الإعلانات بين "حماية المستهلك" و"الأعلى للإعلام".. المقص مع من؟

إيمان مندور

فاهيتا “النت ظالم” و”شيخ جاكسون”.. إعلان وفيلم اختلفا في النوعية الفنية واتفقا في صراعات منع العرض، فرغم موافقة جهاز الرقابة على المصنفات الفنية على عرض الفيلم، إلا أنه يجري التحقيق مع مخرجه عمرو سلامة لدى النائب العام، بالإضافة لعرض الفيلم على الأزهر لإبداء رأيه فيه، بعد اتهامات ازدراء الدين الإسلامي التي وجهت له.

نرشح لك: بعد فودافون.. هل بدأت هجرة المعلنين من الفضائيات؟

أما إعلان فاهيتا لصالح شركة “فودافون” لخدمات المحمول، فرغم أن الشركة عقدت اجتماعًا مع جهاز حماية المستهلك الذي يترأسه اللواء عاطف يعقوب، وتم الاتفاق على تعديل معين فيه، وبالفعل تم تنفيذه ليتم عرض شكل جديد للإعلان، إلا أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، قرر وقف عرضه، بداعي أنه يتضمن مشاهد وألفاظ تنافي الذوق العام.

كلا العملين لَجَآ في البداية للجهات الرقابية المنوط بها اتخاذ قرارات الموافقة بالعرض من عدمها، لكن رغم الموافقة، ظهرت جهات أخرى بنفس السلطات الرقابية ومنعتها، إذن ما جدوى العرض على الجهات الأولى؟ وما هي الجهات النافذة سلطتها على الأخرى؟

نرشح لك: بالصور: 4 أخطاء في حملة “دماغ تانية” من اتصالات

مكرم أم يعقوب؟!

التضارب بين قرارات مكرم ويعقوب أضر بالتأكيد بالجهات ذات الصلة في القضايا المختلف حولها، فهل كانت تطلب فودافون في البداية موافقة يعقوب أم مكرم على إعلاناتها؟ وأي معايير تلتزم بها الجهات المعلنة حتى يكون الإعلان في الإطار “المؤدب” إن جاز التعبير؟.. المعايير التي ينص عليها جهاز حماية المستهلك أم ما يقرره مكرم؟!

تردد أن “مكرم” طلب من فودافون تقديم اعتذار عن الإعلان، ولمَّا رفضت قرر وقف عرضه، ولمَّا رفعت حملاتها الإعلانية كافةً من وسائل الإعلام رفض التراجع عن قراره، رغم ما ينذر به من أخطار حال اتجاه كبار المعلنين لهذا الأمر.. فكان السؤال الذي طرحه الكثيرون “هل يسعى مكرم لتطوير صناعة الإعلام أم ينتصر لنفسه؟”.

نرشح لك: 7 ملاحظات على حملة “إنترنت يستحمل” لـ أورانج

لوبي فودافون

النزاع بين الطرفين لا يصب في صالح الجهات المعلنة ولا حتى القنوات، لأن القرارات التصعيدية التي انتهجتها فودافون اعتراضًا على ما صدر ضدها تحمل نذير خطرٍ على الساحة الإعلانية، حال نجاحها مع اللوبي الذي تسعى لتكوينه للاتجاه لـ”الديجيتال”، بعد وقف إعلاناتها كافة على جميع وسائل الإعلام والقنوات.

وبالتأكيد الوكالات الإعلانية الكبرى ستكون في أزمة حال نجاح ذلك الأمر، مما يهدد القنوات بدورها خلال 2018. فما الذي يدفع كبار المعلنين للمغامرة بضخ أموال طائلة في إعلانات تسمح بها جهة رقابية وتمنعها أخرى؟

ضعف الإعلانات VS كأس العالم

معاداة كبار المعلنين وخروجهم من ساحة القنوات، يفسح المجال بلا شك لمن هم دونهم، فتصبح “الإعلانات الضعيفة” هي البديل الأوحد، رغم أنها لا تتناسب مع مكانة القنوات الكبرى التي تعرض موادًا بجودة معينة عبر شاشاتها، لذا تبدو الأزمة وكأنها إضعاف لقوة القنوات التليفزيونية لكن بطريقة غير مباشرة.

نرشح لك: “فانوس” خالد صالح لا يزال متفوقًا على أفلام “فهمي وياسمين”

هذه الحالة من الجدل والأزمات المتلاحقة في صناعة الإعلانات، تأتي في فترة نحن أحوج ما يكون فيها لقوة هذه الصناعة؛ إذ نحن على أعتاب المشاركة في بطولة كأس العالم لكرة القدم بروسيا 2018، وما هي إلا أشهر قليلة وتبدأ الحملات الإعلانية، فإذا ابتعد المعلنون عن القنوات ووجهت كل جهة خبرائها بوضع خطط محكمة للإعلانات الديجيتال كما فعلت فودافون، نكون كبّدنا أنفسنا خسائر ربما لا نستطيع تعويضها إلا بعد سنوات عديدة، نكون صعدنا فيها مرة أخرى لكأس العالم وترك مكرم رئاسة “الأعلى للإعلام”، أو على الأقل اتفق مع “يعقوب” على من يسري قراره على المعلنين فيما بعد.