أحمد عباس: عروض مسرح مصر ضعيفة.. والمسرح الحقيقي لا يُلتفت إليه

حسين السيد

عصفت خلال الآونة الأخيرة عدد من الأزمات التي تهدد دور المسرح في مصر، وتزايدت التحديات أمام الفنانين الشباب، خاصة من طلاب الجامعات، الأمل الوحيد الحالي، في إعادة شعبيته، من خلال عروضهم المسرحية على مسارح الكليات، في ظل غياب دعم الدولة وتجاهل الإعلام له، لذلك حاور “إعلام دوت أورج“، المخرج المسرحي في جامعة المنوفية أحمد عباس، وتلك أبرز تصريحاته:

1- المسرح حاليًا يعاني من أزمة شديدة، فالإعلام لا يغطي الأنشطة المسرحية بشكل جيد، بعكس الاهتمام الإعلامي الكبير بعروض ضعيفة مثل “مسرح مصر”، متجاهلًا الأخرى العظيمة المقامة على المسرح القومي، ومسرح الطليعة، وغيرهما، والتي لا تعرف الجماهير عنها شيئًا، ولا يسمع عنها أحدٌ سوى المسرحيين المهتمين، منها مثلًا مسرحية “يوم أن قتلوا الغناء”، على مسرح الطليعة.

2- البعض يقدم “تفاهات”، إلا أنها تصبح مشهورة، وتغطي على الأعمال الجيدة، وتؤثر على بعض المسرحيين الجدد، أو طلبة مسارح الجامعات، ودورنا هو أن نحذر أبناءنا، ونعي أن كل عمل ضعيف هو موجة، ستأخذ وقتها ثم تنتهي دون أن تترك أثرًا حقيقيًا.

3- مسرح مصر أزمته أنه مسرح غير مكتوب، وارتجالي; نكتة يتم تحويلها لمسرحية.

4- معادلة الموازنة بين صناعة عمل جيد، يكون جماهيري في نفس الوقت صعبة للغاية، والمشكلة أن الذين كانوا يحملون المسرح الكوميدي على أكتافهم تخلوا عن هذا الدور لصالح أسلوب أقرب إلى الارتجال، فمحمد صبحي مثلًا ترك المسرح لصالح برنامج “أعزائي المشاهدين مفيش مشكلة خالص”، فلك أن تتخيل أن الشخص الذي قدم أعمال محفورة في الذاكرة ومميزة جدًا، يقدم اليوم أشياء مباشرة في برامج، لا يمكن أن نعتبرها عملًا فنيًا.

5- رغم الوضع السيء للمسرح حاليًا فالأمل ما زال قائمًا، لأن هناك شباب ممتاز يؤلف نصوص رائعة، وهناك طلبة تخرج اليوم أعمال في الجامعات قمة في الرقي.

6- لدينا العديد من الطلبة الذين تخرجوا من مسرح الجامعة، وصاروا اليوم مسرحيين محترفين، أو أكملوا طريقهم نحو الدراسة المتخصصة في المعاهد المسرحية، وأعتبر هذا نجاحًا لأننا مازلنا قادرين على الإضافة وإفادة المسرح من خلال الجامعة، والموهوبين الذين يخرجون منها.

7- مهمتنا في مسارح الجامعات هي تنمية العقول، ووضع الذين يريدون إكمال طريقهم على أول الطريق، وأرى إن الإمكانيات غير القوية لمسارح الجامعات مفيدة للمسرحي في بداية حياته، لأنها تجعله أكثر إبداعًا، وأكثر قدرة على التعامل مع الظروف وتقديم عمل جيد في ظل إمكانيات محدودة، فإذا قدم مسرح الجامعة كل شيء، فإنه لن يترك مساحات من الإبداع، فربما نقص الإمكانيات بصورة ما مفيد في إنه يجعل الشاب في حاجة إلى إعمال عقله دائمًا، لحل المشكلة في إطار الموارد المتاحة، ما يساعده مستقبلًا عندما تكون تلك الإمكانيات متوفرة بشكل أكبر.

8- المسرح يهذب النفوس، فمهمة مسارح الجامعات ليست إنتاج محترفين للتمثيل فقط، ولكن أيضًا إخراج الطبيب الذي مارس الفن، والمهندس الذي يقرأ ويؤلف في المسرح، فأيًا كانت مهنتك بعد التخرج فإن مسرح الجامعة سيشكل نقطة ضوء في نفسك، فهو نافذة إلى الثقافة، ومنه سينتشر الضوء من خلال فنانيه إلى غيرهم.

9- أطلقنا مشروع ” الجرن”، للتنمية الثقافية في القرية المصرية، فهو يستهدف بالأساس طلبة المرحلة الإعدادية، وهدفنا منه تعريف الطلاب ليس فقط بالمسرح، ولكن بأنشطة مختلفة مثل القصة والأغاني الشعبية المتصلة بالبيئة والقرية وغيرها من الأنشطة التي تستهدف في الأساس تنمية انتماء واتصال الأطفال بالفنون وبالوطن، فنحن أمامنا طريقين، إما أن يخرج الطفل ناقم على المجتمع والبلد، أو أن يوفر له شيء يجعله راضيًا ومتصلًا بأرضه.

10- أميل في أعمالي إلى الروايات العالمية، لأن المسرح العالمي خاطب الإنسان بدون التقيد بجنس أو لون أو ظرف سياسي، وأزمة بعض مؤلفي المسرح المصريين أنهم كتبوا لزمان معين، ولمرحلة بعينها، فحازوا الشهرة وقتها، لكن أعمالهم لم تعش بعد ذلك، فأين ذهبت أعمال نعمان عاشور وسعد الدين وهبة اليوم مثلًا؟

11- أنا مخرج معتمد بوزارة الثقافة ومع ذلك لا أعمل في عروضها، لأن الأمر تحول إلى “سبوبة “، ويجب أن تبيع “دماغك” إذا أردت العمل هناك، فأنت مجبر على اختيار نصًا من النصوص التي تعاقدت عليها الوزارة، وأيضًا على تقديم مسرح في قاعة أفراح قد تفاجئك بعرس مواز لعرض مسرحيتك، كذلك على العمل تحت ظروف لا يمكن أن تخرج مسرحية جيدة، وميزانيات لا يمكن تعديها بأي حال من الأحوال، ومن ثم فإن النزول إلى المراكز والقرى وعرض مسرحيات بات اليوم صعبًا لضعف الإمكانيات من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن الأمور لا تدار بشكل جيد.

12- التعامل مع الشباب يجب أن يكون عمليًا، الشباب ليس في حاجة إلى خطب ومواعظ، لكنه في حاجة إلى قدوة عملية، فعندما يرى الشاب مخرجه يمارس سلطة لسبب غير فني، أو حين يراه متكالبًا على المال، أو حريصًا على أجره أكثر من حرصه على العمل المسرحي، فإنهم لن يحبوه، سيحبونه حين يرونه مترفعًا عن الصغائر، فالحصول على الحب يكون بشكل عملي.

13- أزمة الثقافة المصرية اليوم هي أزمة إدارة مواهب، وليست أزمة مواهب، فنحن لدينا الكثير من الموهوبين، فهنالك ممثلين تفوقوا حتى على فنانين عظام من النجوم القدامى، لكن الاهتمام اليوم بالفنون والثقافة أقل، والإدارة لهذه المواهب أقل كفاءة.