جيله يتهاوى، وبالبحث في حقبة الثمانينات والتسعينات عن مطرب حقق نجاحًا وشعبية بقدر نجاح وشعبية “دياب”، فلن نجد من أبناء جيله أو ممن سبقوه أو أتوا بعده من يستطيع منافسة “الهضبة”.

بالإضافة إلى ذلك، استطاع “الهضبة” تقديم 32 ألبوم طوال مشواره الفني، ما يعني أنه حرص على التواجد بألبوم واحد على الأغلب كل عام، فأصبحت عادة ينتظرها منه جمهوره، بل أصبح الكثيرين ينتظرون ألبومه ليبدأوا به موسم الصيف، إيمانًا منهم أنه سيجد ما يمتعهم به في كل مرة، وعن ذلك يقول الدكتور زين نصار، المؤرخ الموسيقي، إن بخلاف بعض الفنانين الذين صعدو واستمروا سنة وأخرى، وبعدها اختفوا ولم نسمع عنهم شيئًا، كون عمرو دياب مستمرا على مدار السنوات الطويلة فهذا يؤكد أنه “لديه ما يقوله”.

لا تراجع عن القمة

على رغم من زعم البعض مؤخرًا أن عمرو دياب لجأ لتكرار ألحانه وكلماته لأنه لا يملك أي جديد ليقدمه لجمهوره، واتهمه النقاد وبعض الملحنين مثل حلمي بكر وهاني شنودة باللجوء لهذه الحيلة السهلة لاستعادة جيل كامل من محبي أغاني الثمانينات والتسعينات، وهو الأمر الذي لم يكن موفقًا فيه في آخر 3 ألبومات “معدي الناس”، و”أحلى وأحلى”، و”شفت الأيام”، إلا أنه جاء رد بعض النقاد وبعض من عملوا مع “الهضبة” أنه لا يزال يتمسك بطابع “النوستالجيا” الذي قد تجده في بعض أغاني كل ألبوم جديد، الذي له القدرة على العودة بك إلى الماضي سواء في الألحان أو الكلمات فيما لا يتعدى الثلاث دقائق، وهذا شيء يضيف له لا يعيبه، أما الشاعر تامر حسين، الذي تعاون مع “الهضبة” عدة مرات جاءت أكثرهم في آخر 3 ألبومات التي أثارت كل هذا الانتقاد، فقد علق قائلًا: “عمرو مٌتفانى ف العمل بشكل غير عادى .. إنه يركز فى أدق التفاصيل.. وأهم حاجة عنده الأغنية الحلوة”.

وما كانت ستتحقق استمرارية عمرو دياب الأسطورية لولا اجتهاده، واصراره على الحفاظ على مكانته في الوسط الفني، وتقديم ما يرضي جمهوره دون انقطاع، فيقول الشاعر تامر حسين: “يعمل ليل مع نهار ولا يجد وقتا للراحة طوال الوقت، يعمل على أغاني جديدة ومختلفة، لا يرتبط بموعد طرح الألبوم فقط فهو بعد طرح كل ألبوم يعمل على الجديد في نفس اليوم وأحيانا يكون العمل من قبل ذلك أيضًا.”

الحفاظ على “الأكثر مبيعًا”

لا شك أن جزء من نجاح الفنان هو الفريق المعاون له، ففكرة العمل المنفرد لم تعد مناسبة في عصرنا الحالي، فأصبح أي فنان محترف يستعين بفريق متكامل، يختص بالدعاية والإعلان عن الأعمال الفنية الجديدة والترويج لها، سواء في الشارع أو على صفحات السوشيال ميديا، فنرى أن “الهضبة” دائمًا يسلك الطريقة الأكثر حرفية في التسويق، وهي الطريقة الأوروبية والعالمية، التي تعتمد على جذب انتباه الجمهور بإصدار الملصق الدعائي أو “البوستر” للألبوم القادم، وطرحه على نطاق واسع، يليه حملة دعاية قوية في كافة أنحاء القاهرة الكبرى، تكون عادةً بالتعاون مع كبرى الشركات في مصر كـ”بيبسي” و”فودافون”، يقوم بعدها بإصدار الألبوم الجديد بعدما يكون قد صنع مقدمة مناسبة له، وجعل نقاده قبل جمهوره في حالة انتظار لما سوف يطرحه، والذي -بلا شك- سيحتل أرفف “الأكثر مبيعًا” في كافة منافذ بيع الموسيقى في مصر والعالم العربي فور صدوره.

تجديد الدم

لا شك أن الاحتفاظ بفريق قوي من الشعراء والملحنين مثل أيمن بهجت قمر، وتامر حسين، وأسامة مصطفى، وعمرو مصطفى، وغيرهم ممن اعتادوا تقديم مواهبهم في صوت عمرو دياب، وساهموا بشكل كبير في نجاحه، إلا أن “الهضبة” يستمر دائمًا في البحث عن “دماء جديدة” ومواهب شابة ليقدمها للوسط الفني، فمن المعروف عنه أنه لا يهتم مطلقًا باسماء من يتعاون معهم، ولا يشغله إن كانت مواهب مغمورة أو مشهورة، فهو يقيّم العمل أولًا ومن ثم يسأل عن صاحبه، فقد أكد في حوار سابق له أنه يحرص على اكتشاف المواهب الشابة لكي يجدد من الألحان مؤكدًا أنهم على دراية كاملة بما يطلبه المستمع في الشارع المصري والعربي، فهو يسعى لترك بصمة مميزة مع جمهوره، بأعماله التي ينتقي تفاصيلها بعناية شديدة.

وكما يحافظ على شباب مظهره، يحافظ أيضًا على شباب أعماله، فيستعين بالمواهب الشابة لتضفي نوعًا من التجديد على كل عمل يخرج للنور، ففي الألبوم الأخير “معدي الناس” مثال جيد، وهو تعاون عمرو دياب مع الملحن الشاب سامر أبو طالب ملحنا لأغنيتي “قمر أيه” و”معدي الناس”، ومديح حسن ملحنًا لـ “آه حبيبي”، وغيرها من الامثلة السابقة، والتي من أشهرها اكتشافه للملحن عمرو مصطفى وهو لا يزال طالبًا بالجامعة، واستمر التعاون بينهما معتمدًا على موهبته وما يستطيع إضافته لأغاني “دياب”، ونتج عن هذا التعاون نجاح مشترك للطرفين مستمرًا إلى الآن.

https://www.youtube.com/watch?v=nGocltMQe38

https://www.youtube.com/watch?v=OnnkCLY8RGc

“أنا بخاطب الشعب”

نتاج التجديد المستمر الذي يميل إليه عمرو دياب هو ظهور أعماله دائمًا بشكل مختلف، ومحاولته لإرضاء مختلف الأذواق، والتي تنجح بحد كبير، وتساعد في امتداد القاعدة الجماهيرية -الضخمة بالفعل- له كفنان، فبمختلف الأجيال وتفاوت الأعمار، يظل في قلب كل منا على الأقل أغنية واحدة مفضلة لـ “الهضبة”، بدءًا من جيل الثمانينات وأوائل التسعينات، الذي شهد أول لمعان لنجم “دياب” بـ”يا طريق” ، وطابع “النوستالجيا”، مرورًا بالألفينات وأغانيه ذات اللحن الغربي الممزوج بالشرقي بطريقته الفريدة، واستخدام الفلامنكو و الراي مع البوب الغربي والطبلة الشرقية المميزة، و”الفيديو كليب” في أبهى مراحل تطوره في مصر، وغيرها من مراحل لم يكن نجاحه فيها بمحض الصدفة، فاجتهد عمرو دياب لتقديم ما يرضي جميع الأذواق، محليًا وعالميًا، والدليل على ذلك ترجمة أغانيه إلى عدد من اللغات أهمها الإنجليزية، والروسية، والكرواتية، والبلغارية، والتركية، والألبانية، والهندية، واليونانية، والفرنسية.

وظهر عمرو دياب في لقاء نادر مع الإعلامي مفيد فوزي، سُأل فيه عن ما إن كان يخاطب جيلًا بعينه، فرد: “أنا مابتحيزش، مابقولش أنا بتاع الشباب، أنا بخاطب الشعب، واللي بيتقبلني بيتقبلني”، ورغم مرور سنوات عدة على هذا اللقاء، فيبدو أنه اتخذ من هذا المبدأ درب أصر “الهضبة” على أن يسلكه إلى الآن.

الرمز

لم يظهر الميل للتجديد في الجانب الفني فقط، فعمرو دياب فنان لم يستسلم للتقليدية قط، فيُبدي اهتمامًا ملحوظًا بلياقته وصحته ومظهره، فكان ولا يزال رمزًا من رموز الموضة لدى بعض الشباب دون حتى أن يحاول! فعند إطلاق “بوستر” ألبومه الأخير “معدي الناس”، الذي ظهر فيه مرتديًا “توكة الشعر” والقميص “المشجر”، بجانب “تشميرة” البنطلون، اعتقد الجميع أنها ستكون الموضة الرائجة بين الشباب الصيف القادم دون منازع، وهو ما حدث بالفعل، لتصبح “موضة الهضبة” هو أمر مسلم به، ينتظره الناس كل فترة ليكون هو الأحدث في صيحات الموضة.

فنذكر موضة “سبايكي” التي أثارها بكليب وبوستر و”لا على باله” في 2001، و”تيشرت” “تملي معاك” الشهير في 2002، تلاه “آيس كاب” كليب “عايش ومش عايش” في 2003، والبنطلون “البرمودا” في حفلاته في بداية الألفينات، وغيرها من الصيحات التي لم يخل منها دولاب الشباب وقتها.

“ما حرقش نفسه”

قد يجد البعض أن من أسباب نجاح أي فنان هو ظهوره المستمر أمام جمهوره، ليتواصل معهم أو يرد على شائعات ظهرت مؤخرًا، وما إلى ذلك.. ولكن عمرو دياب كسر هذه القاعدة منذ فترة طويلة، فلم يبالغ في الظهور على شاشات التليفزيون، أو الموافقة على المشاركة في حوار تليفزيوني أو إذاعي بشكل مستمر، وبلغة الوسط “ما حرقش نفسه”، فقد يكتفي بمداخلة هاتفية أو تصريح صحفي مقتضب للرد على بعض الأسئلة، أو الإعلان عن بعض الأعمال الجديدة.

طالما فضّل “الهضبة” فصل حياته الشخصية عن حياته العملية والفنية، فغير المسموح للصحافة بالسؤال عن تفاصيل خاصة به، أو عن أسرته وأولاده، فنادرًا ما تجد أخبار منتشرة عن حياته الأسرية أو الخاصة، فهناك فيديو شهير ينفعل فيه “دياب” على الإعلامي مفيد فوزي لمحاولته استدراكه للحديث عن حياته الأسرية، وكاد أن ينهي اللقاء معه فورًا.

تهميش الشائعات

ومن الأسباب الأخرى التي تجعله مميزًا بين أبناء جيله، هو تجاهله تمامًا للشائعات التي تثار حوله ، فلم يحاول أبدًا الظهور في الإعلام لنفي شائعة ما، عكس ما يفعل بعض الفنانين الذين يتهافتون على الرد عن أي شائعة غير مضرة ملصقة بأسمائهم، أما هو فيتركها لتأخذ دورتها المعتادة ثم تخبو، فكانت أشهرهم شائعة زواجه من الفنانة الشابة دينا الشربيني، التي لم يؤكدها أو ينفيها إلى الآن، حتى بعدما جلبت غيرها من الشائعات حول علاقتهما.