مشاهدات "صحفية" تغطي مؤتمر الشباب لأول مرة

رباب طلعت

على شاطئ عروس البحر المتوسط، اجتمع ما يزيد عن ألفٍ من الشباب المحمل بالآمال والأحلام والإرادة، بين أعمدة مكتبة الإسكندرية، التي شهدت فعاليات المؤتمر الدوري الرابع للشباب بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، والمهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة، ووزرائه، الدورة التي أتيحت لي فيها الفرصة للمشاركة لأول مرة في المؤتمر مع الشباب كمحررة في “إعلام دوت أورج“.

وسط زحام الفعاليات، والتكدس البشري من شباب وحكومة وإعلاميين وصحفيين ونواب وشخصيات عامة، كان لي بعض المشاهدات التي أُبرزها فيما يلي:

(١)

قبل أسبوع واحد من المؤتمر عَلِمتُ بمشاركتي في الدورة الرابعة من مؤتمر الشباب بالإسكندرية، لإتاحة الفرصة لي لتغطية أحداثه، ومن بعدها بدأ التواصل شبه اليومي بيني وبين فريق التنظيم، الذي حرص على إبلاغي بكل خطوة تتم في إجراءات استقبالي من حجز الفندق وتوفير “أتوبيس” مخصص لانتقال المشاركين والمنظمين من القاهرة للإسكندرية، وغيرها من التفاصيل، للحظة التي تسبق وصولي واطمئنانهم على استلام غرفتي يوم الأحد السابق للمؤتمر، المنطلق صباح الاثنين، وهو ما أعطاني انطباعًا بجدية وحرص المنظمين على إخراجه بصورة جيدة والمتابعة مع المشاركين، الصورة التي ترسخت أيضًا في عدد من المواقف التي احتجت فيها الاستفسار عن مزيد من المعلومات من استقبال الفندق، فيأتي الرد هاتفيًا بعدها بأقل عن ربع ساعة في كل مرة من مسئول التنظيم في الفندق.

(٢)

لعلي استأت من المنظمين مساء الأحد، لإبلاغي بأن إفطار الفندق سيكون في السادسة صباحًا، ومن ثم التجمع في الباصات في تمام السابعة والنصف للتوجه لمكتبة الإسكندرية في الثامنة استعدادًا لجلسة الافتتاح في الحادية عشر، لسؤالي عن سبب تواجدي في المكتبة قبلها بساعتين ونصف، إلا أنني اكتشفت هناك قدرتهم على حساب الوقت بالدقيقة، فمع وصول تلك الأعداد الكبيرة، والإجراءات الأمنية المشددة، كانت القاعة الرئيسية جاهزة تمامًا في الساعة 10:50 لاستقبال الرئيس الذي وصل بالفعل في نفس الوقت، لتبدأ الجلسة الافتتاحية في موعدها المقرر.

(٣)

كان من ضمن الاستعدادات اللافتة والتي جذبت انتباهي بشدة، هي البروفات المكثفة للشباب مقدمي الفقرات، حيث حرصوا على الوقوف في أماكنهم المختارة بدقة أمام الكاميرات، لتفادي الأخطاء الشائع حدوثها، وهو بالفعل ما نجحوا فيه أثناء النقل المباشر للافتتاح.

(٤)

شمل فريق التنظيم عددًا كبيرًا من المشاركين من شباب الشباب والرياضة، والبرنامج الرئاسي، بجانب منظمي المؤتمر أنفسهم، وكان من الطبيعي اختيارهم للون الأسود الذي كان اختيار أغلب الحضور أيضًا باعتبارها فعالية “فورمال”، ما أعاقني في الوصول للعديد من المعلومات التي احتجتها في تغطيتي الصحفية، أو حتى عن الجلسات، لعدم معرفة مسئولي تنظيم القاعات من خارج فريق المؤتمر بها، وعدم قدرتي على التفريق بينهم وبين الآخرين، قبل اكتشافي أنهم يرتدون “دبوسًا” كُتب عليه “فريق التنظيم” بشكل غير واضح، العائق الذي كان من الممكن تفاديه بتقسيم فرق التنظيم باختيار لون شارة أو قميص أو غيرها، يتم الإعلان عنها مسبقًا للحضور ضمن كتيبات المؤتمر، أو غيرها من طرق الإبلاغ، كتخصيص “إيميل” موحد لمراسلة الحضور، يُرسل عليه تعليمات وتفاصيل المؤتمر بمواعيد الجلسات وغيرها.

(٥)

كان من الأسباب المعكرة لصفو التنظيم أكثر، هو عدم جدية البعض في التواجد، فكثيرًا ما صادف جلوسي خلال الجلسات بجوار بعض الحضور المنفصلين تمامًا عن واقع الجلسة، والمندمجين في حديثهم حد التشويش على تركيزي في مضمونها، وانفصالي غير الإرادي عن المتحدثين لتوجه إنصاتي للصوت الأقرب المجاور لي.

(٦)

“التلفزيون ظالمه والله”، وصف أطلقه أحد الجالسين خلفي على وزير الطيران المدني، الذي ظهر بشكل أكثر تحررا، وشبابية، وأقرب للحضور، خاصة الشباب في جلسة “محاكاة الدولة المصرية” حيث نزل عن مقعده وتحاور معهم، وظل يلقي الدعابات وبعث جوا من المرح حوله، وليس هو بمفرده، فمن الممكن تعميم ذلك الوصف على أغلب الوزراء، منهم رئيس الحكومة نفسه المهندس شريف إسماعيل، الذي كان يتجول منفردًا بين طرقات المكتبة دون حراسة أو غيرها، أثناء تنقله من مكان لآخر، وأيضًا وزير الشباب والرياضة الذي اختار أن يجلس فترة طويلة مع الشباب الذي لم يسعه الوقت لتلقي إجابة على أسئلته أثناء البث المباشر لجلسة “قانون الرياضة الجديد”، بل إنه مع إصرار الحرس على ضرورة تحركه من المكان، قرر اصطحاب فتاتين معه أثناء خروجه من باب مخصص للوزراء، كنت واحدة منهن، لعجزي والأخرى عن الحديث معه مع تزاحم الشباب حوله، كي يعطينا مساحتنا الخاصة، بالإضافة للودية التي ظهرت بها وزيرة الهجرة مع الشباب أثناء تواجدها في المكان، وغيرها من المواقف التي أعطت انطباعًا مختلفًا عن الوزراء الحاضرين، ومنها قيام وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر بإجراء حوار مع أحد الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة المشاركين في المؤتمر وتعريفه بأنشطة الوزارة خارج القاعة الرسمية.

(٧)

أكثر الجلسات القريبة لقلبي، كانت تلك التي قدمها شباب البرنامج الرئاسي بعنوان “محاكاة الدولة المصرية”، انقسم فيها شباب أكثرهم لم يصل لسن الثلاثين، لتشكيل حكومة وبرلمان؛ يقف كل منهم لطرح فكرته أو الرد على أخرى مع إتقان دورهم وتقمصهم شخصية المسئولين، إلا أني أخذت عليهم نفس النقطة التي أشار لها وزير الطيران، الذي ناقشهم في إحدى الجلسات، وهو أن أفكارهم المطروحة كانت تقليدية ورتيبة لم تٌظهر شغف الشباب و”جنونهم” الذي هو بداية الإبداع والابتكار، وتجسيدهم دور الوزير أو البرلماني الخمسيني، كما هو معتاد، لا كما كان يجب أن يعكسوه، بأن الشباب قادرون على الموازنة بين شبابهم ومناصبهم، فالأخيرة -كما وجهتهم وزيرة الهجرة- لا تعني تقمص سنًا أكبر.

(٨)

من النقاط التي يجب الإشادة بها منذ انطلاق مؤتمرات الشباب، هي حرص المنظمين على مواكبة الأحداث في اختيارهم لرفقاء الرئيس في الجلسات من الشباب، حيث تواجدت مريم فتح الباب طالبة الثانوية التي قهرت الظروف لتتفوق، وياسين الزغبي “بوسطجي الشعب” كما وصفته بعد مشاهدتي لفيلمه الذي عرض في الجلسة الافتتاحية، وحتى الأولى على الدمج، التي طلبت لقاء الرئيس فلبى رغبتها، إلا أن الفتاة تعرضت لموقف تنظيمي، لعل اللوم يعود فيه ليس على المنظمين إنما على عدم وعينا كمصريين في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بتيسير الحياة لهم، فبعد نزول “آية” من الفندق مع أهلها، اكتشفوا صعوبة حملها في “الأتوبيس” المخصص لنقل الحضور إلى المكتبة، ما دفعهم لانتظار المنظمين لحل الأزمة بتوفير سيارة خاصة لنقلها، ما جعل علامات الاستياء أو لعلها لحظات الإحراج تظهر عليها.

(٩)

مشكلة أخرى واجهتني، لعلها ضريبة المرة الأولى للمشاركة، وهي عدم استطاعتي التوصل لاسم الجلسة الدائرة في إحدى القاعات، فبالرغم من أن الجدول منظم بمواعيد ثابتة، ومحاولات مقدمي الجلسات المستميتة لحث المتحدثين على اختصار حديثهم، إلا أنه لم تنتهِ جلسة في موعدها المحدد، وبالتالي تأخرت المواعيد، والذي رحبت به في البداية، كونه فرصة لي بأن أنتهي من واحدة، فأذهب للأخرى للاطلاع عليها قبل انتهائها إلا أني كنت أصل للقاعة، فلا أعلم أي الجلسات مدارة حاليًا، هل هي الجديدة أم القديمة، خاصة في الجلسات التي يمنع الدخول لها بعد بدئها، ما أضاع علي جلستين كنت حريصة على حضورهما.

(١٠)

بالطبع لا يمكن الاعتراض على منع الهواتف النقالة، والكاميرات داخل المؤتمر، كونها إجراءات أمنية متعارف عليها، لكن كوني محررة في موقع إلكتروني، واجهتني مشكلة، وآخرون معي، في إرسال أخبار هامة من داخل المؤتمر، ما تسبب في “حرقها” على حد التعبير الصحفي الدارج، وهو الأمر الممكن تفاديه في المرات المقبلة بتوفير مركز صحفي للصحفيين يمكنهم من استخدام أجهزته في إرسال أخبارهم وتقاريرهم.