13 تصريحًا لـ أحمد فاخوري مقدم برنامج "ترندينج" على BBC

أحمد شعبان

أحدثت وسائل التواصل الاجتماعي تغيّر حاد في طبيعة العمل الصحفي، ففي السنوات الأخيرة؛ أصبحت “السوشيال ميديا” في صُلب العمل الصحفي، ودخلت شريكًا في صناعة الأخبار، خاصةً مع الدور البارز الذي لعبته في ثورات الربيع العربي، نافست بقوة وسائل الإعلام التقليدية، ووضعتها أمام تحديات كبيرة. وأفردت صحف وقنوات تليفزيونية مساحات واسعة وساعات من البث، لتناول أبرز ما يشغل مستخدمي مواقع التواصل، وتحليل مضامين الأراء والتحليلات والنقاشات التي تدور رحاها في أرجاءها، وخصصت قنوات تليفزيونية عديدة برامج لتناول محتوى هذه المواقع.

نرشح لك.. 10 تصريحات لرئيس الهيئة العامة للكتاب

وفي أكتوبر الماضي، أطلقت شبكة BBC برنامج “ترندينج”، الذي يهتم بعرض محتوى شبكات التواصل الاجتماعي. ولمعرفة طبيعة العمل في البرنامج، وكيفية انتقاء موضوعات كل حلقة، وسط الكم الهائل من النقاشات والهاشتاجات، وعن تفاعل المشاهدين مع البرنامج؛ تواصل “إعلام دوت أورج” مع الإعلامي أحمد فاخوري، أحد مقدمي “ترندينج”، وجاءت تصريحاته كالتالي:

1- بدأت بتقديم الأخبار على شاشة BBC بالإضافة إلى بعض البرامج الإخبارية التي تعتمد على استضافة المعلقين والمحللين وذوي الشأن، للإحاطة بجوانب القصة الإخبارية وتقديم رؤية مفصلة للمتابع والوقوف على آخر التحديثات التي قد تغير مسار القصة ككل، وهذا عمل ممتع جدًا ومليئ بالتحديات التي لا تنتهي.

2- إدارة “BBC عربي” وقسم الأخبار تعمل على مشروع طموح، يُعرف لدينا بمشروع 2020؛ يهدف إلى تقديم الخدمة لفئة واسعة من الناس ليست مهتمة بالأخبار بشكلها التقليدي، إنما تعتمد في استهلاكها للأخبار على “السوشيال ميديا”، هذه الفئة تفهم المواد الإخبارية بشكل عميق، ودقيق، وتعلّق عليها بشكل ذكي، وأحيانًا بشكل ساخر يُعطيك بعدًا جماليًا ترفيهيًا للقصة الإخبارية، رغم جمودها وجفافها كمادة بحد ذاتها.

3- “بي بي سي” مهتمة بهذه الفئة من الجمهور، هذا الجيل الجديد الذي يمتلك مهارات غير تقليدية،ولديه فهم لما يحدث حوله بشكل عصري، لديه أدواته الفعّالة لإيصال رسائله، “ترندينج” يرصد ما يهتم به هؤلاء ويقدمها كوجبة خفيفة وملخصة ويضعها في التداول لمن يود الاطلاع على ما يجري في الفضاء الإلكتروني.

4- برنامج “ترندينج” هو جهد جماعي بامتياز، وما ترونه على الشاشة في نصف ساعة هو جهد عشر ساعات متواصلة من العمل المكثف لمجموعة من أفضل صحفيي الـ BBC، الذين أمضوا سنوات في العمل الإخباري والبرامجي وجميعهم يتقن لغات متعددة، وخضعوا لدورات متخصصة في التواصل الاجتماعي، وكيفية استخدام المواد المتعلقة بها.

5- نهارنا يبدأ في الصباح الباكر في اجتماع تحريري موسّع للجميع بعد أن نكون رصدنا الفضاء الإلكتروني والموضوعات الأكثر تداولًا، وكل منّا يطرح ما لديه من قصص ويعرض تصوره عن كيفية معالجتها، ثم تأتي المرحلة الحرجة وهي مرحلة انتقاء القصص التي ستكون في حلقة اليوم، بعدها يدفن كل صحفي رأسه في حاسوبه لحين موعد بث الحلقة، فيدخل إلى غرفة التحكم للقيام بدوره في إخراج الحلقة، التي للأسف لا يرى منها الجمهور سوى المذيع أو المذيعة، لكن في الحقيقة وراءهما جيش من المبدعين الذين يحرصون على ظهور هذا الإنتاج بالشكل اللائق، والمذيع في النهاية يضفي لمسته الشخصية في التقديم.

6- إلى جانب تحدي صحة الأخبار الذي له وسائل التحقق من المصادر والعديد من الأدوات التحريرية المعروفة؛ هناك بالفعل تحديات كثيرة منها: الكم الهائل من المعلومات والمواد المطروحة للنقاش في الإنترنت ومدى أهميتها بالنسبة للجمهور، فما قد يكون مهمًا بالنسبة للسعوديين ليس بالضرورة أن يكون كذلك بالنسبة للجمهور المصري وقس على ذلك، كما أن الكثير من البلدان يفضل مستخدموها تطبيقًا على آخر، السعوديون يفضلون “تويتر”، إيران “التلجرام” وهكذا. أيضًا تواجهنا أحيانًا مسألة الحصول على الإذن باستخدام الصور أو الفيديوهات المنشورة على الإنترنت، فلدينا وقت محدود لذلك، ويجب أن يصلنا الإذن قبل موعد بث الحلقة، أما إذا وصل متأخرًا كأنه لم يصل فنخسر بث الفقرة التي ربما لن تكون مركز اهتمام الناس في اليوم التالي

7- نعتمد في اختيارنا للموضوعات التي يناقشها البرنامج على نفس المعايير التي نختار على أساسها الأخبار التقليدية، مضافًا إليها الشيوع والتداول “الترند” و الجدل الذي أحدثته القصة، فإذا كانت المادة غنية بالجدل تمنحنا المساحة بالتحرك والاختيار وانتقاء وجهات النظر التي تعبر عن كل الزوايا لعرضها وتلخيصها وتقديم الوجبة الإعلامية الغنيّة.

8- يتفق “ترندينج” مع نشرة الأخبار التقليدية في أنه يتناول الأحداث الجارية ويتناول مواضيع تكون غالبًا عناوين إخبارية رئيسية، لكن هناك اختلافات كثيرة.

9- أولها هو طريقة البناء؛ في الأخبار التقليدية لدينا مقدمة ثم تقرير يتبعه ضيف، أما في “ترندينج” لا نلتزم بهذه القاعدة، ربما نعرض أولًا تغريدات أو فيديوهات أو صور أو تصريحات أو حتى خريطة تفصيلية، ولا يهم أن يكون الضيف في الأول أو الأخير، فكل قصة تفرض بنفسها بنية مختلفة عن الأخرى.

10- هناك فرق أيضًا في طريقة التقديم، ففي “ترندينج” هي طريقة عصرية بلغة مبسطة أقرب إلى الحكاية من نشرة الأخبار، مساحة الارتجال فيها كبيرة والوقت المخصص لكل قصة تحدده أهمية القصة، كما أننا نعتمد في طريقة الكتابة على التبسيط والشرح أكثر من السرد، نستخدم اللغة الفصحى، ولا مانع من استخدام بعض المفردات العامية بهدف إيصال الفكرة، ونحاول الابتعاد عن التعبيرات الإخبارية التقليدية مثل “من جهته، ومن جانب آخر، وجدير بالذكر” قدر الإمكان.

11- ما تقدمه BBC في “ترندينج” يختلف عن القنوات الأخرى فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، فـ”تريندنج” يختلف بطريقة معالجة القصة وطريقة تناولها وتقديمها، كما أن لكل محطة سياسة تحريرية معينة، وسياسة BBC التحريرية تلزمنا بعرض كافة وجهات النظر والتزام الدقة والحياد والموضوعية و العدالة، وهي معايير لا يمكن أن نتساهل بها.

12- لدينا جمهور رائع من مختلف دول العالم العربي، يتفاعل معنا بشكل جميل جدًا، وهناك من ينتظر حلقات البرنامج يوميًا، والكثير من مشاهدينا يبعثون لنا برسائل واقتراحات نناقشها في اجتماعاتنا التحريرية، وكثيرًا ما نعرضها كأحد فقرات البرنامج، ونحرص على متابعة كل جديد وقراءة كل التعليقات على حلقاتنا في “فيسبوك”، أنا أقرأ التعليقات بعضها ساخرة مني شخصيًا، حس الفكاهة لدى متابعينا جميل جدًا، نستمتع بكل التعليقات ونأخذ الاقتراحات بعين الاعتبار.

13- أرى أن التحدي الذي يواجه صناعة الأخبار هو نفس التحدي الذي يواجه صناعة النفط أو السيارات، كل صناعة لابد لها من أن تطور نفسها وأدواتها لتكون مرغوبة وتنافسية، والمرونة والإبداع هي طريق النجاة. أما إذا كان “ترندينج” هو الخطوة نحو إعلام المستقبل فلا أعلم؛ مسار تطور التكنولوجيا والاتصالات سريع جدًا بحيث لا أحد يمكنه أن يتنبأ بشيئ مؤكد في المستقبل البعيد، لكن يبدو أن الأمور تتجه بشكل أكبر نحو عالم الديجيتال وكذلك عالم التواصل الاجتماعي، الذي أصبح قوة مرعبة قادرة على صناعة الرأي العام في زمن قياسي.

ويبث برنامج “ترندينج” من الإثنين إلى الجمعة الساعة الخامسة مساءًا بتوقيت القاهرة، ويقدمه الإعلامي أحمد فاخوري والإعلامية رانيا العطار.