تفاصيل زيارة "ميديا توبيا" لـ آمال فهمي في عيد الأم

فاتن الوكيل

لم يمر يوم الاحتفال بعيد الأم الموافق 21 مارس هذا العام، عاديا على شباب مبادرة “ميديا توبيا” حيث كان لها طابعا خاصا هذا العام، بزيارة واحدة من رائدات العمل الإذاعي في مصر والوطن العربي، وهي الإذاعية القديرة آمال فهمي.

دقائق الانتظار في سبيل الموافقة على زيارة هذا العدد الكبير من الشباب، حيث تجاوز عددهم العشرة أشخاص، لغرفتها الصغير بمستشفى المعادي العسكري، لم تطفئ رغبة المقابلة ولم يشك أحد في إصرارهم على تقديم التحية لـ”ماما” آمال فهمي في عيد الأم. وبعد صعود فريق “ميديا توبيا” إلى الغرفة 317، استقبلتهم بضحكة لم تفارق وجهها حتى نهاية المقابلة، ووصفت بفرحة صادقة كيف “انقلبت” المستشفى بسبب زيارتهم في غرفتها الصغيرة التي لا تُسمح فيها الزيارة إلا لشخصين فقط. لكن المحبة التي رأيناها في عينها جعلت الغرفة “تساع من المحبين ألف”.

بعد تعريف أفراد “ميديا توبيا” لأنفسهم، وتقديم باقة ورد –أبيض كما تحبه- حرصت هي أن تعرفنا على “نورا” السيدة التي تعمل في المستشفى وتقوم على رعايتها، ثم استفاضت في سرد قصتها وكفاحها في العمل حتى تعلم أبنائها الأربعة. بعد ذلك أشارت ضاحكة إلى حوائط الغرفة المعلق عليها “بلالين” أصرت الممرضات والعاملات على تعليقهم في غرفتها احتفالا بها في عيد الأم، ثم أكدت أن مدير المستشفى زارها وقدم لها التهنئة. ثم عرفتنا على “سمر” التي دائما ما تجلس معها وتُسمعها بعض الأغاني خاصة لـ”إليسا وكاظم الساهر”.

كلام ساعتين فات في دقيقتين

سريعا ما بدأ الحديث الودي جدا بين القديرة آمال فهمي وفريق “ميديا توبيا”. علقت على الجملة المتكررة من جميع معجبيها، كل عيد أم: “إحنا ولادك”، حيث قالت ضاحكة “أنا محاطة بعدم تنظيم أسرة وكله بيقولي إحنا ولادك”.

عقب ذلك تطرق الحديث إلى ذكرياتها. حكت كيف استعدت لتقديم حفل “معشوقتها” أم كلثوم، لإذاعة الشرق الأوسط، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تقدم حفلتها، وكان عليها أن تُنافس الإذاعي الكبير جلال معوض. لكنها كما تؤكد “تعشق المنافسة”، لذلك قررت أن تُعد معلومات عن حياة كوكب الشرق لكن من زاوية مختلفة، عن استعدادات “الست” للحفل، كما أذاعت “على الناصية” بين الوصلتين، وبذلك تمكنت من الاستحواذ على مسامع المصريين.

من أم كلثوم انتقل الحديث إلى العندليب. لفت الانتباه تعبيرها عن المحبة الشديدة التي حملتها له عندما قالت “كنت بشوف وحاشته جمال وضعفه عاطفة”. كشفت عن حوارهما عندما كان حليم في بداية مشواره، وجلسا يتحدثان في مكتبها بوسط البلد. قال لها فجأة “إيه رأيك نعمل قعدتنا دي فيلم؟”، يتناول خلاله قصة حياته، وبعد عدة سنوات، وجدته يحدثها عن أن الفيلم الذي اتفقا عليه أصبح جاهزا، كان يقصد فيلم “حكاية حب”.

طلب منها حليم أن تحضر إلى مكان التصوير بجوار حديقة الأندلس، وبالفعل توجهت إلى هناك ووجدت الكاميرات في وضع الاستعداد، لكنها أكملت موضحة أن المشهد تكرر تصويره أكثر من مرة بسبب ضحكها على تعبيرات وجمل الفنان عبد السلام النابلسي، بشكل أثار ضيق حليم، وطالبها بعدم الضحك لأن الشمس “بتيجي وتروح” ويجب الانتهاء من التصوير، وكان الحل من وجهة نظرها ألا يغير النابلسي أداءه خلال المشهد حتى لا تضحك من جديد، وهو ما حدث أخيرا.

https://www.youtube.com/watch?v=8wYYr2BdAMg

أضافت أن ظهور الفنان سمير صبري وقتها جاء صدفة بعد أن طلب منها حليم أن تستوقف بعض المارة حتى يرددوا أغنية “بحلم بيك” خلفه، وبالفعل استوقفت بعض الشباب من بينهم “صبري” ووافقوا بالطبع. عقب انتهاء التسجيل وفي طريق عودتها إلى إذاعة الشرق الأوسط، طلب منها صبري أن تسجل معه حلقة في “على الناصية”، فوافقت، ثم عبر خلال حديثهما عن رغبته في الالتحاق بالإذاعة، وهو ما حدث بعد ذلك.

أشارت إلى أنه خلال تقديمه إحدى فقرات “ما يطلبه المستمعون” قال : “من زليخة إلى عماد”، وذلك كمداعبة منه، لكن الأمر لم يمر بسهولة على الإذاعية القديرة، حيث قالت له بصرامة “انت بتهزر على الهواء؟”، وهنا تبدلت ملامح صبري. مؤكدة أنها لم تكن تقبل بذلك، وفي الوقت الذي أحبها فيه جميع من عملوا معها، إلا أنهم كانوا يخشوها في ذات الوقت.

تكمل آمال فهمي حديثها عن علاقتها بعبد الحليم، مشيرة إلى أن فور عودتها من تصوير مشهد “حكاية حب”، سألها زملائها على أجرها في الفيلم، فأخبرتهم أنها لم تتقاض أجرا، ولكن حديثهم دفعها لرفع سماعة التليفون والاتصال بحليم تسأله “ليه ماخدتش فلوس عن الدور؟”، مؤكدة أن حليم زارها في اليوم التالي ومعه زجاجة عطر “أربيج”، مازالت تذكر رائحتها الجميلة.

ميديا توبيا

الزواج “عمره ما عطّل” آمال فهمي

بالكثير من الحب، تحدثت الإذاعية الكبيرة آمال فهمي عن زوجها الممثل والمخرج الإذاعي الراحل محمد علوان، حيث قالت إنهما عندما تزوجا أخبرها أنها “آمال فهمي” داخل مبنى الإذاعة فقط، لكن عليها أن تكون “بهانة” خارج هذا العالم. في إشارة إلى أن تكون زوجة فقط، وهو ما أكدت عليه الإذاعية الكبيرة، مضيفة أنها “مكسرتش ليه كلمة” على الإطلاق، وتابعت : “عشان ماكسروش قدام الناس”.

أوضحت أنها كانت تتعامل مع علاقتهما بذكاء. حكت كيف تصرفت عندما أرسلت لها دعوة لزيارة اليابان عقب افتتاح خط طيران بين القاهرة وطوكيو، ففضلت أن تُوجه الدعوة أولا إلى زوجها، بسبب طبيعته التي لا تدفعه إلى السفر كثيرا، على عكسها. ثم ذهبت هي عقب ذلك إلى اليابان وتعرفت على الكثير من ثقافتهم.

أشارت إلى أن زيارة زوجها لليابان اختلفت كثيرا عن زيارتها، وهو ما عكسته اهتمامات كل منهما، فهو فضل أن يشتري لها بعض التذكارات التي يعلم أنها ستنال إعجابها، بينها أصرت هي على حضور “صلاة الشاي”، حيث طلب منها سفير مصر في اليابان وقتها أن تفعل مثله تماما خلال الصلاة، ثم قررت مشاهدة “فتاة الجيشا” وهي فتاة تقدم بعض العروض أثناء جلسات إتمام العقود التجارية.

لم يعن حديث آمال فهمي عن مدى التوافق بينها وبين زوجها الراحل، أنها لم تختلف معه أبدا. لكن حتى عندما ذكرت الاختلافات حرصت أن تختار أبسطها، فكان الاختلاف غالبا يدور حول “زملكاوية” آمال فهمي، التي تتصادم مع “أهلاوية” محمد علوان، ناهيك عن حبها الشديد للقطط، على عكسه تماما. الأهم من ذلك أنها حرصت على الشهادة في حقه قائلة: “عمره ما عطلني”.

مغامرات “على الناصية”

أكثر ما يمكن أن يثير إعجابك في القديرة آمال فهمي، هو الذهن الحاضر دائما، والقدرة على تذكر التفاصيل، حتى أنك تستحضر معها الموقف في مخيلتك بالصوت والصورة والرائحة.

حكت عن أبرز مغامراتها مع “على الناصية”، قائلة إن واقعة انهيار أحد المناجم في إنجلترا دفعها للاتصال بوزير الصناعة وسؤاله عن المناجم الموجودة في مصر، وطلبت منه التصوير داخل أحدهم.

على الفور توجهت إلى الصحراء الشرقية، وتحديدا إلى منجم بالحمراوين. التقت العمال هناك وعندما طلبت النزول إلى داخل المنجم، صارحوها أن عمقه 200 مترا تحت سطح الأرض، لكن ذلك لم يرجعها عن قرارها. تحكي تفاصيل إمساكها بذراع المهندس، وهي تتحسس خطواتها في هذه الأرض الرطبة.. ثم تتذكر لوحة خشبية صغيرة كتب عليها “الإنسان أهم ما في المنجم”.

قالت إنها عندما وصلت إلى نهاية النفق، شاهدت نارا، وأمامها تجمع العمال، الذين صفقوا لها بحراراة على جرأتها، مؤكدين لها أن الرجال يرفضون النزول داخل المناجم. بعد ذلك قامت بتثبيت ميكروفون الإذاعة، لتسجيل صوت انفجارات “الديناميت” المتتالية داخل المنجم.

مغامرة أخرى تحكيها عن يوم مرور أكبر سفينة في العالم من قناة السويس، انطلقت من مدينة الإسماعيلية، وكيف شعرت بعد أن أبحرت السفينة العملاقة من دونها، لكنها كما أكدت “لا تعرف كلمة مستحيل”، حيث أجرت اتصالاتها وسُمح لها بركوب “لانش” للحاق بالسفينة، وبالفعل أبحر اللانش بمحازاة السفينة وبنفس سرعتها، حتى تمكنت من الصعود على سلم السفينة ووصلت إلى السطح، وفور أن مد لها القبطان الذي مازالت تذكر بإعجاب لون بدلته ناصع البياض. فوجئت بجميع الركاب يصفقون لها.

ذكريات المنع وتوقف “على الناصية”

غالبا ما تكون ذكريات وتوقف برنامج أي شخصية إذاعية، مؤلمة، لكن بالرغم من ذلك، حكتها القديرة آمال فهمي بسخرية في كثير من اللحظات، حيث أوضحت أن خلال استعدادها لتسجيل حلقة جديدة من “على الناصية” وجدت بعض الأشخاص يرتدون “الجلابيب” في انتظارها، يطلبون منها أن تسجل معهم عن شكوى تخص قريتهم، فوافقت.

لم تكن تعلم أن هذه الحلقة ستتسبب في الابتعاد عن برنامجها لمدة 10 سنوات، موضحة أن هؤلاء اشتكوا من توصيل الكهرباء إلى العديد من القرى في الزقازيق وصولا إلى قرية “بهبناي” مسقط رأس علي صبري، نائب الرئيس في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، وتجاهلوا قريتهم “شيبة النكارية”، وهو ما اعتبر هجوما على نائب الرئيس.

أكدت أن محمد فائق، وزير الإعلام “الإرشاد القومي” في تلك الفترة، الذي يتولى رئاسة المجلس القومي لحقوق الإنسان الآن، نكل بها بسبب علاقة النسب التي تربطه بـ”صبري”. وكيف تم منعها من السفر، خشية أن تتفوق في إذاعة خارجية ويتحول المستمع المصري إلى تلك الإذاعات بعيدا عن الإذاعات المصرية.

تضيف أن عقب إذاعة هذه الحلقة، فوجئت بعبد الحليم يتصل بها في الثالثة فجرا، ليطمئن عليها، ثم يخبرها أنها عُزلت من منصب رئيسة إذاعة الشرق الأوسط، وبالرغم من انها لم تكن على علم بذلك، إلا أنها أكدت له صحة القرار، حيث فهمت أن هذا القرار من تبعات الحلقة.

تقول آمال فهمي، أنها تعجبت من ذلك الموقف الذي أخذ ضدها، لأنها ناصرية، ومحبة للزعيم جمال عبد الناصر، ثم قالت إن خلال لقاءها الوحيد معه، كانت تنظر له بإعجاب حتى أنها لم تتمكن من توجيه أي سؤال له، وانتهى الحوار دون كلمة بينهما.

“شطارة” الإذاعية الكبيرة لم يحدها وقف البرنامج، حيث قالت إنها عملت خلال فترة الحرب مع إذاعة أبو ظبي، حتى عاد برنامجها مرة أخرى عام 1977.

في ختام اللقاء الممتع، وجهت الإذاعية آمال فهمي كلمة أكدت خلالها أنها تشعر دائما أن المستقبل “جميل” على يد الإعلاميين الشباب، لكنها شددت على أهمية الابتكار، ومراعاة حسن اللفظ، والحرص على حب الوطن.

يذكر أن مؤسسة “ميديا توبيا” لشباب الإعلاميين تهدف إلى تنشئة جيل من الإعلاميين المتفوقين مهنيًا في مختلف فنون الإعلام، والملتزمين أخلاقيًا الذين يحافظون على رقي المهنة وتحضرها وقيمها السامية.

أطلقت المؤسسة كمبادرة في ٣ فبراير ٢٠١٤ بالقاهرة، تحت قيادة وتأسيس الإعلامي الدكتور محمد سعيد محفوظ، وتضم عددا من الأنشطة والفعاليات، بينها المعسكر التدريبي الذي ينعقد مرتين كل عام، وهو النشاط الأساسي والرائد لـ”ميدياتوبيا”، و”صالون ميدياتوبيا” الذي يستضيف قادة ورموز الإعلام والفكر والفن، و”ميديا توبيا الخير” التي تنمي الجانب الإنساني وقيمة التكافل لدى الشخصية الإعلامية من خلال الأعمال الخيرية، و”معًا” لتعليم الصم والبكم القراءة والكتابة في مقابل أن يقوموا بتعليم مدربيهم لغة الإشارة، وترسخ فيهم أهمية التواصل مع كل عناصر المجتمع.