نجوم خطفهم الموت (3).. محمد الشرقاوي نام ولم يستيقظ‎

رباب طلعت

الشهرة، النجاح، النجومية، أحلام حققوها ووصلوا لها بتعب واجتهاد دام سنوات، إلا أن الموت قرر اختطافهم في عز سطوع نجمهم، تاركين ورائهم أعمالهم، التي خلدتهم في قلوب جماهيرهم.

نرشح لك نجوم خطفهم الموت (1).. علاء ولي الدين رحل فجأة بعد صلاة العيد

في يوم الاثنين 6 مايو 1996، خرج الفنان الكوميدي، محمد الشرقاوي، بعد انتهاء التصوير، متجهًا إلى منزله، وعقب وصوله، تناول وجبة الغذاء الأخيرة معهم، ونام، ولم يستيقظ بعدها، مات دون إصابته بأي مرض، أو شكوى، موت صامت، هادئ كطبيعة روحه المسالمة.

نرشح لك – نجوم خطفهم الموت (2).. هالة فؤاد بسببها حاول أحمد زكي الانتحار

42 عامًا حصيلته من الدنيا، التي وُلد فيها عام 1954، وودعها عام 1996، تاركًا ورائه إرثه الحقيقي نجلين وابنة، فارقهم صغارًا، وأثره الفني، الذي لا يموت في أذهان الكثيرين، فهو “زقلط” الذي تربت على خفة دمه أجيال “بوجي وطمطم”، وهو الفنان الكوميدي الحاصل على لقب “أفضل ممثل”، 36 مرة.

بعكس طبيعته الصامتة والهادئة في الطبيعة، بحث “الشرقاوي”، عن الكوميديا و”الشقاوة”، في أدواره، بالرغم من كونه ممثلًا تراجيديًا من الطراز الأول، في أول أعماله المسرحية، التي ظُلمت بعدم تصويرها، وإذاعتها، إلا أنه أراد “إضحاك” المصريين، لحاجة الناس للضحك، أو لعلها حاجته الشخصية التي أراد أن يغمر بها حياة الآخرين، ليترك لهم أثرًا، ظل يكد طيلة حياته ليتركه لهم.

ولد الفنان الكوميدي، في محافظة الشرقية، إلا أنه انتقل ليتعلم في حي شبرا مع أسرته بالقاهرة، وظل متنقلًا بين الفنون، فهو الطفل متعدد المواهب، الذي اكتشف تميزه في الرسم، فأصبح يرسم لزملائه مقابل “ساندوتش”، وهو الشاعر الذي نظم أبياتً شعرية في سن صغيرة، حتى اكتشف فيه الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة، موهبة التمثيل، وطلب منه أن يشترك معه لعمل مسرحيات مدرسية، والذي لمع على خشبته في ارتجال “الإفيهات”، دون مجهود منه، وحسب ما يحتاجه المشهد، حتى شاهده الفنان حسن مصطفى، بجانب عدلي كاسب الذي منحه ميدالية برونزية وإبراهيم سعفان، وسمير عزيز، وانتقل بعدها للتمثيل في مركز شباب الساحل، الذي احتضنه وزميله الفنان أحمد ماهر الذي كان لا يزال طالبًا في معهد الفنون المسرحية.

التحق “الشرقاوي” بعدها بالمعهد العالي للفنون المسرحية، بعدما أنهى دراسته في كلية الهندسة، وأبدى اجتهاده في السنة الأولى له، في الوقت الذي كان الفنان جلال الشرقاوي، عميدًا للمعهد، والذي غير اسمه، من محمد إسماعيل رضوان، إلى محمد الشرقاوي، لشدة تأثره بأستاذه، كما جذب اهتمام المخرج الدكتور نبيل منير بعد أن شاهده وهو يعد مشروعات إنتاج ومسرح عالمي وكوميدي وتراجيدي، ليبدأ مسيرته الفنية، “مسيرة الشقاء”، حيث أنه عانى كثيرًا ليثبت نفسه أمام جمهور المسرح، الذي التفت له من خلال مسرحية “حاول تفهم يا ذكي، عام 1979، ثم 1985، من خلال مسرحية “راقصة قطاع عام”، مع الفنان يحيى الفخراني، والتي اعتبرها نقطة تحول في حياته، لأنها أولى مسرحياته التي سجلت، ولم تُهدر كأعماله السابقة على المسرح.

https://www.youtube.com/watch?v=jHpWid9_fDk&feature=youtu.be
كان الفنان الكوميدي، يحمل الفن الذي أحبه في قلبه، ويسعى للنجاح فيه، وعلى كتفيه أسرته، والدته وشقيقه وشقيقته، المسئولين منه، ومن ثم كانت زوجته وأطفاله، آيات وأدهم وأمجد، الذي تركه طفلًا في الثالثة من عمره، والذي يسير على خطى والده حاليًا، ويعمل كمقدم لبرنامج “كوكب أوزي”، على إذاعة “ميجا إف إم”، وورث وشقيقه الأكبر موهبة الرسم عن والدهما، ما جعل وجهه يضيء دائمًا بالضحكات الصادقة من القلب على الشاشة، والتي تفارقه في الحياة لكثرة أعبائه، التي حملها صغيرًا.

بالرغم من تواجد الفنان محمد الشرقاوي، في وقتٍ كان يصعب على الفنان إثبات نفسه، خاصة فناني المسرح، الذين آمنوا به، إلا أنه لم يحاول أبدًا التنازل عن قيمته الفنية، فعندما عُرض عليه فرصة الظهور في أحد الإعلانات التلفزيونية، رفض ذلك، بنصيحة من معلمه جلال الشرقاوي، الذي حذره من أن يحرق وجهه، بحسب رواية نجله أمجد الشرقاوي، لـ”إعلام دوت أورج“.

ظل الفنان، يعمل لحلمه حتى آخر يوم في حياته، حيث انتهى من التصوير، وتوجه إلى منزله، فأخبرته زوجته، أنها انتهت من تحضير الطعام، فجلس وتناوله، ثم دخل لينام ويرتاح قليلًا، إلا أنه لم يستيقظ، دونما أي مرض أو شكوى، وليس بأزمة قلبية كما أُشيع، بحسب تأكيد نجله الأصغر، ليفارقهم، في صمت وسلام، تاركًا ذلك “الأثر” الذي كان يسعى له في حياته، إلى اليوم.