8 مشاهد تحول فيها "الفيس بوك" لـ وسيلة تشهير

رباب طلعت

على طريقة فيلم “حياة أو موت” -من حكمدار العاصمة إلى أحمد إبراهيم القاطن في دير النحاس.. لا تشرب الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه.. الدواء فيه سم قاتل- ناشدت فتاة تسمى “حسناء”، أخرى مجهولة اسمها “آية”، لتحذرها من المؤامرة التي يحيكها خطيبها مع حبيبته “ريهام” للاستيلاء على شبكته، وأموالًا منها، بعدما سمعت اتفاقه بالكامل معها على الهاتف، في المكيروباص، ليقع شخصًا آخر ضحية لكذبة خطيبته التي تحمل نفس الاسم والعنوان، ليشرب “محمد” الدواء الذي به السم القاتل خطأً فبدلًا من إنقاذ ضحية وقع هو في الفخ.

لم تكن تلك هي القصة الأولى، التي تتحول فيها “مزحة”، أو “نية خير”، وخلافها، على مواقع التواصل الاجتماعي لـ”كارثة اجتماعية”، سواء كانت، بإنهاء علاقات، أو نصب أو غيرها، أو يستغل أحدهم “السوشيال ميديا”، للشهرة على حساب سمعة أحدهم، أو التشهير بشخص، دون وعي، أو ميثاق خلقي، يُحتكم له، ويرصد “إعلام دوت أورج“، فيما يلي بعض تلك المواقف:

(1)

في حادثة مشابهة، الأسبوع الماضي، نشرت إحدى الفتيات على صفحتها فيديو، اتهمت فيه سائق تاكسي، بالتحرش بها، لم يظهر في الفيديو سوى مبادرتها بسبه، وبالتالي رده عليها، إلا أنها لم يرد بألفاظ خارجة كالمعتاد من المتحرشين، إنما كلمات كـ”أنتي وحشة”، و”أنتي قليلة الأدب”، ما دفع بعض الشباب لوصفه بـ”المتحرش الفافي”، وسخرية البعض منه بأنه “سوء سمعة المتحرشين”، وبعد عدد كبير من “الشير”، لـ”بوست” الفتاة، ظهرت الحقيقة بأنها هي من كانت تستفز الشاب، لذلك قام بإنزالها عنوة من سيارته، ومع ذلك بعد مشاهدة خطيبته وأهلها للفيديو، حدثت بينهما خلاف كبير، فتركوا بعضهما، بالإضافة لـ”الفضيحة” التي طالته بين أسرته، مؤكدًا على أن من يشاهد الفيديو سيكتشف بسهولة أن الفتاة هي من كانت تقود الحوار، لإرغامه على سبها، لا العكس.

(2)

لم تقتصر حوادث التشهير بالأشخاص، وتدمير العلاقات الأسرية، سواء بين الخطاب أو الأزواج، حد “بوست” منتشر، بل أقبل البعض على تدشين جروبات بهذا الغرض لعل أشهرها كان “I know him”، الذي تسبب في كوارث أسرية لمجرد “اللعب”، فبالرغم من اكتشاف بعض السيدات لخيانة أزواجهن بالفعل عن طريقه، إلا أن الأخريات تسببن في مشاكل دون مبرر لمجرد “اللعب”، حيث وقعت الكثيرات في فخ أن تضع صورة خطيبها أو زوجها كدعابة لتعرف إذا ما كان يخونها أم لا، فتكتشف أنه على علاقة مع 4 غيرها مثلًا، ولا تعرف كل منهما الأخرى، فينكشف سره، ويحدث الانفصال، ثم تكتشف الحقيقة بأنهن كاذبات مدعيات، وصنعت كل منهن “حوارًا” للتسلية، تسبب في “خراب بيوت”.

بالطبع وانتقامًا من الفتيات اللاتي انتهكن خصوصية الرجال، خاصة أولئك اللاتي لسن على ذمة ارتباط رسمي، فقط صداقة أو حب أو كما يسميه الشباب مؤخرًا كانت تريد معرفة تاريخ “الكراش”، لتتأكد من أنه ليس مرتبطًا، دشن الشباب جروب “I know her”، وهو ما رآه البعض بالكارثة الأكبر نظرًا لأنه تشهيرًا بأعراض النساء، بينما رآه قلة بأنه لا يختلف كثيرًا عن أعراض الرجال فكلها “أعراض”.

(3)

لم تقتصر “اشتغالات” مواقع التواصل الاجتماعي، أو “بوستات النصب الاجتماعي”، على المستوى الأسري والعاطفي فقط، بل كان له عدة أوجه، كان منها استهداف فصيل الإسلاميين، أو أنصار حازم أبو إسماعيل تحديدًا إبان الثورة المصرية، ولمدة 5 أعوام، حيث استطاعت الشخصية الوهمية “ميار العسال”، المصرية اللبنانية، أن تصنع قاعدة جماهيرية كبيرة من الإسلاميين، بإنشاء ما يزيد عن 30 “أكونت”، وهمي، لأسرة كاملة، أسرتها الوهمية، التي استندت عليها في إيهام متابعيها، والذي كان بعضهم أسماء إسلامية معروفة، بحسب ما أُلمح إليه في بعض التقارير الإسلامية، حتى التأكيد بأن أحد الإسلاميين المعروفين والمتزوجين، ارتبط بها عاطفيًا بنية الزواج منها، خاصة أنها استخدمت المناظرات الدينية، ضد الملحدين والمشككين وقتها نقطة قوة لها، لفصاحتها اللغوية والثقافية، ولجهادها المزعوم ضد أسرتها المتحررة، التي منعتها من الحجاب، بعدما توفي زوجها في حادثٍ وهي في سن صغيرة، إلا أن أحدهم وبتتبعها استطاع فضحها، عندما وصل إلى الحساب الشخصي لفتاة شيعية لبنانية تدعى “نور شمس الدين”، وكان حسابها قاصرًا على أقاربها، ما جعل “العسال” تستغل صور الفتاة وشقيقتها وأسرتها، لعمل الحسابات الوهمية، لأسرتها المزيفة لخداع الإسلاميين 5 سنوات من 2011 لـ 2016، ولكن بعد افتضاح أمرها اختفت تمامًا وأغلقت كافة “الأكونتات المزيفة”، ولا يعلم هويتها أحد لليوم!

(4)

موجة “المحن الإسلامي”، كما أطلق عليها بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لم تتوقف عند “العسال”، بل ساهمت لتحويل رضوى جلال صاحبة محلات “مليكة”، من أرملة لأحد الشباب الملتزم، وهو أحمد الجبالي، الذي وافته المنية قبل رؤية ابنه الوليد، لـ”نصابة”، حيث بادر الجميع بمساندة الأرملة، وأم الرضيع اليتيم، لتكبير تجارتها، واسمها التجاري في عالم ملابس المحجبات، بإعطائها أموالًا طائلة لاستثمارها، كشركاء لها في العمل، دون أسانيد أو أوراق تثبت أحقيتهم في الأموال التي سلموها لها، لتختفي بعدها تمامًا بـ15 مليون جنيهًا، مع زوج جديد، بعدما تركت ابنها لجدته لأبيه، وتظهر في قطر بعد أشهر، على “إنستغرام”، دون محاكمة أو دليل ضدها، سوى عدة بلاغات للنيابة.

(5)

منذ فترة وجيزة، ظهرت أرض أفلاطون الفاضلة، على هيئة مجموعة من رجال على “فيس بوك”، أسموا أنفسهم “جت في السوستة”، وبالطبع قلدتهم الفتيات غيرة، من كم الخير الذي يتسارع عليه الرجال في “جروبهم” السري فأطلقن “جت في التوكة”، بالرغم من سيل “البوستات” المادحة للفكرة، تحت هاشتاج “سوستجي وأفتخر”، أو ما شابه، والتي يظهر فيها أعضاء الجروب، حجم الخير، المتواجد في أبناء مصر، الذين التحموا للتبرع بأموال طائلة لحل حالات إنسانية، يشرف عليها 30 “أدمن”، منها حل أزمة مصري في السعودية احتجزه كفيله لعدم سداد ديونه، وحالة المريضة رحمة المعقدة طبية والتي تحتاج إلى علاج فوري، ظهر فصيل آخر، يكشف بالأدلة حقيقة نصب أحد المشرفين على الجروب الذي يدعى “جيري”، حيث اكتشفوا أن المصري العائد من السعودية افتتح محل حلاقة في بلده بعد عودته مباشرة، ورحمة “القعيدة” تسحب من الحساب المعلن عنه “كاش”، من خلال آلة الـ”ATM”، لتتحول المدينة الفاضلة خلال يومين إلى شبكة نصب كبرى.

(6)

أحد المظاهر الأخرى، لتلك الظاهرة، كانت أيضًا عن طريق الصور، حيث يلتقط أحد رواد “فيس بوك”، خاصة من الفتيات، إحدى المتسولات في الشارع، ومعها أطفال بملامح مختلفة، لشكهم بأنها مخطوفة، وبالفعل، وبتطوع أحد الشباب، لتسليم إحداهن للشرطة، بعد انتشار صورها على “فيس بوك”، لأن الفتاة التي تحملها شعرها أصفر، ولا تحمل ملامحها، اكتشفت التحقيقات بإجراء التحاليل للسيدة والفتاة أنها ابنتها، وتم الإفراج عنها، وتبرئتها من تهمة اختطافها، وحتى نهاية تلك القصة، والتي نشرها الكثيرون أيضًا لم تكن مؤكدة، فكما أن الفتاة التي اتهمتها مجهولة، فالشاب الذي برأها مجهول أيضًا، وكل من نشر عنهما نشر عن تعاطف جاهل.

(7)

استغلال “لايكات” و”شير” منشورات “فيس بوك”، لم تتوقف فقط لهذا الحد، ففكرة التعاطف دون تحري مع صاحب “البوست” أو صاحبته، أوقع الكثيرين في أفخاخ ملغمة، دون وعي، فمثلًا تلك المهاجمة لشركة بعينها بسبب تحرش أحد سائقيها بإحدى الفتيات، واتهامها بالإهمال وعدم التعامل معه بالرغم من تكرار الشكوى منه، أو اكتشاف موادًا مسرطنة في منتج غذائي ما، أو فساد دواء، أو غيرها من التي يذكر فيها اسم منتج أو شركة بعينها، وبالتحري تجد أن ملايين المشاركات لـ”البوست”، شهرت بـ”اسم تجاري”، دون دليل، أو محضر مقدم للنيابة، أو غيره، وما هو إلا دعاية مضادة من أحد الشركات المنافسة، استخدمتها لتشويهها، لضمان الربح الأكبر، بالتوجه لمنتجها المنافس.

(8)

بنفس الطرق الدعائية، استغلت بعض اللاتي اتجهن للبيع “أون لاين”، لحيل نصب أكبر بعدة طرق، لضمان بيع منتجها السحري، بأي طريقة، دون التأكد حتى من صلاحيته الطبية، أو تأثيره السلبي، فتنشر إحداهن “بوست” طويل عن معاناتها مع السمنة منذ طفولتها وحالتها النفسية السيئة، والتي تغيرت بمجرد أخذ عقار ما ساعدها على فقدان نصف وزنها حتى أصبحت أشبه بـ”المودلز”، فتبادر الفتيات بشرائه دون تفكير، خاصة أنها وضعت صورة لها قبل وبعد، ولا أحد يتخيل أن ذلك التحول السحري من الممكن أن يكون بـ”الفوتوشوب” مثلًا، كذلك منتجات التفتيح، وتطويل الشعر وغيرها، فيصبح مصيرها كـ”عبلة” في “يوميات ونيس”، يوم زفافها، وتستيقظ صباحًا على تساقط شعرها، بدلًا من تحسينه.

استعانت الكثيرات بحيل أكثر ذكاء من ذلك، حيث أصبحن يخدعن الفتيات، بإنشاء حسابات وهمية، لإرسال رسائل غير حقيقية، تمدح في منتجها الذي ومن المرة الأولى فقط، صنع ما عجز عن اكتشافه الأطباء والصيادلة، أو بطريقة أخرى، تبدأ هي في مدح المنتج بـ”أكونت” مزيف على “جروبات” البنات، وتضع صفحتها الحقيقية، مؤكدة أنها تعاملت مع تلك البائعة، وكانت النتيجة مرضية جدًا، خاصة لأمانتها، ولأنها اكتشفت بالصدفة أن المنتج في أماكن أخرى أغلى من ذلك الثمن بكثير.