رشا نبيل.. المهنية تنتصر دائمًا

رباب طلعت

في آخر حلقاتها من برنامج “صفحة جديدة” على قناة “نايل لايف” عام 2013، قررت توديع جمهورها بكلمات شكر بسيطة، ظن البعض أنها تستقيل من خلالها من ماسبيرو، إلا أنها كانت أجازة طويلة، فضلت أن تُعلن عنها بنفسها قبل الانتقال للمرحلة التالية من حياتها -مرحلة السطوع الإعلامي- بانضمامها لأعرق القنوات الفضائية الخاصة “دريم”- بترشيح من أسامة الشيخ، صانع الفضائيات، كما يُطلق عليه، لتقديم “مصر في يوم” مع زميلتها الإعلامية منى سلمان، السلمة الأولى التي صعدت من خلالها لتقديم “كلام تاني”، برنامج “الويك إند” الأسبوعي، الذي لمعت من خلاله، ليس بالصوت العالي، أو المواقف البطولية، أو التحيز لجانب على آخر، إنما بـ”المهنية” التي انتصرت لها، واكتسبت بها احترام المسؤولين وحب الجمهور، وثقة كلاهما.

نرشح لك: رشا نبيل.. المهمومة دائما بالإعلام في كلام تاني

“ألبرت شفيق اختارني لتقديم نشرة الأخبار في on tv عندما كان يترأسها وتلك ثقة كبيرة” – “أسامة الشيخ حدثني بعد حلقتي الأخيرة في ماسبيرو، ليطلب مني الانضمام لأسرة دريم وأخبرني أنه كان يتابعني منذ فترة ويأمل في خيرًا”- “أحمد بهجت بعد نجاحي في تقديم حلقتي آخر الأسبوع من برنامج العاشرة مساءً، مع الإعلامي وائل الإبراشي، اقترح عليّ أن يكون لي برنامجي الخاص”.

ثلاثة مواقف روتها “نبيل” خلال حواراتها الصحفية، لا تدل إلا على نبوغها، كإعلامية استطاعت لفت انتباه صناع الميديا لها، خاصة الأسماء التي يرجع إليها الفضل في صناعة إعلام ناجح وذو بصمة واضحة على مر السنوات، والذين اختاروا ترشيحها لمهام صعبة، استطاعت النجاح في كلٍ منها، حتى وصلت للأخرى، وأصبحت مقدمة واحدًا من أكثر البرامج نجاحًا واستقرارًا وشعبية، أوصلته لأن يكون منافسًا على الأعلى مشاهدة لسنوات.

نرشح لك: 120 دقيقة في كواليس “كلام تاني” مع رشا نبيل

“قررت أن أسمي برنامجي “كلام تاني” لأننا منذ فترة طويلة نتحدث عن السلبيات فقط، ولا ننظر للفرص والإمكانيات، ما أثقل كاهل المشاهد، كما أذكر موقفًا حين تصويري برومو البرنامج قالت لي سيدة: يا ريت تقولوا حاجة مفيدة”.

منذ انطلاقة “كلام تاني” وقد نجحت بالفعل رشا نبيل لأن تجعل محتوى برنامجها مختلفًا معتمدًا بشكلٍ أكبر على قضايا لا تنفصل عن السياسة والاقتصاد والدين والمجتمع، ولكن بطابعها المختلف، حيث اعتمدت على التفصيل والتوضيح من خلال ضيوف كثر متخصصين يناقش كل منهم الأمر للبحث عن الحل، لا للجدال والنقاش الساخن وصناعة البطولات الكاذبة، بالإضافة للتقارير المصورة القصيرة والسريعة، محاولة أن يكون كلامها بالفعل “كلام تاني”، تختتم به الأسبوع المليء بـ”الكلام الأول”.

“لا أعرف أن أكون غير نفسي” – “الإعلام مهنة ليست منبرًا للنشطاء السياسيين”- “يجب أن نقدم الخبر القائم على المعلومات الدقيقة و ليس التحليلات الشخصية، ولابد أن تكون وجهات نظر كافة الأطراف موجودة دون اقصاء”.

تلك المبادئ التي آمنت بها رشا نبيل، وجسدتها بمواقفها في برامجها على الدوام، حيث أنها لم تنحاز للمسؤولين دون تدقيق، ولا للشعب دون تريث، لم تندرج تحت فكر الدولة أو الشعب، بل فكرها الخاص، أدت دورها الإعلامي بطرح كافة الأفكار حتى وإن كانت تعارض رأيها، فمن خلال “كلام تاني” استطاعت أن تكون صوت الشعب للمسئولين حتى في القضايا التي يفضل البعض السكوت عنها، وبينت رد المسئول عليها، ونجحت في اقتناص بعض القرارات على الهواء بهدوء.

” الإعلام فى مصر يحكمه الإعلان، ويتم تقييم المذيع أو الإعلامى بأنه ناجح بكم الإعلانات التى يجلبها للقناة، لذلك يجب أن يعلو صوته ويأخذ موقفًا واتجاهًا معينا لكي يحدث إثارة وجدلا على مواقع التواصل الاجتماعى، ما يتسبب في تجاوزات -وعفوًا- قلة أدب في أحيانٍ كثيرة وانتهاك لحرمة الحياة الخاصة لدى الناس، وانتهاك لحرمة البيوت التى يدخلها المذيع عبر الشاشة”.

رشا نبيل استطاعت وخلال الأعوام الماضية، أن تكسر صنم “كل ما زادت الخناقات زادت الإعلانات”، وإن كانت المقولة صحيحة تمامًا، إلا أن انقياد الكثير من الإعلاميين لها هو ما جعله دستورًا، لكن “نبيل” والتي يعتمد برنامجها على الكثير من النقاشات الجماعية بين الجمهور، لم تكن من أنصار تلك الفكرة، بل عكفت دائمًا على التصدي لها، ووضع حد لما ممكن أن يحدث إذا ما استمرت حدة النقاش، فكانت دائمًا ما تقطع دابر الاحتداد بمواقف صارمة، سواءً كان بالرد القاطع من قِبلها كي لا تعطِ فرصة للطرف الآخر من الحلقة بالانفعال، أو حتى بالاعتذار للضيف عن إكمال الحلقة معها، وهو الأمر الذي وضعها دائمًا في توصيف “الإعلامية المهنية” التي تهتم بطرح القضية وحلها لا إشعالها، بالحلقة النافعة لا الساخنة.

“توجه إلينا سهام النقد من السلطة، ويوجه إلينا النقد من الشارع أيضًا.. الأولى علاقة طبيعية لكن الثانية تُنذر بوجود مُشكلة.. لذلك من الضروري الحديث عن المشكلات التي تُعاني منها المنظومة الإعلامية ومعالجتها لتصحيح الصورة لدى المُشاهد”

لم يقتصر دور الإعلامية في تصحيح صورة الإعلام لدى المشاهد فقط، بتقديم العديد من الحلقات والفقرات التي ناقشت فيها قضايا الإعلام والصحافة وحريتهما، وما يناقش فيهما، إنما أيضًا عكفت على توجيه زملائها الإعلاميين لما يقترفوه من أخطاءٍ في برامجهم حتى وإن كانوا على نفس المحطة، كما حدث مع زميلتها منى عراقي، في إحدى حلقات برنامج “انتباه”، كما طرحت أيضًا يوم الجمعة الماضية، أزمة بائع فول في منطقة الدقي، مع زميلتها بسمة وهبة وزوجها، وغيرها من المواقف التي تتخذها “نبيل” دفاعًا عن مهنتها التي تؤمن بها وبرسالتها.