محمود خليل يكتب: "زينب وأخواتها"..!

“أنا شخصية تحب أن تقود ولا تقاد”.. هكذا فسرت زينب الغزالي خروجها من عباءة هدى شعراوي واتجاهها للعمل الفردي وتأسيس جمعية “السيدات المسلمات”.. متخذة له منهجا مغايرا لمنهج الاتحاد النسائي الذي تربت بداخله على مبادئ حرية المرأة، لكنها إحقاقا للحق لم تظبط متلبسة أبدا بالهجوم على هدى شعراوي بل كانت تدافع عنها في كل المحافل حتى بعد انضمامها لتنظيم الإخوان المسلمين..

لينك حديث زينب الغزالي في مسلسل الجماعة 2 عن هدى شعراوي

زينب الغزالي التي نشاهدها يوميا عبر ملامح الفنانة صابرين، لا تختلف كثيرا عن ملامحها التي تطل في فيديوهاتها عبر اليوتيوب، وأعتقد أن صابرين التي وصفتها بـ”المخيفة” شاهدت هذه الفيديوهات جيدا حتى تستوعب شخصية الغزالي وتهضمها لتخرج علينا بصورة مقربة للسيدة التي قادت السيدات داخل تنظيم الإخوان.

لينك حديث زينب الغزالي تتحدث عن هدى شعراوي

زينب الغزالي هي سيدة مصرية كافحت من أجل نضال المرأة منذ طفولتها، عندما رفض شقيقها تعليمها، لكنها قاومت وانتزعت حقها في التعليم، لذا كان طبيعيا أن تنضم للاتحاد النسائي الذي وجدت فيه ضالتها، هدى شعراوي كانت أيقونة المرأة في هذا الزمن، ووجدت بدورها في زينب الغزالي القدرة على مواجهة شيوخ الأزهر في حديثهم عن المرأة في الإسلام، وهنا فطن الشيخ محمد النجار أحد علماء الأزهر وقتها أن الهجوم على الغزالي سيساهم أكثر في لمعان نجمها فحاول استقطابها واستغل رؤيتها لوالدها في المنام وهو يطلب منها عدم السفر لفرنسا لترفض البعثة بالفعل، لكنها تظل في عباءة هدى شعراوي إلى أن تعرضت لحادث حريق شوه معظم جسدها لتبدأ رحلة جديدة بتأسيس جمعية السيدات المسلمات، ويجد فيها حسن البنا مرشد جماعة الإخوان المسلمين ضالته في سيدة تجتذب إليها الفتيات، ولها من التأثير عليهن ما يكفي لإشباع رغبته في التسلل لكل فئات المجتمع، ليطلب لقائها ويخطب ودها، عارضا عليها الانضمام للتنظيم، وهو ما روته باقتضاب في الفيديو التالي..

لينك وصف زينب الغزالي للقائها الأول بحسن البنا

لكن عبر 39 كتاب قرأه المؤلف الكبير وحيد حامد ليطل علينا في الجماعة 2، نستطيع أن نعي جيدا ملامح مشهد اللقاء الأول بين زينب الغزالي وحسن البنا في المسلسل، وهو المشهد الذي يكشف إلى حد بعيد قدرة البنا ومن بعده أتباعه في التسلل لأعماق الفرد حتى ينهي مقاومته، ويحوله تابعا، عبدا له ولجماعته وتعاليمها التي ينسبها للإسلام، لكنه يكشف أكثر أن وحيد حامد قرأ شخصية زينب الغزالي جيدا، وأظهر الصراع الحاد داخلها بين المرأة التي تنشد الاستقلال عن الرجل، وبين المرأة التي تصر على أن ظل الرجل هو الغاية دائما.

حسن البنا في عباءة الفنان إياد نصار استخدم كل الوسائل المتاحة، بدأ بالوسيلة الأقدم وهي التهديد، بقوله: “نحن نعرف عنك كل شيء.. نعرف أنك شخصية عنيدة.. عنيدة في الحق.. أن تكوني معنا فهذا خير لنا ولكي.. وإن لم تكوني معنا فهي خسارة لنا ولكي”.

لكن ملامح الغزالي الجامدة جعلته يغير المسار للغة الترغيب..

حسن البنا: أنتي ستقودين النساء.. وأنا سأقود الرجال.

زينب الغزالي: ومن قال لك يا فضيلة المرشد انني غير قادرة على قيادة الرجال

حسن البنا: ستقودين الرجال من خلال النساء.. ولكن لا تنسي الرجال قوامون على النساء.

زينب الغزالي: بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموال.

لينك مشهد نقاش حسن البنا مع زينب الغزالي في مسلسل الجماعة 2

اقترب البنا من إحكام قبضته على ضحيته، وحتى يضمن الولاء التام أرخى يد وعوده بعض الشيء..

زينب الغزالي: على أن تكون ارادتي حرة وقراري في شئوني لي وحدي.

حسن البنا: لكي هذا وأكثر.

زينب الغزالي: إرادة الرجال لا تكون فوق ارادتي باستتثناء ارادة فضيلتك طبعا.

حسن البنا (بعد فترة صمت): مع أن هذا غير مألوف.. لكن استثنائك فهو مقبول بعض الشيء.. فأنتي صاحبة دعوة وصاحبة رسالة.

زينب الغزالي: وامرأة أيضا يا فضيلة المرشد.

حسن البنا: وأي امرأة.. أنتي تسيري على نهج الصحابيات الفضليات.. وإن كانت كل منهن تحت رجل يحميها..

زينب الغزالي: المرأة هي المرأة.. وأن يكون جسدي تحت جسد أي رجل فهذا في فراش الزوجية فقط.. أما أن يكون عقلي تحت عقل أي رجل فهذا أمر غير مقبول بالنسبة لي..

حسن البنا: بارك الله فيكي.. بما إنك أصبحتي واحدة منا ان شئتي الزواج زوجناكي.

زينب الغزالي: من يا فضيلة المرشد سيقبل شروطي.

حسن البنا: موجود كله موجود باذن الله.

زينب الغزالي: يا فضيلة المرشد من سيقبل بامرأة جسدها مشوه بالنار وسبق لها الزواج.

حسن البنا: في الجماعة رجال يعرفون قدرك ويقدرون رسالتك وستكون ارادتك فوق ارادتهم وعقلك فوق عقلهم.. أما مسألة الجسد فهذا أمر لا شأن لي به..

ويمد يده لها قائلا: أنتي الآن مع الجماعة..

وبيد مرتعشة تمد زينب يدها لمصافحة البنا، وبحركة مدروسة تفهم زينب المطلوب وتقبل يده، وتبايعه أو دعونا نستخدم التعبير الأدق تبيع نفسها له بقولها: “أنت الوحيد الذي يستطيع أن يبيع هذه الآمة بالثمن الذي يرضيه لخدمة الدعوة لدين الله تعالى وأنا في انتظار تعاليمك وأومرك سيدي الإمام”

 

لينك مشهد مبايعة زينب الغزالي لحسن البنا في مسلسل الجماعة 2

البعض ينتقد وحيد حامد ويتهمه بأنه يجمل وجه الجماعة في مسلسله، بل أن بعض الأقلام الإخوانية رحبت به، ودأبت عدد من المواقع على نشر المقاطع التي تثبت وجهة نظرهم، لكن الحقيقة من وجهة نظري أن وحيد حامد تسلل جيدا عبر ثنايا التنظيم، ومرر لنا في سلاسة يحسد عليها الدليل العملي والمعتمد رسميا في أدبيات الجماعة في كيفية تحويل الانسان إلى تابع، يردد ما يقوله الأسياد، واضعا عقله رهينة في يد سيده يحركه كيفما يشاء، واقتنص البنا مريدات الغزالي لتتحول السيدات اللاتي يفكرن مجرد تفكير في إثبات وجودهن إلى تابعات ينفذن أوامر الجماعة، وهو ما نجحت فيه زينب الغزالي إلى حد كبير، فالسيدة تعتبرها فتيات الجماعة أيقونة ويتغزلن فيها، بل يسرن على دربها ودرب جماعتها في أن المرأة كائن ثانوي، يقتات بما يتركه لها الرجل من تعليمات يسميها زورا وبهتانا حقوق، مستندا إلى تفاسير ملتوية للآيات والأحاديث، ليفرض سطوته عليها.

نجحت زينب الغزالي في ترويج الأفكار التي تحط من قدر المرأة في صفوف الفتيات المصريات، فالسيدة التي وافقت على أن تكون زوجة ثالثة لزوجها بل منعته من تطليق زوجتيه، وطلبت منه تقسيم حياته بالقدر المستطاع بينهن، اقتدت بها وسارت على دربها مؤسسات حملات تعدد الزوجات المنتشرة حاليا على مواقع التواصل الاجتماعي، سيدات يرون أن الزوجة الصالحة هي من تزوج زوجها بنفسها، وتختار له الزوجة حسب مقاييس نشوته ورجولته التي تفهمها عن ظهر قلب.

نجحت زينب الغزالي في تعليم المرأة أنها مهما وصلت لأعلى المراتب ولأعلى المناصب، فهي تحتاج لرجل تستند عليه وتقوى به، حتى وإن كانت واثقة في قرارة نفسها أنها قادرة على قيادة الرجال، لكنها في الوقت نفسه تضع جسدها تحت جسده في غرفة النوم، وهي الرسالة التي مررها لنا وحيد حامد في هذه المشاهد، حتى وإن لم تعجب الكثيرون، أو لو يفهموها.