إيمان سراج تكتب: لمة العيلة ومسلسل السابعة

“الجار قبل الدار”.. جملة مأثورة كنا نسمعها كثيرًا من أهلنا في الماضي، تعبر عن مدى أهمية الجار ومدى الألفة والمحبة والمودة التي كانت تربط بين الجيران وبعضهم البعض، لكن تغيرات كثيرة طرأت على المجتمع وبالتالي على شكل الأسرة المصرية وملامحها أدت إلى اختلاف كل ذلك، واستبدلنا هذه الجملة بجملة “صباح الخير يا جاري أنت في حالك وأنا في حالي”.

نرشح لك: سابع جار.. مسلسلات الجيران تنجح دائمًا

لم تعد لمة العيلة كما هي، فالوقت أصبح يمضي سريعاً وأجهزة المحمول فرقت شمل الأسرة الواحدة،، في الماضي كانت الأسرة مترابطة تحب بعضها، يجتمعون على مائدة الطعام ثلاثة مرات في يومياً، كان الجيران يشاركون بعضهم البعض في المناسبات السارة والحزينة وفي كل الأزمات، الجيران الآن رغم تلاصق المباني إلا أن قليل منهم الذين يعرفون بعضهم، أصبحوا يعيشون أغراب رغم قربهم.

“سابع جار” مسلسل يحظى بنسب مشاهدة عالية منذ بداية عرضه، يحكي عن الحياة اليومية للبيت المصري ومشكلاته، ربما واقعية المسلسل ودفء جَوه أعادنا مرة أخرى لانتظار مسلسل السابعة مساءً كما كنا نفعل في الماضي، عندما كانت الأسرة بأكملها تلتف حوله وتنتظر عرضه.

أبعدنا “سابع جار” ولو قليلاً عن جَو مسلسلات العصابات والمخدرات والتحرش والاغتصاب والكومباوند والقصور، وأعادنا إلى مسلسلات صدق المشاعر الإنسانية، تلاصق العائلة، والاتحاد والحاجة إلى الآخرين.

نرشح لك: دلال عبد العزيز: لهذا السبب نجح “سابع جار”

الجميع في هذا المسلسل وبلا استثناء عفويون أمام الكاميرا، حتى يهيأ للمشاهد أنه يشاهد عملاً ارتجالياً.

“دلال عبد العزيز وشيرين” أمهات طيبات ومن عمق الواقع المصري، كلتاهما كفتي ميزان العمل، عرفا جيداً طرق الإمساك بطبيعة الدور فأجادتا وأقنعا المشاهد بشخصياتهما في المسلسل، وكأنها شخصيتهما الحقيقية.

“هبة” سارة عبد الرحمن و”دعاء” فدوى عابد أختان لكنهما شخصيتان مختلفتان تماماً.

“فدوى” لديها عفوية وتلقائية كبيرة وربما تندهش عزيزي القارئ إذا عرفت أن هذا الدور هو أول أدورها، متوحدة تماما مع الدور حتي أننا نظن في بعض الأحيان أنها كذلك بالفعل كما تظهر في المسلسل، أرى أنها تسير على نفس خطي عبلة كامل في التمثيل التلقائي، لم تفلت منها تفصيلة واحدة، طريقة اللبس وقراءة القرآن، طريقة التحدث وتفخيم الحروف، لبست الدور فتفوقت علي نفسها.

“سارة” بعندها وغضبها ورفضها لقيود الأسرة وتحديها لتقاليد وأعراف المجتمع، نجد أنها شخصية حقيقية موجودة في كل بيت الآن، هذه الحالة طبيعية ومن الواقع، ففي كل بيت نجد اختلافات في الميول والتوجه بين الأشقاء رغم أن البيئة وطرق التربية واحدة.

نرشح لك: فدوى عابد: تعلمت قراءة القرآن بسبب “سابع جار”

روح الممثلين خلقت حالة من الجمال تختلف عن ما شاهدناه من قبل في أعمال أخرى تناولت فكرة الجيرة.

الكاتبة “هبة يسري” قدمت لنا دراما مختلفة أعادتنا إلى ذكريات الطفولة عن طريق ألفاظ وعبارات وتقاليد وحكايات تنقلها لنا الأم والخالة والعمة، أبعدتنا قليلاً عن مسلسلات عصر التكنولوجيا وفتحت لنا شخصيات حقيقية لمستنا ورغم بطء الأحداث في بعض الأحيان إلى أن هناك استمتاع بهذا البطء ربما لأنه يمنح المشهد بعص الراحة والهدوء النفسي.

لن يعود المجتمع إلي ما كان عليه من قيم وعلاقات إنسانية إلا إذا تخلى عن اعتماده الأساسي على المنفعة المتبادلة سواء كانت منفعة مادية أو اجتماعية، إلا إذا شعر كل فرد فيه أننا نعيش تحت نفس السقف.

في النهاية تحية الى مخرجات العمل “آيتن أمين، نادين خان، هبة يسري” اللائي لم يجدن صعوبة في التجانس والعمل سوياً، وظهرن وكأنهن مخرج واحد.

ولكل من انتقد العمل ووصفه بأنه عمل “لا أخلاقي”

انتظروا المقال القادم.