"مأمون الشناوي".. العنيد الذي تمسكت أم كلثوم بغناء كلماته

رانيا علي
 
في أحد أيام عام 1947، خرج الشاعر مأمون الشناوي من منزل أم كلثوم مصدوماً من محاولاتها التغيير والتعديل على كلماته التي عرضها عليها عن “الربيع”، هائماً لا يعلم كيف يتعاون مع أم كلثوم لتغني كلماته، ولكن الصدفة فرضت قرارها بلقائه فريد الأطرش الذي قرأ كلمات الأغنية سريعاً وأكد على أنها الأوبريت الذي سيعرضه في عيد الربيع، لتخرج عام 1949 إلى النور، أغنية “آدي الربيع” التي تعد من أجمل أغاني الربيع حتى الآن.
 
لم تكن “الربيع” أولى محاولات الشناوي للتعاون مع الست، فقد عرض عليها من قبل أغنية “حبيب العمر”، والذي رفض تعديل أم كلثوم على كلماته، فغناها فريد الأطرش ولحنها، في فيلم “حبيب العمر” من بطولة سامية جمال واسماعيل ياسين، عام 1947.
 
ولد مأمون الشناوي يوم 28 أكتوبر 1914، بدأ حياته صحفياً في مجلة روزا اليوسف، ثم آخر ساعة، ثم أخبار اليوم وشارك في تأسيسها، ومنها للجمهورية، كما ألف العشرات من الأغاني لكبار المطربين.
 
عُرف مأمون الشناوي بأنه شاعر عنيد لا يحب أن تعدل كلماته، فإما أن يأخذها المطرب كما هي وإما لا، ولكن إصراره على أن تُغني أم كلثوم لإحدى أشعاره، دفعه للذهاب إليها بأغنية “الربيع” على أمل أن تغني من كلماته بعد أن أصبح أكثر شهرة، ولكن رفض التعديل للمرة الثانية، ولم تُخفي “أم كلثوم” ندمها على فوات أغنية الربيع، بعد ما حققته من صيت ونجاح.

 

طلبت أم كلثوم من بليغ حمدي أن ينظم لها لقاء مع مأمون الشناوي، ليقابلها وتتفق معه على كتابة أغنية جديدة لها، فتعاونت مع مأمون الشناوي في 4 أغنيات يعتبروا من أجمل الأغاني الرومانسية حتى الآن، ثلاث منها من ألحان بليغ، “أنساك يا سلام” عام 1961، “كل ليلة وكل يوم” عام 1964، “بعيد عنك” عام 1965، أما “دارت الأيام” من ألحان محمد عبد الوهاب عام 1970.
 

 
بعد استقرارهم على أغنية “أنساك” قدم الشناوي الملحن الشاب سيد مكاوي لتحلين الأغنية، ولكن لم يعجب اللحن أم كلثوم، فاسنتده لشيخ الملحنين زكريا أحمد ولكنه توفي قبل أن يستكمل اللحن، أرسلت أم كلثوم الأغنية للفنان محمد فوزي، والذي صادف وجود بليغ حمدي عنده في المنزل، وأعطاه الأغنية ولحنها بليغ، لتصبح ثاني تعاون بين بليغ والست.
 
تعتبر أغنية “دارت الأيام”، أطول مقدمة موسيقية استغرقت 20 دقيقة، أبدعها محمد عبد الوهاب، لتشدو أم كلثوم الكلمات بصوتها.
في تلك الأغنية، محاولات التعديل هذة المرة كانت من عبد الوهاب، ورفضتها أم كلثوم وليس مأمون الشناوي، عندما اقترح عليها عبد الوهاب تعديل اسم الأغنية بدلا من ودارت الأيام، إلى “يا عيني على العاشقين”، وتمسكت أم كلثوم بالكلمات وبالاسم.

 

أثرى مأمون الشناوي، الطرب الأصيل بكلماته الرومانسية العذبة البسيطة، التي تعبر عن مراحل الحب والحياة، ما يقرب من 427 أغنية، ورحل عن عالمنا في 27 يونيو عام 1994، عن عمريناهز 80 عاماً.