أسباب توقف وعودة مصنع ألبان الأطفال المثير للجدل

إيمان مندور

انتقادات كثيرة طالت الحكومة، منذ مساء أمس، الثلاثاء، بسبب ما أعلنته وزارة الصحة بشأن اكتشاف مصنع لإنتاج ألبان الأطفال بـ”الصدفة”، وأنهم أصيبوا بالدهشة بعد علمهم بوجود هذا المصنع في مصر، لاسيما وأنهم واجهوا مشاكل كثيرة العام الماضي، بسبب نقص لبن الأطفال في السوق المصري، والتي قاموا على أثرها بعمل مناقصة لبن الأطفال، لتوفير 18 مليون عبوة، تُمثل الطلب الذي تحتاجه وزارة الصحة في العام.

بالعودة إلى تاريخ مصنع الألبان المكتشف “لاكتو مصر”، تبيّن أنه لم يكن “مخفيًا” كما تردّد، بل كان قضية رأي عام شغلت الصحافة والإعلام عاميّ 2005 و2006، بسبب قضية فساد توّرطت فيها إدارة المصنع في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وصدر قرار بإيقافه، لكنه عاد للعمل مرة أخرى.

نرصد في هذا التقرير أسباب توقف وعودة شركة “لاكتو مصر” لإنتاج حليب لبن الأطفال المجفف والمواد الغذائية.

أسباب التوقف

– البداية

في ٢٤ سبتمبر عام 2005، أكّدت الدكتورة ثناء عبد النبي مدير عام الصيدليات بمحافظة الغربية في ذلك الحين أن الإدارة تلقّت شكاوى وبلاغات من أصحاب صيدليات، بوجود رائحة كريهة تنبعث من علب ألبان “بيبي زان” التابعة لشركة “لاكتو مصر”، رغم أن الصلاحية سارية، فتم تكليف مفتشي الصيدليات بالمديرية وسحب عينات من التشغيلتين ١٧٢ و١٧٤، حيث أثبتت التحاليل بالهيئة القومية للرقابة والبحوث أن اختبار “الزناخة” باللبن إيجابية، وأنها غير صالحة للاستهلاك، ونفس الشيء بالنسبة للتشغيلة ١٨٤ أيضًا.

على الفور تم إبلاغ مدير عام الأمومة والطفولة والقطاع الحكومي ومدير عام منطقة بحري الدوائية، وفروع الشركة المصرية لتجارة الأدوية بالمحافظة والمرور، بمعرفة التفتيش الصيدلي بالمحلة وطنطا ونقابة الصيادلة، لاتخاذ إجراءات إرجاع هذا الصنف، حيث كانت محافظة الغربية هي أول محافظة مصرية اتخذت إجراءات فورية في هذا الأمر، لعلمها أن هذا الصنف من اللبن عليه إقبال شديد لرخص سعره نظرًا للدعم (المصدر من هنـــا).

– تدخل الوزارة

قامت وزارة الصحة عقب هذه البلاغات بجمع عينات هذه الألبان من الصيدليات وأرسلتها الي المعامل المركزية بالوزارة، حيث أكدت التحاليل أن الألبان “متزرنخة”.
فأصدر الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة الأسبق، القرار35 لسنة 2005 بسحب عبوات لبن “بيبي زان” من الأسواق وإعدامها، بعدما تبين أن الألبان يدخل في تصنيعها عدة أنواع من الزيوت، ويحتمل أن يكون إحداها قد تعرض للزرنخة، نتيجة سوء التخزين أو التصنيع، حيث تبين إن هذا المصنع هو الوحيد الذي يصنع هذه الألبان في مصر.

– حكم المحكمة

في عام 2006، قام حاتم الجبلي وزير الصحة في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بإغلاق المصنع، بعد الحكم الذي أصدرته محكمة جنوب القاهرة، بإلزام شركة الأدوية المنتجة لهذا النوع من ألبان الأطفال ووزارة الصحة بدفع400 ألف جنيه، تعويضًا لأسرة الطفل كريم أحمد مصطفي، لإصابته بضمور كامل في خلايا المخ وغيبوبة تامة وتشنج عصبي وقائمة طويلة من الأمراض، نتيجة تناوله للبن “بيبي زان” المزرنخ. (المصدر من هنــــا).

بعد رفع والد الطفل كريم دعوى تعويض ضد وزارة الصحة والشركة المصنعة، ردت شركة “لاكتو مصر” لإنتاج ألبان وأغذية الأطفال، بدعوي مماثلة، طالبت فيها بإدخال خصم جديد في الدعوي، وهو الشركة المصرية لتجارة الأدوية التابعة لوزارة الصحة، والتي تقوم بتوزيع الألبان علي جميع فروعها في المحافظات، حيث اتهمتها “لاكتو مصر” بسوء تخزين الألبان مما أدى لفسادها.

أسباب العودة

في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، مساء أمس الثلاثاء، ببرنامج “كل يوم” عبر قناة “ON E”، قالت الدكتورة ألفت غراب رئيس مجلس شركة “أكاديما” شركاء مصنع “لاكتو مصر”، إن هذا المصنع أنشئ عام 2000، وبدأت منتجاته في دخول السوق المصري عاميّ 2003 و2004، وكانت قد حدثت أزمة ألبان وقتها، فتدخل وغطى احتياج مصر من ألبان الأطفال خلال هذه الفترة.

وردًا على أسباب توقفه وعودته، أوضحت أنه في عام 2005 تم توقف التعامل معه في السوق المصري، بسبب أزمة بينه وبين وزارة الصحة، نتج عنها قرار بإيقافه ومنع تنزيل أصنافه بالسوق، “بحجة إن الألبان عنده مش مطابقة وإن الزيوت اللي فيها مزرنخة.. لكن هو الحقيقة كان مغطي احتياج مصر كله” على حد قولها.

لكن يبدو أن هناك حالة من التفاؤل بالمصنع الآن، خاصًة بعد زيارة وزير الصحة أحمد عماد الدين للمصنع، أمس الثلاثاء، وتصريحاته، حيث قال الوزير إن المصنع يعد نقله نوعية في صناعة ألبان الأطفال بمصر، لما يمتلكه من مقومات قادرة على الاكتفاء الذاتي من الألبان والتصدير، موضحا أن المصنع ينتج نحو 35 مليون عبوة سنويا، واستهلاك مصر حاليا لا يتعدى الـ18 مليون عبوة، أي سيكون لدينا فائض للتصدير، بما يحقق مكاسب للدولة وينهي مشكلة لبن الأطفال بشكل نهائي.