مشوار صعود محمد صلاح من ناشيء في نادي المقاولون العرب إلى اللاعب الأغلى في تاريخ نادي ليفربول الإنجليزي خلال 6 سنوات، تصلح لتكون فيلم سينمائي مليء بالمواقف الانسانية واللحظات العصيبة والإحباطات.
صلاح كان فتى محبط عمره 19 عام، عندما تداولت وسائل الإعلام المصرية خبر عن إهتمام نادي الزمالك بضمه، خرج رئيس نادي الزمالك حينها لينتقد طريقة لعبه ويؤكد أنه لا يصلح للعب في نادي بحجم الزمالك، ثم بعد أسابيع توقفت كرة القدم بالكامل في مصر، لكن في المقابل كان المهندس إبراهيم محلب رئيس نادي المقاولون العرب يؤمن بقدرات صلاح، ويشجعه للإنتقال إلى اللعب في أوروبا، وهو ما حدث بعد أسابيع حينما إنتقل صلاح من المقاولون إلى بازل السويسري.
حينها لم يكن محمد صلاح معروف لكل متابعي الكرة المصرية، مجرد لاعب متألق مع نادي المقاولون العرب ويلعب للمنتخب الأولمبي.
لكن مع بداية الموسم في سويسرا بدأت أخبار صلاح تبشر المصريين أن لديهم نجم يبدأ مشوار التألق في الملاعب الأوروبية، نجاح سريع ومدوي مع بازل، أهداف في الدوري الأوروبي قادت فريقه إلى الدور نصف النهائي وهزيمة على يد تشيلسي الذي حقق اللقب في ذلك الموسم، وقتها أصبح من المؤكد أن صلاح يحقق أحلام المصريين في وجود لاعب ناجح في الملاعب الأوروبية.
الجماهير المصرية كانت دائمًا تحلم أن يكون لديها لاعب ناجح يستطيع أن يكون ضمن نجوم الصف الأول في الملاعب الأوروبية، وهو ما لم يحدث برغم محاولات محمد زيدان وأحمد حسام وأحمد حسن، جميع التجارب السابقة بدأت واعدة ثم إنتهت بالفشل والعودة إلى الدوري المصري قبل الإعتزال.
لكن مع صلاح كان كل شيء يبدو مختلفًا، وبدأت أحلام المصريين في صيف 2013، كان الجميع في إنتظار خطوة صلاح التالية، هل ينتقل من نادي بازل إلى الدوري الألماني ام الأسباني؟ وهل يستطيع تحقيق نفس النجاحات مع فريقه القادم؟
لكن صلاح إستمر مع بازل في النصف الأول من موسم 2013/2014، وحقق لقب أفضل لاعب في الدوري السويسري عام 2013، وبدأت الأخبار تأتي من إنجلترا عن رغبة نادي ليفربول في ضم مهاجم بازل الواعد مقابل 8 مليون يورو، ثم كانت المفاجأة الكبري لمحبي صلاح في مصر، هي دخول نادي تشيلسي في الصفقة، الجميع يعرف من هو جوزيه مورينيو وقيمة رؤيته لصلاح كلاعب يصلح للعب في فريقه.
بالفعل إنتقل صلاح إلى تشيلسي في يناير 2014 مقابل 12 مليون يورو قابلة للزيادة، وبدأ سقف طموحات المصريين في الإرتفاع، الحلم بالبطولات التي سيقود صلاح فريقه إلى الفوز بها، الحلم برؤيته يلعب مع نجوم تشيلسي المعروفين للعالم كله، أمضي صلاح مع تشيلسي النصف الثاني من موسم 2013/2014 والموسم الأول من موسم 2014/2015 وهو الموسم الذي حقق فيه تشيلسي لقب الدوري الإنجليزي وكأس رابطة الأبطال، خلال تلك الفترة إحتل المصريين حسابات مواقع التواصل الإجتماعي الخاصة بتشيلسي مرددين عبارة واحدة “طلع فلان..ونزل صلاح”، كان من الطبيعي أن تجد آلاف التعليقات باللغة العربية على صفحة نادي تشيلسي على فيسبوك، وهو الدرس الذي تعلمته الأندية التي تعاقدت مع صلاح بعد ذلك.
غادر صلاح تشيلسي إلى فيورنتيا الإيطالي في يناير 2015 معارًا لمدة 6 شهور ثم إنتقل بعدها إلى روما الإيطالي لمدة عامين، خلالهما كان صلاح يحقق أحلام المصريين مع كل هدف يسجله وكل كرة يمررها ليصنع هدف، طموح محمد صلاح في إيطاليا كان هو نفس طموح المشجعين المصريين، الكل ينتظر المباراة القادمة لإحراز مزيد من المجد، وتلك المرة خصص نادي روما حسابات باللغة العربية للتواصل مع الملايين من محبي صلاح على مواقع التواصل الإجتماعي.
بنهاية الموسم الماضي بدأت وسائل الإعلام الإنجليزية في ذكر تقارير عن إهتمام نادي ليفربول بضم محمد صلاح، مرة أخرى يعود صانع الألعاب المصري إلى إهتمامات الفريق العريق، لكن تلك المرة في ظروف أفضل للطرفين؛ صلاح وليفربول.
صلاح تطور عما كان عليه في 2014 أثناء مفاوضاته الأولى ليفربول،بعدما غادر تشيلسي وتألق وأصبح من أبرز لاعبين الدوري الإيطالي، ولديه الرغبة الأن في إثبات نفسه من جديد في بطولة الدوري الإنجليزي.
أما ليفربول فقد أصبح فريق أقوى مما كان عنه في 2014 حين حاول ضم صلاح، الفريق يمتلك الأن واحد من أفضل المدربين، الألماني يورجن كلوب الذي يمتلك رؤية ومشروع يقوم بتنفيذه في النادي، ليحقق حلم الفوز بلقب الدوري الإنجليزي مرة أخرى للعملاق الأحمر ثاني أكثر الأندية حصولًا على البطولة عبر تاريخها.
يورجن كلوب قام الموسم الماضي بتحسين الفريق وضم عدد من اللاعبين وطور طريقة لعب الفريق لتصبح أكثر هجومية وفاعلية، وأنهى الموسم في المركز الرابع متأهلًا إلى دوري أبطال أوروبا، ومازال يطمح إلى تطوير الفريق وضم عدد من اللاعبين لتقوية خطوطه.
يمكن تلخيص إنتقال محمد صلاح إلى ليفربول في كلمة واحدة هي “الطموح”، طموح ليفربول في العودة إلى منصات التتويج، طموح يورجن كلوب في صناعة ليفربول قوي تخشاه الأندية الكبرى، وطموح صلاح في أن يصنع المجد مع أحد عمالقة أوروبا.
لذلك كان توقيت الصفقة مناسبًا للأطراف الثلاثة؛ روما الذي باع عقد صلاح بزيادة 25 مليون يورو عن ثمن شراءه، ليفربول الذي حصل على واحد من أفضل لاعبي الكرة السريعة في العالم، ومحمد صلاح الذي عاد إلى إنجلترا وهو يحمل لقب “اللاعب الأغلى في تاريخ ليفربول”، وهو لقب قيمته كبيرة لمن يعرف قيمة وتاريخ ليفربول في أوروبا.
ليفربول يطمح في الموسم المقبل إلى المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي في موسم سيكون الأصعب عبر تاريخ البطولة، فكما يقوم كلوب بتطوير فريقه، يقوم المنافسين بتدعيم فرقهم بصفقات تتكلف مئات الملايين.
المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي أصبحت شرسة في السنوات الأخيرة، حيث يتنافس 6 أندية على اللقب طوال الموسم، وبالتأكيد اللعب في دوري به 6 فرق تقاتل على اللقب أصعب كثيرًا مما هو عليه في الدوريات الأوروبية الأخرى التى تقتصر المنافسة فيها على اللقب بين 3 فرق.
موسم صلاح الأول مع ليفربول سيكون مثالي لو إستطاع الفريق الصعود إلى دور الثمانية في دوري أبطال أوروبا، والفوز بلقب كأس الإتحاد الإنجليزي والإستمرار في المنافسة على لقب الدوري حتى الأسابيع الأخيرة، أما ما يزيد عن ذلك فهو نوع من الحلم المشروع.
وبالنسبة للمصريين سيكون موسم مثالي لو تألق صلاح وأحزر وصنع العديد من الأهداف ليتحول إلى اللاعب الذي تتغني جماهير ليفربول باسمه في المباريات كما كان الحال في كل أنديته السابقة، ليواصل محمد صلاح تحقيق أحلام المصريين في كتابة أسطورتهم في الملاعب الأوروبية، ويواصل المصريين الكتابة على حسابات ليفربول باللغة العربية والتي تم إطلاقها تزامنًا مع إنضمام صلاح إلى الفريق الأحمر.