القصة كلها بدأت منذ 6 سنوات ، وقتها كان نادي المقاولون العرب يقوم ببناء فريق جديد قوامه من أبرز مواهب قطاع الناشئين بالنادي، وفي النصف الاول من موسم 2011/2012 بالدوري المصري، كان هناك 4 لاعبين صاعدين بالفريق محط اهتمام الأندية الكبرى؛ باسم علي المدافع الأيمن، علي فتحي المدافع الأيسر، محمد النني لاعب خط الوسط ومحمد صلاح صانع ألعاب الفريق.
في أواخر عام 2011، خرج ممدوح عباس رئيس نادي الزمالك لينفي اهتمام القلعة البيضاء بضم لاعب نادي المقاولون العرب الصاعد محمد صلاح، مؤكدًا أن صلاح يميل إلى اللعب الفردي ويحتاج إلى كثير من التطوير حتى يمكنه الإندماج مع فريق بحجم الزمالك، وأضاف عباس أنه يفضل ضم زميله في خط وسط المقاولون محمد النني.
لم يقم الزمالك بضم صلاح أو النني، ولم تمض سوى أسابيع حتى توقف النشاط الرياضي في مصر، وهنا كانت نقطة التحول في القصة، في اوائل شهر مارس 2012، قام نادي بازل السويسري بمخاطبة إدارة نادي المقاولين العرب برغبتهم في خوض محمد صلاح لفترة معايشة في النادي، ليشاهدوه على الطبيعة ويتأكدوا من إمكانية تأقلمه مع اللعب في سويسرا، وهو ما إتفق مع رغبة المهندس إبراهيم محلب رئيس نادي المقاولون العرب حينها، الذي كان دائمًا ما يؤمن بإمكانيات لاعبي فريقه ويخبر محمد صلاح أنه يستطيع اللعب في الدوريات الأوروبية، وقام محلب بترك التفاوض مع النادي السويسري للمهندس شريف حبيب عضو مجلس إدارة الشركة حينها، وأظهرت إدارة نادي المقاولون العرب مرونة كبيرة لتسهيل إنتقال صلاح إلى بازل،وفي إبريل 2012 أتم بازل صفقة ضم محمد صلاح من المقاولون العرب المصري.
التأقلم مع الحياة في سويسرا ليس بالأمر السهل على اللاعبين الأوربيين، فما بالك بمراهق شاب قادم من مركز بسيون بمحافظة الغربية، لكن صلاح بدأ في التأقلم سريعًا ولم تمض سوى شهور حتى قام نادي بازل بضم صديقه محمد النني لتصبح عملية تأقلم الثنائي مع الحياة في سويسرا أمر سهل، تأقلم صلاح مع الحياة في سويسرا وتألقه مع بازل في المباريات الكبرى، كانا السبب في حصوله على لقب أفضل لاعب صاعد في أفريقيا عام 2012، وأفضل لاعب في الدوري السويسري عام 2013.
أمضي صلاح موسم ونصف في بازل قبل أن ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي في يناير 2014، خطوة سريعة غير متوقعة، حينها كان بازل يتفاوض مع ليفربول لإنتقال صلاح، لكن المفاوضات كانت تسير ببطء بسبب عدم الوصول إلى مقابل مادي مناسب للنادي السويسري، بينما كان البرتغالي جوزيه مورينيو يبحث عن بديل لدكة بدلاءه بعد رحيل الأسباني خوان ماتا إلى مانشستر يونايتد، وقرر الدخول في الصفقة وزيادة المقابل المادي الذي قدمه ليفربول.
قرار صلاح بالموافقة على الإنتقال إلى تشيلسي كان يبدو خاطئًا منذ اللحظة الأولى، دكة بدلاء تشيلسي كانت مليئة بمن هم أكثر خبرة ونجومية من اللاعب صاحب الـ20 عام، وخوان ماتا الذي إنضم صلاح إلى تشيلسي بعد رحيله كان صاحب جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي في الموسم السابق، لكنه مع جوزيه مورينيو أصبح مجرد لاعب بديل يدخل إلى الملعب في منتصف الشوط الثاني،وهو ما دفعه إلى الإنتقال لمانشستر يونايتد.
بالتأكيد لم يكن حظ محمد صلاح مع مورينيو أفضل من حظ ماتا، وبعد عام من المشاركات القليلة إنتقل مُعارًا إلى فيورنتينا الإيطالي لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد لموسم أخر ضمن صفقة إنتقال الكولومبي خوان كوادرادو من فيورنتينا إلى تشيلسي، ليواجه الكولومبي نفس مصير صلاح على دكة بدلاء جوزيه مورينيو، بينما كان صلاح يتألق بشدة مع فيورنتينا وأثبت أنه يستطيع التأقلم سريعًا مع طريقة اللعب في الدوري الإيطالي، وكعادته تألق أمام الفرق الكبرى، قام بإحراج توتنهام في الدوري الأوروبي، ثم أحزر واحد من أفضل الأهداف الموسم في مرمى حارس يوفنتوس الأسطوري جانلويجي بوفون.
نجح صلاح في تسجيل 9 أهداف خلال 26 مباراة خاضها مع فيورنتينا،وهو ما دفع النادي الإيطالي لمحاولة مد إعارته، لكن صلاح كان يرغب في إثبات قدرته على اللعب لأندية القمة التي تنافس على الألقاب، وبالفعل إنتقل معارًا من تشيلسي الإنجليزي إلى نادي روما الإيطالي لمدة موسم مع إمكانية ضمه نهائيًا مقابل 15 مليون يورو.
في موسمه الأول مع روما تحول صلاح إلى النجم المفضل للفريق،و أنهى الموسم وهو هداف الفريق برصيد 15 هدف في كافة المسابقات بالإضافة إلى صناعته لـ6 أهداف وتم إختياره أفضل لاعب في فريق روما موسم 2015/2016، وفي أغسطس 2016 إنتقل صلاح نهائيًا من تشيلسي الإنجليزي إلى روما مقابل 15 مليون يورو.
ليخوض صلاح موسمه الثاني مع روما، وهو الموسم الأنضج في مسيرته حتى الأن، حيث قاد منتخب مصر إلى المباراة النهائية في بطولة الأمم الأفريقية بالجابون، كما قاد روما إلى وصافة الدوري الإيطالي، واحتل المركز الثاني في ترتيب هدافي فريقه بـ19 هدف كما صنع 12 هدف.
الآن، ينضم محمد صلاح إلى ليفربول مقابل 37 مليون جنيه إسترليني في صفقة هي الاعلى في تاريخ نادي ليفربول، وهي الأعلى التي يتلقاها نادي روما في بيع لاعب، والأعلي أفريقيًا وعربيًا وبالطبع محليًا، وينتظر مشجعي فريقه رؤيته في الملعب بشغف، لتبدأ محطة جديدة في رحلة محمد صلاح في الملاعب الأوروبية.